حالما وصلت الحضارة الأوروبية إلى مجد فتوتها الاستكشافية البرجوازية مالت أقدامها نحو تعصبات شوفينية ممزوجة بأديان الشريعة، لنرى حربين كونيتين ما زالتا تُسجلان في التدوين التاريخي المعروف بوصفهما أكبر حربين شهدتهما البشرية إلى يومنا هذا. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف كان لحضارة مُزدهرة تقدم نفسها بوصفها النموذج والمِثال.. كيف لها أن تنزلق إلى متاهة هذا العنف المُمتد من همجية (الفايكونغ) إلى شراسة النازية والفاشية المدججة بأوراق السلوفان الكاذبة، بعد أن تكون قد استبقتها بالحروب الاستعمارية الاستيطانية منها والمؤقتة؟. كان المخرج الحصيف (ميل جيبسون) موفقاً في إشارة ختامه لفيلم (الخسوف) الذي كاشف فيه ثقافة العنف التاريخي في حضارة (المايا) في أمريكا اللاتينية. في تلك الإشارة الصامتة بدا عنف المايا بسيطاً ومتواضعاً أزاء العنف القادم من أعالي البحار، فإذا كان الهنود الحمر يمارسون ذلك العنف الفردي انطلاقاً من قناعات دينية محددة، فإن ذات المصوغ الديني كان رافعةً لعنف جماعي أشد وأقسى، فالمستكشفون لم ينقصهم الوقت ولا التدبير لتحديد خط سيرهم نحو القارة الجديدة، بوصفه خطاً سيمتلئ بالدماء والدموع المُجازة من قبل حَمَلة الصليب المرافقين لقيادات الحملة العسكرية!. هكذا كانت اللقطة: نزل القادمون من بيض الفايكونج الأقحاح من سفينتهم الأوروبية وقد تقدمهم راهب يحمل صليباً، فيما كان قائد الحملة العسكرية (غير الضرورية) يحمل معه مدفعاً سيوجه بعد قليل لصدور السكان الأصليين. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك