يتفق المفكرون والتربويون على أن التربية عملية مستمرة متجددة، بدأت مع بداية الحياة ، وظهرت مع ميلاد الوجود الإنساني وتطورت بتطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، فتوسعت مفاهيمها، وتنوعت أهدافها وتعددت وسائلها وأساليبها ، لتواكب متطلبات المجتمع وتلبي احتياجات أفراده. وعلى مر التاريخ كانت التربية عنوان النهضة والريادة ، وطريق استشراف المستقبل ، فمن خلالها حافظت الأمة العربية والإسلامية على أصالتها ، وعاصرت مختلف الثقافات ، ووصلت حضارتها إلى أقصى درجات الكمال الإنساني ، وعبر التعليم اخترع الإنسان الآلات ، وصنع التكنولوجيا فغاص في أعماق البحار والمحيطات ، وفتح نافذة في الجبال ، وصعد إلى الفضاء.. وإذا كان لكل عصر من العصور خصائصه التي تنعكس آثارها على النظم والمؤسسات والأفراد ، فالعصر الحالي يختلف في خصائصه عن سابقيه ، من حيث خصوصية الهوية ، وعالمية المعرفة وتجددها ، وثورة الاتصالات والمعلوماتية ، والتقدم العلمي والتقني ، مما يفرض على التربية أن تكون بمستوى هذه التطورات أو التحديات وتجددها المتسارع ، لتتمكن من التعايش مع التعددية الثقافية ، والعناية بالجودة والنوعية والاستفادة من تقنيات العصر.. ولن تستطيع أن تواجه هذه التحديات ، مالم تتطور وسائلها ، ابتداءً بالأنظمة التعليمية ومروراً بالأفراد العاملين في إطارها ، وانتهاءً بالمؤسسات ذات الصلة الوثيقة بها ، وهذا يتطلب إعادة النظر في : رسالة المؤسسة التربوية ، وغاياتها ، وأهدافها ، وأولوياتها ، واستراتيجيات عملها التربوي ، وأساليب التقويم التربوي ومعاييره وإجراءاته بما يتناسب مع أهداف التنمية الشاملة. حاجات المتعلمين من حيث نوعية التعليم الملائم لهم، وبرامج الإعداد التي تتناسب معهم تحقيقاً لحاجاتهم وتلبية لرغباتهم، ومراعاة وجهات نظر أولياء أمورهم، والمعنيين من أفراد وهيئات المجتمع المحلي. تدريب وتأهيل العاملين من التربويين والإداريين على اختلاف فئاتهم ، تطويراً لمهاراتهم ، وتجديداً لكفاياتهم ليكونوا أكثر إلماماً بمهنتهم أو وظيفتهم ، وتبعاتها. هيكلة التنظيم الإداري ، وبنيته وإجراءاته ، ليتصف بالمرونة وحتى يستوعب المتغيرات ويوظف ويستثمر الموارد بكفاءة وفعالية. غايات وأهداف ومحتوى المناهج المدرسية لتتوافق مع المعارف والمهارات المتجددة ، وتواكب التقنيات الحديثة ، وتستجيب لحاجات المتعلم والمجتمع