من المعروف تاريخياً أن رمضان شهر للتربية والتعليم على العمل ، والعمل باختلاف أنواعه ومراتبه ودرجاته عبادة إذا أخلص الإنسان وصون في نيته ، فالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ، والمسلمون الأولون جعلوا من الشهر الكريم موسماً للتربية والتعليم ، ولم يفرثوا بين العمل في أيام الصيام أو في الأيام الأخرى . وخاضوا المعارك وعقدوا أولوية الجهاد صائمين متعبدين ، وقد أثبتت بعض الدراسات العلمية أن الصيام ليس له أي تأثير سلبي على الأداء العضلي والمجهود البدني ، بل أن الحركة والنشاط أثناء الصيام عمل ايجابي وحيوي لأجهزة الجسم ويجعلها أكثر كفاءة في أداء وظائفها ، بينما الكسل والنوم والخمول أثناء نهار الصيام والسهر ليلاً يعطل أو يعيق ذلك فيصاب الشخص بكثير من العلل. وبعد كل هذا تسلل الخمول إلى عقولنا ، ومصار بعضنا يعتقد أن رمضان شهر إجازة للراحة والنوم بعيداً عن العمل أو التفكير فيه ، ولم يسلم من ذلك القطاع التربوي ، ولو فكرنا ملياً سنجد أن للتربية والتعليم سواء في الأسرة أو المدسة علاقة مباشرة في هذا الخلل ، والمظاهر التي تؤكد ذلك كثيرة ، منها على سبيل المثال لا الحصر : تدني نسبة حضور العاملين في الحقل التربوي (إداريين موجهين معلمين) فضلاً عن النفسية التي سحضرون بها ، فتصاب المكاتب والمدارس بالشلل ، فكيف سيكون الحال وقد توافقت بداية الشهر الكريم مع نهاية الإجازة الصيفية ، والأيام الأولى من العام الدراسي ، وهل ستمتد سبلة الإجازة الضيفية لتتصل بسبلة العيد ؟ تقصير المعلمين في تحضير الدروس وتنفيذها ، وتغيب الأنشطة الصيفية واللاصيفية ويحاول البعض أن يشغل طلبته بأمور أخرى حتى يمر وقت الحصة ، وتمر الحصة والحصتين واليوم الدراسي دون استفادة الطلبة فيسود الملل والتضجر ، ويحضر النوم والكسل/ ü قلة حضور الطلبة والتساهل مع الغائبين ، وسرعان ما يتلاشى الحضور على قلته إن لم يضمر شيئاً فشئاً ، وقد يكون ذلك بايعاز من إدارات المدارس والمعلمين ، خاصة في المدارس البعيدة عن المتابعة وأحياناً القريبة منها. يتحول اليوم الدراسي في كثير من المدارس إلى سباب وشتائم وعراك عند بعض الطلبة ، وعند بعض المعلمين إلى تثاؤب وغضب وانفعال وصياح ، ولايختلف حال الإدارات المدرسية عن ذلك. ü ضعف توظيف الموضوعات أو الدروس ذات الصلة بسياق وأجواء رمضان ، من خلال تدريسها فيه ، ليسهل فهمها كعرفة وتطبيقها كسلوك مثل موضوعات الصوم ، صلاة الجماعة ، الصبر ، القراءات ، الإحسان للآخرين ، السحور ، الفطور ، الرقابة الذاتية ، التكافل الاجتماعي ، الزكاة ، وغيرها. ü نوم أفراد الأسرة وانشغالهم بالأمور المادية ، وأهمال متابعة أبنائهم دراسياً وتعويدهم على الكسل ، والنوم ، وترك الواجبات المدرسية ، والافراط أو التفريط في اكسابهم القيم والاتجاهات العبادية والأخلاقية. ،لذلك تضيع فرصة اغتنام هذا الشهر المبارك في التربية والتعليم ، فلا نحن أفلحنا في العبادة ولا في العمل ، ونحن بهذا نهدم ما نبنيه دون أن نشعر ، ثم نشكو ، ولاندري أننا سبب لما نشكو منه ، فكيف يستقيم الظل والعود أعوج.