د/ عبدالوهاب الروحاني: اليمن تمتلك قاعدة دستورية وقانونية وعلى البرلمان تحمل مسئولية مراقبة تنفيذهاضمن الأنشطة والبرامج الرمضانية لجمعية التاريخ والآثار ألقى الدكتور/ عبدالوهاب محمد الروحاني محاضرة حول دور المؤسسات التمثيلية في عملية التنمية استهلها بالتعريف بمفهوم التمثيلية حيث قال : إن مفهوم التمثيلية هو مفهوم غير متداول في أدبياتنا ووثائقنا البحثية .. وكما يعرّفه الباحثون أنه شكل من أشكال تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع وهو أيضاً صورة من صور ممارسة الديمقراطية ، أو التصوير لمفهوم :أن الشعب يحكم نفسه بنفسه من خلال هذه المؤسسات وهي شكل من أشكال تحقيق تكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع. فالمؤسسات التمثيلية كانت تعتبر المؤسسات النيابية باعتبار أن المؤسسات النيابية هي مجالس الشعب الأعلى والبرلمانات. بالإضافة إلى أن الهيئات التمثيلية كانت تضم ممثلين عن المنظمات الجماهيرية وممثلين عن الفلاحين وممثلين عن الصحفيين وغيرهم. والمؤسسات التمثيلية بحسب الباحثين لا تضم المؤسسات النيابية فحسب بل تضم أيضاً كافة منظمات المجتمع المدني إجمالاً بما فيها الأحزاب والتنظيمات السياسية وكما تعرفون أن في بلادنا (5600) منظمة مجتمع مدني منها ما هو فاعل ومنها ماهو متحرك ومنها ما هو نائم. لكن المهم: هو مادور هذه المؤسسات في التنمية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في البلاد؟ وأعتقد أنه سيصعب علينا في هذه المساحة أن نتحدث إجمالاً عن منظمات المجتمع المدني والأحزاب والمؤسسات النيابية والبرلمانية في البلاد لكن سأحاول أن أتحدث باختصار عن نشأة المؤسسات التمثيلية ثم نتحدث أيضاً في سياق الحديث عن دور هذه المنظمات في التنمية السياسية والتنوير في المجتمع سواء أكان قبل الثورة أم بعد الثورة. حيث عرفت البلاد التمثيل منذ ما قبل التاريخ أي من (50-950) ق.م وكانت قد وجدت في الدول اليمنية القديمة ما تسمى بالمجالس الاستشارية التي كانت تضم الأقيال والأذواء وممثلين عن الفلاحين. وكانت هذه المجالس تعقد اجتماعات برئاسة الملك ويحددون فيها الاتجاهات العامة أو السياسات العامة هذا قبل الميلاد ، وعندما سادت الحضارة اليمنية استمر هذا التمثيل وهو ما أكده الاكتشافات التاريخية، وعلى أي حال سنتحدث عن المؤسسات التمثيلية بشكلها البدائي التي نشأت قبل قيام الثورة ويمكن أن نعتبر الهيئات والتجمعات الأدبية والفكرية والثقافية التي نشأت قبل قيام الثورة بدءاً من جمعية الحق والثقافة التي نشأت في تريم حضرموت برئاسة الشيخ/ عبدالرحمن السقاف سنة 1913م وهذه الجمعية كانت معتمة بالأنشطة السياسية إلى جانب الثقافة واللغة العربية. وعندما أنشئت الجمعية الأدبية في عام 1921م أيضاً في حضرموت ثم أنشئت جمعيات أخرى كهيئة النضال عام 1931م التي تأسست برئاسة المناضل/ أحمد المطاع رحمه الله ونخبة من المثقفين والمستنيرين أمثال زيد الموشكي وأحمد عبدالوهاب الوريث وجماعة الحكمة اليمانية الذين كانوا يمثلون ثورة التنوير في اليمن إلى جانب جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تأسست في عام 1940-1939م برئاسة الشهيد / محمد محمود الزبيري الذي تابع نشاطها وغيرها من هذه الجمعيات والأحزاب التي أنشئت في عدن .. حيث كانت الحالة استثنائية فيما يتعلق بعدن لأن عدن كانت متنفساً بحكم أنها كانت مستعمرة بريطانية وكانت تسمح بقيام وإنشاء المنظمات والأحزاب في المستعمرة. وهذه إجمالاً هي منظمات المجتمع المدني وهي المؤسسات التمثيلية التي لعبت دوراً ايجابياً ومهماً في حركة التنوير والتطوير في أوساط المجتمع اليمني الذي كان مغلقاً ، وايصال المفاهيم الجديدة والحديثة من خلال المنشورات الأدبية والقصائد التي كانت تتداول في المجالس والمقايل .. ومن خلال الندوات أيضاً التي كان الوطنيون الأحرار في الأربعينيات يتداولونها فيما بينهم ، ومن خلال النقد اللاذع للنظام الإمامي في المؤسسة التقليدية التي كانت تسيطر على كل شيء ونشرت معها الظلم والجور والفساد والقهر إلى درجة أن القاضي عبدالرحمن الإرياني في كتاب (وثائق أولى عن الثورة الدستورية) يتحدث أن أحد أبناء الإمام قال : لأحد معارضي أبيه «ما أنتم إلا عبيد لأبي». وكانت المنظمات التمثيلية تمثل طموح الشعب في التغيير ومقاومة ظلم الإمامة الذي كان قائماً حينها. وعندما أعد مجموعة الأحرار سواء الذين كانوا في عدن أو الذين كانوا في صنعاء وسطروا الميثاق الوطني المقدس كان أول وثيقة ، وقد ركز هذا الميثاق على أهمية انشاء مؤسسة تمثيلية في البلاد باسم مجلس الشورى والذي اختير من نخبة من المثقفين والمستنيرين والعلماء. وكانت الشروط التي يجب أن تتوفر في عضو مجلس الشورى من خلال ماورد في الميثاق الوطني المقدس، أن العضو لا بد أن يكون عالماً ملماً بشئون المجتمع وقضاياه ولديه القدرة على المشاركة الفاعلة. ومن خلال دراسة دقيقة للميثاق الوطني المقدس نكتشف أنه حقق قفزة نوعية في مجال التوعية بأهمية المؤسسة البرلمانية قبل وجودها أصلاً ، لأنه حينها روّجت المؤسسة الحاكمة أن هؤلاء الدستوريين يريدون الانقلاب على القرآن ويريدون تغيير القرآن وأن هذه الوثيقة هي بديلة للقرآن وتعرضوا للتشهير والذبح والتنكيل وعلى أية حال فإننا نعتبر هذه المرحلة مرحلة من مراحل التوعية بأهمية ايجاد المؤسسة التمثيلية في البلاد. بعد ذلك أتت المرحلة الثانية بعد قيام الثورة مباشرة وهي من عام 1969-1962م والتي تعد مرحلة التنشئة الدستورية ولأول مرة في البلاد تظهر في البيانات الثورية التي كانت تظهر في وسائل الإعلام الرسمية ، أي بدءاً رسمياً الإعلان عن ضرورة وجود موسسة تمثيلية أو برلمانية وأهمية مشاركة الشعب في انتخابات عامة للممثلين في المجلس الوطني أو غيره ثم انتخاب الرئاسة. بعد ذلك أتت المرحلة الثالثة والتي تعتبر مرحلة التنشئة الفعلية للمؤسسة البرلمانية بقيام المجلس الوطني ثم مجلس الشورى الأول ثم المجلس المنتخب الأول والمجلس المنتخب الثاني فهذه المؤسسات التمثيلية لاشك أنها لعبت دوراً كبيراًِ في توعية الناس بأهمية هذه المؤسسة بينما في الشطر الجنوبي (سابقاً) وفي ظل المستعمرة كانت قد سمحت لهم الظروف بقيام مؤسسة تمثيلية في ظل المجلس التشريعي الحاكم ، المؤسسة التمثيلية وهذه لعبت دوراً في بلورة آراء تكوين مؤسسة تمثيلية وطنية سواء في الشمال أو الجنوب وهناك نشأت المؤسسة التمثيلية وهو مجلس الشعب الأعلى في عام 1971م واستمر إلى عام 1978م عندما قام وتأسس الحزب الاشتراكي وتم اجراء أول انتخابات تمثيلية وانتخب مجلس الشعب الأعلى بغض النظر عن تفاصيل ما الذي دار في داخله ، وايهما كان أكثر فاعلية أكثر تأثيراً وأيهما أكثر ملاءمة للممارسة الديمقراطية سواء الذي كان في المجلس الوطني أو مجلس الشورى أو في مجلس الشعب الأعلى في الجنوب إلاّ أنها إجمالاًً لعبت دوراً كبيراً في التوعية بأهمية وجود المؤسسة التمثيلية ودورها في الرقابة والتشريع وبدأت البلاد منذ ذلك التاريخ سواء في الشمال أوالجنوب في التأسيس لقاعدة تشريعية كبيرة نسير عليها. وأنا حقيقة يمكن أن أقول ومن خلال دراسة لمجموعة الوثائق الدستورية والقانونية الموجودة في بلادنا بأن بلادنا تملك قاعدة دستورية وقانونية غير عادية وهذه مسؤولية مجلس النواب في الرقابة على تنفيذها لأن الشعب وضع ثقته في هذه المؤسسة سواء كانت المؤسسة ذات صبغة دستورية عليا أو مؤسسة صغيرة كمنظمات المجتمع المدني وأيضاً جمعية التاريخ والآثار إذ تعتبر مؤسسة تمثيلية تقوم بتنفيذ المهام الموكلة إليها في إطار الاختصاصات المحددة في نظامها الأساسي ، لديها سلطة في اتخاذ القرار في إطار الاختصاص وفي إطار الجماعة التي اتخذتهم ليقوموا بتمثيلها في هذا الإطار فمجلس النواب كجهة تشريعية وقانونية في البلاد يفترض أن يكون المعني بالرد والمراقبة على مثل هذه القوانين وتنفيذها وتفعيلها.