صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات مجهولة من سفر النضال الوطني:مفاجآت نساء قصر الإمام ومؤامرات أساطين التخلف والرجعية العفنة
مذكرات أول رئيس تحرير ل «الجمهورية»
نشر في الجمهورية يوم 07 - 12 - 2007


الحلقة 4
مسيرة نضال كتاب وثائقي سلط من خلاله الكاتب، والإعلامي محمد حمود الصرحي على صفحات مجهولة من سفر النضال الوطني في سبيل مقارعة البطش والجبروت ونيل الحرية وقيام الثورة والدفاع عن نظامها الجمهوري، لقد حرص المؤلف على تضمين الكتاب مشاهد واقعية للظلم والقهر والاضطهاد الذي عاشه شعبنا إبان الحكم الإمامي البائد وما تعرض له الأحرار قبل الثورة من المآسي والآلام وأبرز الكاتب دور الطلاب في مسيرة النضال الوطني من خلال الأحداث التي عاشها وسرد ذكرياته مع زملاء دربه السياسي.. إلى جانب رصد دقيق للحظات ما قبل انبلاج ثورة سبتمبر وما أعقبها من أحداث ودور الإعلام وإذاعة صنعاء وصحيفة الجمهورية على وجه الخصوص في حشد التأييد الشعبي لمناصرة الثورة وتشكيل لجان المقاومة للدفاع عنها حيث كلف الصرحي بعد الثورة يتحمل مسئولية الإعلام في تعز كما أصبح أول رئيس تحرير لصحيفة الجمهورية وفيما بعد تقلد الأستاذ محمد الصرحي العديد من المسئوليات في الحكومات المتعاقبة آخرها نائباً لوزير شئون الرئاسة ومجلس الشورى في حكومة المهندس عبدالله الكرشمي.
في الحلقة الماضية استعرض المؤلف مذكراته كيف بدأ نشر الرسائل والمنشورات ضد الإمام وأعوانه وكيف بدأت المؤامرة لوقف هذه النشأة.ليلة الشؤم الأولى
وحمى الوطيس بعد ذلك وتلاصت النيران، كان الأخ أحمد مفرح الذي سبق وأن تحدثت عنه قد قام بإرسال شنطة من المنشورات ولا أدري كيف قبض عليها ولا مع من أرسلها.
وفي ذات ليلة من ليالي عيد الجلوس للإمام أحمد أو ماكان يسمى ب "عيد النصر" كنت في فصلي وإذا بالجندي محمد العفاري وكان هذا الجندي مقرباً من البدر وهو الذي كان يأتي إلى المدرسة حينما يستدعيني البدر وكالعادة قال لي: أجيبوا مولانا وأذكر أنني كنت مع الأخ/ عبدالله المغربي وكان واحداً من مراقبي المدرسة العلمية ولكنه كان نبيهاً ونشطاً وذا شعور طيب نحو العمل الوطني وقد مات رحمه الله ومعنا الأخ يحيى الرضي وهو إنسان حر وله إسهام في النضال الوطني نتناول وجبة العشاء أحضرها لنا المغربي من منزله، ولقد استدعيت الجندي لمشاركتنا الأكل وبعد أن فرغنا من ذلك تأهبت للخروج معه ولكنه أردف في حديثه وقال:
أين صندوقك؟؟ وبعد أن علم به أخذه وحمله فوقه وأخذني معه وعلمت حينذاك أن الأمر خطير وأنني قد وقعت في المصيدة وعند وصولي "دار البشائر" لم يقابلني البدر وإنما قابلتني مطرقة القيود في يد السَّجان حيث حملني قيداً ثقيلاً له أسنان في حلق السيقان وله ثقالة تتدلى فيما كان يسمى ب "السيار بين الحلقتين المتصلتين بساقي القدمين".
وأشهد أنني ماوجدت مثل هذا القيد في حبس نافع الذي كان رهيباً وشديداً، وأنا في انتظار ما سيصدر بشأني سمعت إشاعة يتبادلها ويتهامس بها الجنود القريبون مني هذا يقول: سُيعدم وذاك يقول: سنأخذه حتى منتصف الطريق ويُقتل وآخر يقول: سيذهب به إلى حجة.. وأشياء أخرى من هذا القبيل..
وأشهد أنني لمحت البدر وهو يتأملني من جانب ستارة نافذة غرفته.
وصدرت الأوامر بأن أحزم فرشي الذي كان قد أسعفني به الطلاب.
وحزمته وأُعدت سيارة "ويلس" وحملتني مع أربعة جنود من حولي وعلى جانب السيارة وفوق الدسعة الخارجية كان يقف الأخ أحمد شاكر الذي كان يحتفي بي وهاهو الآن يسوقني مع من يسوقني إلى حيث لا أدري؟؟
وكانت الساعة تقارب التاسعة مساء والظلام يلف المدينة والسكون يخيم عليها ومرت بنا السيارة من باب المدرسة العلمية وشاهدت العقد المنصوب ببابها والذي كان يقام مثله في أكثر من مكان في الاحتفال بعيد النصر..
وكنا قبل أن يقبض عليَّ قد عملنا وبكل جهد على أن لا تطلع صورة الإمام في هذا العقد كما كانت تكون في كل عقد وفعلاً أخذنا أكثر من مرة وكلما طلعت صورة جديدة أزلناها بطرق خفية لم يعلم أحد بها حتى ضج المدير أحمد عبدالواسع الواسعي من ذلك وخاف وكان هذا الرجل عالماً جليلاً وسارت بنا السيارة ونحن في الطريق قال لي أحمد شاكر: ("جالسين" أنتم وهذا الزبيري والنعمان الخباث!».. ولكني لم أجبه بكلمة، ووصلنا حتى الباب الخارجي ل "دار السعادة" أحد مكونات المتحف الوطني الآن وهناك وقفت السيارة وترَّجل هذا الأخ شاكر ودعى رئيس العكفة "الحرس" وكان حينذاك النقيب عبدالله الحشيشي وبرز به بعيداً مني وفهمت فيما بعد أنه أبلغه بأن لايعلم بوجودي عنده أحد وأن لايصل إليَّ ولايكلمني أحد ونمت في دكة الجندي التي كانت بمقابل الباب والنقيب عبدالله في دكة عليا قريبة مني وقد سألني: ماذا عملت ياولدي؟ فأجبته بأني: لا أعلم بشيء وأطفأ النور وكنت ألبس سترة طويلة كان معي في جيبها مسدس وفي بطنه الرصاص ففكرت فيما عسى أن أفعله بالنسبة له وكيف لو عثروا عليه في الصباح أو علم به أحد وهداني تفكيري إلى أن أنقض خياط الفرش وأدخله في باطنه بين العطب وكانت الفكرة موفقة إذ أنه ظل في مكانه إلى مابعد شهرين.
في ذلك الوقت كانوا قد سمحوا بزيارتي من بعض الطلاب وإحضار بعض الوجبات لي من المدرسة العلمية وذلك لما لمسه النقيب عبدالله من سلوكي الهادئ ومن إعطائي له درساً في القرآن الكريم وأيضاً تفسيري له بعض الآيات وتعليمي له بعض الدروس في الدين.
والواقع أنه أحبني كثيراً وسمعته في بعض حديثه مع أحد الجنود من حيث لايراني وهو يقول له "هذا الرجل عالم" ولاسيما وقد كان يراني وأنا أرسف بقيدي في طريقي إلى الغيل الأسود الذي كان يمر من جانب الدار لأقوم بأداء كل الصلوات في أوقاتها.
وكان محمد بن علي زبارة يدير أعمال أبيه حيث كان نائباً للإمام بعد أن رحل الحسن إلى الخارج وكل ليلة وبعد إنتهاء عمله ينزل من غرفته ويدخل إلى غرفتي التي هي غرفة النقيب عبدالله الحشيشي وبعد أن يمعن النظر في القيد الذي أحمله بقدمي يقول "يعجبني هذا القيد".. ويردد هذه الجملة كلما دخل إلينا، ومما أضحكني وأنا في ألمٍ نفسيٍ مرير أن أحد كتبة المالية والتي كانت تتألف من عدد يسير طلب من زبارة هذا تحويل قيمة "صمغ" يلصق به أوراق المعاملات فكان جوابه عليه «منيحين قد انتوا بتطلبوا» قيمة صمغ؟؟
«يارجّال دخّل» أصبعك الصغيرة في أذنك وألصق الأوراق بما يخرج فيها وهذا يوضح بجلاء الفرق الكبير بين واقع الماضي والحاضر.
صحيفة سبأ والكتابات حول القات
وفي تلك الأيام كانت تصدر صحيفة "سبأ" في تعز وصحيفة "الإيمان" في صنعاء وكانت صحيفة سبأ هذه قد نشرت وتابعت النشر في مواضيع لبعض الكتاب عن القات وما القات منهم الشيخ يحيى منصور كتب مقالاً في عدد "74" ص2 والأخ صالح الخاوي في عدد "184" ص4 والأخ عبدالملك الوزير في عدد "184" أيضاً ص 4 والأخ أحمد طربوش الشرجبي عدد "103" و"104" ص4 والأخ محمد لطف نعمان والأخ علي محمد الزرقة عدد "115" ص4 والأخ مصطفى يعقوب عدد "116" ص4 عن القات وما القات منهم من يمدحه ومنهم من يذمه.. وطبعاً كانت تأتي إحدى الصحف لزبارة وكان يتسلمها النقيب الحشيشي ثم يقوم بإيصالها إليه.
وكنت بطبيعة حبي للقراءة آخذها وأطالعها وعند ما احتدم النقاش فيها حول هذا الموضوع أحببت أن أشارك بالرأي في ذلك ولا أدري كيف غاب عن ذهني بأني سجين ولاينبغي لي أن أكتب..؟! ولكني كتبت مقالاً حاراً كان عنوانه "إلى الكاتبين حول القات.." قلت في هذا المقال مامعناه أن الواجب على هؤلاء الكتاب أن يتناولوا في مواضيعهم ماهو أهم من ذلك.
أن يكتبوا عن اليمن كيف كانت في الماضي ذات حضارة عظيمة.
يكتبوا عن سبأ.. معين.. وحمير وماهو الذي جعلهم ينهضون تلك النهضة ويقيموا تلك الحضارة.. ماهي البواعث..؟! وماهي الأسباب.. وكيف كانت الظروف..؟ ثم بالتالي يكتبوا عن الحاضر وماقبل الحاضر مما بعد ذلك..
وماهي الأسباب التي أدت إلى أن يكون الحاضر كما نعرفه وكما يعرفه كل مثقف وقلت في مقالي أيضاً: أن القات ولعة من سائر الولع المضرة بالأموال والأجسام، ولكنه ينبت داخل البلد ويباع من أهل البلد، فالثروة في البلد محفوظة واستنكرت عليهم عدم كتابتهم عن السيجارة التي أيضاً تضر بالأموال والأجسام ولكنها أيضاً تعمل على سحب الأموال إلى خارج البلد وقلت أيضاً إن الأبحاث السياسية والتاريخية والإصلاحية التي يجب أن يواصلوا كتابتهم عنها كثيرة ولكنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. وذيلت المقال هكذا: صنعاء دار العلوم محمد حمود الصرحي.
وهذا هو المقال
إلى الكاتبين حول القات
يا أبطال تحرير الأمة من شجرة القات ألم تجدوا مباحث هامة وأساليب سياسية توضح لنا تدرج البلاد في مدارج التاريخ وسبقها في حيازة الفضل في شتى نواحي الحياة.
مالكم لاتبحثون حول جغرافية البلاد فتمونون جريدتنا في كل أسبوعٍ رسالة.
رسالة من مباحث هذا العلم الذي ماسبق للبلاد أن دخلت في خرائطه دخولاً كلياً يضمن للفرد اليمني أن يعرف عن بلاده شيئاً كثيراً من المناطق الاستراتيجية والثغور الهامة والمدن الرئيسية والتخطيط التام عن طرق المواصلة بما فيها من طرق السيارات والقوافل واللاسلكي والبريد والطيران وغير ذلك مما نحتاجه ونشتهيه.
ألم يكن لكم سعة في تشريح حضارة البلاد، كيف كانت بالأمس وما الذي تغير فيه اليوم وكيف سيرها الحاضر وما الذي تجدد فيه إيقاظاً للفكر اليمني كي يعرف كل بلاده ومالها من سوابق ناصعة الغرة في السابق من أيامها، وأما شجرة القات فأنا معكم وفي صفكم نعترف بأنه ولعة من سائر الولع التي يجب أن نكتب عنها ونعرف الأمة ضررها وسوء عاقبتها الوخيمة المضرة في الأموال والأنفس غير أن الذي جعلني أكتب في هذا هو أنكم كتبتم عن القات غاضين الطرف عن «الشقارة» وضررها الفاتك في جسم الأمة وفي مالها على أن القات لايتساوى وضرره مع «الشقارة» إذ أن القات ينبت في البلاد اليمنية ويباع لليمنيين فالمالية في البلاد محفوظة غير أن هذا لايضمن له الخروج عن عدم الإضرار بالأموال والأنفس لكنه يسهل نوعاً ما بجانب «الشقارة» التي ينتهي ضررها إلى الأموال والأنفس، الأموال التي لايمكن أن تستقر في البلاد بل تتسرب سيولاً إلى أيدي الأجانب الذين يريدون أن نكون هزيلي البنية والثروة، ثم لا قوة تجاهد ولاثروة تدافع.
يا أبطال تحرير الأمة من شجرة القات كأني بكم مقلدون للأكثرية العالمية التي غلب عليها شرب «الشقارة» أو متولعون حتى تغاضيتم عن الضرر الذي يتسرب من دخانها فينخر أعصاب الأمة حتى يأتي عليها.
على أنكم لم تفحمونا في حجتكم حتى تقنعوا أحد الطرفين بما يكون كنص يمنعه عن ولعته أو يحلها له بل لقد هدرتم وكثرتم بلا جدوى ولانتيجة.
يا أبطال تحرير الأمة من شجرة القات إن طرق الإصلاح التي يجب أن تتابعوا نشراتكم عنها كثيرة «ولكنها لاتعمي الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور».
صنعاء دار العلوم
محمد محمود الصرحي
وقد ظننت أن ذلك لن يصل إلى الجريدة وإنما أردت أن أروح عن نفسي، لأن البريد لم يكن مضمون الوصول حيث كان يحمله ساع برجليه فقد يصل أو لا يصل وقد أرسلته مع الأخ علي بن محمد الذيفاني الذي كان يواصلني بكل شيء في سجني هذا وله مني الشكر الكثير وإن كنت لم استطع أن أرد له أي جميل ولكني أرجو الله أن يتولى جزاه.
وجاءت الجريدة حسب وقتها ورأيتها بجانب النقيب عبدالله فأخذتها وإذا بي أرى المقال فيها كاملاً وزاد أن ذيله رئيس التحرير وكان حينذاك الشرجبي بقوله "سبأ" نؤيد الكاتب الأديب في فقراته الأولى إذ ناشد الكتاب بالاهتمام حول تاريخ بلادهم وجغرافيتها أما في الفقرات الأخيرة فنتركها لأقلام أرباب النقد والاستخلاص.
أطلع زبارة على المقال وسأل النقيب عبدالله: هذا الصرحي..؟!
يكتب هذا المقال.. ويتكلم في السياسة وهو في السجن؟! أين أنت يانقيب عبدالله من هذا؟!
وكيف أرسل الرسائل ومن سمح له بالكتابة ومن أوصلها له..؟! وأمر في نفس الوقت بأن يُضاف لي قيدٌ آخر فوق القيد الأول وأن أبعد إلى مكان آخر داخل حوش القصر كان يسمى ب "غرفة الانتظار".
وإذا بي بقيدين ثقيلين ولم يعد لي أنيس أتحدث معه أو أجلس إلى جانبه كما كان النقيب عبدالله، ومُنع الأخ علي بن محمد الذيفاني من الوصول إليَّ وكنت أعيش على ثلاث كدم عادي يعرفها من عرف العهد البائد.. ولاشيء غيرها!!
المفاجأة الحلوة المرة
وفي ذات يوم وأنا في طريقي لأداء الصلاة في الغيل الأسود الذي كان يمر إلى المفرج الأرضي للأمام بعد أن سمح لي الجنود بذلك وأنا أرسف بالقيود في رجلي وإذا بي أحس بحركة جري سريعة داخل البستان وكان أوطى من الطريق التي أمر فيها وحاولت بطرفي أن ألحظ ذلك على استحياء خوفاً من أن تكون بعض النساء قد تأخرت في هذا البستان بعد أن كن يخرجن إلى البستان للصلاة في هذا الغيل وللنزهة والترويح عن النفس لأنهن كن أشبه بسجينات في القصر كله.
لاحظت فيما لاحظت تلفتات من وراء جذع شجرة كبير وهنا أخذني بعض الفزع وقلت في نفسي: لقد خرجت في الوقت الممنوع.. وطلبت من الله أن يمر الأمر بسلام.
ولم أواصل المشي وفكرت في العودة من حيث أتيت وبمجرد أن تحركت إلى الخلف سمعت صوتاً يناديني: قائلاً لا ترجع..!! واحترت في الأمر.. بين أن أمضي إلى الأمام أو أعود إلى الخلف وبينما أنا كذلك إذا بالصوت يتكرر مرة أخرى: مالك.. حيران..؟! تكلم..؟!.. أنا لم أتكلم سكت واستمررت في السكوت..
وتكرر النداء ولكن بلهجة أخرى: لماذا.. تعذبون أنفسكم هكذا؟! وماذا تريدون؟!.. إنكم لن تحصلوا على طائل.. تكلم.. تكلم.. مالك هل أنت أعجم تكلمت وقلت: ماذا أقول وعن ماذا أتكلم..؟! أنا سجين لا أدري على ماذا..؟!
أجابني الصوت: كيف لاتدري ماذا عملت وأنا بنفسي قد أطلعت على نفس الشنطة المرسلة من عدن والمليئة بالمنشورات وأنت واحد ممن ذكر اسمه فيها.. كيف تتجاهل هذا؟! وكيف تقول أنك لاتدري لماذا حبست؟ إنك واحد ممن يثيرون المتاعب ويحدثون الزوابع في المدارس وبين الشباب فلماذا تنكر هذا..؟!
أجبت وبسرعة: بأن هذا الكلام كله لاصحة له على الإطلاق.. ولنفرض أن هذه الرسائل أو المنشورات وصلت وذُكر فيها اسمي فهل معنى ذلك أني أنا الذي عملت على أن تُرسل إليَّ..؟! فقد يكون أرسلها واحد من المحرضين ضدي أو من المغرضين وقد تكون نكاية أكثر منها واقعة صحيحة.. فلماذا أؤخذ بذنب غيري.. والله يقول «ولاتزر وازرة وزر أخرى» هنا أحسست أن الصوت الذي يحدثني صوت امرأة لأنها بعد حديثي هذا بدأ صوتها يلين وبدأت رقة صوتها الأنثوي تظهر..
وحاولت الرجوع إلى غرفتي واستمررت في السير إلى أن تجاوزت خط القرب منها ولجت الغرفة المخصصة لي وبدأت أضرب أخماساً في أسداس، لقد كان هذا المنفذ الوحيد الذي أتنفس فيه وأقطع بعض الوقت سيراً عليه وهاهو يكاد أن ينسد أمام وجهي وقررت ألا أعود للخروج إليه.. وأن استمر في التنفس من نافذة الغرفة والجلوس فيها وبعد ثلاثة أيام إذا بما كان يُسمى "بالدويدار" وهو أحد الرهائن عن أبيهم وكان عمره حينذاك حوالي ثمان سنوات وما أزال أذكر اسمه وابن من هو إذا به يدخل عليَّ وبعد السلام يسألني: لماذا لم تخرج للصلاة في الغيل؟! فأجبته: لا لشيء إنما لثقل القيود التي في رجلي فأجابني بأنه لالزوم لأن تحبس نفسك في الغرفة والأحسن لك أن تخرج كما كنت ولن يمنعك أحد.. ثم غاب عني..
وأدرت الفكرة في رأسي مراراً وفي اليوم التالي خرجت للصلاة ولم يحصل في هذا اليوم أي شيء وفي اليوم الثالث خرجت كعادتي وأنا أمشي في نفس الممر إذا بي بنفس الصوت ومن وراء جذع الشجرة، كيف حالك..؟! قلت: الحمدلله أني بخير.. وبعد هذا الجواب انطلقت من وراء ذلك الجذع بسرعة البرق الخاطف وصعدت في الجدار الذي كان يفصلني عنها وطرحت في طريقي "قصعة طحينية" وعادت بسرعة فائقة إلى وراء ذلك الجذع وكنت مدهوشاً جداً لمثل هذا العمل الجرئ ونادتني خذ القصعة الطحينية.. فأجبت: بأنه لالزوم ولكم الشكر..فكرّرت خذها..خذها..أخذتها وحاولت الرجوع لأنني كنت أخشى أن يلمحني أو يلمحها بعض الجنود وياويلي ما إذا كان ذلك.
وفعلاً عدت أدراجي حتى محلي..وفكرت بأن لا أخرج مرة أخرى ودائماً وإذا بي بنفس الدويدار يصل إليَّ ويعطيني كيساً صغيراً بداخله عشرة ريالات "ماريا تريزا" عملة ذلك الوقت..سلمني وانصرف ..وقال كلمة واحدة فقط : قالوا " استعن بها على حبسك"..وكان هذا المبلغ الضئيل كبيراً مغرياً حينذاك ولم أخرج حيث كنت أخرج لمدة أربعة أيام وإذا بالدويدار يصل وفي يده كتابين أحدهما "الطراز" ليحيى بن حمزة وكتاب آخر قد نسيت اسمه،مكتوب في أول كل منهما بأنه من مكتبة داخل الدار ومعيّن صاحبها"وقال لي الدويدار: تسل بهذه الكتب وانس أحزانك، ولقد أعدت هذين الكتابين بعد قراءتهما حرصاً على أن لاينالها شيء لو عُرف ذلك.. ولم أخرج إلى الغيل ومضت أكثر من ستة أيام وإذا بالدويدار نفسه يعطيني رسالة ويختفي من أمامي.. قرأت الرسالة وإذا بها كلام وكلام.. وطُلب مني فيها رد الجواب وعينت لي المكان الذي أضع فيه الجواب وحثتني كثيراً على أن أرجع رسالتها بذاتها إلى جانب جوابي.. وفعلاً كان ذلك مني.. وبما أنها قد طلبت أن أعيد جوابها بذاته فقد طلبت منها نفس الشيء ذاته لرسالتي وأن تضعها في نفس المكان.. وكان هذا أول المشوار في استمرار الرسائل التي صالت وطالت وكثر حديثها وجاء في بعضها: أنها هي مظلومة مثلما أنا مظلوم وأن الإمام أحمد قد قتل أخاها.. وأدى بنا المشوار في النهاية إلى أن تقترح عليَّ أمر الهروب وكانت فكرتها في ذلك أن تضع لي بعض الملابس النسائية بجانب شجرة في الغيل وأن أتحين الفرصة وأختفي بها وأدخل الدار وخشيت هذا الأمر فكيف أدخل إلى الدار وقد حدثتني في بعض رسائلها أن فيها "أي في الدار" مالا يقل عن خمسين امرأة بل أكثر وأكثر.. وكيف يمكن أن يختفي أمري بين هؤلاء النسوة كلهن ولاسيما والفكرة عندها أنني يمكن أن أخرج معهن في العربية التي كانت تجرها الخيل والتي كانت تقلهن إلى بعض "التفاريط" عند بعض أقاربهن، ولم أكن معها في صدق المشوار وإنما كنت أجاريها وأتعلل بذلك وأتلهى حتى يأتي الله بالفرج ومازلت حتى اليوم أذكر اسم هذه المرأة العلني والسري وهي الآن في السعودية كما بلغني.
وقد كنت بعثت برسالة إلى الزعيم حينذاك المشير والرئيس بعد الثورة عبدالله السلال لأنه كان زميل نضال وكنا نسير في طريق واحد وإن كنا لم نلتقِ في التنظيم ومنهاج السر.. رجوته في تلك الرسالة أن يعمل على إطلاقي من لدن البدر ولاسيما وقد كان رئيس حرسه ويعلم الله بأنه ماقصر معي.. فقد دُعيت من قبل النقيب عبدالله الحشيشي إلى الباب الخارجي فإذا بي الحظ الزعيم السلال وفي يده أمر بإزالة القيد من رجلي.
وأذكر أنني أشرت له إلى القيد الكبير فلحظ ذلك وكلم النقيب عبدالله به فقال النقيب عبدالله: حاضر وأزال عني القيد الكبير..
وبما أن عجلة الهروب كانت تدور بسرعة وبإلحاح من صاحبتنا فقد كنت أنا أيضاً أتابع رسائل المراجعة وبإلحاح وفرّج الله همي بأن جاء الإطلاق بعد أن مضى عليَّ في هذا الحبس سبعة أشهر وهو أول حبس سياسي لي، ونجوت بجلدي مما كان يمكن أن يلحقني من متاعب مالو نفذت فكرة الهروب.
الخروج من سجن دار السعادة
خرجت من السجن وأنا بقوة حماسي وإيماني بمواصلة العمل الوطني ولكني وجدت الأحوال قد تغيرت.. الحزب الذي كنا قد بنيناه تفرق وانفرط عقده وتخاصم أفراده وتشتت جمعه ولم يبق أي أثر لكل مابنيناه حتى ذلك الدكان الذي كان قد كبر وكان رأسمال الحزب مصدر تمويله ابتدرته الأيدي بالأخذ وصار كأن لم يكن.. وأذكر فيما أذكر أن أحد الاخوان - سامحه الله - استمر يطالبني بإناء صغير تبرع به لهذا الدكان وأُخذ من جملة الأشياء المأخوذة وأنا في السجن ولادخل لي بما حدث ومع ذلك استمر في مطالبتي.. وتعجبت كيف تتحول النفوس فبينما كان كل واحد منا يستعد للتضحية بما هو أكبر وأجل وأعظم من أجل البلد كله ومن أجل الناس جميعاً إذا بالتافه الحقير يصبح محل نزاع وخصام.
ولما كانت القوة الدافعة والنشاط الغزير والمعمل الكبير للعمل الوطني والزخم النضالي قد توقف سرت في النفوس الذلة والخوف وأصبح التشفي من الجانب المعاكس ظاهراً على الوجوه كما وأن أصحاب المسيرة والذين كانوا إخواناً على سرر متضامنين ومتقابلين هم أنفسهم صاروا متخاصمين كل منهم يشتم الأخر ويعرض عنه وبالنسبة لي.. تجنبني الناس واستوى في ذلك الصديق والعدو.. واختفت كل تلك الحلقات التي كانت تحلق حولي للدراسة وأصبحت غريباً في المدرسة أجرجر أذيال الهزيمة وأقاسي مرارة التشفي من اللؤماء وتذكرت قول الشاعر:
كل المصائب قد تمر على الفتى
وتهون دون شماتة الأعداء
ولا أدري كيف أصور تلك الغربة التي قاسيتها بين الأهل والتي لم يعد لي أي صديق أتفاهم معه وآنس به وأحاول ولو على مضض الشتات ولو صورياً حتى ولو نرد لأنفسنا بعض الاعتبار وقد كان حكيم الشعراء صادقاً عندما قال:-
شر البلاد مكان لاصديق به
وشر مايكسب الإنسان مايصم
وصدر البيت هو الذي وقعت فيه
و.. الناس أعداء من عادته دولته
وهم جميعاً إذا والته أعوان
المؤامرة الثانية
وبدأت الشفار تحد والأحابيل تنصب والحفر تعمق.. هنا وهناك.. من أعداء الماضي والحاضر أساطين التخلف والجمود والرجعية العفنة تجمعت من بعض لبعض ومدت بعض ببعض وحركت إوراها بنشاط لتُجهز على مابقي في النفوس من أمل ولتضرب المثل بقسوة وتحطم كل عرق نابض بالحياة وبُعثت الرسائل المتوالية إلى الإمام والبرقيات الشديدة ومثلها إلى البدر ولم يكن ذنبي فيها واحد وإنما جعلوا لي عدة ذنوب وحملوني أكبر الأثام وصوروني بصورة شخص شرير لاينبغي أن يبقى خارج السجن ومن جملة ذلك أنني لا أُومن بالله..؟!! وإنني من أكبر الملاحدة كما أني أنكر الطقوس التي تضفيها بعض الفئات على نفسها وأشياء كثيرة قالوها عني.. وقد وجدت هذه الرسائل بعد الثورة بنفسي في دار الأمام «دار العرضي» بتعز وأطلعت عليها بعيني وسأتكلم عنها بوقته.
كل ذلك أدى إلى أن يصدر الإمام أمراً بحبسي.. علمت بذلك من مصدر أكيد.. الأمر الذي جعلني أحاول الفرار من صنعاء ولكني وأنا في صميم التفكير وجدت الأخ محمد يوسف المؤيد وكان رحمه الله حُراً من الأحرار المخلصين النظاف وفيه أدبٌ جمٌ عظيم، فطرحت له الموضوع فأشار عليَّ بأن أختفي عن أعين الناس وأنزلني في بيت عبدالله علوس الكائن في «بالروَّم» جنوب المقشامة الكبيرة والتي لاتزال موجودة حتى الآن، وكان هذا البيت خالياً ليس فيه أحد.
أنزلني فيه واختفيت لمدة نصف شهر.. بعدها دبر لي رحمه الله أن أهرب إلى عدن وأتفق مع «عربجي» سواق كما يُقال تلك الأيام سيارة حمَّال كبير «عنتر نش» كما كانوا يطلقون عليها في ذلك الحين، وأُلزمت أن أخرج بعد الفجر من باب اليمن وأتوجه إلى القبر الأبيض «قبر بن مفتاح» جنوب الباب بمسافة يسيرة حيث ستأتي السيارة وأركب عليها من هناك وفعلاً كان ذلك.. وسارت بنا السيارة طريق الحديدة حيث كانت تمر من مدينة العبيد التي هي الآن «مدينة الشرق» وصلت الحديدة ووجدت الأخ محمد عبدالكريم الصباحي.. وكان حُراً مخلصاً رحمه الله، كما وجدت الأخ والزعيم عبدالله السلال والأخ هاشم طالب رحمه الله والأخ حسين المقدمي، وقد أطلعتهم على الموضوع وطمأنوني كثيراً بأنه لن ينالني شيء في الحديدة والزوبعة ضدي إنما هي في صنعاء وبقيت لديهم خمسة أو ستة أيام وكنت أتمنى في نفسي لو أعطيت بعض النقود أستعين بها لمواصلة السير حتى عدن لأن ذلك كان هو الصواب ولاسيما وأنا كنت غير مطمئن لما يقوله الإخوة.
وسمعت عن القاضي/ عبدالرحمن الإرياني ما أقر خاطري وأثلج صدري بأنه على جانب كبير من الأخلاق والإخلاص والرجولة والعلم والأدب، وأنه يحظى بإحترام كبير من الناس ومن الإمام، ففكرت في الاتصال به وكان حاكم مقام الإمام أحمد وقد وصلت حتى باب «دار البوني» سكن الإمام أحمد و«أدنحت» ظهري على أحد جدرانه وأخرجت القلم وكتبت على ورقة صغيرة هذا البيت من الشعر وهذه الجملة من النثر:
ولقد فررت من المخاوف كلها
وأتيت نحوك راجياً ومؤملاً
شُبت فيما حولي النيران وعصرت الأعاصير جئت لاجئاً أرجو النجاة.
وكان هذا البيت وهذا النثر وليد الساعة تلك، دلفت من الباب الخارجي إلى مقر القاضي/ عبدالرحمن الإرياني ودخلت عليه ووجدت عنده ثلاثة من المتشارعين وأعطيته تلك الوريقة فأشار إليَّ بالجلوس وبعد أن فرغ من قضية أولئك النفر أقبل عليَّ بوجهه وقال لي: ماشأنك....؟! وماذا جرى عليك فأجبته: أريد أن أتكلم معك كثيراً، فالموضوع شرحه يطول هل عندك وقت؟! فقال لي: أغلق الباب من الداخل، وأغلقت الباب وبدأت الحديث، وصفت له كل شيء وذكرت له فرسان الميدان شخصاً شخصاً وكنت أريد أن أذكرهم هنا لولا خشيتي وعدم إرادتي أن يتواصل الخصام مع من لايزال حياً منهم أو مع أقربائهم وذوي رحمهم.
أكملت حديثي معه ولقد أحس بأني في مأزق وتأثر لذلك وأذكر أنه أطلع نهدة كانت حارة كما شاهدت أثرها في عينيه وأردف قائلاً: الواقع أن الحصار قد ضاق عليك وأنك قد وقعت في الفخ،و لولا بقية أمل لنا في البدر وسنحاول اللقاء معه وشرح موضوعك وعلى الله التيسير، وودعته وأنا أقول لنفسي: لقد قابلت الإرياني وإذا لم ينفع فلن يضر، والله بيده الخير، وفاتني في الموقف أن أذكر للقاضي عبدالرحمن سوء حالتي المادية كما وإن عزة النفس كانت تؤثر عليِّ في كل مأزق، ولذا فلم أذكر ذلك ولم أشر إليه.
ومر يومان وزاد ضيقي واشتدت حالتي وكثرت وساوسي وأُحبطت كثيراً في تفكيري ولم أعد أعرف ماذا أفعل؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.