كوكبان المحويت واحدة من أهم المدن السياحية الهامة فهي تاج يتربع فوق مدينة شبام ومنتزه سياحي يقصده آلاف الزوار الأجانب والمحليين للاستجمام والنقاهة وتسمى هذه المدينة مدينة الفن والجمال لأنها أنجبت عمالقة الفن اليمني أمثال الحارثي والأخفش وغيرهم إضافة إلى كونها من أهم المدن الأثرية والتاريخية فمبانيها وقصورها تشكل لوحة فنية رسمت بأنامل وإبداعات أبناء الحضارة اليمنية القديمة ولازالت هذه المدينة الجميلة محتفظة بسورها القديم ومساجدها الجميلة التي تعانق مآذنها السحاب. زيارة إلى مدينة كوكبان كفيلة بإزاحة الضغوط النفسية والهواجس والهموم التي تنتابك عندما تنظر إليها تجد الغمام ينساب إليها ويحتضنها كأم حنون وتجد الشمس وهي تلوح في الأفق إلى الغروب تطبع القبلات الحارة على خد هذه المدينة الجميلة وعندما تعود الشمس صباحاً ترسل أشعتها الدافئة والتي تتناغم مع أصوات الطيور والعصافير وهي تخرج من أعشاشها ومخابئها لتتسابق على أغصان الأشجار وأماكن الدفء حينها تتذكر فنان اليمن الكبير الراحل «محمد حمود الحارثي» وهو يتغنى بمدينة ومرتع صباه كوكبان التاريخ والأصالة والفن «سلام ياروضة الأهجر وروضة بلادي ياجنتي والنعيم» وتتواصل في أذنيك وتتردد باستمرار الكثير من أغاني فناننا الراحل إلى ملكوت الله «الحارثي» وتحس بالراحة وهدوء البال وحالة تعايش مع الماضي الجميل. كوكبان في المصادر التاريخية تقع مدينة كوكبان ضمن مديرية شبام بمحافظة المحويت وهذه المدينة تطل على مدينة شبام التاريخية من الجانب الجنوبي لجبل الضلاع والذي كان يسمى قديماً «جبل ذخار» ترتفع كوكبان عن سطح البحر بنحو «0082» متر، كانت كوكبان حصناً منيعاً للدولة الحميرية التي حكمت اليمن قبل الإسلام وتقول المصادر التاريخية إنها دخلت تحت حكم الصليحيين في منتصف القرن الخامس الهجري واستمرت تحت حكمهم حتى استولى عليها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة سنة «355» هجرية تم انتزعها طغطكين بن أيوب الكردي من حكم الإمام المنصور سنة 585هجرية تم حكمها الأيوبيون نحو أربعين عاماً فشيدوا الأسوار المنيعة من الجهة الشمالية وبنوا السدود والحواجز المائية ثم تولى الحكم فيها الرسوليون وولاة بني طاهر حتى عهد عامر بن عبدالوهاب الذين عين عاملاً عليها حتى دخلها الإمام شرف الدين بن يحيى شمس الدين في شوال سنة 429م وجعلها عاصمة له فاستمرت عاصمة لآل شرف الدين حتى نهاية القرن الحادي عشر حيث بدأت دولة شرف الدين في الضعف والتقهقر ووقعت الخلافات بينهم وبين آل القاسم حيث تم الصلح بينهم بعد خلافات نشبت أن تكون «كوكبان» وبلادها لآل شرف الدين ولكن تحت إشراف الإمام المتولي الحكم في صنعاء واستمرت كذلك حتى دخول الأتراك المرة الثانية إلى اليمن حيث تم حصار كوكبان بجيش كبير وضربوها بالمدافع حتى اضطر أهلها للاستسلام بعد أن نفذ مابحوزتهم من طعام وغلال فاستولى عليها الأتراك سنة 9821 هجرية حيث قاموا بنقل مركز القضاء إلى مدينة شبام ومنذ ذلك الحين وحتى خروج الاتراك من اليمن وتولي الإمام يحيى بن حميد الدين الحكم في اليمن بدأت كوكبان في الضعف والوهن والتقهقر وهانت الحالة على أهالي كوكبان حتى نزح الكثير من الأسر وهدمت العشرات من المنازل وانتقل أكثر أهلها إلى شبام وصنعاء بعد أن كانت مركزاً هاماً وقبلة علمية يأتي إليها طلاب العلم من كل حدبٍ وصوب واشتهر فيها العشرات من الفنانين والأدباء والشعراء والمفكرين السياسيين الذي ملأوا الآفاق بمؤلفاتهم وكتبهم القيمة والنادرة. جبل ذخار كوكبان جبل كان قديماً يعرف باسم «جبل ذخار» ويطل غرباً على مدينة الطويلة ومناطقها المجاورة وعلى قبيلتي همدان وعيال سريح من الشمال الشرقي ومن الشرق على مدينة شبام وجنوب غرب بني مطر ومن أهم وأشهر المواقع التاريخية والأثرية التي لازالت تحتفظ بطابعها الأثري سور المدينة وبوابتها ومبنى الحرس «القشلة» وبها العديد من مخازن الغلال والحبوب «المدافن» التي كان يحفرها الأقدمون في الصخر وتتسع لمئات الأطنان من الحبوب والغلال ويوجد داخل المدينة ستة سدود كبيرة لتخزين مياه الأمطار ومازالت صالحة حتى الآن ويوجد القليل من هذه السدود بحاجة إلى ترميم وإصلاح ويوجد أيضاً خارج المدينة أربعة سدود كبيرة وتم ترميم وتوسعة سدين بتوجيهات كريمة من فخامة رئيس الجمهورية كما أن مدينة كوكبان تشتهر منذ القدم بأنها مدينة الفن والغناء والمدرسة الغنائية والتي أنجبت فنانين عمالقة كمحمد حمود الحارثي وعبدالرحمن بن يحيى بن علي الأخفش والعنتري وكذلك الفنان الشاب عبدالرحمن الأخفش ومحمد قاسم الأخفش وعبدالباسط الحارثي وغيرهم من الذين أثروا الساحة الغنائية بأبدع وأروع الأغاني في كافة المجالات فكوكبان تعتبر موطن الفن والطرب والجمال ولأغرابة في ذلك فقد قاوم فنانو كوكبان الكهنوت والتسلطن الإمامي الذي كان يعتبر الفن من الأشياء المحظورة ولكن هؤلاء صمدوا في وجه الطاغوت الإمامي وساندوا الثورة حتى تم القضاء على الإمامة ثم بدأوا في الانطلاق وإثراء الساحة الغنائية بالكثير من الأغاني التراثية والتي مازالت متداولة حتى الآن ولها نكهة خاصة ومذاق رائع يجعلك تستشعر عظمة هؤلاء الفنانين الكوكبانيين العظام.