أنهى التجمع اليمني للإصلاح الليلة الماضية أعمال الدورة الثانية لمؤتمره العام الرابع، التي عقدت على مدى يومين في صنعاء بمشاركة أكثر من 4000 عضو وعضوة. وأوضح البيان الختامي الصادر عن الدورة أن المشاركين أقروا في ختام أعمال الدورة جملة من القرارات والتوصيات في ضوء مناقشاتهم المستفيضة للموضوعات التي تضمنها جدول الأعمال. ولفت البيان إلى أن من أبرز النتائج التي خرجت بها الدورة على الصعيد التنظيمي، إقرار المؤتمر العام لتقرير رئيس الهيئة العليا مع الملحوظات عليه، مع الإشادة بالجهود التي بذلتها قيادات وقواعد الإصلاح خلال الفترة بين دورتَي الانعقاد. وأفاد البيان أن المؤتمر العام الرابع أقر مشروع التعديلات على النظام الأساسي المقدم من مجلس شورى التجمع، والهادف إلى إعادة هيكلة وتطوير أطر الإصلاح على المستويين المركزي والمحلي. وبيَّن أن التعديلات من شأنها توسيع دوائر الأمانة العامة بتحويل عدد من المكاتب إلى دوائر، وهي: دائرة المرأة، دائرة الطلاب، دائرة الشؤون القانونية والحقوق والحريات، دائرة المغتربين، ودائرة الشؤون الفنية، إلى جانب تعيين أمينين عامَين مساعدين للإصلاح للشؤون الإدارية والتنظيمية، وللشؤون السياسية والفكرية. ونوه إلى أن التعديلات تقضي بانتخاب أعضاء مجلس شورى الإصلاح من المؤتمرات المحلية بدلاً من انتخابهم مركزياً. وأشار البيان إلى أن المشاركين في الدورة ناقشوا التطورات والمستجدات على الساحة الوطنية، واتخذوا إزاءها جملة من القرارات والتوصيات، وفي مقدمة ذلك دعوة كافة القوى السياسية على الساحة الوطنية إلى تحمّل مسؤولياتهم لتجنب أن تعصف بالبلاد أية أزمات. وقال التجمع اليمني للإصلاح، في البيان الختامي للدورة الثانية لمؤتمره العام الرابع: إن ما توصلت إليه الأحزاب والتنظيمات السياسية من اتفاق على إجراء إصلاحات انتخابية وسياسية خلال الفترة الماضية التي تم بموجبها الاتفاق على التمديد لمجلس النواب، وتأجيل الانتخابات النيابية الرابعة عامين، يضعنا أمام تحديات ومسئوليات كبيرة، وهي تعتبر محاولة أخيرة لتلافي اتساع نطاق الأزمة، ويجب على الجميع العمل على تحقيق الإصلاحات، بما يمكن من إجراء انتخابات حرة ونزيهة، يتحقق فيها بصورة عملية وجادة مبدأ التداول السلمي للسلطة. وأضاف: وهذا يفرض علينا احترام الوقت، فإهداره كما جرى سابقاً ستكون نتائجه وعواقبه وخيمة. وإزاء الأوضاع في المحافظات الشرقية والجنوبية، جدد التجمع مطالبته للحكومة بمعالجة آثار فتنة حرب صيف 94 وإزالة مخلفاتها، وكذا الاهتمام بهذه المحافظات وإعطائها الأولوية في المشاريع والخدمات.. مؤكداً أهمية تجاوب السلطة مع المطالب المشروعة التي تعبِّر عنها الفعاليات السلمية في تلك المحافظات، والنظر بجدية إلى أية رؤى وطنية، ومن بينها مقترحات اللقاء المشترك الهادفة إلى إيجاد المعالجة الجذرية للأوضاع والمطالب في هذه المحافظات بما يجنب البلاد المزيد من التأجيج والتعقيدات، والحرص على عدم سد أبواب المعالجات الوطنية لهذه الأوضاع، الأمر الذي لا يخدم إلا أصحاب المشاريع الصغيرة واللاوطنية، ويفتح أمامهم ثغرات للنخر في جسد الوحدة الوطنية بصورة غير مسبوقة.. مشدداً في ذات الإطار على ضرورة أن تكون المعالجة الجذرية للأوضاع والمطالب في هذه المحافظات مدخلاً للإصلاح السياسي والوطني الشامل. وفي حين ثمَّن المؤتمر العام لتجمع الإصلاح مواقف ودور أعضاء وأنصار الإصلاح والمشترك وانخراطهم ومشاركتهم في الفعاليات السلمية التي تمت في المحافظات الشرقية والجنوبية، حيَّا في ذات الوقت كافة الفعاليات السياسية والشعبية السلمية الهادفة إلى تقوية أواصر الوحدة والمحبة وتمتين السلم الاجتماعي، وتجنيب البلاد أخطار ثقافة الحقد والكراهية والاستعلاء والإقصاء، وما قد ينجم عنها من تشتت وتمزق. وتطرق البيان إلى الجهود المبذولة لإنهاء فتنة صعدة.. مطالباً الحكومة بسرعة استكمال معالجة آثارها، وتعويض المتضررين، وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الفتنة، واتخاذ كافة المعالجات التي من شأنها أن تنزع فتائل وذرائع وأسباب تجدد المواجهات ودورات العنف. وعبَّر مؤتمر الإصلاح عن تضامنه مع الشيخ عبدالمجيد الزنداني، ورفضه التهم الباطلة الموجهة إليه من وزارة الخزانة الأمريكية.. داعياً الحكومة إلى القيام بواجبها أمام مجلس الأمن للسعي نحو إسقاط تلك التهم عن الشيخ الزنداني، باعتباره عضو مجلس رئاسة سابق، وأحد مناضلي الثورة، وعالماً من علماء العالم الإسلامي. وقدَّر المؤتمر عالياً قرار محكمة الاستئناف الأمريكية التي قضت ببراءة الشيخ محمد بن علي المؤيد ومرافقه محمد زايد، ورفض الطعن المقدم من الحكومة الأمريكية.. معبراً عن الشكر لكل من أسهم في هذه القضية رسمياً وشعبياً.. مؤكداً في الوقت ذاته أهمية مواصلة تلك الجهود والضغوط على الإدارة الأمريكية حتى يتم الإفراج عن الشيخ المؤيد ومرافقه وعودتهما إلى أهلهما. وشدد التجمع على أهمية كفالة الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور والقانون، ومنها حق المواطنين في التعبير عن آرائهم والدفاع عن حقوقهم بالطرق السلمية المختلفة كالمظاهرات والاعتصامات والمسيرات واستخدام وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية دون إعاقة أو تعطيل، وكذا حق تكوين الأحزاب والنقابات ومختلف منظمات المجتمع الأهلية دون التدخل أو التضييق على نشاطاتها، إلى جانب حق الحصول على المعلومات المتعلقة بالشأن العام، وضمان مجانية التعليم والرعاية الصحية لجميع المواطنين، وكفالة حق تولي الوظيفة العامة والترقية فيها وعدم تسييسها، وكفالة الخدمات الأساسية والأمن ومنع العدوان بكل أشكاله، مع إغلاق أية سجون خاصة، ومنع أية اعتقالات خارج إطار القانون. وطالب مؤتمر تجمع الإصلاح بإنشاء هيئة مستقلة تختص بحقوق الإنسان بعيداً عن تدخل أي طرف للتأثير على قراراتها وتقاريرها.. مشيراً إلى أهمية مواصلة الدولة لتطبيق شرع الله وإقامة حدوده لإيقاف الجرائم والظواهر السيئة التي تشهدها بعض المناطق وتهدد النسيج الاجتماعي، ومنها جرائم القتل والسرقة والاختطاف وتجارة المخدرات والسطو على أملاك الناس وقطع الطرق، واتخاذ التدابير اللازمة لتجنب حدوث أي انفلات أمني في تلك المناطق. وأكد ضرورة تكاتف الجهود والطاقات الوطنية لتوثيق عرى المحبة والتكافل بين أفراد المجتمع، ومحاربة العصبيات المقيتة بكل صورها عبر وسائل الإعلام والإرشاد والتعليم المختلفة، والحرص على إرساء مبدأ العدالة في توزيع المشاريع والتوظيف والترقية والتقاعد والمنح الدراسية والرعاية الصحية لأبناء المجتمع، ورعاية أسر الشهداء ورعاية الجرحى والمعوّقين، فضلاً عن معالجة أية ظواهر للتسول والانتحار وتهريب الأطفال وأية جوانب قصور تعيق وصول إعانات الضمان الاجتماعي إلى المستحقين الفعليين. ودعا المؤتمرون إلى مواصلة الاهتمام بالمرأة ثقافياً وصحياً، وتوفير فرص المشاركة الفاعلة في التنمية والبناء، ومعالجة المشكلات المتعلقة بالمرأة كالتزويج بالإكراه والحرمان من الميراث والحرمان من التعليم، وغيرها. ونوه البيان إلى أن المؤتمرين وقفوا أمام المؤشرات الرئيسة للأوضاع الاقتصادية في البلاد، بما في ذلك مشكلتَي الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، وطالبوا الحكومة بتبني خطط وسياسات ناجحة من شأنها مكافحة الفقر والبطالة وتخفيض الأسعار، وخاصة أسعار السلع الأساسية، وتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة، وتنوع مصادر الدخل. وطالب المؤتمر العام للإصلاح الحكومة بإعداد وتطبيق استراتيجية وطنية تكفل تحقيق الأمن الغذائي، وإعطاء القطاع الزراعي والسمكي اهتماماً كبيراً وجاداً للوصول إلى تأمين حاجة البلاد من السلع الأساسية والضرورية، وعلى وجه الخصوص إنتاج الحبوب الرئيسة، وتطبيق استراتجيات تخزين وطنية فاعلة وكافية. مؤكداً أهمية زيادة الاستثمارات العامة في هذا القطاع، وتشجيع وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في مجال إنتاج الحبوب الرئيسة، مع تقديم كافة التسهيلات والدعم والإرشاد الزراعي للمزارعين. ودعا إلى وضع رؤية جادة لمعالجة أوضاع مؤسسات القطاع العام بما يكفل تعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقاً للدستور، وتحقيق أقصى مستوى من الشفافية والوضوح في أداء هذه المؤسسات، إلى جانب مضاعفة الجهود في مكافحة الفساد، وأية مظاهر لسوء الإدارة، كونهما يسببان هدراً للموارد العامة للبلاد. وطالب المؤتمرون بمواصلة تطبيق السياسات الحكومية الجادة لتحسين مناخ الاستثمار، وتحفيز وتشجيع القطاع الخاص لممارسة دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية وفقاً لرؤية واضحة لشراكة جادة وموضوعية وعادلة في العلاقة مع القطاع الخاص، تقوم على أساس التعاون والتكامل، فضلاً عن مواصلة الجهود لتطوير وتحسين البنية التحتية، والإصلاح الجاد للقضاء وتحقيق استقلاليته، وحل مشكلات الأراضي، ومكافحة تهريب السلع. وأشار مؤتمر الإصلاح في بيانه إلى أهمية مضاعفة الجهود الحكومية من أجل ترشيد الإنفاق العام، وإصلاح المالية العامة للدولة وفقاً لرؤية شاملة للإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي، مع زيادة الإنفاق الاستثماري العام في مجالات بناء وتطوير آلية البنية التحتية والخدمية الأساسية ومجالات التنمية البشرية مثل الكهرباء والطرقات والصحة والتعليم، وكذا تقييم برامج الضمان الاجتماعي، وزيادة الموارد المخصصة في مكافحة الفقر والبطالة، بالإضافة إلى إعادة النظر في السياسات المصرفية وتشجيع البنوك التقليدية على تقديم أساليب تمويل تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية وتشجيع البنوك الإسلامية، مع إعادة النظر في أدوات السياسة النقدية للبنك المركزي والاستفادة من تجارب الدول التي سبقت في تطبيقها، وكذا تطبيق سياسات جادة في تنويع مصادر الدخل القومي من القطاعات الزراعية والنفطية والسمكية والسياحية وغيرها، وتعزيز الجهود الحكومية المبذولة في سبيل تشجيع الاستثمارات العربية والإسلامية البينية، وعلى وجه الخصوص الاهتمام بتشجيع تدفق رؤوس أموال المغتربين اليمنيين لاستثمارها في اليمن، وإزالة أية معوقات تحول دون تحقيق ذلك.. ودعا المؤتمرون إلى إيلاء اهتمام أكبر للجهود المبذولة لمعالجة مشكلة نقص الموارد المائية. وتناول البيان مواقف التجمع إزاء القضايا العربية والإسلامية، حيث حيَّا صمود الشعب الفلسطيني في غزة وقواه المقاومة، وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية أمام العدوان الصهيوني الغاشم.. مشيداً بالموقف الرائع للشعوب العربية والإسلامية وشعوب وأحرار العالم على ما أبدوه من دعم ومساندة لصمود الشعب الفلسطيني. وثمَّن مؤتمر تجمع الإصلاح جهود الأشقاء في مصر لرعايتهم حوارات المصالحة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة.. معبراً عن التطلع للخروج من هذه الحوارات بنتائج إيجابية تعيد للشعب الفلسطيني وحدته وتماسكه، وتمكنه من مقاومة الاحتلال حتى تحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وفي شأن تطورات الأوضاع في الصومال الشقيق دعا المؤتمرون كافة الفرقاء في الصومال للمصالحة الوطنية، ونبذ كل أسباب الفرقة، وتحريم الاقتتال بين الشعب الصومالي المسلم، وتفويت الفرصة على القوى الدولية والإقليمية من التدخل في الشأن الصومالي وجعله ساحة لتصفية حساباتها والحرب فيها بالوكالة.. مطالبين الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكافة الدول العربية والإسلامية للقيام بدورها في مساعدة الشعب الصومالي للخروج من محنته واستعادة أمنه واستقراره وإقامة دولته الوطنية على ربوع أرضه. وعبَّر مؤتمر تجمع الإصلاح عن قلقه البالغ إزاء ظاهرة القرصنة وما تمثله من تهديد وإقلاق للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي.. داعياً الدول المطلة على البحرين الأحمر والعربي لاتخاذ التدابير الكفيلة بمكافحة القرصنة وحماية الملاحة الدولية، سداً للذرائع التي تنفذ منها القوى الدولية لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب سيادة ومصالح دول المنطقة. وأدان مؤتمر الإصلاح بشدة القرار الانتقائي الذي أصدره المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير.. داعياً الأشقاء في السودان إلى تجاوز حالة الاختلافات والانقسامات وتحقيق المصالحة الوطنية وحل قضية دار فور.. مناشداً في هذا السياق الدول العربية والإسلامية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي للوقوف إلى جانب السودان في محنته ومساعدته لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تتجاوز به حالة الانقسامات.. مؤكداً أن حماية وحدة السودان أرضاً وإنساناً مصلحة عربية وإسلامية وإفريقية. وفيما اعتبر المؤتمرون إعلان الإدارة الأمريكية جدولة انسحابها من العراق يمثل باكورة النصر الأولى للشعب العراقي التي صنعتها مقاومته الوطنية للاحتلال الأجنبي، أكدوا أن ما عبَّرت به غالبية الشعب العراقي في الانتخابات المحلية مؤخراً عن تمسكها بالوحدة السياسية والوطنية للعراق يعد أحد وجوه انتصار الشعب العراقي الشقيق أيضاً. وشددوا أن هذا الانتصار لن يكتمل إلا بتحقيق مصالحة وطنية شاملة بين كافة أطراف وقوى العراق السياسية والاجتماعية والثقافية، وصولاً إلى بناء وتنمية العراق الموحد والآمن والمستقر. وطالب المؤتمرون الشعوب الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالخروج عن صمتهم إزاء ما يحدث في أفغانستان من قتل وتشريد كل يوم للمدنيين والنساء والأطفال من قبل قوات التحالف الغربية.. مؤكدين ضرورة الحوار بين أبناء الشعب الأفغاني بما يكفل تحقيق مصالحة وطنية بين كل مكوناته السياسية والاجتماعية للخروج من المحنة التي يمر بها الشعب الأفغاني المسلم، والعمل بكل ما في الوسع لمساعدته لتجاوز معاناته وخروج قوات التحالف الغربية من كامل أرضه، وإعادة بنائه وإعماره. وعبَّر المشاركون في أعمال الدورة الثانية للمؤتمر العام الرابع للتجمع اليمني للإصلاح، في البيان الختامي لدورتهم، عن شكرهم لكل من أسهم في إنجاح أعمال هذه الدورة، وفي مقدمتهم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية.