أمراض الطفولة القاتلة التي تستهدف بالتحصين هي أخطر مايهدد الطفولة.. فكثيراً ماتقود إلى الوفاة وتلحق بمن كتبت لهم النجاة من المصابين عاهات وتشوهات جسيمة تقصيهم عن الحياة الطبيعية كأقرانهم الأصحاء.. إنها ثمانية أمراض قاتلة «السل - شلل الأطفال - الحصبة - الكزاز الوليدي- السعال الديكي - الخناق - التهاب الكبد البائي - التهاب سحايا المخ بالمستدمية النزلية «ب»، ونحن جميعاً مطالبون.. آباء وآمهات بحمايتهم وصونهم منها بالحرص على تحصين الأطفال مادون العام من العمر في المرافق الصحية والالتزام بمواعيد الجرعات المدونة على كرت التطعيم الخاص بكل طفل. والكل مسؤول عن تمكين الطفولة من حق التمتع بحياة آمنة بمنأى عن هذه الأمراض المهددة لهم، ولا أيسر من هذا ولا أسهل، طالما تحصين الأطفال دون العام من العمر هو المطلوب لدرء خطر الإصابة بهذه الأمراض الوخيمة عن أجسادهم الصغيرة إذا ماحرص المجتمع عليه ونال الأطفال جميع جرعاته على أتمها. ومن واقع التجربة على مر سنين طويلة ووفق المعايير العلمية فإن التحصين الروتيني مهم لجميع الاطفال دون العام من العمر ولابد أن يبدأ به الطفل ولو بعد ساعات قليلة على ولادته، وهو لايؤثر على الاطفال المرضى والمصابين بسوء التغذية أو من يعانون من حمى خفيفة أو من إسهال طفيف. ففي مجملها حالات عادية لاتتطلب تأجيل التحصين لحال التحسن أو الشفاء.. أي ان جرعات التحصين مأمونة لاضرر فيها، بل على العكس تحقيق المنفعة والفوائد الصحية المرجوة. وقد دلت الابحاث والتجارب العلمية بما لا يدع مجالاً للشك أن حالة التغذية ليس لها تأثير هام في معدلات التحول المصلي بعد اعطاء لقاح الحصبة بمفرده أو بعد اعطاء اللقاح الخماسي لأمراض « الكزاز - السعال الديكي - الخناق - التهاب الكبد البائي - التهاب سحايا المخ». كما إن الإسهال لا يستدعي على الاطلاق منع حصول الطفل على الجرعة اللازمة من اللقاح الفموي لشلل الأطفال إذا ما صادف حدوثه موعد الجرعة فالأحرى عدم تأخير الطفل بتأجيل موعد الجرعة عنه لحال تماثله للشفاء من الاسهال.. ثم بعد ذلك لضمان فاعلية لقاح شلل الأطفال لا يتم احتساب الجرعة التي رافق اعطاءها وجود الإسهال وانما يعطى الطفل جرعة أخرى عقب توقف الاسهال. إن الورم والاحمرار عند موضع الحقنة والحمى الخفيفة التي تنشأ أحياناً بعد تلقي الحقنة أمور عادية لا داعي للخوف منها أو القلق على الإطلاق كونها تختفي لدى اغلب الحالات في غضون يوم أو يومين. وبالتالي يمكن تخفيف الألم والورم بوضع كمادات باردة في موضع الورم، ويمكن خفض درجة الحرارة المرتفعة «الحمى» عند الطفل في هذه الحالة بغسل جسمه بماء عادي من الرأس وحتى القدمين. وخوف بعض الآباء والأمهات من الحقن .. من أنها قد تؤذي الطفل أو تعرضه للخطر يتنافى جملة وتفصيلاً مع مصلحة فلذات الاكباد ان اتخذت المخاوف ذيعة لمنع الأطفال من التحصين. إذ لابد ان يأخذ الطفل الجرعة في موعدها المناسب ولو كان مريضاً من دون إرجاء أو تأجيل ، فما من ضرر يمكن ان يتعرض له الطفل إذا اعطي الجرعة في موعدها بمجرد اصابة الطفل بحمي أو زكام أو إسهال أو أي أمراض أخرى عادية وطفيفة على نحو ما ذكرت سلفاً - فهدف التحصين اسمى وغايته الحقيقية وقاية وصون فلذات الطفولة من الاصابة ببعض الأمراض المعدية الاشد تهديداً لفلذات الاكباد والتي يقي منها التحصين، ولولاه بعد الله لتفشت وانتشرت أمراض الطفولة القاتلة وافضت إلى مآسي وويلات جسام ولبلغ معدل الأطفال الذين يموتون بسبب الحصبة بحسب التقديرات نحو ثلاث حالات من بين مائة طفل. من هنا نتوجه بدعوة إلى كافة الآباء والأمهات إلى تحصين أطفالهم الصغار ليؤمنوا لهم الحماية من أمراض الطفولة القاتلة التي تتربص بهم فالتحصين بمثابة فرصة محدودة المدة فلا ينبغي تفويت هذه الفرصة كي لا يندموا يوم لا ينفع الندم.. خلاصة القول فإن التحصين الروتيني الكامل غير المنقوص بكافة الجرعات اللقاحية يضمن ببساطة حماية أكيدة لأطفالنا من أمراض قاهرة مهلكة كي يتمتعوا بصحة جيدة .. هذا إن حرصنا جميعاً على أن تناله أجساد أطفالنا لنكون بذلك ضمنا الوقاية لهم من ويلات وجحيم الاصابة بأمراض الطفولة القاتلة واسهمنا أيضاً في رفد تنمية صحية غاية في الثبات والانضباط ومهدنا لنشوء جيل محصن منيع ضد الأمراض يخدم الوطن ويسعى إلى تقدمه ورقيه ورفعته. وهذا رسولنا الهادي «عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم» شدد على واجب صون فلذات الاكباد وعدم التفريط فيهم بقوله « كفى بالمرء اثماً ان يضيع من يعول» فماذا ينتظر الممانعون الحارمون أطفالهم من التطعيم الروتيني طالما أن جرعات التطعيم مأمونة ومجانية ومتوفرة في عموم مراكز التحصين على طول البلاد وعرضها. المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان.