حب كبير يتحول إلى جحود مرير مع مرور السنين قلوب تنمو على فطرتها الحنونة ولكن سلوكيات مكتسبة تؤثر عليها لتقلبها إلى كراهية وسوء معاملة وقسوة وجفاء.. هذا مايسمى ب«عقوق الأبناء».. أو تخلي الابناء عن الوالدين في مرحلة الكبر ولكن هذا التصرف ليس وليد ساعته بل هو انعكاس لأسباب عدة يتعرض لها الفرد منذ الصغر تؤثر على أفعاله في مابعد. لايدرك العديد من الآباء كيفية التعامل مع أبنائهم منذ الصغر، ولا يعرفون أن العلاقة بينهم يجب أن يسودها الحب والوفاق والتسامح، وليس السيطرة وإلقاء الأوامر، فيعنفون الطفل منذ صغره، ثم يسألون: «لماذا ابني عاق؟» يتشاجران معه ويطردانه من المنزل أو يتركانه لتتولى تربيته الخادمة والشارع وأصدقاء السوء، ثم يتعجبان لتصرفاته العدوانية وغير المبالية! لذا، يتردد السؤال: ماهي الأسباب التي تدفع الأطفال إلى العقوق؟ الاختصاصية النفسية آلاء الغباشي تعدد الأسباب التي تدفع الأبناء إلى العقوق، وذلك على الشكل التالي: - البيئة المنزلية بشكل عام، ونقص الدفء الانفعالي بصفة خاصة. - يلعب التفكك الأسري والخلافات.. وزواج أحد الوالدين دوراً في تغير سلوك الأبناء، وخصوصاً إذا كانت الخلافات تحدث أمامهم وبصفة مستمرة. - إن العلاقات السطحية بين الوالدين داخل المنزل تنشئ نماذج سلبية من الأبناء. - من أكثر الأساليب التربوية الخاطئة انتشاراً في مجتمعنا، هو عدم التدرج في التعامل مع أبنائنا، فعلى الآباء الانتقال من أسلوب إلى آخر بمرونة وتأن ومثابرة، فإن لم ينجح فاعتماد أسلوب آخر. - من الخطأ اعتماد أسلوب تربوي واحد مع جميع الأبناء، خصوصاً في عقابهم، فلكل طفل ردة فعل مختلفة إذ قد يكتفي أحدهم بتجاهل التصرف الخاطئ، ولكن قد تكون نظرة العتاب رادعة للبعض الآخر.. ويجب أن ننبه الطفل إزاء التصرف الخاطئ بالكلام الحازم. - إن عدم المساواة بين الاطفال هو الأسلوب التربوي الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: حين قال: «اعدلوا بين أبنائكم» وكررها ثلاثاً، لذا يجب بأن لايتم تفضيل أحد الأبناء في تقديم الطعام أو الملبس أو حتى إظهار العاطفة أو الحنان، علماً أن أول بذور الحسد والحقد بين الأبناء تتكون نتيجة هذه السياسة التربوية الخاطئة. - إن تأنيب الولد وتحقيره أمام الآخرين، وبصفة مستمرة، خلال مراحل عمره بدون مراعاة لنضوجه ونمو شخصيته لايمكن أن يؤدي إلى النتائج المرجوة، علماً أن هذا أسلوب تربوي خاطئ، ويجب ألا نلجأ إليه في أي حال من الأحوال. - يسيء بعض الآباء استعمال مبدأي الثواب والعقاب، فيلجؤون دائماً إلى العقاب ويهملون الثواب، فنجدهم ينهرون الطفل ويسارعون إلى عقابه حتى لو أمام جمهور من الناس بحجة أنهم يخجلون من تصرفاته المشينة، ولكن، بالمقابل لايفتخرون بتصرفاته الحسنة، علماً أنه من غير الممكن أن يكون الطفل سيئاً في جميع الحالات، لذا علينا مكافأة الطفل على تصرفاته الحسنة، وعدم اللجوء إلى العقاب سوى عند الضرورة. إن لجوء الآباء إلى وسيلة التعنيف الجسدي «الضرب» لتقويم كل خطأ يقترفه الطفل، يترسخ لديه على مدى الحياة، ويحفر في ذاكرته. - التدليل الزائد أو التشدد الزائد: قد يفرط بعض الآباء في تدليل أبنائهم، مايفقدهم احترامهم وهيبتهم، ومكانتهم لدى الأبناء بالمقابل قد يكون الآباء على درجة من القسوة تنفر أبناءهم منهم وتدفعهم إلى عصيانهم. السباب واستخدام الشتائم في مناداة ومعاملة أطفالنا، مع عدم الاهتمام بهم وترك مسئولية تربيتهم إلى الخادمة، فيتعزز لدى الطفل الشعور أنه ليس بحاجة إلى والديه، وأنه بإمكانه العيش بدونهما.