سقطرى.. أنثى لاتزال في بكارتها التي خلقها الله بها.. فاتنة آسرة جذابة حوت كل معنى الجمال والحسن.. شواطئ من ذهب، وجبال خضراء، لكل له لون مختلف من الإيحاء والإلهام والوحي والانبهار.. تنوع، ثراء، ثروة لا تنضب، تقاليد موغلة في القدم، مخضبة بأسوار التاريخ.. أصوات لطيور تصدح بموسيقى صفاء الحياة.. علاقة حميمة بين سهول وأودية وهضاب وخلجان ورؤوس بحرية تعانق الموج.. اسم بكل لغات الكون المكتوب والمسموع "مومى، بيدم، غدهو، دنجهن، وعيهفت" مغارات.. أشجار دم الأخوين فارقوا الحياة ثمراً ليروا شجرة عظيمة ووهبوها البقاء، قصص.. حكايات، أساطير، حيوانات تلهو وتمرح في كنف فطرة الكون.. إنها سوق قطرة "سقطرى". الأرض المقدسة أو الإله (سقطرى) جزيرة السعادة كما عرفها قدماء الرومان، وردت في الخرائط الإدارية في العصور الوسطى والمتأخرة وعصر النهضة باسم "تامريدا" بالحروف اللاتينية TAMRIDA عند اليونانيين، وعرفت باسم "ديسكوريدا" وذكر بعض الباحثين بأنها سوق قطرة. دم الأخوين، هذه الشجرة النادرة والمشهورة بها الجزيرة، ويؤكدون أن المنطقة المعروفة حالياً بالسوق في مدينة حديبو هي المكان الأول لسكانها قبل انتشارهم إلى القرى والمناطق الأخرى. وترجع شهرة الجزيرة وأهميتها التاريخية إلى بداية ازدهار تجارة السلع المقدّسة ونشاط الطريق التجاري القديم المشهور ب«طريق اللبان» إذ كانت إحدى المحطات الرئيسية لإنتاج تلك السلع الروحية ولكونها مخزناً خلفياً لدعم اقتصاد مملكة حضرموت القديمة على امتداد الألف الأول قبل ميلاد المسيح حين سمّي ملك حضرموت بملك بلاد اللبان. واشتهرت سقطرى بإنتاج الند، وهو صنف من البخور الجميل والصبر السقطري الذي مازالت تنتجه كأجود أنواع الصبر المستخدم في وصفات العلاج الشعبي للعديد من الأمراض، إضافة إلى المرد والزبد القطي ومختلف الطيوب والبخور والنبات النادر الذي يشكل بساطاً سندسياً أخضر مع زرقة مياه البحر المحيط بالجزيرة، حيث تصل أعداد النبات الطبيعي إلى أكثر من 750 نوعاً، منها ما هو نادر الوجود كنبات الأمتة والجراز والايفوريبا إضافة إلى دم الأخوين ذي السائل الأحمر.. وتتميز سقطرى بتضاريس تتنوع بين جبال عالية وسهول منبسطة وهضاب مسطحة وأودية خصبة وخلجان بحرية هادئة، وتنقسم إدارياً إلى مديريتين "مديرية حديبو ومديرية قلنسية" وتبعد عن رأس فرتك في محافظة المهرة ب380 كيلومتراً وعن ساحل المكلا ب300 ميل بحري. بسبب موقعها على البحر المتميز تعرّضت لمطامع الغزاة البرتغاليين في مطلع القرن السادس عشر عام 1507 ميلادية، واحتلها البريطانيون عند احتلالهم عدن في 1839 ميلادية، واستقلت مع استقلال الوطن عن البريطانيين في 30 نوفمبر 1967م مع أرخبيل الجزر الصغيرة عبدالكوري، سمحة، درسة، كراعيل، فرعون، صيال. تعد سقطرى متحفاً للتاريخ الطبيعي وجوهرة من الجواهر النادرة في العالم لم تكتشف بعد، ولم تستغل الاستغلال الأمثل برغم الاهتمام الذي توليه الحكومة اليمنية واهتمام الرئيس علي عبدالله صالح (حفظه الله) ورعاه للاستفادة من مزاياها السياحية الاقتصادية وخصوصياتها المتنوعة كمخزون سياحي فريد، وأعطاها العناية اللائقة بمجدها الحضاري وما تكتنزه من ثروات طبيعية وتنوع بيولوجي. بالإضافة إلى النبات الطبيعي هناك مجموعة من الطيور تشكل أحد معالم البيئة المتنوعة، ويقدّر علماء البيئة أن عدد أنواع الطيور في الجزيرة يفوق على 105 أنواع، ثلاثون نوعاً منها تتكاثر في الجزيرة ومستوطنة فيها وترتبط ارتباطاً وثيقاً ببيئتها الطبيعية، ومن أهم المميزات لجزيرة سقطرى التي تتعدد وجود الكهوف والمغارات والخلجان والشلالات. الكهوف والمغارات توجد في جزيرة سقطرى الكهوف والمغارات الجبلية التي تعتبر أحد أنماط السكن للإنسان، وقد تشكّلت هذه الكهوف والمغارات بفعل عوامل التعرية والتهوية، ويظهر ذلك جلياً من خلال إذابة الكلس وتشكيله في أعمدة كلسية معلقة من أعلى أسطح الكهوف أو صاعدة من قاع الكهف إلى أعلى بصورة أعمدة تحمي بنيان الكهوف أو المغارة، ومعظم الكهوف مأهولة بالسكان ويمارسون فيها حياتهم الطبيعية المعتادة، وتقسّم المغارة أو الكهوف إلى عدة مطارح للعائلة، ويكون المطبخ خارجها، ومن أهم المغارات مغارة "الحاجب" التي تتسع لعدد من الأسر من عائلة واحدة كالجد والأب والابن، وتتمتع هذه المغارة بوصول السيارة إلى جوف المغارة والتحرُّك في داخلها دون عناء.. وتمتلك سقطرى عدداً كبيراً من الرؤوس الصخرية يمتد معظمها إلى مياه البحر في الشمال والغرب، وتحتمي بهذه الخلجان السفن والصنابيق عندما تتعرض الجزيرة للرياح الجنوبية الغربية الشديدة والتي في ذروتها تصل إلى (40 - 50) عقدة. ومن خلجان الشمال والشرق رأس مومى، ديدم، رأس مذهب، رأس بوركاتن، رأس عدهو، رأس دي حمري، رأس قرقمة، رأس حموهر، وجميع هذه التسميات باللغة السقطرية، ولها معانٍ كثيرة ودلالات جمة، كما هو في الخلجان كخليج بندرفقة وخليج عنبة وخليج شربوب، وخليج أرسل التي تقي السفن من الرياح القوية التي تضرب سهل حديبو والأجزاء الشرقية والغربية في مطلع يونيو حتى أواخر سبتمبر، وتوجد في الجزيرة مجموعة من الشلالات غزيرة المياه تنتشر في مناطق متعددة من الجزيرة منها شلالات دنجهن في حديبو وكذلك شلالات حالة ومومى وقعرة وعيهفيت، ومعظم هذه الشلالات تنبع من أعالي الجبال على مدار العام، وتستخدم مياهها في الزراعة والري التقليدي، ويذهب جزء منها إلى البحر. الشواطئ تبدو الشواطئ كأنها أكوام من محصول القطن بنقائها وصفاء رملها الأبيض النقي الذي لا يوجد في أي مكان من العالم. الجبال وتمتد السلسلة الجبلية من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي لمسافة تصل إلى 24 كيلومتراً، ويزيد ارتفاعها في الوسط والشرق، وتضيق وتنخفض في الغرب كجبال فالج التي أعلى قمة فيها 640 متراً وجبال قولهم وأعلى قمة فيها 699 متراً، وجبل طيدبعة 550 مقراً، وجبل مادهن وأعلى ارتفاع فيه 800 متر، وجبل قيرخ وأعلى قمة فيه 600 متر إضافة إلى جبل عيفة وجبل ضيرها وهي مرتع خصب لهواة الرياضة وتسلُّق الجبال.