أغلبية (مع..) قلة (ضد..) أقل (لا مبالون..) هكذا يتوزع الناس وتنقسم رؤاهم حول خيار الانتخابات الرئاسية القادمة.. مع التأكيد أن خيار (الضد) غير السلمي هو الأخطر..فبإمكان هؤلاء سواء (باسم الثورة أو الحوثيين أو الحراك أو أنصار الشريعة..؟!!) أن يمارسوا حماقاتهم ب(التأثير وشراء الذمم) وإعادتنا إلى المربع الأول..وطالما توافقنا على الانتخابات ك(خيار مُنقذ). يدّعي البعض أنهم أوصياء على دماء الشهداء..ويتخذون من ذلك ذريعة تماماً ك(قَميص عُثمان..؟!!)، ذاك الحدث القاصم الذي غير مسارنا الحضاري صوب الفردية والاستبداد المطلق..وحولنا إلى رعاع (نسمع ونطيع ونصبر..) دون أدنى إجادة مُثلى لمعترك التغيير..وحين صار بإمكاننا أن نُلغي تلك النظرة القاصرة من حياتنا وإلى الأبد أطل هؤلاء ليعيدونا إلى ذات الانتكاسة ومن بوابة أوسع وأشمل، وكأن (فتق) المغيرة بن شعبة قدر لن ننفك منه.. يعمل هؤلاء على استدراج ذوي الشهداء والجرحى إلى مربع (الثورة المضادة). لكن شقيقة أحد الشهداء قالت إنها ليست راضية عن الانتخابات - ولها عذرها - لكنها في المقابل تجزم (مافيش حل غير ذلك).. لن تشارك في الانتخابات ولن تمنع الآخرين من حق المشاركة. وما نتمناه من (ثوارنا الجدد) هو أن يحذوا ذات التوجه..والمعارضة السلمية حق لا يعترض عليه أحد.. إنها لحظات فاصلة تؤرخ لبداية حقيقية للنهوض ينتظرها أغلب الناس بشغف..يتأملون فيها الخلاص لوطن مُنهك..ويستشرفون من خلالها مستقبلاً خالياً من الأزمات والمحن. عبدالله قائد الشامي - أحد هؤلاء - في عقده السادس واسع الثقافة يتحدث بلكنة دارجة قوية التعابير..هو أمي لكنه أبلغ من أولئك المرجفين، كُتبت له حياة جديدة بعد أن شارك بحماسة في مسيرة الحياة الذائعة الصيت.. شاهد الموت في (دار سلم) وتمنّى لحظتها أن يؤخره ملك الموت إلى ما بعد (21) فبراير القادم يوم التغيير والسلام المنشود الذي طالما انتظره كثيراً. أدهشتني نظرته الثاقبة في قراءة الأمور، يتحدث كسياسي حصيف واصفاً المبادرة الخليجية بالحل الأمثل والوحيد، وخطوة أولى ومهمة ستوحد اليمن من جديد، وإذا ما تجاوزناها بحذر وبعيداً عن المآرب الضيقة عبرنا باليمن إلى الضفة الأخرى حيث الرقي والتقدم والدولة المدنية الحديثة. في المقابل ثمة أناس لا يعنيهم أمر الانتخابات (لا من قريب ولا من بعيد) ليس عن قصد.. ولكن كسجية فرضتها ظروف تنشئتهم الاجتماعية المحصورة في إطار ضيق من (اللامبالاة) وعدم الاكتراث..منهم أميون (مخضرمون) عايشوا رؤساء وملوكاً سابقين، ومنهم محدودو (الدخل والمعرفة) ومعدومو الضمير على مدى التاريخ والآخرون يلعبون بنا ك(شعب عرطة) عندما عجز الرومان عن ترويضنا سلمونا للأحباش كفريسة سهلة.. ليأتي من أبناء جلدتنا من يسلمنا للفرس كغنيمة..وجاء الإسلام فاستحوذ علينا (تارة بسهولة وأخرى بصعوبة) لنتلقف بعد ذلك كافة مذاهبه وتناقضات فقهائه.. حتى (الاشتراكية العلمية وهرطقات مُعمر القذافي) وجدت لها بيننا مكاناً. كما أن خلافات (الأتراك والانجليز) و(عبدالناصر وآل سعود) دفعنا ثمنها غالياً..(ذات الصورة) من (الصراع بالوكالة) بدأت تظهر الآن مع اختلاف بسيط في مسميات المُتصارعين.