جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    انقلاب وشيك على الشرعية والرئاسي.. المجلس الانتقالي الجنوبي يتوعد بطرد الحكومة من عدن وإعلان الحكم الذاتي!    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي أحمد ماهر وتطالب بإلغائه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الحوثي يسلّح تنظيم القاعدة في الجنوب بطائرات مسيرّة    الرئيس الزُبيدي: تدهور الأوضاع يحتّم على الانتقالي مراجعة قراراته    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    استشهاد طفل وإصابة والده بقصف حوثي شمالي الضالع    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    عاجل: الحكم بإعدام المدعو أمجد خالد وسبعة أخرين متهمين في تفجير موكب المحافظ ومطار عدن    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    وزير الإعلام: مليشيا الحوثي تواصل استغلال مأساة المخفيين قسراً للمزايدة السياسية    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    معالي وزير الصحة يُشارك في الدورة ال60 لمؤتمر وزراء الصحة العرب بجنيف    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفاوضات سرقت الثورة
فؤاد الصلاحي ل«الجمهورية»:
نشر في الجمهورية يوم 10 - 04 - 2012

قال إن المبادرة الخليجية وحكومة «المحاصصة» تنسج حل كل القضايا على طريقة التقاسم والمراضاة، وجه نقداً لاذعاً لما جرى مؤخراً في جامعة صنعاء، وأكد أن كل ما حصل تقاسم لرئاسة الجامعة والنواب وعمداء الكليات وفقاً للمحاصصة الحزبية..
أ.د. فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء في حوار مع «الجمهورية» يدعو شباب الساحات إلى انتهاج أساليب جديدة في النضال السلمي..
نبدأ من جديد الأحداث الأخيرة داخل جامعة صنعاء.. ما الذي يجري تحديداً؟
الجامعة مؤسسة مهمة في البلد شأنها شأن أية مؤسسة عامة أخرى، وربما أكثر أهمية من غيرها، ما يحدث في الجامعة اليوم أمور مهمة ولكن لا يترتب عليها إعادة تأسيس وضع الجامعة، وما يحدث أيضاً هو من ضمن صراعات الأحزاب التي انسحبت مؤخراً إلى داخل الجامعة، مثلاً: بدلاً من أن تكون الجامعة مؤسسة علمية كبرى يتم انتخاب الرئيس والنواب والعمداء ورؤساء الأقسام من قبل هيئة التدريس مباشرة وهم الجهة المعنية بالجامعة، اتضح أن الأحزاب تريد الآن محاصصة داخل الجامعة، وقد عملنا من أول وهلة على عدة اعتصامات ومظاهرات لفرض التغيير كمسألة مهمة، بصرف النظر عن الأشخاص، واقترحنا شروطاً موضوعية من حيث الدرجة العلمية والأقدمية والمؤهلات لكننا فوجئنا باقتسام رئاسة الجامعة والنواب وعمداء الكليات وفقاً للمحاصصة الحزبية، وقيل إن هذه مرحلة مؤقتة.
طيب إذا كانت المحاصصة نفسها وفق الشروط الموضوعية لمعايير الكفاءة العلمية ما الذي يمنع من هذا؟
لا يوجد هذا أبداً. وإلا لماذا عملنا وقفات احتجاجية؟ لا يجوز في كل أنظمة العالم أن يكون رئيس الجامعة حديث العهد بالتخرج، ولا حتى عميد الكلية، على الأقل يكون له عشرة إلى خمسة عشر عاماً من التخرج وقد حصل على درجة أستاذ (بروفيسور). واكتسب خبرة إدارية ودرجات علمية ومهارات وعلاقات واسعة مع المجتمع، هذا الأمر غير موجود، اليوم هناك رؤساء جامعات خريجون جدد بدرجة أستاذ مساعد، وبعض رؤساء الأقسام له شهر من يوم تخرج، وبالمناسبة فالقانون السابق كان يشترط للعمادة لقب أستاذ مشارك على الأقل، وكنا سابقاً نمارس الانتخابات، أنا انتخبت رئيساً لقسم علم الاجتماع من 2005م إلى 2007م.
هذه المخالفات كانت موجودة سابقاً قبل الثورة طبعاً؟
نعم، من سابق ولكن أردنا أن نستغل الظرف التاريخي، وهذا التغير وهذا المسار الثوري كله لنعيد الأمور إلى نصابها، عندما كنا ننتخب تم الاعتداء على حقنا في الانتخاب من قبل النظام السابق، وفرض التعيين لاعتبارات أمنية بحتة، هناك أربعون في المائة وأكثرهم من منتسبي الجامعة هم في نفس الوقت عاملون في الأمن والشرطة والجيش وتعطى لهم الأولوية في التعيينات، وهذه مسألة غاية في الخطورة، نحن نقول هذه مؤسسة للأمة يجب أن ننأى بها عن الصراعات الحزبية أو التدخلات الإدارية الضيقة، دعونا نعتمد معايير موضوعية من حيث الأقدمية والمؤهل والدرجة العلمية ومن ثم سيتم العمل وفق القانون، لكن الأحزاب كما هي مصرة على التقاسم السياسي والحزبي في الحكومة وفي المؤسسات الأخرى هي مصرة أيضاً على التقاسم على المناصب داخل الجامعة، الغريب هنا أن نقابة هيئة التدريس لها موقف سلبي، بدلاً من أن تقف مع مطالبنا توقفت عند الحسابات السياسية والأحزاب المرتبطة بها، بل لقد طالبوا أن تكون العملية وفقاً للتقاسم الحزبي، الآن لو أجريت تحقيقاً في مؤهلات رؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات لوجدتها خارج القانون، الجامعة مؤسسة علمية كبرى يجب وضع معايير علمية صارمة ودقيقة.. نحن نعتمد للأسف معايير إدارية داخل الجامعة تراعي الوعي القبلي أو الأمني أو الحزبي!
هل هذا هو ما جعل طلاب الجامعة خلال الأيام الماضية ومعهم كثير من الأساتذة يثورون ضد رئيس الجامعة السابق؟
طبعاً، وهناك ثلاثة اعتبارات أخرى سأتحدث عنها.. شخصياً قدمت دراسة نقدية في العام 2005م حول الوضع التعليمي في الجامعات والسياسات التي تقرر العمل التعليمي في الجامعات وتعيين القيادات الإدارية، ثم كانت هناك حركة نقابية واسعة فعملنا مع عدد من الزملاء، وفي السنة الأخيرة حصلت الكثير من الإشكالات، حيث شعرت رئاسة الجامعة وهي من المؤتمر طبعاً بأن حركة الطلاب موجهة ضدها، فكان التعامل مع الطلاب بأسلوب غير مرن وغير أكاديمي، طبعا الأحزاب حركت الطلاب داخل الجامعات لاعتبارات عدة، ولأن الثورة قد أصبح لها منطق أردنا أن نفرض هذا المنطق بقوته، ومن هنا كان الصراع، قيادة الجامعة احتمت بمرجعيتها الحزبية والأمنية والسياسية فتزايد الصدام، ثم أثيرت قضايا الفساد، الفساد المالي والإداري والفساد الأكاديمي، كان النقد قوياً جداً إلى درجة أننا كنا نظن أننا سنحصل على كل شيء، لكن المبادرة الخليجية وحكومة المحاصصة هذه نسجت على منوالها حل كل القضايا على هذه الطريقة، وكل مؤسسة تريد حل قضاياها تتم على هذه الطريقة!!
أهم مظاهر الفساد المالي والإداري وكذا الفساد في الوسط الأكاديمي خلال فترة وزير التعليم العالي السابق صالح باصرة الذي يدعي أنه أتى بما لم تأتِ به الأوائل في مجال التعليم العالي؟
هناك مظاهر عديدة وكثيرة للفساد تبدأ من تعيين القيادات الإدارية للمؤسسات التعليمية بدون كفاءة أو خبرة، الثاني الصراع على الموازنات المالية المرصودة لهذه المؤسسات، الثالث: عدم وضوح المنهج التعليمي داخل المؤسسات أو تطويره سواء داخل جامعة صنعاء أو داخل الجامعات اليمنية الأخرى، بعض المناهج هي على ما هي عليه منذ عشرين سنة مع أنه قد تغيرت معظم مناهج العالم خاصة في العلوم الإنسانية، وكان يجب أن يرافق ذلك تغيير في المنهج وتطويره وهذا حق أكاديمي يجب على الأساتذة أن يقوموا به لكن قبل هذا على إدارة الجامعة أن توجه وتدعم، هناك صراع بين الجامعة وجهات أخرى خارج الجامعة تفرض بعض الأشخاص، مثلاً نفاجأ بأشخاص نافذين من خارج الجامعة يفرضون أبناءهم وأقاربهم داخل الجامعة بدرجة معيد، وأيضاً التدخل في المنح للخارج، يرسب بعض الطلاب فنفاجأ برسائل لإنجاحهم من مراكز قوى خارج الجامعة مع أنه من الطبيعي أن يرسب ويعيد المادة، يراسلون العمداء ورؤساء الجامعات وتصل بعد ذلك إلى الأستاذ! تخيل: طالب راسب يتعين معيداً!!
كما قلت لك لطالما صرّح باصرة الوزير السابق أنه أحدث نهضة تعليمية وأكاديمية داخل الجامعات؟
غير صحيح، ليس هناك شيء من هذا، وإذا حصل من تغير إيجابي داخل الجامعات فهو بفضل أساتذة الجامعات أنفسهم، الإدارة الجامعية وإدارة التعليم العالي ليس لها فضل في شيء مما يدعونه، بل إن كثيراً من السفريات إلى الخارج تم اقتصارها على المقربين من الوزير ومن رؤساء الجامعات، ولاحظ حتى تعيين المستشارين الثقافيين في الخارج من كانوا من الحزب الحاكم أو مقربين من هؤلاء وغيرهم.
دكتور لننتقل إلى محور آخر في الحديث.. اليمن وثنائية الإمامة والمشيخة، مشكلة الماضي.. عقبة الحاضر.. ما هذه المعادلة؟
مشكلتنا في اليمن ونحن نعيش هذا التطور التاريخي من العام 62م وحتى الآن نسحب التاريخ في رؤوسنا وبين عقولنا نسحب مفاهيم القبيلة والإمامة باستمرار وإشعال صراعات، لأن كل تغيير لا يحسم القضية مع سابقة، الثورة اليمنية لم تقطع علاقتها لا مع النظام الإمامي ولا مع القبيلة ولكنها أعيدت وأعادت بعض المفاهيم الأخرى فيما بين 65، و66 و67 وما بعدها، ولأن النظام في الشمال لم يكن ديمقراطياً وكذا في الجنوب فكان الصراع يتم على أساس مناطقي قبلي يتم استدعاؤه لحماية مراكز القوى المتصارعة، نحن لم نجد مشروعاً تنموياً قوياً يعمل على تحديث القبيلة في عموم اليمن، ولكن تم استخدام القبيلة في الصراع السياسي، فكانت القبيلة ورقة رابحة في الصراع السياسي.. وقد لعب النظام دوراً أساسياً في عملية إنتاج القبيلة ومأسستها ودعم مشايخها، وكذا الأحزاب الأخرى استفادت من القبيلة، أحزاب دينية وأحزاب قومية ويسارية، جميعهم ارتبطوا بالقبيلة كل منهم بنسبة متفاوتة عن الآخر ولعبوا بورقتها (أكثر الأحزاب استفادة من القبيلة الإصلاح والمؤتمر)، في إطار التكتيك السياسي أو الصراع الحزبي داخل المجتمع، الذي انتقلت إليه أدوات الصراع، وهذا ما لا ينبغي أن يكون، يجب أن نخلق دولة مدنية ديمقراطية ودستورية بمواطنة متساوية، وهذا الأمر لا يستقيم مع القبيلة كبنية عصبوية، لأن الأصل في الدولة المدنية هم الأفراد، المواطنون الذين يرتبطون بالدستور والقانون، أما المجموعة القبلية التي تفرض نفسها كهيئة كاملة على الدولة والمجتمع، فهذا أمر يتناقض مع الدولة، أنا كتبت في هذا كثيراً ودعوت إلى تفكيك القبيلة من داخلها وتمدينها وتعميم مشروع التعليم داخل القبيلة للرجال والنساء من أجل إحداث نوع معين من التغيير ولكن هذا لا يتم إلا على مدى أطول، فقط على الدولة هنا ألا تدمج أعراف القبيلة مع قانون الدولة، ألا تجعل من الشخصيات القبلية شخصيات مناهضة للدولة، مشايخ القبائل يقومون اليوم بأدوار مهمة هي في الأساس من صلب مهام الدولة، على القبيلة أن تكون كياناً مدنياً داخل الدولة، لأنه بالنهاية إما القبيلة وإما الدولة. ونحن نختار الدولة المدنية.
القبيلة اليوم كائن واقعي وملموس وفاعل على أي حال.. كيف نتعامل معها؟
القبيلة اليوم تغولت، لكن علينا أن نفرض منطق القانون والدستور، المشايخ عليهم أن يعملوا في إطار مؤسسة الدولة لا خارجها، على الدولة أن تستوعبهم كأفراد ضمن الحكم المحلي، ضمن المؤسسات الاستشارية، ضمن المؤسسات الاجتماعية المتعددة، لكن لا يمنحون امتيازات خاصة تجعلهم فوق المواطنين الآخرين ألا يكون شيخ القبيلة مواطن خمسة نجوم مقابل نجم واحد للمواطن العادي، على الدولة ألا تعطي الشيخ سلطة خاصة يستقوي بها على المجتمع وعليه أن يعمل تحت إشراف الدولة لا أن يكون مناوئاً لها، اليوم كثير من المشايخ فوق الدولة ومناوئون لها..
دكتور حسبما أعرف ولست أستاذ تاريخ أن المشيخة لم يكن لها وجود طوال عهود الإمامة من حيث مشاركتها السلطة أو اشتغالها بالسياسة.. مشايخ القبائل كانوا في حدود قبائلهم فقط، لم تسمح لهم الإمامة بأي تسلط، لكن لا أدري كيف تسللوا فجأة بعد ثورة 26 سبتمبر في الشمال إلى مفاصل الحكم، وتغولوا بصورة أكثر بعد حركة 5 نوفمبر، وكان ازدهارهم أكثر في عهد علي عبدالله صالح.. ما هذه المفارقة؟
صحيح في الإمامة كان النظام السياسي مقتصراً على السادة الهاشميين وبالقضاة وأعوانهم الاستشاريين فقط، كان المشايخ والقبيلة خارج البنية الرسمية، لم يتسللوا إلى الدولة إلا بعد ثورة سبتمبر فعلاً في إطار الصراع الذي حصل بعدها، صدرت قرارات تمنح كل شيخ درجة وزير من أجل استمالة المشائخ إلى الصف الجمهوري ومن ثم ستتبعهم قبائلهم.. وهذا كان تصور خاطئ فتح شهية القبائل على التمويل مما دفع باستمرار الصراع الى عام 70م، وعندما جاءت المصالحة المعروفة ولد عنها جمهورية مشوهة لم تكن هي الجمهورية التي خرج لها الشعب في 62م، حيث سيطرت القوى التقليدية القبلية/الأصولية على الدولة وجاء دستور عام 70م ليقرر هذا الأمر، فحظر التعددية الحزبية..
ولكن أين كانت القوى الحداثية آنذاك، والقوى الطليعية التي فجّرت الثورة ودعت إليها؟
أولاً سأقول لك من 62 إلى 65م كانت النخبة الثقافية والطليعة التقدمية أكبر من القبيلة وذات أثر واقعي على الساحة، إلا أنها مشتتة ومتفرقة بين اليسار الاشتراكي واليسار القومي، بل لقد تقربوا من القبيلة في الصراع الذي دار بينهم كما حصل في انقلاب 67م الذي كان بيد البعث، هذا التفرق بين قوى الحداثة أضعفها، فعملت القبيلة على لملمة كيانها وسيطرت على المجال العام، أضف إلى ذلك أن القوى الإقليمية والحاضرة في الشأن اليمني آنذاك بقوة لم تكن ترغب ببروز الجماعة الحداثية أو التقدمية أبداً، وقد أحكمت حصارها فترة على اليمن منذ قيام الثورة حتى المصالحة عام 70م، وللأسف اليوم القوى الحداثية والنخبة الطلائعية متفرقة للمرة الثانية والثالثة، لم يستطيعوا أن يشكلوا قوة متماسكة تقود التغيير داخل البلد، في حين استطاعت القوى التقليدية القبلية والأصولية التحالف فيما بينها وتنسج تحالفاً وثيقاً بينها وبين العسكر وكثير من الرموز القوية في المجتمع حتى استطاعت أن تقرر وترسم ملامح الثورة ومسارها، وكنا نأمل من الحزب الاشتراكي أن يكون هذه القاطرة التي تجمع بداخلها القوى الحداثية والمجموعات اليسارية والليبرالية الأخرى، لكن قيادته وتكويناته صارت ضعيفة وليس لديها رؤية في هذا المجال، فتقدمت القوى الأخرى المسار وصار الحزب الاشتراكي ملحقاً بها.
حتى منتصف القرن الماضي كانت القبيلة هي السائدة في الوطن العربي تقريباً، لكنها سرعان ما تماهت في الدولة وانساحت داخلها خلافاً لما هو عليه الأمر في اليمن، حيث لم تتمدن القبيلة بل ربما قبيلت الدولة، لماذا؟
صحيح، لأن مشروع الدولة كان هناك أقوى، المشروع البعثي والمشروع الناصري كان قوياً، المؤسسة الرسمية ذوّبت بداخلها المؤسسة الخارجية التقليدية حتى في الخليج، لكن نحن لم نستطع ذلك. القبيلة تكوين تاريخي قديم يجب أن يمر الناس منه ويخرجوا إلى المجتمع وإلى الدولة، هذه مراحل تاريخية يتجاوزها الناس بين فئة وأخرى إلا عندنا لم تحصل هذه العملية، لم يحصل أن خرجنا من القديم وبنينا الجديد، الجديد الذي بنيناه هو مشوّه، في الوقت الذي لم نستطع أن نتجاوز القديم.
ما الذي يجب أن يتخذه ثوار اليوم؟
يجب أن يكون هناك حسم ثوري لصالح الدولة، وطالما أصبحت العملية في إطار المحاصصة وفقاً للمبادرة الخليجية فعلى الأقل يجب أن يكون هناك مفهوم واضح للدولة المدنية، أنا من الذين يدعون إلى نظام سياسي برلماني على قاعدة فيدرالية حتى نحل مشاكلنا في الجنوب وفي أكثر من مكان، وهذه الدولة يجب أن تفصل بين بنيتها وبين الاستخدام السياسي للدين، وبين بنية الدولة وبنية القبيلة، لا مجال مرة أخرى لأن تكون القبيلة أكبر من الدولة، يجب أن تكون الدولة هي الإطار القانوني والدستوري الذي يفرض السيادة في هذا البلد، وأن تقود عملية التغيير والتنمية، على الدولة أن تدمج كل التكوينات الحاصلة اليوم بداخلها وهذا بالطبع لا يتأتى تلقائياً، هذا يأتي عندما تمتلك الدولة أو النخبة الحاكمة مشروعاً سياسياً أو مشروعاً وطنياً عاماً، كيف يمكن أن نعزز من هيبة الدولة بدستورها وقانونها دون أن يكون لها مشروع ثقافي يقنع المواطن بأن الدولة مهمة على المستوى الآني والمستقبلي. وأنا أشك أن النخبة الحاكمة اليوم عندها هذا المشروع الذي ندعو إليه.
وقد أشرنا إلى الدولة المدنية سابقاً برأيك ما مفهومه تحديداً؟
هي دولة القانون.. دولة المواطنة.
هناك قوى أخرى تشمئز من ذكر الدولة المدنية، وتراه مناقضاً للدين؟
هذا تصور غير صحيح، تاريخياً لا وجود لأي صراع بين الدولة المدنية والإسلام أبداً، الذي يقول أن الدولة المدنية مضادة للإسلام يجهل مفهوم الدولة المدنية ويجهل الإسلام، لأن الدولة المدنية في تاريخنا العربي الإسلامي ترتبط بمرجعيتها الأولى في المدينة المنورة عندما عاش الرسول مع اليهود والمنافقين والكفار في إطار بيئة واحدة، هذه الدولة تعتمد على المواطنة، التي لها حقوق متساوية وواجبات متساوية، هذه الحقوق والواجبات تعتمد على الدستور والقانون، ليس هناك أي تمييز بين الأفراد لا على أساس جنسي أو على أساس ديني، أو ثقافي، هذه الدولة لها شروط، يجب أن تعتمد على الدستور والقانون، يجب أن تعتمد عل العلم، هي الدولة التي تعمل على تمكين المرأة، دولة منتجة وليست دولة ريعية، دولة تقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. إذاً الدولة المدنية هي دولة المواطنة واحترام الحقوق والحريات وهي دولة الحق والقانون.
على ذكر الفيدرالية.. هل أنت مع الفيدرالية من شطرين كما يذهب البعض؟
نعم أنا مع الفيدرالية وقد كتبت في الفترة السابقة دراسة حول مفهوم الدولة المدنية وفيها إشارة إلى فيدرالية بين ثلاثة أقاليم لأن الإقليم الثالث سيكون محل توازن، لا يجب أن يكون هناك شمال وجنوب، يكون هناك إقليم وسط بين الشمال والجنوب يخلق توازناً بينهما، لأن الوضع القائم لن يستقر قبل خمس سنوات من الآن. أما لماذا الفيدرالية فأقول لك: نريد أن نخرج من المركزية الشديدة، بل نريد أن نخرج النظام الرئاسي من أسر النظام العسكري أصلاً، نريد نظاماً برلمانياً، تديره الحكومة وفق آلية الانتخابات التي تفرز الأغلبية في البرلمان، وأن يكون الرئيس هنا رئيساً بروتوكولياً، لماذا لا نخرج من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني خاصة وقد عشنا ما يزيد عن ألف ومائتي سنة في إطار الرئاسة الواحدة؟ ثانياً: قضية الجنوب لا يوجد لها حل إلا بالفيدرالية، وهي قضية وطنية بامتياز، أبناء الجنوب ظلموا في حرب 94م وعلى النظام الاعتذار على هذه الحرب الظالمة.
ألا ترى أن الفيدرالية من شطرين فقط هي مقدمة لانفصال وشيك بينهما؟
ليس بالضرورة، هناك ستون دولة في العالم تعتمد الفيدرالية، وعلى الحوار السياسي القادم إذا اختار الفيدرالية أن يضع ضوابط تحدد نمط العلاقة بين المركز والمحليات ومن ثم كلما تحققت للمواطن خدمات أكثر ومواطنة متساوية سيرتبطون بأي نظام يقدم له هذه الخدمات في إطار الإحساس بنظام يعبر عنهم ويمثلهم.
أقول لك: عادة ما تنبثق الفيدرالية من دولة مركزية قوية وبالتالي تبقى الأمور على ما هي عليه، اليوم المشاريع الصغيرة كثيرة التي تستهدف الوطن وتمزيقه في الوقت الذي لا تستطيع الدولة المركزية أن تحافظ على وحدتها وسيادتها؟
الدولة ضعيفة، ونحن الآن في إطار عملية سياسية جديدة، في الوقت الذي نبني فيه النمط الفيدرالي نبني فيه أيضاً مركزية الدولة، نحن نريد دولة مؤسسية والمركزية هنا بمفهوم السيادة القانونية، الدولة السابقة ضعيفة لم تكن دولة القانون، كانت دولة الفرد، وإذا ما سقط الفرد تضعف المؤسسات وتصبح نهباً للقبائل أو مراكز القوى الأخرى.
ألا ترى أن ثمة جماعات حالية لها مشاريع صغيرة هي في حقيقتها مضرة باليمن وبسيادته وبأمنه القومي؟
هذه القوى تبحث اليوم عن الابتزاز السياسي، إذا كان هناك اصطفاف وطني واسع بين كل القوى الوطنية فمن المؤكد أنه سيستوعب الآخرين في مشروعه. وأرى أن على الرئيس هادي وحكومة الوفاق أن تكون لديهم مجموعة من النخبة المثقفة ترسم السياسة العامة للدولة ولمشروع الدولة القادمة.. غير أن المستشارين السابقين طبعاً لن يقدموا رؤى جديدة، يجب أن يكون للرئيس وللحكومة مستشارون وخبراء لم يرتبطوا بالقوى السابقة أو النظام السابق ولا بحساباته السياسية، لأن هذه القوى ترسم أفكاراً ضمن مشاريعها الخاصة السابقة.
الشباب والساحات.. بين من يرى رحيلهم عن الساحات وبين من يرى البقاء.. ما ذا ترى؟
في دراسة لي قبل أسبوعين حول الساحات وخيار البقاء أو الرحيل، قلت إن الساحات اليوم في وضعها الراهن لم تعد لديها وظيفة ثورية، ولم تعد لديها وظيفة تحررية، أصبحت وظيفتها متكأً لبعض الأحزاب للابتزاز وللوظائف الجانبية، فلماذا لا يرحل الشباب ويفكرون في أساليب جديدة في النضال.. باعتماد النزول للساحات في جمع مليونية، وباللجوء إلى المحاكم ورفع دعاوى قضائية ضد الفاسدين.. وبتفعيل ثورة المؤسسات داخل عموم المؤسسات في الجمهورية، الاعتصام في الساحات لم يعد ذات جدوى من الآن وصاعداً، فقط ستتكئ عليه بعض القوى والشخصيات العسكرية لتحقيق مكاسب خاصة.
هم يقولون إنهم يسعون للتصعيد خلال الأيام القادمة؟
لا أرى أن أي أحد منهم عنده خيار التصعيد، لأن الثورة جمّدت في 21 مارس من العام الماضي وسُرقت الثورة مع المفاوضات والمبادرة الخليجية (السعودية بالأساس)، كانت الساحات في أعلى عنفوانها وكانت سقف مطالبها حدودها السماء، بانهيار النظام ومحاكمته حتى هذا التاريخ فدخل إليها القبائل والعسكر وأوهموا الشباب أنهم بانضمامهم إليهم سيحققون لهم مطالبهم، فتم تهدئتهم، وكان الشباب متحمسين لأي عمل، سمعت مئات الشباب يقولون سنضحي بمائة ألف من أجل أن نكتسح هذا النظام هذا اليوم (مساء جمعة الكرامة)، سمعته من الكثير في الساحة (فأنا أتواجد في الساحة منذ أيامها الأولى)، يوم جمعة الكرامة وبعدها بيومين، وكانت صنعاء تقف على قدم واحدة للانقضاض على النظام الفاسد، فتم امتصاص هذا الغضب بالتدريج وتم إيهام الشباب أن المسار السياسي يخدم ثورتهم، وهذا غير صحيح.
السياسيون يقولون إنهم لم يقطعوا الطريق أمام أحد، ثم إن هدفهم كما يقولون الخروج بأقل كلفة ممكنة؟
غير صحيح، أي ثورة في الدنيا لها كلفة، الثورة تدفع الكلفة لتحقق الهدف، نحن دفعنا كلفة بدون تحقيق أي شيء.. حتى الآن لا أرى أي ملمح إيجابي للحكومة الحالية، الحكومة لم تفرض هيبتها على من يقومون بضرب محطة الكهرباء، الانفلات الأمني لايزال مسيطراً..التعيينات العسكرية والمدنية التي تتم اليوم هي عبارة عن مراضاة، لا يوجد تغيير فعلي حتى الآن، في الثورة المصرية يوجد أكثر من خمسين شخصية كبيرة داخل السجون المصرية اليوم، وكذلك في ليبيا، لكن عندنا من الذي دخل السجن؟ (غالبية المساجين هم من شباب الساحات) مع أن ملفات الفساد في اليمن أكثر من ملفات الفساد في مصر مائة مرة، لن يحدث أي تغيير والأمر يتم على هيئة صفقات بين القوى الحزبية. لابد من فرز لهذه القوى ولابد من رسم خارطة سياسية جديدة، لابد من تكتل قوى التحديث والديمقراطية لفرض مسار التغيير بلا عنف، ثورة المؤسسات مهمة. للأسف اليوم القوى التقليدية والعسكر ابتلعوا الشباب وتقدموا عليهم، وغيرت مصالحهم لمصالحها.
الإسلاميون اليوم يتصدرون المشهد السياسي ليس على مستوى اليمن فحسب بل على مستوى الوطن العربي.. كيف تنظر إلى ذلك؟
بالنسبة لي الأمر لم يكن مفاجئاً، اطلعت عل دراسات وأبحاث متعددة لمؤسسة كارنيجي وغيرها من المراكز البحثية الأمريكية منذ عام 2005م وما بعد ذلك، توصلت هذه الدراسات أو بعضها إلى أنه على الأمريكان بدلاً من الصراع المدمر والاقتتال المستمر مع هذه القوى في الوطن العربي عليهم أن يفرزوا تياراً إسلامياً معتدلاً داخل الصف الإسلامي نفسه، نتحاور معه وندعمه للوصول إلى السلطة، وكان الإخوان المسلمون هم الأقرب إلى هذا التوصيف، وكان الإخوان من الذكاء بمكان أن التقطوا الفرصة، فقدموا إشارات موازية بأنهم ضد التطرف وضد الإرهاب، وأنهم مع الدولة المدنية ودولة القانون، وهنا تمت الصفقات بين هذه المجموعة وبين الأمريكان، وهاهم اليوم وصلوا إلى السلطة لا على قاعدة شعبية، إنما بتوازن إقليمي ودولي، هناك توازنات إقليمية ودولية لدعم اللعبة داخل البلد، فالمعطى السياسي داخل البلد (اليمن ومصر وتونس) هو معطى سياسي إقليمي ودولي، وليس محلياً فقط ولا يجوز القول أن الإسلاميين وصلوا إلى السلطة لأن لديهم شعبية فقط، بل لأن هناك أيضاً دعماً إقليمياً ودولياً، لأنهم اعتمدوا خطاً معتدلاً في إطار عدم تصعيد لهجتهم ضد إسرائيل، وعدم استخدام العنف ضد المجتمع وانتهاج اقتصاد السوق.
تقول لي المعطيات الدولية والتوازنات الإقليمية والعالمية.. ألا ترى أن الإسلاميين يكادون يكتسحون الشارع في كل دولة، هم في الصف الأول الآن ولهم حضورهم الجاد منذ سنوات، لماذا تعزو الأمر إلى العامل الخارجي؟
هناك مراكز قوى تصنع شعبيتهم الموجودة والتي تتحرك وفق تكتلات وخيارات سياسية، الشعب يتحرك ضمن حسابات وخيارات طبقية وأيديولوجية وحزبية، فخياراته ترتبط بهذه المراكز، الشعب إذا رأى أن مصالحه مع نظام سياسي معين ينتخب رموزه.
طيب وما العيب في ذلك.. جميل أن يتحرك الشعب وفق مصالحه، هذه برجماتية ذكية؟
على المستوى الشخصي لا خوف من وصول الإسلاميين للسلطة؛ بل آخرون لديهم مخاوف.. الإسلاميون في مصر يقولون سنفرض على المسيحيين الجزية، نحن في اليمن ليس عندنا مسيحيين، وتجربتنا مع الإصلاح جيدة وخضنا معهم شراكة سياسية لسنوات، وكانوا شركاء مع علي عبدالله صالح لمدة ثلاث وثلاثين سنة..
إلامَ تدعوهم؟
عليهم أن يطوروا وعيهم السياسي وبرامجهم الحزبية، عليهم دعم تطور المرأة، دعم المواطنة المتساوية، فرض المفهوم المدني للدولة.
هم الآن الأكبر صوتاً في النداء بالدولة المدنية ودولة النظام والقانون ودولة المساواة والعدالة؟
من باب التكتيك الإعلامي والسياسي ليس إلا.
كيف حكمت على ذلك؟
برامجهم أصلاً لم تتغير، لماذا لا تكون هناك وثيقة سياسية توقع عليها أحزاب اللقاء المشترك تحدد مفهوم الدولة ومفهوم النظام السياسي وطبيعته، والخيارات القادمة.
فيما أعرف أن ذلك كان منذ العام 2006م في لجنة الحوار الوطني، ثم في البرنامج الرئاسي لمرشحهم، ومن جهة ثانية فإن اللقاء المشترك مكون واحد من عدة مكونات من هذا الشعب وهم يدركون ذلك ولذا فإن الحوار القادم هو من يحدد هذه الأطروحات لا اللقاء المشترك وحده؟
كانت وثيقة جزئية لمجموعة حزبية وتكتلات سياسية، الآن الحوار القادم سيدخل إليه عشرون مكوناً من مكونات العمل السياسي في اليمن وربما أكثر، أنا شاركت معهم، وساهمت في إعداد الوثيقة، ولكن الوثيقة تم إخراجها بصورة هزيلة وغير ناضجة، الآن عندما نتحدث عن الفيدرالية كحل للقضية الجنوبية هل أحزاب اللقاء المشترك موافقة عليها، أنا كنت معهم وسألتهم من فترة، فقالوا حتى الآن ليس لدينا تصور ناجز حول النظام وطبيعته أو الفيدرالية.
الجنوبيون أنفسهم ليسوا مجمعين على حل واحد في هذه المسألة فما بالك باللقاء المشترك، هذه مسألة يحددها الحوار القادم..؟
طبعاً المسألة كبيرة جداً تحتاج إلى إجماع وطني وإلى مزيد من الحوار، والأولى بالأحزاب القوية أن تقود الحوار السياسي من خلال اعتماد الشفافية والعلنية، واحتواء كل مكونات الساحة والمكونات الثقافية والاجتماعية في البلد.
قلت إن وصولهم إلى السلطة جاء وفق تكتيك سياسي إقليمي ودولي أمريكي..؟
في مصر وتونس وليبيا نعم، في اليمن كانوا جزءاً من النظام ولكن أيضاً الأمريكان في اليمن هم على حوار متواصل مع حزب الإصلاح، وحزب الإصلاح يقدم لهم رؤى معتدلة مما خلق الثقة بينهم، مع أنه من قدم الإصلاح للإمريكان كان الشهيد جار الله عمر بعد أحداث سبتمبر، وكان مهندس فكرة اللقاء المشترك بالخروج من أعباء الأيديولوجيا إلى فكرة البرامج والعمل السياسي، فكان ذلك التحول في برامج الأحزاب الأيديولوجية.
يا دكتور إذا تعامل الإصلاح مع الآخر وانفتح معه قلتم تميع وارتهن للخارج وصار عميلاً، وإذا انكفأ على نفسه قلتم هو أصولي رجعي ومنكفئ على نفسه وغير منفتح على الآخرين.. ما هذه المعادلة؟
أنا أشيد بخطاب حزب الإصلاح ولكن المطلوب منه أيضاً مزيداً من التغيير، وأقول لك: هناك عشرات من حالات التكفير داخل البلد لم يتخذ موقفاً منها ولم يصدر بيان إدانة.
صحيح قضية التكفير والبيانات الدينية مفجعة ومخيفة، لكن فيما أعرف أن تلك البيانات يتبناها فقهاء قاصرو الفهم محدودو المعرفة يجهلون السياسة والدين معاً، وإن كان بعضهم محسوباً على حزب الإصلاح؟
يا أخي لماذا لا ننظر إلى حزب العدالة والتنمية في تركيا وهو حزب إسلامي لأكبر دولة في الشرق الأوسط ومنفتح على الغرب وعلى العلمانية وعلى كل القوى؟ الإصلاح قدموا تجديداً في الخطاب وتنازلاً سياسياً مع الأحزاب لكنهم لم يقنعوا المواطنين أنهم حزب يقود الدولة المدنية ولذا كما قلت لك هناك حالات تكفير عديدة لم نرَ من الحزب موقفاً واحداً له تجاه هذه الفتوى.
هل الحزب نفسه هو من تبنى عملية التكفير أم أن من يكفر هم فقهاء جهلة؟
أنا لا أتهم الحزب، لكنه مرجعية كبيرة، ما هو موقفه؟
أقول لك: نحن لم نسمع موقفاً من أي حزب في هذا الجانب لا من الإصلاح ولا من المؤتمر ولا من الاشتراكي أو الناصري، لماذا اللوم على الإصلاح فقط؟
نعم، هؤلاء لم يقدموا رأياً، هذه قضية رأي عام، فما موقفك أنت كحزب من قضية كهذه؟ هذه واحدة من الأخطاء، والأحزاب لاتزال تعتمد على الحصص السرية في جلساتهم، مثلاً أحزاب اللقاء المشترك لم تصدر بياناً حول وضع التعليم في البلاد.
يا دكتور إذا اعتمدوا هذه السياسة فكل مؤسسة داخل البلد تحتاج إلى بيان بمفردها، وبالتالي فأعتبر قيامهم بالثورة بيان البيانات وخلاصة كل المواقف، مع إدراكي لأهمية التعليم على وجه الخصوص؟
أنا كحزب مسئول عن قضايا الرأي العام كلها في القضايا التي لا أستطيع أن أفرض فيها رأيي أقوله في الخطاب الإعلامي، وأنا أعتقد أن وجود الأحزاب كلها في الثورة شكل ضعفاً للمسار الثوري وتشوها في للخطاب الثوري الذي تمّت السيطرة عليه والانحراف به عن مساره، ولكن إذا جاز الأمر أنهم مكون واحد ضمن مكونات عديدة فليثبتوا لنا هذا من أجل إكمال المسار الثوري عبر تغييرات مدنية للدولة وإطارها المؤسسي والدستوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.