كثير من الناس غادرت الابتسامة وجوههم فأعادتها إليهم كرة القدم..وفي الحديدة لطالما انتظر أبناؤها فوزاً كروياً يعيدهم إلى واجهة الصدارة بالمنافسات الرياضة بعد أن أصبح عناوينها متخمة بالهزائم والإخفاقات في مدينة فقراؤها وأغنياؤها بهجتهم كرة القدم. مر على إقامتي في الحديدة قرابة السنة والنصف لم أسمع عن حراك رياضي ,بل حراك تهامي.. فالسياسة أخدت الناس إلى أكثر من طريق وجميعها بلا محطة توقف ,حتى يفترق أصحاب السياسة عن عشاق الرياضة ..ووسط هذه الأجواء تبقى الرياضة هي ملاذ الحديديين والفرحة التي تزيل كآبة وقساوة الحياة ,والحر الشديد,والمجاري الناضحة, في كل حارة وحيٍّ!!. لقد احتاج الحديديون إلى تسع سنوات عجاف حتى يتذوقوا طعم الفوز مرة أخرى ..وهي مسافة ماراثونية ما بين فوز الهلال عام2004 بثنائية الموسم الكروي بتحقيق بطولتي الدوري والكأس ..والإنجاز الذي حققة شباب الجيل هذا العام مع الفارق أن البطولة الثانية للتأهل إلى دوري المحترفين جاءت في وقتها بعد أن نسي الجميع أن في الحديدة لعبة اسمها الكرة الساحلية. لاشك أن صعود شباب الجيل إلى دوري المحترفين بعد غياب طويل, نشط الذاكرة أن الرياضة الساحلية مهما غابت عن الانتصارات فإنها بخير وقادرة على العطاء..ومهما أصابها السل والجرب والملاريا وحمى الضنك فلن تموت ..ومادام هناك رجال مخلصون, فإن الرياضة الساحلية ستكون قادرة على الارتقاء والعودة إلى مصاف المنافسة كما فعلها الجيلاوية بنجومهم المتميزين وإدارتهم المنسجمة برئاسة الحاج عبدالجليل ثابت الذي بنى النادي طوبة طوبة وأوجد البنى التحتية بعد أن تسلمه قبل عشر سنوات أرضية بيضاء ومقراً دكاكينياً, ليصبح اليوم نادياً أنموذجياً,ومفخرة يتباهى به أبناء الحديدة أمام نظرائهم على مستوى المحافظات. إن الوصول إلى القمة ليس بالأمر الهين وهذا الصعود الجيلاوي أخذ الكثير منهم بعد أن مر بالعديد من الأخطاء والإخفاقات.. واستطاعوا تجاوزها حينما وجدت الإدارة التي تدير النادي بأسلوب عصري ..لاتنظر إلى الخلف بقدر ما تتطلع إلى الأمام.. فكان إنجاز شباب الجيل المتوقع الذي يضع النادي أمام مسؤولية جسيمة في كيفية الحفاظ على التألق الذي حققوه بكافة لقاءاتهم الكروية في منافسات الصعود وتحقيق العودة إلى دوري المحترفين. إنجاز جميل , خاصة أن كتيبة المد الجيلاوي خاضت المباريات أمام خصومها خارج القواعد ,وبعيداً عن الجماهير.. فقدموا في صنعاء وعدن معارك كروية,رسموا من خلالها الأفراح ونشروا الابتهاج الذي كان محرماً على كرة القدم في المدينة الساحلية التي تحمل لقب عروس الساحل الغربي .. فاستطاعوا انتزاع البطاقة الأولى في مجموعتهم,في وجود منافسة من فرق الأندية الكبار ..وتربص المتربصين ,والمخربطين ,والمحلبطين فباءت محاولات الإرباك والدسائس التي وضعوها في درب الجيلاوية بالفشل ..وعاد الجيل بالمد الأزرق محملاً بالفرحة الرياضية للحديدة في عام كادت المحافظة الساحلية تصاب بكارثة هبوط الهلال لولا الفرحة الجيلاوية. الآن طريقهم معبد في مواجهة صاحب البطاقة الأولى بالمجموعة الأخرى للعب على كأس البطولة, فالمسئولية تكمن في أن يظهروا بنفس الروح القتالية والمستوى والانسجام حتى يصبح الكأس بين أيديهم كونهم الأجدر ..والأهم في ذلك الاستعداد وبقوة مضاعفة لدخول معمعة دوري النخبة المسمى «دوري المحترفين» لإثبات أنهم في مكانهم المناسب.