من قبيل الصدفة التي خير من ألف ميعاد أن تتجاور قضية شكوى مواطن من اعتداء إدارة مرفق عام على أملاكه في مدينة النور بتعز, مع هذه الشكوى السائرة في اتجاه معاكس على الأولى , فكما أشرنا في الماضية أن إدارة مستشفى الجذام خرقت القواعد العرفية العبثية التي اعتدنا عليها في السنوات الأخير من الانفلات الأمني بحيث تمكنت إدارة ذلك المرفق من الاعتداء على أرض مواطن بدلاً من إفساح المجال له ولغيره لنهب ما طاب من مساحتها بادعاء الملكية , غير أنها يا فرحة ما تمت ! فالمواطن طلع هذه المرة مجني عليه لا جاني, أما في قضية هذه الشكوى «وقف جامع العرضي » فالأمور العبثية التي ألفناها حاضرة بعنف, فالمجني عليه هذه المرة هو المال العام, بل مال الوقف! وفي مكان ليس بقصي على المدينة وأجهزتها الأمنية والضبطية كما هو الحال في مدينة النور بل في قلبها وموقع أمنها وجيشها «الجحملية». إننا نتحدث عن عقار وقفي حديث النشأة بني لتعزيز مال الوقف لكنه صار وبالاً عليه وعبئاً مستطيراً ولم يقتصر الأمر على خزينة الوقف في تعز فحسب بل طال الضرر أهالي الحي برمتهم وكل مرتاديه المصلين من كل مكان, فمياه الوضوء يسلبها ذلك العقار المبني في ساحة المسجد من جهته العلوية.. ولعل الصورة الفوتغرافية المرفقة طي التحقيق توضح حجم العمارة المكونة من 4 طوابق والتي قال بشأنها الأخ أحمد سعيد مدير أوقاف محافظة تعز بأنها تطفو على خزان مياه خرساني مسلح كبير جداً بني على نفقة فاعل خير قبل عقد ونيف لتخزين الماء الواصل من جبل صبر ومياه الأمطار ومن ساحتي المسجد الكبيرتين وحتى لا تبقى مياه المسجد رهن المصادر المذكورة وتحت رحمة مياه المؤسسة الموسمية خصصت للجامع ماسورة ضخ مباشر من مياه البئر الواقع أسفل فرن الكدم سابقاً وبحسب المعنيين في أوقاف تعز, فقد اطمأن الجميع على مصادر مياه الجامع بدئاً بالإمام أحمد وإنتهاءً بمن تبرع بخزان المياه الكبير أسفل تلك العمارة, لكن من استحوذ بالأدوار الثلاثة في تلك العمارة صار هو المستفيد الوحيد من مخزون المياه الذي لا ينضب, فما عليه سوى تشغيل زر الدينامو الكهربائي المصروف من مكتب الوقف لشفط المياه من ذلك الكريف المغلق في الأسفل إلى تانكي السطح, أما آلاف المصلين في الجامع فليذهبوا إلى الجحيم, ومن خرج من داره قل مقداره! عقار حديث .. لكن محتل يقول الأخ أحمد سعيد مدير عام مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة بتعز في هذا الشأن أن أحد أبناء « البحر» الذي يعمل في مجال المقاولات يعد محتلا وغاصبا للعمارة الوقفية المقدر إيجارها طوابقها الثلاث بما لا يقل عن 70 ألف ريال وهذا كحد أدنى أسوة بإيجار الوقف وعقارات الدولة , غير أن حداثة العقار تجعله من أبرز وأمتن العقارات الوقفية في تعز, يضيف مدير الأوقاف : بصراحة وبالفم المليان ليعرف من لا يعرف بأن الشيخ علي محمد المقدشي هو من تسلم العقار فور إنشائه واستفاد من ريعه بدلاً من الوقف من خلال تأجيره لمن شاء من النافذين ولم يرم إلى خزينة الوقف بتعز إلا الفتات, أما من يحتل العقار حالياً فقد كان يعرض على المكتب عشرة آلاف ريال إيجار شهريا أحياناً يسدد وأحيانا يطنش, وبالنسبة لي فقد استلمت إدارة المكتب فقط منذ سنتين ولم أكن في السابق سوى نائب , ولعل الجميع يدرك قدر الهيمنة الحزبية ونفوذ المعنيين في تلك الأثناء على ممتلكات الوقف وتقاسم ثرواته وعقاراته بين النافذين. إلى المحافظ ورئيس النيابة وفي سبيل استعادة العقار لصالح خزينة الأوقاف, ولتحرير وتحويل مياه الخزان في أسفله للمسجد تحقيقاً لرغبة ومقصد الموقف والمصلين من أبناء حي الجحملية وغيرهم من التواقين لروحانية الصلاة في هذا الجامع الأثري الجميل, يقول مدير الرقابة والتفتيش في أوقاف تعز : نتمنى من الجهاز القضائي في تعز عدم التهاون في هذه القضية وفي عشرات القضايا الماثلة المرفوعة من مكتبنا ضد ناهبي الوقف, وكم نعوّل على صحيفتكم الغراء وباقي الوسائل الإعلامية الشجاعة مؤازرة المكتب في كشف وتعرية الغاصبين من جهة, ولإيصال أصواتنا التي بحت ليسمعنا المعنيون في أجهزة الحكومة ومحلي المحافظة ليتحمل كل مهمته على الوجه المطلوب . في الختام يقال : شر البلية ما يضحك, هو مضمون ما صرح به أحد موظفي مكتب الأوقاف في تعز الذين فضل حجب اسمه, عندما اختتم لنا هذا التحقيق المعني بعمارة جامع العرضي : هل تصدقون بأن أجير تلك العمارة بلغ به الحد في الاستهتار بالوقف ومقدراته في أيام المدير الأسبق أن وصل إلى مكتبه بفواتير الماء والكهرباء والتلفون المتراكمة عليه ليسددها مكتب الأوقاف بدلاً عنه, والأفضع من ذلك أنه لم يكن مسدداً للإيجار الرمزي الذي تعين عليه عشرة آلاف ريال , ولن أصرح أكثر عما إذا كان المكتب قد سدد عنه الفواتير أم لا, فالحقائق مثل عين الشمس واللي يعيش .. ياما يشوف !