أصبح انتشار البناء العشوائي في مناطق غير مخططة في أطراف مدينة تعز يجعل السؤال متوجهاً إلى الهيئة العامة للأراضي حول عدم وجود مخططات وإلى مكاتب الأشغال بشأن دور الرقابة والتفتيش والجهود المبذولة لمواجهة التراكمات والمعوقات أمام متطلبات المدينة العصرية والتي تتحسب في خططها وبرامجها للمستقبل واحتياجات الأجيال القادمة لسهولة الحركة والخدمات والمرافق العامة وحركة الدفاع المدني وحركة السير والوقوف. على بساط القلب أثارت مشاكل البناء العشوائي وحتى اليوم جدلاً واسعاً وطرح أكاديميون وسياسيون وغيرهم المشكلة باعتبارها صورة فجة لتخلف والبعد عن العلم ورأوا أن إحداث تغيير حقيقي وشامل يبدأ بتغير العقليات وطرق تفكير القائمين على أجهزة الدولة والحكومة وإيجاد خطط متطورة للعمران... وحيث إن البلد مايزال يرزح تحت أثقال الأزمات فإن مسئولية المواطنين في الحاضر تحديداً لا تقل عن مسئولية الأجهزة الرسمية في وقف البناء العشوائي والنظر إلى المستقبل من خلال مستوى عال من الوعي بأهمية التخطيط العمراني. مسئولية المواطن وحسب المهندس فيصل مشعل مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق فإن المسئولية تحتم على المواطنين الانطلاق في هذا الاتجاه من قاعدة وأرضية الانتماء والولاء للوطن والالتزام بحقوق وواجبات المواطنة والمسئولية الفردية والمجتمعية تجاه قضايا التنمية والبيئة والإسهام في الارتقاء بأداء المؤسسات المعنية بالبنى التحتية إلى المستوى الأمثل الذي يليق بمحافظة تعز وسكانها لاسيما وأن تحسن الحالة الأمنية ساعد على تجاوز مرحلة الشكوى التي ترافقت مع فترة الانفلات إلى العمل الميداني حيث تجرى الآن عملية المتابعة والتفتيش يومياً على البناء العشوائي في أطراف المدينة. مراجعة وقال م. مشعل: في الفترة الأخيرة تم ضبط عدد كبير من المخالفات منها ما تم إزالته وعمل معالجات مناسبة ومنها قضايا أحيلت إلى النيابة والمتابعة جارية كما تم توقيف العمل في بعض الأماكن كإجراء يسمح لصاحب البناء مراجعة الإدارة المختصة واستيفاء شروط ومعايير البناء. سرعة إنزال مخطط التعزية مضيفاً: هذا النشاط الميداني والإجراءات المتخذة لا تعني أننا لا نرصد أعمال البناء أثناء الانفلات حينما كان بعض الناس يستعينون بمسلحين وبلاطجة للقيام بالمخالفات مستغلين الوضع الأمني أما المشكلة في مديرية التعزية فتحتاج إلى سرعة إنزال المخطط لأنها مناطق غير مخططة وهنا تبرز الحاجة لمزيد من الإمكانيات من أجل مزيد من الجهود على مستوى فروع مكاتب الأشغال في المديريات وتغطية النقص في بعض المتطلبات لتمكن إدارة التفتيش من القيام بأعمالها على أكمل وجه في المناطق التي لا توجد لها مخططات وحدات جوار وهذه مهمة الهيئة العامة للمساحة والتي ربما تعيش ظروفها الخاصة ويمكن القول إن تحسن مستوى الأمن عامل أساسي في تحسن الأداء من قبل الجميع حيث تراجع اعتماد الناس على المسلحين مقارنة بما كان أثناء الانفلات، الآن قل الضغط على المهندسين في الميدان والكل يمارس مسئوليته. معايير وقال مشعل: تجاهل بعض الناس للمعايير والبناء بدون ترخيص يمثل مشكلة لهؤلاء أنفسهم ذلك أن البناء العشوائي وبعيداً عن المناطق المخططة يؤدي لإيجاد صعوبات مستقبلية أمامهم والأصل أن يضمن المواطن توفر الخدمات والمرافق ضمن وحدة الجوار وإيجاد مدينة حضرية بمعايير عالمية أو قل عصرية وهذا يتطلب التزاماً بالمعايير وعدم البناء في المناطق غير المخططة. قضم الشوارع المهندس محمد العليمي رئيس قسم الرخص بمديرية المظفر أكد أن لجوء العديد من الناس إلى حمل السلاح من أجل البناء مثل مشكلة ولم يستطع المفتشون أداء مهامهم في الميدان ووجود البناء العشوائي وإن كان محدوداً بما لا يدع مجالاً لتنفيذ مخطط لاحقاً وهو ما يحرم الناس في حال استمر التشوه من وجود الشوارع المناسبة والمساحات المخصصة لمرافق عامة مثل مدرسة مشفى مسجد، حديقة وهذه المشكلة حينما توجد يكون وراءها شخص أناني لا يفكر إلا بمصلحته لا بالمصلحة العامة ومن هؤلاء من لو وجد فرصة فإنه سيبنى وسط الشارع ولا يدري إلا متأخراً بأنه يخسر الكثير عندما يأخذ جزءاً من الشارع ومن مصلحته أن يكون مسكنه على شارع عرضه 24 متراً بدلاً من 12م لكن ماذا نقول عمن لا يعسى للحصول على ترخيص من أجل الأمان أو يدخل في الشارع ...أما المخرج من المشكلة فهو حسب قول العليمي بتفعيل التفتيش مادام الأمن أفضل حالاً. إعاقات وتظل المشكلة أكثر بروزاً في مديرية التعزية بما فيها المتاخمة لمديريات المدينة الأخرى بسبب عدم وجود المخطط وحسب رأي م. مطهر البعداني رئيس لجنة التخطيط بمديرية المظفر هناك عرقلة من وزارة الأشغال في صنعاء فيما يتعلق بإنزال المخططات وهي جاهزة من سنوات بينما البناء يتم على الأرض وأناس يبدو أنهم مستفيدون وحتى يصبح إزالة البناء عند نزول المخطط غير ممكن. إجراءات تعويضية تتطلب وقتاً واستبعد البعداني أن يكون هناك روتين أو تطويل في إجراءات الحصول على رخصة بناء حتى يقال إن المواطن يتهرب من التعقيدات لكنها مشكلة وعي وفي المقابل يدرك طالب الترخيص بالبناء محتوى المخطط عندما يأتي ببصيرته ومعها دراسة لمهندس من قبله وتطابق المساحة على الخرائط لدى مكتب الأشغال في المديرية بحيث لا تكون المساحة مخصصة لمرفق عام مدرسة أو حديقة أو مكتب بريد أو مستوصف أو مسجد فإذا كانت الأرض محجوزة ضمن المخطط يحال صاحبها إلى المجلس المحلي ويوجد بند في المالية للتعويض بسعر الزمان والمكان وإن كانت الإجراءات في هذا الشأن تتطلب وقتاً. بناء في مناطق محظورة أما بيوت الليل والتي تقام في مناطق محظورة وتولد تشوهات عمرانية كالموجودة في مناطق عصيفرة وجبل جرة وغيرها من المواقع فهي التي تبنى بليل وفي الصباح يتفاجأ الإنسان بوجود أسر داخلها تنشر غسيل أطفالها. وعن انعكاس ثقافة المجتمع ومتى يمكن أن تعم ثقافة التخطيط العمراني وتقدير الجمال والمنفعة قال م. مطهر. سؤال مهم لكن الجواب صعب في اللحظة الراهنة فالناس مختلفون وحتى في الأسرة الواحدة هناك تباين اهتمامات وأذواق وطرق تفكير، القانون وحده هو الأهم ولابد أن يلتزم به الجميع ومستقبلنا الأفضل مع القانون وفي ظله أما الوعي وحده فلا يكفي لأن “ابن السنة لا يعور عينه” فلابد من حزم. وتفعيل أجهزة الرقابة وتعويض حقوق الناس دون عناء والتي نتمنى أن تكون عناوين المرحلة القادمة والأهم أن يستيقظ الضمير في كل إنسان. فترة صعبة م. بلال عبدالكريم مختص في تخطيط أراضي بمديرية صالة يرى أن توفير إمكانيات للكادر في الجهات المختصة مطلب أساسي حتى تكون استجابة المهندسين في الهيئة العامة للمساحة ومكتب الأشغال سريعة في الميدان ويقول : نعم هناك بناء عشوائي في مناطق شرق مدينة تعز وغربها كالحوبان وحذران وغيرهما ولا توجد وحدات جوار في مناطق واسعة كالتعزية وفي نفس الوقت لا توجد إمكانيات لتفعيل النزول الميداني وعملية المسح، وهذا يعتبر إهمالاً من قبل الحكومة وإن كنا الآن مانزال في وضع استثنائي، فلا جدو للتحرك إلا بنزول المخطط وتنفيذه قبل حصول الزحف العمراني. أما أن يترك الحبل على الغارب وتحصل المخالفات ويقال هدوا ما بني فلا فائدة وكلنا يعلم أننا مررنا بفترة صعبة وحالة من الفوضى لم يكن فيها حماية للموظف في الهيئة أو الاشغال، وإذا وجدت المخططات والاعتمادات سنجد مدينة عصرية ليس تعز وحسب ولكن مدن ثانوية كالمخا التي يفترض أن تكون كأي مدينة خليجية ما المانع؟ برامج الهيئة أما عن مهام إدارة التخطيط بالهيئة العامة للمساحة والتخطيط العمراني فبقدر توفر الكادر إلا أنها لم تنجز وحدات جوار من نهاية عام 2011م وإن كانت أوجدت برامج خلال العام 2012م ومنها برنامج 201 وحدة جوار لمحافظة تعز شملت عاصمة المحافظة ومدناً ثانوية كمدينة التربة والنشمة وغيرها إلا أن السلطة المحلية أجرت تعديلات على مناطق والمشكلة الدائمة هي في عدم وجود تمويل للتنفيذ إلى جانب أحداث 2011 وتداعياتها حسب قول المدير المختص. مشكلة التمويل ويرى م. فهمي الشريف مدير إدارة التخطيط العمراني بفرع الهيئة أن وجود التمويل سجل العقد بعد تراجع المشكلة الأمنية والذي سيساعد مكتب الأشغال العامة في التفتيش والحد من المخالفات فالناس كل يبحث عن مصلحته ولا يأبه لمصالح الآخرين وحقهم في الطريق ومنهم من يأخذ من الشارع أو تبنى عليه “4 5” بيوت دون إبقاء على منفذ للآخرين والأسوأ أن من المخالفات في الأطراف ما تم بحماية مسلحين ولم يستطع الموظف الرسمي مجابهة هؤلاء.. ونقول لكل مواطن يحترم القانون والنظام إن الهيئة جاءت أساساً لخدمة المواطن ومتى أنزلت مخططاً المفروض يلتزم به الجميع. وباحترام المعايير تحقق المصلحة العامة والخاصة معاً لكن الحاصل في فترة القلاقل الأمنية أن الناس يعتدون على الشارع فإذا كان في المخطط بعرض “16” متراً فلا يبقى منه سوى الثلث ومع أن القوانين موجودة لكن من سينفذها في ظروف غير مواتية والأسوأ أن يصدر حكم محكمة بشأن أرض مملوكة للدولة ومع ذلك لا تستطيع الهيئة استخدامها لصالح الدولة والمواطن بسبب عدم الحماية لهذه الأراضي، وهو ما لابد أن يتغير ودون إبطاء. المصالح الشخصية سبب للعشوائيات كمهندس منطقة يرى شكري عبدالباري أن المصالح الشخصية سبب التشوهات والعشوائية داخل المدينة وليس فقط أطرافها وقد لعب حمل السلاح دوره في ذلك ويأتي من خلال دراسة الخلل والعناية باختيار الأشخاص بحيث يكون العاملون في الميدان أقدر على أداء مهام التفتيش والرقابة ولابد من معالجات دائمة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. مطالبة بالتعويض وقال م. شكري : ما يتم الآن من إزالة مخالفات شيء طيب لكن لابد من تعويض من يستحقون وأن يكون عادلاً والأهم أن يسود التخطيط العمراني ونحافظ على البيئة حتى لا نشوه البلاد ومن الطبيعي أن يطبق القانون في حق المعتدين على الشوارع لا سيما الفرعية التي لا تجذب الانتباه. تشوهات قديمة ومن التوصيات البحثية التي كانت قد نقلت بعض هموم ومشاكل التخطيط العمراني وضعف مستوى البنية التحتية في مدينة تعز وعلى الأخص ما يتصل بالأسواق فقد أوصى الباحثون في جامعة تعز منها: تكليف الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بالتنسيق مع مكتب الأشغال العامة والطرق بوضع خارطة جديدة للأسواق وتحديد مواقع جديدة تستوعب حركة النقل والسكان وتحقيق الأغراض التي تنشأ من أجلها الأسواق. وإعادة كل من مكتب الأشغال وصندوق النظافة والهيئة العامة للبيئة والإدارة العامة للمرور النظر رؤاها وسياساتها لتجنب كثير من المشكلات القائمة وعكسها في خطط وبرامج مزمنة والتأسيس لأوضاع سليمة. هذه الإشارة لطبيعة الوضع الشاذ في داخل مدينة تعز لا يعد اقحاماً فكل ما نتصوره عن مستقبل المدينة لابد أن يخلو من التشوهات الماثلة في وسطها. تشاؤم أما عن آراء المواطنين فهي مسرفة في التشاؤم حيث أصبح المواطن العادي يدرك أن مشاكل وأسعار الأراضي في المناطق المخططة وتركيز أصحاب الأموال والمضاربين على الاستثمار في الأراضي يدفع الفقراء ومحدودي الدخل إلى البحث عن فرص في مناطق بعيدة والبناء عشوائياً خوفاً من الروتين وتجليات سوء العلاقة بين المواطن والموظف العام وهي مسألة تدفع إلى اهتمام مستمر من الجهات الرسمية والإعلام حتى لا يجد البسطاء مساحة أرض للسكن تعادل مساحة البطاقة الشخصية.