من الثابت أن العالم اليوم يموج بتحديات كثيرة من حولنا منها ارتفاع الأسعار كظاهرة عالمية مترافق بزيادة عدد السكان محلياً نسب البطالة، معدلات التضخم في ظل انخفاض مستويات الدخول والادخار والاستثمار وانخفاض إنتاجية عنصر العمل. قادت بالتتابع إلى ارتفاع عدد الفقراء في المجتمع. حالٌ يصحو عليه الشارع اليمني وينام على إيقاعه المزعج السواد الأعظم من اليمنيين .وفي المقابل أيضاً لا تخطئ العين زيادة أعداد المؤسسات والجمعيات الخيرية في بلادنا والتي ينشط أعمها الأغلب في شهر رمضان اكثر من الشهور الأخرى كنمطية معهودة و نشاط موسمي يرتكز مضمونه على المسكنات المرحلية من خلال المساعدات العينية لمن يعانون العوز وشظف العيش وهم كُثر .غير ان الواقع ينطق بأن ثمة ما هو أبعد من هذه المسكنات تتجلى في طبيعة المطالب والاحتياجات المتنوعة التي يتطلع الكثير إليها من هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية غايتها بناء وتطوير وتنمية أفراد المجتمع وحل مشكلاته التي قد تتطور إلى مشكلات متجذرة تصعب معالجتها لاحقاً. عدد الفقراء هذه العوامل مجتمعة أو منفردة أثرت سلباً على معدل الإنتاجية الكلية للاقتصاد الوطني ومن ثم تدهور دخل الفرد ومستوى معيشته حيث تفيد التقديرات بارتفاع نسبة الفقر إلى حوالي54.4 % من السكان عام 2011م بحسب ما ورد في البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012م - 2014م الصادر من وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وأكّد البرنامج أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر العام تبلغ 33.2 % وهي في الحضر 18.9 % وفي الريف 38.5%، ونسبة السكان الذين يعانون من فقر الغذاء «الفقر المدقع» تبلغ 16.1 % وهي في الحضر 5.7 % وفي الريف 20 %. منظمات المجتمع المدني بلغ عدد منظمات المجتمع المدني المسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حتى نهاية العام الماضي ما يقارب 12 ألف منظمة. فيما قال البنك الدولي في اليمن إن الزيادة في عدد منظمات المجتمع المدني للأعوام (2010م - 2013م)بلغت نسبتها 24 % إلى ذلك قالت وزير حقوق الإنسان حورية مشهور خلال اللقاء الرابع لمجموعة تعزيز حقوق الإنسان لدعم مخرجات الحوار الوطني الذي أقيم في 13 فبراير 2014 م إن منظمات المجتمع المدني في اليمن وصل عددها خلال العام الجاري 18 ألف منظمة تعمل في مختلف المجالات. في حين تشير الإحصائيات الرسمية إلى ان هناك اكثر من 8000 جمعية ومؤسسة خيرية يتركز غالبية نشاطها في العمل الخيري الموسمي. همزة وصل يواجه المسار التنموي في اليمن عدداً من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. بما في ذلك الجهود الرامية إلى التخفيف من الفقر الأمر الذي يشكل ضغطاً على الموازنة العامة للدولة والتزامات الدولة تجاه التنمية وقد تمخض عن ذلك أن قامت الحكومة بمشاركة العمل الجماعي والشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص كوسيلة لتنمية الموارد المحلية وتوزيعاً للأعباء في مقابلة الحاجات الاجتماعية والنهوض بالمستوى المعيشي وخفض معدلات الفقر والبطالة من خلال الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيقاً لتضامن الاجتماعي والتنمية لجميع المواطنين. فهذا القطاع يمثل أحد أضلاع مثلث التنمية (القطاع الحكومي, القطاع الخاص ,منظمات المجتمع المدني) فهو همزة الوصل لتلمس احتياجات ذوي الحاجة متعددة الجوانب. السؤال ولكن السؤال هل نجحت معظم هذه المؤسسات و الجمعيات الخيرية في تعزيز هذه الشراكة مع الحكومة والمجتمع اليمني وإشباع احتياجات من أنشئت لأجلهم؟ أم أن دورها قصير الأمد ينتهى أثره بعد أيام وربما ساعات ليعود الفقير إلى فقره والمحتاج إلى سابق حاجته؟ وحول ماذا ينتظر المجتمع من الجمعيات والمؤسسات الخيرية؟ وما هي الحاجات والمطالب التي يريدها؟ قامت الجمهورية باستطلاع آراء عدد من المهتمين بهذا الشأن أجمعت صفوة قولهم على ضرورة أن تخرج المؤسسات و الجمعيات الخيرية من محيط النمطية المعهودة والنشاط الموسمي إلى واقع البحث عن فرص حقيقية لمعالجة مشاكل المجتمع و تبني مشروعات تنموية جادة بالاعتماد على الجهود المشتركة لإحداث قفزات نوعية على اكثر من مسار. التطوير المستمر الأخ محمد الأضرعي- مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة ذمار يقول: لكي تقوم المؤسسات و الجمعيات الخيرية بدورها لابد لها أن تتواصل مع المجتمع باعتبار أن العمل الخيري مرتبط بالمجتمع و العمل باستراتيجية متكاملة تحدد الأهداف المشتركة استناداً إلى قاعدة بيانات شاملة تتضمن تفاصيل الأسر المحتاجة وبرامج تطوير العمل الخيرى وبرامج تحقيق التنمية الجادة فصناعة العمل الخيري. حريٌ به أن يتطور من دوره التقليدي ليكون أداة ذات أهمية ومردود إيجابي مباشر لاستدامة التنمية بالمجتمع. شراكة وتسهيل ويضيف الاضرعي: لا يمكن إغفال الدور الحالي لهذه المؤسسات و الجمعيات الخيرية وخاصة من لها باع طويل في هذا الجانب فرغم وجود بعض الثغرات وعدم قدرتها على الوفاء بكافة الاحتياجات القائمة، إلا أنها تساهم في تخفيف الاعتماد على الدولة في كل شيء التي أدركت انه بالشراكة مع هذا القطاع سيسهم في تغطية الاحتياجات الاجتماعية المتنامية باستمرار. ويستطرد قائلاً: لذلك قامت الدولة بتيسير وتسهيل عمل هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية وتنظيمها ودعمها لتقديم خدمات مميزة ومثمرة يستفيد منها المجتمع بشكل عام. حيث تم خلال العام الماضي في محافظة ذمار إشهار 33 جمعية أهلية و3 جمعيات زراعية فضلاً عن تقديم الدعم الحكومي ل 21 جمعية خيرية بمبلغ إجمالي أربعة ملايين وخمسمائة وستون الف ريال أما بالنسبة لعدد الجمعيات والمنظمات الأهلية المسجلة في مكتب الشؤون الاجتماعية في المحافظة فقد وصلت حتى نهاية العام 2013 إلى 416 جمعية. صعوبات وعن الصعوبات التي تعترض سير الأداء قالت عنها الأخت نعمة الحوري - رئيسة جمعية الوفاء الاجتماعية الخيرية النسوية بمحافظة ذمار لا يختلف اثنان على أهمية هذا القطاع كقطاع مساند لجهود الحكومة في النهوض بالتنمية ومكافحة الفقر ورفع مستوى الوعي في أوساط المجتمع غير انه يواجه حزمة من الصعوبات هي ذاتها التي تعاني منها غالبية الجمعيات والمؤسسات الخيرية تتمثّل في قلّة المصادر أو ضعف الموارد المالية وبرامج التدريب وعدم وجود أدوات ووسائل ومقرات خاصة يقابلها ارتفاع في الإيجارات. وتضيف : بالإضافة إلى ما سبق هناك عوامل أخرى تضافرت مع بعضها منها ضعف العمل الطوعي المرتبط بضعف الوعي المجتمعي الأمر الذي انعكس سلباً على تدنّي الخدمات التي تقدّمها الجمعيات قاد بالتتابع إلى ضعف مخرجات العمل الطوعي الخيري كماً ونوعاً وخاصة برامج تحقيق التنمية الجادة. مشكلة سوء التغذية الأخ ناصر البداي – رئيس مؤسسة النافذة للتنمية الاجتماعية يقول عن هذه الجزئية المهمة: كما هو معلوم أن اليمن تتصدر ثاني أعلى معدل في العالم بعد أفغانستان في سوء التغذية المزمن بين الأطفال طبقا لوثيقة الأممالمتحدة المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي. حيث يعاني قرابة 1,058,000من الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة من سوء التغذية منهم 279,000 يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد. وبدلاً من أن تتركز المساعدات المقدمة للمحتاجين من قبل الجمعيات والمؤسسات الخيرية في شهر رمضان المبارك وتغيب معظم بقية فصول السنة لأسباب متعددة أهمها ضعف استقطاب مصادر التمويل اللازم وغياب تطوير وتنظيم العمل الخيرى. لابد من تقنيين وتنظيم العمل الخيري المرتبط بالمبادرات الفردية من رجال الأعمال والجهات الداعمة والخيرين من أبناء المجتمع وجمع جزء منها وفق آلية مشتركة تخصص لهذا الغرض لإطلاق حملة توعوية شاملة تحت شعار “يمن خالي من الجوع” تضمن حق كل يمني في الحصول على حاجته من الغذاء وهذا لن يتحقق إلا عبر التعاون مع كافة ذوي الشأن من القطاعات الرسمية وغير الرسمية في التوعية بمشكلة سوء التغذية إلى جانب العمل الطوعي للوصول إلى كل المستحقين واستقطاب التمويل اللازم لتوفير المساعدات الغذائية. علّمني الصيد ولا تعطني سمكة رئيس مركز أبجد للدراسات والتنمية الأخ فؤاد النهاري قال: من المؤكد أن شهر رمضان هو شهر الخير والعطاء والإحسان فمن الطبيعي أن تنشط فيه أعمال الخير غير أن المتابع يلاحظ تركز هذه الأعمال في عواصم المدن والمدن الثانوية بشكل نسبي وفي المقابل يمثل الريف مانسبته 70% من عدد السكان بينما يشكل الحضر بقية النسبة التي يتركز فيها معظم الخدمات والأعمال والمهن والفرص. وهذه الجدلية ترتب عنها انعكاسات غير خطيرة أثرت على الجهود التنموية. وبما أن المؤسسات والجمعيات الخيرية تعتبر شريكاً في مقابلة الحاجات الاجتماعية والنهوض بالمستوى المعيشي وخفض معدلات الفقر و البطالة فمن الأهمية بمكان أن تتوجه أعمالها إلى المناطق الريفية لطول حرمانها ولا تقتصر في عملها على تقديم المساعدات العينية الموسمية بل لا بد أيضاً أن تعمل وفق فلسفة المثل الصيني “علّمني الصيد ولا تعطني سمكة” بغية تحويل الفقراء وتأهيل غير القادرين إلى طاقة منتجة من خلال تنفيذ مشروعات تتيح توفير فرص عمل تحقق دخل شهري منتظم يساعد تلك الأسر على مواجهة الحياة بتناقضاتها وضروبها فتعميم ثقافة الأسر المنتجة وتنفيذها سيكون له الأثر الإيجابي لتحويل الأسرة إلى وحدة إنتاجية تفيد وتستفيد. حسن التوظيف وحول توظيف أموال العطاء الاجتماعي قال الزميل عبدالله قابل (إعلامي): في شهر رمضان الكريم يتنامى العمل الخيري بشكل مكثّف وتسعى معظم الجمعيات والمؤسسات الخيرية أن تقدم عدداً من المشاريع الرمضانية كوجبات إفطار الصائم وتقديم المواد الغذائية وكسوة العيد وغيرها من الأشياء العينية التي يحتاجها الفقراء والمساكين والأيتام وغيرهم من ذوي العوز والفاقة، فإلى جانب الاهتمام بتوفير هذه المساعدات والمساندة التي تؤكد عمق التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع على شركاء الجانب التنموي دفع عجلة التنمية من خلال التوظيف الأمثل لأموال العطاء الاجتماعي كتبني المشروعات التي تعمل على تحقيق الأهداف المسطرة التي تستهدف بناء الإنسان وتأهيله تحقق تنمية بشرية حقيقية من خلال تنظيم دورات تدريبية في مجالات متعددة الأغراض الحاسب الآلي واللغات الأجنبية وتنمية المهارات والقدرات. على اعتبار أن العصر عصر العلم والتكنولوجيا والتطور مع ما تشهده خارطة المهن والمهارات من تجدّد متسارع. متعة العطاء الأخ مراد السلاب، ناشط إعلامي يقول: هناك عدد من المؤسسات والجمعيات الخيرية تقدّم الدعم المالي والمساهمة في تكاليف الزواج وحل مشكلات العزوبية والعنوسة غير أن هذه المساندة للشباب اقتصرت على هذا الجانب وبما أن الشباب هم طاقة المجتمع ونصف الحاضر وكل المستقبل يستوجب حسن توظيف طاقاتهم وعطائهم ففيهم متعة العطاء ومن خلالهم يزدهر المجتمع ومما يجب أن يكون على الجمعيات والمؤسسات الخيرية إلى جانب أعمالها الخيرية تجاه الشباب إشراكهم في تنقيذ الأعمال الخيرية وتعريفهم بمجالات النشاط الخيري وكسب ثقتهم وتفعيل دورهم في العمل التطوعي إلى جانب تنفيذ المبادرات وبرامج التشغيل التي ينعكس مردودها على شريحة الشباب اليمني كتدريبهم على المهن المختلفة عبر برامج نوعية لفتح أبواب الرزق أمامهم وتطوير ما لديهم من قدرات وإمكانيات ورفع ما لديهم من مهارات، مع السعي الحثيث للمساهمة فيحل مشاكل العاطلين عن العمل ناهيك عن تنشيط الفعاليات الشبابية الهادفة لحمايتهم من الغلو والتطرف والانحراف. مع الأخذ بعين الاعتبار أن تتصف هذه الأعمال بالاستمرارية والديمومة نظراً لأهمية مخرجاتها في تعزيز الجهود التنموية. حد الكفاية تؤكد الشواهد أن زيادة معدلات الفقر دليل على أن المجتمع ابتعد عن صحيح الدين الذى يضمن بتشريعاته «حد الكفاية» من خلال ما يفرض على المسلم من زكاة وصدقات وتكاتف وتكافل اجتماعي والتي لو أحسن استغلالها لن يعود الفقير إلى فقره والمحتاج إلى سابق حاجته. لذلك كله فإن مواجهة الوضع القائم مطلب وضرورة اجتماعية يستوجب من القائمين حسن توظيف هذه الأموال والبحث عن السبل الأكثر ملاءمة لحسن استغلالها من خلال التواصل مع المجتمع وفهم ظروفه ومشكلاته القائمة وإعداد خطط وبرامج محددة ومدروسة تتناسب مع طبيعة الظروف والتحديات التي تعيق وصول اليمني إلى حياة كريمة له ولأبنائه ضمن النسيج الاجتماعي وما يتطلبه من كفايات مستحدثة.