جاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل ليمثّل طوق نجاة لليمنيين نُخب السياسة والأعمال والثقافة وغيرهم وصولاً إلى رجل الشارع البسيط، وبهذا الاستحقاق غير المسبوق في حياتنا السياسية منذ عقود بل قُل منذ القدم لم يتنفّس الصعداء فرقاء السياسة وحسب؛ ولكن جميعنا كل فرد ظلّ حبيس «فوبيا الصوملة أو البلقنة». ولعل أهمية هذا الحدث التاريخي الذي مازلنا نعيش أجواءه من خلال الفعاليات المجتمعية الخاصة بالتوعية بتلك المخرجات وشروع منظمات المجتمع المدني في تنفيذ خطوات جماهيرية باتجاه مناصرة تلك المخرجات وتأييد بل وتحشيد القوى المختلفة للضغط على الجهات المعنية للسير الجاد وعدم التلكؤ في تنفيذ تلك المخرجات، وأهمية مؤتمر الحوار تكمن في تكوينه الذي جاء من مختلف شرائح وفئات المجتمع ومن جميع الفرقاء السياسيين وبحضور معقول للشباب والمرأة من جانب، ومن جانب آخر في كون مؤتمر الحوار الوطني مثّل مشرطاً لتشريح كل جراحات البلد ومجهراً للغوص عميقاً في أعقد الملفّات السياسية والثقافية والاقتصادية ولاسيما التنمية الشاملة والكاملة والمستدامة. وحتى لا أذهب بعيداً عن موضوع المقال فقد مثّلت السياحة واحداًً من المواضيع التي أدرجت على الطاولة باعتبارها من الموارد الأساسية التي يعوّل عليها في رفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة وستنهض بها ومن خلالها الكثير من الصناعات والحرف وستستوعب نسبة كبيرة من جيوش البطالة في الأقاليم المزمع تدشينها رسمياً بعيد الاستفتاء على دستور اليمن الاتحادية.. ومن تلك القرارات الراشحة عن مؤتمر الحوار الوطني «دعم القدرات المؤسسية والتنظيمية والمادية للجهاز الحكومي المعني بإدارة النشاط السياحي على المستويين المركزي والمحلي» فمن المعيب أن يستمر الوضع كما هو عليه من إهدار للكثير من الأموال كمخصصات إيجار للعقارات الخاصة بالمقرات الرسمية بدءاً من الوزارة ومروراً بفروع الوزارة في المحافظات وذلك قياساً بما يخصّص في الموازنة العامة للدولة من مبالغ لا تذكر لهذه الحقيبة تشمل الرواتب والاستثمارات والترويج و و... والتي قد لا تساوي أصول شركة من شركات السفريات والسياحة المتوسطة. النهوض الحقيقي بهذا القطاع لايزال ينتظر صانع القرار الواعي لأهميته، فليس صحيحاً أن السياحة كانت في الماضي في أوجّها كما يُشاع وينظر إلى العام 2010م كمقياس جميعنا يعلم عدم صحة أن ذلك العام مثل طفرة سياحية غير مسبوقة، ويرجع السبب في ذلك إلى تنظيم اليمن لبطولة كأس الخليج العربي، ونعلم مدى الكلفة والاحتشاد الأمني المصاحب لذلك الحدث الذي لم تكن أحوالنا بأفضل مستوياتها أمنياً، ولذلك هذا الاستشهاد مخادع بنظري.. والصحيح أن السياحة اليمنية لن ترى الانتعاش المأمول لا على مستوى السياحة الداخلية أو الخارجية إلا بوجود الدولة القوية التي تبسط سيطرتها ونفوذها على كامل مساحة البلد وأن يستتب الأمن وتختفي المظاهر المسلّحة ولاسيما في عواصم المدن والمقاصد السياحية حتى لا نعود إلى دوامة الاختطاف وما يترتب عليها من خسائر على المدى القصير والمتوسط بل والطويل. إن تنظيم مهرجانات الترويج السياحي في اليمن ك«مهرجان صيف صنعاء السياحي» يجب أن تعمّم في جميع المحافظات لتصل الرسالة إلى السواد الأعظم من الشعب وخصوصاً في محافظات بعينها، حيث السلاح والثأر والخروج عن النظام والقانون ليتمكن المنظمون من الوصول إلى تغيير في السلوك من خلال نوعية الرسالة التي تستطيع النفاذ إلى مغاليق الفكر ليدرك هؤلاء وغيرهم أن رواج السياحة يحمل الخير لهم في المقام الأول ولعموم اليمن تالياً. [email protected]