تمرد حقيقي على المليشيات.. مقتل وإصابة عدد من عناصر الحوثي على أيدي مسلحين قبليين في عمران    شاهد.. سفير الاحتلال يمزّق ميثاق الأمم المتحدة: هذا الرئيس القادم لدولة فلسطين (فيديو)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    الريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى له أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف)    وفاة طفلين إثر سقوطهما في حفرة للصرف الصحي بمارب (أسماء)    تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل "المقاتلين المحترفين" بالرياض    الحوثيون يطيحون بعدد من كوادر جامعة الضالع بعد مطالبتهم بصرف المرتبات    الحوثيون يفتحون طريق البيضاء - مأرب للتنصل عن فتح طريق مأرب - صنعاء    ضربة موجعة وقاتلة يوجهها أمير الكويت لتنظيم الإخوان في بلاده    لحوم العلماء ودماء المسلمين.. قراءة في وداع عالم دين وشيخ إسلام سياسي    الشرعية على رف الخيبة مقارنة بنشاط الحوثي    د. صدام: المجلس الانتقالي ساهم في تعزيز مكانة الجنوب على الساحة الدولية    سياسي جنوبي: أنهم ضد الاستقلال وليس ضد الانتقالي    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    أبرز المواد الدستورية التي أعلن أمير ⁧‫الكويت‬⁩ تعطيل العمل بها مع حل مجلس الأمة    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    صباح (غداً ) السبت اختتام دورة المدربين وافتتاح البطولة بعد الظهر بالصالة الرياضية    الليغا .. سقوط جيرونا في فخ التعادل امام الافيس    تعرف على نقاط القوة لدى مليشيا الحوثي أمام الشرعية ولمن تميل الكفة الآن؟    "صحتي تزداد سوءا".. البرلماني أحمد سيف حاشد يناشد بالسماح له للسفر للعلاج ودعوات لإنقاذ حياته وجماعة الحوثي تتجاهل    الحوثيون يتحركون بخطى ثابتة نحو حرب جديدة: تحشيد وتجنيد وتحصينات مكثفة تكشف نواياهم الخبيث    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    25 ألف ريال ثمن حياة: مأساة المنصورة في عدن تهز المجتمع!    وثيقة" مجلس القضاء الاعلى يرفع الحصانة عن القاضي قطران بعد 40 يوما من اعتقاله.. فإلى ماذا استند معتقليه..؟    البدر يلتقي الأمير فيصل بن الحسين وشقيق سلطان بروناي    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    مبابي يودع PSG الفرنسي    محاولة اختطاف فاشلة لسفينة شرقي مدينة عدن مميز    السلطات المحلية بالحديدة تطالب بتشكيل بعثة أممية للإطلاع على انتهاكات الحوثيين مميز    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    بسمة ربانية تغادرنا    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ولد عام 1949    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنفيذ القضائي.. إشكالات وحلول
نشر في الجمهورية يوم 02 - 03 - 2015

إذا كانت ثمرة الأحكام هي تنفيذها لا إهمالها وإهدارها حسب هذه المقولة المتداولة بين المختصّين بالقانون وذوي الشأن والاختصاص، فما هي إشكالات التنفيذ القضائي والحلول والمعالجات المستوجبة لها من وجهة نظرهم..؟! هذا ما حاولنا معرفته في هذا الاستطلاع الذي أجريناه وخرجنا بالحصيلة التالية..
ربُّ إبله
محكمة جنوب الحديدة كانت بداية انطلاقنا، حيث قابلنا القاضي عبدالواحد البخيتي، رئيس المحكمة الذي أوضح أنه لا توجد لديه أي إشكالات فيما يتعلّق بالتنفيذ، وأن العمل يجري على قدم وساق ولا يواجه أية مشكلات في محكمته سواء فيما يتعلّق بنظر القضايا وإصدار الأحكام أم فيما يخصُّ التنفيذ والسير في إجراءاته.
وحين سألناه عن ملاحظاته أو تقديراته للإشكالات التنفيذية على المستوى العام..؟، ردّ قائلاً إنه معني بالحديث بما هو في محكمته فقط، وإنه لا شأن له بما يقع في غيرها من المحاكم.
احترمنا رغبته في عدم التصريح أكثر من ذلك، وانتقلنا إلى المحكمة التالية، كما حاولنا التواصل مع عدد من قضاة آخرين لاستكمال الاستطلاع؛ لكن بعضهم أبدوا عدم رغبة في الخوض بهذا الموضوع الذي اعتبروه شائكاً ومعقّداً، كما أشار إلى ذلك القاضي بشير المقطري، رئيس الشعبة المدنية في محكمة استئناف الحديدة والذي اعتذر بلطف وتهذيب، في حين أحالنا رئيس الاستئناف القاضي إلى مدير المحكمة للحديث عن الموضوع؛ لكن الأخير أوضح أن عمله هو تسيير الشؤون الإدارية والمالية فقط ولا علاقة له بالجوانب الفنية كهذه، ويجب أن نشير إلى أن بعض القضاة أعطونا وعوداً بالرد والحديث في أوقات لاحقة وربما انشغل بعضهم فلم يصلنا منهم جواب.
الإشكال في المنطوق
في محكمة شمال الحديدة التقينا القاضي عبدالحافظ حزام العسلي، رئيس المحكمة الذي أوضح لنا أن أهم الإشكالات التي تواجهها المحاكم في تنفيذ الأحكام تتمثّل في إشكالين هما عدم دقّة منطوق بعض الأحكام ونقص الكادر الوظيفي المؤهّل المطلوب، منوّهاً إلى أن ذلك يتطلّب حلولاً ومعالجات من قبل مجلس القضاء الأعلى، حيث قال:"أهم الإشكالات التي تواجه المحاكم في تنفيذ الأحكام تتمثّل في إشكالين رئيسين، الإشكال الأول هو عدم الاهتمام من بعض القضاة بضبط بنود منطوق الحكم بحيث يكون الحكم حاسماً اقتضاءً لحق محقّق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وبحيث يستطيع قاضي التنفيذ الإسراع في تنفيذه وفقاً لما جاء في نص المادة (326) من قانون المرافعات.
أما الإشكال الثاني فهو يتمثّل في عدم وجود كادر وظيفي مؤهّل تأهيلاً شرعياً وقانونياً وفقاً لما جاء في المادة (316) من قانون المرافعات الفقرة (ب) ولا شك أن هذين الإشكالين يتطلّبا حلولاً ومعالجات من قبل الجهاز القضائي وقيام مجلس القضاء الأعلى بالتعميم وتوجيه جميع القضاة بضبط مناطيق الأحكام التي يصدرونها بحيث تكون أحكاماً حاسمةً اقتضاءً لحق محقّق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، إذ من الملاحظ أن الأحكام التي نواجه صعوبة وإشكالية في تنفيذها أنها لا تنطبق عليها الشروط اللازمة للتنفيذ وفق ما نصّت عليه المادة (326) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني، فإذا لم يكن الحق المقضي به محقّقاً الوجود ولا معيناً مقداره ولا هو حال الأداء؛ فإن تنفيذه إشكالية، وبالنسبة للإشكال الثاني فإن حلوله تكمن في تأهيل كادر وظيفي تأهيلاً شرعياً وقانونياً خاصاً بتنفيذ الأحكام من خلال عقد الدورات التأهيلية لهم وفقاً لما جاء في الفقرة (ب) من المادة (316) مرافعات والتي جاء فيها بأن يساعد قاضي التنفيذ عدد من المعاونين المؤهّلين تأهيلاً شرعياً وقانونياً يقومون بأعمالهم تحت سُلطته.
تحوُّل
عدد من المحامين تحدّثوا إلينا حول موضوع الاستطلاع ومنهم الأستاذ المحامي نجيب قحطان الذي أوضح أن هناك إشكاليات عدّة تتعلق بالتنفيذ غير أن أهمها هي تحوّل قاضي التنفيذ إلى قاضي موضوع يخوض مجدداً في موضوع الحكم، حيث قال:"أولاً هناك قاعدة قضائية تقول «الأحكام إفعالها لا إهمالها» إلا أنه وبكل أسف تتحوّل هذه القاعدة إلى العكس تماماً، فبدلاً من قطف ثمرة الحكم بالتنفيذ؛ يتحوّل الحكم إلى مجرد حبر على ورق فقط، وثانياً إن أبرز الأخطاء التي تُرتكب من بعض قضاة التنفيذ هو التسويف من قبل قاضي التنفيذ وعدم التعامل بجدّية وحزم مع طلب التنفيذ إضافة إلى أن قاضياً في معظم الأوقات يتحوّل من قاضي تنفيذ إلى قاضي موضوع من خلال مناقشته لأطراف الحكم في موضوع الحكم والأخذ والرد مجدداً في موضوع الحكم.
وحول المعالجات المناسبة لتلك الإشكالات؛ أضاف المحامي قحطان: "بالنسبة لمعالجة إشكالات التنفيذ فإنها تتمثّل في الدورالرقابي المتمثّل بالتفتيش القضائي من خلال رفع تقارير دورية عن قضاة التنفيذ وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على قضاة التنفيذ، حيث يتم الاطلاع على تاريخ تقديم طلب تنفيذ الحكم مقارنة بالفترة التي أخذها قاضي التنفيذ في تنفيذه للحكم".
سطحية وعدم خبرة
أما المحامي ﻋﺒﺪﺍﻟﺴﻼﻡ ﺭﺯﺍﺯ، فيقول إن نقص الخبرة والمعرفة لدى معاوني التنفيذ تعد أبرز إشكالات التنفيذ؛ إذ يقول: "أﺑﺮﺯ ﺍلإﺷﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﻫﻮ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ على ﻣﻌﺎﻭﻧﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﻘﺼﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺨﺒﺮﺓ أﺣﻴﺎﻧﺎً،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ إﺿﺎﻓﺔ إلى أﻥ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻳﻨﻈﺮ إلى ﻤﻨﻄﻮﻕ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺗﻨﻔﻴﺬﻩ ﻧﻈﺮة ﺳﻄﺤﻴﺔ ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬﻩ ﺑﻨﺎﺀ على ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻈﺮﻩ السطحية ﺩﻭﻥ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﻟﺤﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﺟﺰﺀاً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻮﻕ؛ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍلإﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻋﺪﻡ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍلأﻣﺜﻞ، ﻧﺎﻫﻴﻜﻢ ﻋﻣّﺎ ﻳﻤﺎﺭﺱ ﻣﻦ إﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻣﺨﺎلفة ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﻩ إﺿﺎﻓﺔ إلى ﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺍلإﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﻟﺪى ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ؛ على ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺸﺮطة ﺍﻟﻘﻀﺎئية، أﻣﺎ ﺍلأﺧﻄﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﻓﻬﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ إﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ على ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺎﺕ ﻣﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ إلى اﺳﺘﺸﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ أﻭ أﺧﺬﻫﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ أﻭ ﻣﺎ ﻳﻘﺪّﻡ أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻓﻮﻉ ﺑﺎﻻﻧﻌﺪﺍﻡ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ.
أﻣﺎ أﺳﺒﺎﺏ ﺗﻠﻚ ﺍلإﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻮﺩ إلى عدم ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺮﻓﻊ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻌﺎﻭﻧﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﺗﻄﻮﻳﺮﻫﻢ ﻗﻀﺎﺋﻴﺎً، ﻭﻛﺬﻟﻚ إﻫﻤﺎﻝ ﻗﻀﺎﺓ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍلإﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮنية ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﺝ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻄﺮﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻋﺪﻡ ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻔﻠﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ.
ﻭﻣﻦ ﺍأﺳﺒﺎﺏ أﻳﻀﺎً ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺩقّة ﺍلأﻟﻔﺎﻅ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻮﻕ ﺍلأﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺒّﺐ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍلأﺣﻴﺎﻥ إﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺮ بإﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ أﻭ ﻋﺮﻗﻠﺘﻬﺎ، أﻣﺎ ﺑﺎلنسبة ﻟﻠﻤﻌﺎﻟﺠﺎﺕ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻱ؛ فهو إﻋﺪﺍﺩ ﺩﻭﺭﺍﺕ تأهيلية ﻟﻤﻌﺎﻭﻧﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻬﻢ إﺿﺎﻓﺔ إلى ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻗﻴﺎﻡ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭ أﻛﻔﺄ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ وتعييهم ﻗﻀﺎﺓ للتنفيذ، ﻭﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍلإﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺕ ﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭإﻋﺪﺍﺩ ﺷﺮﻃﺔ ﻗﻀﺎئية مستقلة ﻭتأﻫﻴﻠﻬﻢ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻤﻬﻢ.
غياب التخصّص
أما المحامي جميل ﺍﻟﻤﺘﺤﺮّﻱ، فقد أوضح أن غياب التخصّص يُعد أهم الإشكالات ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍجه ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ، وﺗﻌﻮﺩ إﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﻀﺎﺓ ﻣﺘﺨﺼّﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ، ﺣﻴﺚ إﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻭﻧﻈﺮﺍً ﻻﺯدﺣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻳﺤﺪّﺩ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻳﻮﻡاً في الأﺳﺒﻮﻋﻴﻦ ﻭأﺣﻴﺎﻧﺎً ﻳﻮﻡاً ﺑﺎﻟﺸﻬﺮ ﻟﻨﻈﺮ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺆﺩّﻱ إﻟﻰ إﻃﺎﻟﻪ أﻣﺪ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ أﻣﺎﻡ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ لجوء ﺍﻟﻤﻨﻔﺬ ﺿﺪه ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻱ، ﻭﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻﺑﺪ أﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻨﻪ ﻭﻳﻠﺰﻡ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑﺎﻟﺮﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺆﺩّﻱ إﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺴﻢ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﻳﺆﺩّﻱ إﻟﻰ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ الإﻟﻤﺎﻡ ﻭﺍﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﻗﺪ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻗﺮﺍﺭ ﺧﺎﻃﺊ، وﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻳﻠﺠﺄ ﺑﻌﺾ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ إﻟﻰ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻣﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﻦ أﻣﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﺮ لتسيير ﺟﻠﺴﺎﺕ ﻧﻈﺮ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺩﻭﺭ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮ ﻓﻘﻂ ﺍلأﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻴﻞ ﻣﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ إﻟﻰ أﺣﺪ ﺍلأﻃﺮﺍﻑ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺫﻟﻚ ﻟﻠﻜﺴﺐ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻭﻳﺘﻌﻤّﺪ إﻓﻬﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺑﻌﺪ أﻥ ﻳﺤﺮّﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﻭﻳﻘﻨﻊ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺸﻜﻞ أﻭبآﺧﺮ ﻟﻠﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ هذه الإشكالات بتأﻫﻴﻞ ﻗﻀﺎﺓ ﻣﺘﺨﺼّﺼﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻳﺘﻢ ﺗﻮﺯﻳﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮن التنفيذ يتم من قبل قضاة متخصّصين.
معضلة
الدكتور خالد محمد مهيوب، أحد الخبراء القانونيين في مجال التنفيذ الجبري، وهو مدرّس لهذا التخصُّص في كلية الشريعة والقانون بجامعة الحديدة ورئيس لمركز التنفيذ للتنمية والمساعدة القانونية كأول منظمة حقوقية معنية بهذا الاختصاص أفاض لنا بجملة من إشكالات التنفيذ القضائي الموجودة في اليمن، موضحاً أنها أصبحت معضلة حقيقية تخل بميزان العدالة والقضاء، حيث قال: "التنفيذ الجبري أصبح معضلة بالواقع القضائي اليمني إلى درجة أنه بدّد الغاية من وجود القضاء، فقصور المدارك القانونية لقضاة التنفيذ أصاب العدالة في مقتل، وذلك كلّه يعود إلى التقصير الشديد من جهة إدارة القضاء في كل ما يتعلّق بقضاء التنفيذ، ونحصر الأسباب التي أدّت إلى ما وصل إليه حال التنفيذ اليوم ونذكر أهمها وهي أن الجميع يفتقد إلى معلومة مهمّة وهي أن قانون المرافعات يؤدّي وظيفتين رئيسيتين، ففي كتابة الأول يؤدّي وظيفة الفصل بالمنازعات بحكم صالح للتنفيذ، وفي كتابة الثاني يؤدّي وظيفة تنفيذ الأحكام، فأوجدت جهة إدارة القضاء؛ قاضي موضوع ولم توجد قاضي تنفيذ، وأوكلت وظيفته إلى رئيس المحكمة بصفة استثنائية، وذلك عائد لعدم إدراكها أهمية وجود قاضي تنفيذ، الإشكالية الثانية تتمثّل في وجود قصور شديد بقضاة الاستثناء في كل ما يتعلّق بالتنفيذ الجبري؛ وذلك يعود إلى عدم إيجاد القاضي المتخصّص للتنفيذ الجبري.
الإشكالية الثالثة هي غياب دور رقابة هيئة التفتيش على قضاة التنفيذ، ولا يوجد أي تقييم لأدائهم، زاد ذلك عدم وجود المفتّش المتخصّص في مجال التنفيذ؛ فنجد التفتيش يجيز انحراف قاضي التنفيذ بالإضافة إلى غياب رقابة محكمة أعلى درجة، بسبب تعديل نص المادة (501) مرافعات، الذي ذبح العدالة بغير مدية، كما أن هناك إساس الإشكالات تتمثّل في غياب السياسة القضائية تماماً في هذا المجال، بما في ذلك سياسة المعهد العالي للقضاء.
وهناك إشكاليات عملية منها أن قضاة التنفيذ يجابهون طلب التنفيذ بجلسات تقاضي، مخالفين بذلك القانون ومبادئ المحكمة العليا والتعميم الصادر منها برقم 5 لسنة 2009م، والتفتيش القضائي بهذا الجانب لا يؤدّي دوره المطلوب.
كما أن الكثيرين من قضاة التنفيذ لا يدركون ماهية السند التنفيذي، ومفترضاته، كما أن بعضهم لا يدركون ماهية اختصاص قاضي التنفيذ، وفوق ذلك نجد أنه لا وجود لأية مسائلة لقاضي التنفيذ، لا تأديبية ولا مدنية ولا جنائية في حالة تغير الحقائق وما أكثرها، بالإضافة إلى ما سبق فإن أساس الإشكاليات الموجودة في الواقع هو غياب التأهيل والتدريب لكادر القضاء وبالذات في موضوع التنفيذ الجبري؛ لأن التنفيذ الجبري من المواد المعقّدة والتي أصبح القضاء بسببها معضلة، والأمثلة العملية والحيّة لهذه الإشكالات كثيرة وعديدة.
وأجزم أن أكثر من 90 % من قضايا التنفيذ تواجه إشكالات أغلبها تعود إلى عدم قدرة قاضي التنفيذ على استيعاب اختصاصاته في هذه القضايا، وأهم ما وجدنا في الواقع هناك قضايا عدّة منها قضية بني جراد في الحديدة وقضية مؤسّسة جمعان مع إحدى شركات هائل، وإحدى القضايا في محكمة التربة وكثير من القضايا.
عدم مواكبة
وأرجع الدكتور خالد أغلب تلك الإشكالات إلى وجود مفارقة وبون شاسع بين النظام التشريعي الذي حظي بتطوّر كبير وآليات العمل والهيكلة التي ظلّت متأخّرة ولم تواكب التطوّر التشريعي، حيث أضاف: من وجهة نظري فإن السبب في وجود هذه الإشكالات يعود إلى أن التطوّر التشريعي الذي تحقّق في اليمن كان كبيراً ومتقدّماً إلى درجة أنه فاق التطوّرات التشريعية في عديد من البلدان العربية، لكن هذا التطوّر التشريعي لم يواكبه تطوّر موازٍ ومماثل في الجانب العملي في الواقع فيما يتعلّق بتطوير الجانب الفنّي والإداري للجهاز القضائي.
فبالنسبة للمشرّع اليمني أوجد آخر تطوّر تشريعي رائع في مجال التنفيذ؛ لكن في المقابل هناك نقص في وجود القضاة المؤهّلين، وكان لابد أن يواكب ذاك التطوّر تطوّر عملي حتى تتحقّق الغاية من هذا التشريع.
وبالمناسبة أود الإشارة إلى ما قام به القاضي العنسي، رئيس استئناف الأمانة من عمل يستحق الإشادة في مواكبة ذاك التطوّر التشريعي؛ فقد بذل جهداً ووقتاً كبيرين في فهم أصول وقواعد التنفيذ وحوّلها إلى نظام عملي، فأوجد قضاة مختصّين في التنفيذ، وأنشأ شعبة في الاستئناف مخصّصة لقضايا التنفيذ، وأوجد توحداً في القاعدة القانونية فيما يتعلّق بهذا المجال، واستطاعت محاكم الأمانة أن تحقّق قفزة نوعية في التنفيذ القضائي.
حلول
وبشأن الحلول والمعالجات المناسبة لتلك الإشكالات؛ قال: الحلول من وجهة نظري أنه يجب تنظيم دورات تدريبية لقضاة التنفيذ ومعاوني التنفيذ، فهناك عشوائية وصلت إلى درجة أنه لا يوجد معاون تنفيذ لديه قرار تعيين, والأصل أن وزير العدل يصدر قرارات تعيين لمعاوني التنفيذ في المحاكم؛ لكن ذلك لم يحصل منذ صدور القانون في العام 2002م وحتى الأآ.
إذاً نستطيع أن نقول إن الحلول تتمثّل في إيجاد الدورات التأهيلية للقضاة والمعاونين، وإيجاد شُعب تنفيذية متخصّصة في محاكم الاستئناف بحيث توحّد القانون، وكذا إعادة النظر في جوانب تشريعية وإلغاء التعديل في نص المادة 501 من قانون المرافعات بحيث يتم الطعن في الأحكام والقرارات الصادرة بمنازعات التنفيذ أمام المحكمة العليا كونها ألغيت بخطأ تشريعي ذبح العدالة بغير مُدية..!!.
د. هيگل عثمان، مساعد رئيس هيئة التفتيش القضائي لشؤون القضاء المتخصّص ل«الجمهورية»:
رسالة القضاء فيما يخصُّ سيادة القانون مازالت دون المستوى المطلوب
«الأحكام التي تصدر، قد تصدر وهي مشوبة ببعض المشكلات التي تعيق تنفيذها، أو أن المدى الزمني للحصول عليها يكون طويلاً؛ وبالتالي تظلّ هناك إشكالية فيما يتعلّق بأن رسالة القضاء فيما يخص سيادة القانون مازالت دون المستوى المطلوب».. هذا ما قاله الدكتور هيكل محمد عثمان، مساعد رئيس هيئة التفتيش القضائي لشؤون القضاء، المتخصّص، وأستاذ مادة التنفيذ الجبري في المعهد العالي للقضاء الذي ناقشنا معه بعض جوانب مشكلات التنفيذ القضائي وأبعادها في الحوار التالي..
.. بداية د. هيكل نحب أن توضح لنا الإشكالات المتعلّقة بالتنفيذ القضائي من خلال ما يتبيّن لكم في هيئة التفتيش القضائي..؟.
من المعلوم أن السُلطة القضائية من مهامها حماية سيادة القانون، فالقانون في جوهره يتضمّن جزاءات، وبالتالي الأصل أن الناس في حياتهم الاجتماعية يلتزمون تلقائياً بتطبيق القانون، وإذا حصلت مخالفة لهذا القانون فالأصل أن المعتدى عليه لا يأخذ حقه بيده وإنما يلجأ إلى القضاء، ومهمّة القضاء هنا هي التحقّق من وجود الفعل المخالف للقانون ثم يصدر حكم بذلك، ووفق نظامنا القضائي؛ فإن الحكم لكي يصدر لابد أن يصدر من قبل محكمة أول درجة ثم يؤيّد من محكمة ثاني درجة ثم يصادق عليه من المحكمة العليا وهكذا، ثم يذهب إلى مرحلة التنفيذ، للأسف أنه في الغالب أو أحياناً أن الأحكام التي تصدر، قد تصدر وهي مشوبة ببعض المشكلات التي تعيق تنفيذها أو أن المدى الزمني للحصول عليها يكون طويلاً؛ وبالتالي تظل هناك إشكالية فيما يتعلّق بأن رسالة القضاء فيما يخص سيادة القانون مازالت دون المستوى المطلوب، ولهذا فإذا أتى الحكم إلى مرحلة التنفيذ أحياناً تصاحب مرحلة التنفيذ مشكلات مختلفة قد تكون مصدرها فكرة الحكم ذاته؛ لأن قاضي الموضوع لم يستطع أن ينتج الحكم الذي يصلح أن يكون أساساً للتنفيذ، أو قد يكون مصدر المشكلات التي تعيق التنفيذ هم القضاة أو الأعوان أو الخصوم بفعل ما يمارسونه من منازعات كيدية تبطل إجراءات التنفيذ..!!.
مشكلات التنفيذ القضائي في بلادنا مازالت تصاحبها الكثير من المعوّقات، والمفترض أن هذه الظاهرة تأخذ حقّها من الاهتمام ابتداء من مجلس القضاء؛ لأن القضاء يجب أن يقوم بتقديم ما نسمّيه خدمة العدالة بجودة عالية، ومن معايير الجودة السرعة في حصول المستجير بالقضاء على الحماية، وأن يحصل عليها بأقل جهد وأقل نفقة، وأيضاً تكون هذه الحماية سواء في القضائية الموضوعية التي تتجسّد في إصدار الأحكام، أم الحماية القضائية التنفيذية التي تتجسّد في إعادة الحقوق إلى وضعها، وتتطلّب كذلك أن تكون الحماية وبما يخدم التنمية ويخدم الاستقرار الاجتماعي، ولهذا عندنا مشكلات مختلفة.
.. أشرت إلى ما تسمّيها «الجودة في خدمة العدالة» فما هي معايير توافرها في التنفيذ القضائي..؟.
في كل النظم القضائية بأغلب الدول التي قطعت شوطاً كبيراً تجد لديهم ضوابط لتقديم هذه الخدمة، بحيث إن هذه الضوابط تمنع حدوث هذه الإشكالات، أي أنها تمنع تنفيذ شيء قد نفّذ، لأنه في الأصل أن هذه الخدمة لا تقدّم، مفتاح البداية لهذه الفكرة سياسات واضحة وجادة من قبل مجلس القضاء الأعلى في سياق التنفيذ تعزّز هذا النوع من القضاء بقضاة متخصّصين وتعطي لهم الأعوان المتمكنين، وتعطيه إلى جانب ذلك التأهيل والتدريب المستمر، وفي الأخير الأحكام إذا لم تنفّذ تظل ورقة بيضاء لا قيمة لها، وبالتالي قيمة الحكم أنه مجسّد للدولة القانونية، وتنفيذه مجسّد لمبدأ سيادة القانون، ولهذا الحكم لم ينفّذ لماذا، هل لأن مركز المنفّذ ضده يمنع من التنفيذ..؟! وعلى كلٍ أعتقد أن أبرز المشكلات التي يواجهها القضاة في الغالب هو قصور في قدراتهم ومهاراتهم، وقد تكون أيضاً في المعلومات النظرية؛ لأن قضاء التنفيذ ليس علماً وإنما فن تطبيق؛ بمعنى كيف تراعي مصلحة المنفّذ ضد طالب التنفيذ في تنفيذ سريع بحقه، ومصلحة المنفذ ضدّه في أنه لا أحد يتعسّفة في إجراءات التنفيذ، ثم إن مصلحة العدالة تقتضي أن تقدّم هذه الخدمة بجودة عالية، أي بما معناه بما يراعي حاجة المجتمع؛ لأنه في الأخير الخدمة هي تشبُّع حاجات الناس بوجود قانون ونظام قضائي مستقر، وحاجة المجتمع أن يشعر بأن هناك عدلاً وأن حقوقه لن تمس، وقد بدأ هنالك اهتمام في المعهد العالي للقضاء الذي أدرّس فيه مادة «التنفيذ الجبري» حيث جعلت من مادة التنفيذ الجبري مادة أساسية في المعهد وأحد مفردات المقرّر ويُمتحن عليها الطالب.
.. وهل ترى أن السياسات القضائية بشكلها الحالي مهيأة للأخذ بمثل هكذا معايير..؟.
مازلت أؤكد أن سياسة مجلس القضاء غير واضحة المعالم بدليل أن سياسة التدريب عندهم غير موجودة، ونحاول حالياً وبطرق مختلفة إيجاد برنامج التدريب والتأهيل لقضاة التنفيذ وصندوق تشجيع المهارات هو من داعمي هذه الفكرة، رغم أنه في الأصل يفترض أن تكون لدينا من الإمكانات المادية ما يكفل عملية التدريب كون التدريب مهم جداً، وأعتقد أن الحل الأول لمشاكل قضايا التنفيذ يبدأ من هنا من عملية التدريب، ثم بعد ذلك نستطيع فرز القضاة بشكل صحيح، سندرك أن القاضي الذي في محكمة ما يريد تطبيق القانون، أم أنه يريد تطبيق قانونه الخاص، ولهذا نحن مهتمون بفكرة التدريب والتأهيل باعتبارها مفتاحاً حقيقياً للتصحيح، وكان شيئاً طيباً أن بدأ المعهد العالي للقضاء باعتبار مادة التنفيذ الجبري مادة أساسية في التدريس داخل المعهد إلى جانب التأهيل المستمر، هذا ما نفتقده في القضاء، أنت تتكلّم عن خدمة؛ وبالتالي ما هو زمن تقديم الخدمة وما هي أساليبها؟! هذه كلها يجب أن تكون واضحة، إلى حد الآن لا توجد وسائل وطرق مناسبة وعصرية لتقديم هذه الخدمة للناس بسهولة ويُسر.
.. وما الذي يمكن اتخاذه بهذا الخصوص..؟.
في رسالتي للدكتوراه ناقشت المدى الزمني للحصول على الحق وصدور الحكم البات، فوجدت أن طالب الحق إذا أراد أن يحصل على حقوقه فإنه يحتاج إلى عقود حتى يحصل على الحكم وأيضاً إلى عقود حتى ينفّذ الحكم أحياناً، توجد هنالك مشكلات متعدّدة، وأبرز مؤثّراتها حسب اعتقادي هو نقص برامج التدريب التي تجعل قدرات القاضي ومهاراته في تقديم هذه الخدمة بإتقان وإحسان؛ لأن المستجير بالقضاء هو في الأخير يتلقّى خدمة، ونحن الآن في المرحلة الأخيرة حاولنا أن نعالج بعض مظاهرها من خلال التركيز على أحد المؤثّرات على هذه الظاهرة وهي قضية التدريب لقضاة التنفيذ وهي قضية أساسية، وللأسف مجلس القضاء لم يأخذ هذا الموضوع على محمل الجد والاهتمام، رغم أن قضية التدريب تعتبر قضية محورية في إطار أي مؤسّسة لتعزيز جودة الخدمة التي تقدّمها المؤسّسة نفسها، إن شاء الله لدينا برنامج تدريبي خلال الفترة القريبة بالتنسيق مع صندوق تنمية المهارات على أساس أن نقدّم تدريباً لما يقارب 150 قاضياً تنفيذياً على مستوى الجمهورية، وهناك برنامج معد بإحكام يتضمّن إكساب هؤلاء القضاة مهارات تساعدهم على تحقيق جودة الحماية القضائية التنفيذية.
.. هناك أحكام يتم تنفيذها، ثم يأتي قضاة آخرون فيصدرون ما تسمّى «قرارات تنفيذية» تمس حجّية الأحكام المنفّذة سابقاً كما وجدنا ذلك في إحدى القضايا بالحديدة، ما مدى قانونية وشرعية هذه الإجراءات، وهل لما تسمّى «القرارات التنفيذية» قيمة قانونية تفوق الأحكام ذاتها..؟.
النظام القانوني اليمني وضع نظاماً للتنفيذ القضائي وحدّد واجبات على القاضي، والأصل أن القاضي يلتزم بها، وهذه الظاهرة التي تتحدّث عنها إذا حدثت فهي تشكّل مخالفة قانونية، إعادة تنفيذ حكم قد نفّذ يعد سابقة خطيرة.. عندنا نظام قانوني والأصل أن القضاة يجب أن يلتزموا بأحكامه، عندك محكمة درجة أعلى إذا كان التنفيذ من قبل محكمة أول درجة في إطار النظام القضائي، ومحكمة ثاني درجة يجب عليها أن تصحّح أي خلل في الأداء، وهناك أيضاً جهات رقابية كهيئة التفتيش القضائي بحيث إذا في هناك مخالفة مسلكية أدّت إلى إهدار حجّية الأحكام الصادرة ومسّت الاستقرار في المراكز القانونية المكتسبة؛ فإن هذه القضية تشكّل مخالفة قانونية تستوجب في الأصل إذا ما ثبتت اتخاذ إجراءات معيّنة.
.. وما هي الإجراءات المفترض اتخاذها حيال هكذا مخالفات في حال تبينها..؟.
هناك ثلاثة إجراءات تتناول هذه المخالفات؛ فهناك جزاء يتناول العمل نفسه بالبطلان إذا تم أو بالانعدام، وهناك جزاء يتناول القائم به، وهذا الجزاء قد يكون مسؤولية تأديبية، وقد تكون عليه مسؤولية مدنية إذا أحدث ضرراً بالغير، وبالتالي فإن فكرة الحلول موجودة في سياق النظام القانوني، أعني أن النظام القانوني اليمني وضع حلولاً لهذه المشكلات.
.. لماذا لا يتم إنشاء شُعب خاصة بالتنفيذ وتخصيص قضاة رئيسين في مجال التنفيذ..؟!.
البداية هي من معهد القضاء، لابد من وجود تدريب يكفل تأهيل قضاة متخصّصين؛ لأن القانون يتحدّث عن قاضٍ متخصّص وليس أي قاضٍ، في جمهورية مصر عندهم ما يسمّى بإدارة التنفيذ، ويرأس هذه الادارة مستشار بدرجة استئناف، وتحت هذه الإدارة أكثر من قاضً، وعندهم أعوان وعندهم قدرات فنية تمكنهم من الأداء بشكل أفضل، للأسف واقعنا يفتقر إلى هذه القدرات والإمكانيات، نحن نتمنّى أن تتوافر هذه الأشياء في قضائنا المجسّد لوجود قضاء في هذه المرحلة التي هي مرحلة التنفيذ، فما قيمة الناس عندما يذهبون ليحصلوا على حقوقهم ولا يجدون أن حقوقهم تُحمى..؟! هناك مقولة تقول: "إن الحق الذي لا مريء فيه ليس عدلاً؛ ذلك الذي يأتي بعد فوات الأوان، فإن هو فعل فهو إلى الظلم أدنى وبه أشبه، وليس عدلاً ذلك الذي يرهق المستجير به المتطلّع إليه بثمن غالٍ صاغر من جهد أو مال"العدالة أن الناس تصلهم حقوقهم بأسرع وقت، وهذه نتيجة من نتائج عدم توفر الجودة والسرعة مع الكفاءة وإتقان الخدمة.
.. ما هو دور هيئة التفتيش القضائي في تصحيح الإشكالات المتعلّقة بالتنفيذ القضائي..؟.
دور الهيئة هو دور مشخّص للمشكلات التي تعيق النشاط القضائي، نحن رصدنا أنه من أكبر المشكلات هو قصور التأهيل والتدريب مبدئياً، من حق القاضي أن يحصل على التأهيل والتدريب الذي يمكّنه من تقديم هذه الخدمة بجودة عالية، يكاد يكون لم يحصل أي قاضٍ من القضاة على دورة تدريبية تساعده على إتقان أداء هذه الخدمة قبل أن نذهب الى تفعيل مساءلات تأديبية، الأصل أن نؤهّل الناس تأهيلاً فنياً، لأنهم لايزالون على المعلومات النظرية أو على اجتهادهم الذاتي، نحن هنا نتكلّم عن أداء خدمة بمعايير صارمة لا تقبل العبث بالوقت ولا بأموال الناس ولا حقوقهم.
.. هناك إشكالات يرجعها قضاة التنفيذ إلى الأحكام نفسها لعدم وضوح المنطوق في بعضها، فما مدى صحّة ذلك..؟!.
هذا صحيح، فأحياناً الإشكالات قد تكون مصدرها القضاء الموضوعي، بمعنى الجهة المعنية بتكوين فكرة الحكم لم تكوّنه بالشكل الذي يريده القانون، قضية التنفيذ هي مثل الشيك، وبالتالي صاحب الحق يأتي بهذا الشيك "منطوق الحكم"للقاضي والذي بدوره يقوم بعمل اللازم وفق هذا الحكم بسهولة، كونه لا يوجد أي اجتهاد في طبيعة الحق، فالحكم يجب أن يكون واضح المعالم؛ بمعنى أن يكون محقّق الوجود حال الأداء ومعين المقدار.
.. هناك شكاوى بعدم التزام بعض المحاكم باختصاصاتها المكانية، فما تعليقكم..؟!.
إذا وجد تنفيذ خارج الاختصاص المكاني، فالقانون حدّد ماذا يجب على الدفاع وماذا يجب على القاضي، وفي الأخير أنه يصدر قرار، لدينا محكمة أعلى درجة تراقب هل فعلاً حكم محكمة أول درجة كان مطابقاً للقانون أم لا..؟! وهكذا الأصل تفعيل الحلول الموجودة في سياق النظام القانوني تؤدّي إلى الحل، الإشكال الموجود هو أن هناك نوعاً من ممارسة التسلُّط، يجب أن تكون هنالك في الأخير عدالة وشفافية تخدم القضية العادلة ولا تخدم أطرافاً معيّنة وتخرج خارج إطار الحق وإحقاق الحقوق لأصحابها.
.. يُلاحظ أيضاً أن كثيرين من القضاة يتم تحميلهم قضايا ومهام فوق طاقاتهم العملية كبشر؛ ألا ترون أن ذلك يؤثّر أيضاً على الأداء النوعي والإنجاز المطلوب وفق معايير الجودة التي تتحدّث عنها..؟!.
هذا صحيح، فمن معايير جودة الخدمة أنه لابد من توفير عدد كافٍ من القضاة المتخصّصين، وهذه المشكلة سوف تعود بنا أو تسحبنا إلى المشكلة في أداء مجلس القضاء الأعلى، كونه ليس لديه سياسات واضحة تصحّح الواقع، أنت لو دخلت محكمة من هذه المحاكم التي أشرت إليها، ستجد القاضي يعيش في بيئة محزنة لا تؤهّله في أن ينشئ عدلاً، اذهب إلى المحكمة التجارية في الأمانة أو محكمة الشيخ عثمان بعدن، كل محكمة فيها ما يقارب 3 آلاف قضية، رئيس المحكمة هو المختص بالتنفيذ وهو المختص بالفصل في قضايا موضوعية ومختص بالقضايا المستعجلة، وأعمال ولائية وأعمال إدارية، ما هذا..؟! وبالتالي هو بشر.. وفي الأخير نحن إذا أردنا أن نتعامل مع ظاهرة، ما فلابد من أن نحاصر كل أسبابها حتى نحاسب الناس، هناك أوجه قصور مختلفة؛ وبالتالي هذه الأعباء التي تثقل كاهل رئيس المحكمة الذي يمسك بزمام التنفيذ رغم أنه مثقل بأعباء وأعمال أخرى تجعل رئيس المحكمة لا يطلّع بشكل جيد ولا يتابع كل ما هو جديد في هذا التخصُّص، وقد تجده لا يتعامل مع الناس بشكل جيد..!!.
.. سمعنا عن ما يسمّى «مشروع القضاء الالكتروني» فما هي فكرته..؟!.
النظام القضائي الألكتروني كنّا قد شرعنا في فكرته؛ وهو نظام يفرض على المحكمة أن تدخل كل القضايا ببياناتها في إطار برنامج يسمّى «النظام القضائي الألكتروني» ثم تدوّن كل إجراء تم في القضية، هذا النظام يخوّل لنا الرقابة بطريقة غير مباشرة على إجراءات سير التقاضي، وهل تتفق هذه الإجراءات مع القانون أم لا..؟! وبالتالي أستطيع أن أجري تفتيشاً مفاجئاً على القاضي وبما يخدم الهدف الذي يعيده إلى الطريق الصحيح، للأسف هذا النظام مازلنا نحاول إخراجه إلى الواقع ولم نستطع إكمال بنيته حتى الآن.
.. كلمة أخيرة..؟.
لابد أن تكون هناك سياسات واضحة لمجلس القضاء الأعلى فيما يتعلّق بقضاء التنفيذ لمحاصرة المشكلات التي تواجه هذا النوع من القضاء؛ لأن حقوق الناس تتضرّر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.