أن تتحدث عن عدن فأنت تتحدث عن حاضرة اليمن والجزيرة العربية وعن أول مدينة ومجتمع مدني في هذه المنطقة وعن مدينة كانت جوهرة الشرق الأوسط فيما مضى. أن تتحدث عن عدن فلا بد أن تجول في خواطرك صهاريج صيرة وقلعتها وجبل شمسان وسواحلها وشواطئها الجميلة، كالساحل الذهبي وساحل أبين، ولابد أن تتذكر نجوم الفن الجميل وعمالقته أحمد قاسم ومحمد سعد عبدالله ومحمد مرشد ناجي رحمهم الله جميعاً. ولا بد أن يمر بخيالك أن هذه المدينة تحتضن واحداً من أقدم الأندية العربية وهو نادي التلال، ولابد أن تدرك أن هذه المدينة مارست الرياضة قبل أكثر من مائة عام وستتذكر فريق الاتحاد المحمدي وشباب القطيعي وفريق الحسيني والأحرار وغيرها من الفرق القديمة، وستتذكر أيضاً أنديتها الحالية نادي الوحدة وشعلة البريقة وشمسان الجبل والمنصورة وستتنهد على نادي الميناء. لابد وأن تتذكر نجومها ولآلئها الكروية سعيد دعالة وعباس غلام وعلي محسن المريسي وأبوبكر الماس والأحمدي والشرف المحفوظ ومحمد حسن أبو علاء وصالح الحاج ووزير الدفاع خالد عفارة ووجدان شاذلي وفتحي الجابر وعبدالناصر نديم وعارف عبدربه رحمهما الله وجمال نديم وسلطان الكرة اليمنية عمر البارك وغيرهم الكثييير الذين لا تتسع الذاكرة لسرد أسمائهم وكلها نجوم ارتبط اسمها ونجوميتها بهذه المدينة الجميلة والساحرة والآسرة. حينما تذكر عدن ستدرك أنها المدينة التي تحتفي بمرور ستة عقود على تأسيس إذاعتها وأن تلفزيونها قد انطلق قبل خمسين عاماً. ستعرف أن هذه المدينة سبقت بمدنيتها الكثير من عواصم ومدن الوطن العربي. عدن كماهي عاصمة الاقتصاد اليمني فإنها عاصمة الرياضة اليمنية بامتياز. مدينة تعشق الرياضة بجنون منذ أيام ديربي الوحدة والتلال وانقسام أبنائها إلى فريقين ولا حديث للجميع سوى عن الديربي المرتقب حتى ديربي القاهرة في الثمانينيات وبداية التسعينيات تجد له صدى في عدن وكأنها ستحتضنه، ولم تكن قناة عدن فيما مضى تفوت الديربي المصري وغيره من المناسبات الكروية محلياً وعربياً وعالمياً، حينما أتذكر أول لقاء في الدوري اليمني أتذكر أني شاهدته في طفولتي عبر هذه القناة وكان بين الشعلة والتلال عام 1992 وأول بطولة لكأس أمم أوروبا في نفس العام شاهدتها عبر تلك القناة التي كانت رياضية بامتياز، حتى أول دوري يمني بدأت علاقتي به موسم 1996 1997 لم أستطع أن أتابعه إلا عبر إذاعة عدن التي نقلت لنا معظم المباريات التي أقيمت في عدن، بل إنها نقلت مباراة شعب حضرموت واتحاد إب التي أقيمت في اللواء الأخضر الساعة التاسعة صباحاً. كنت في ذلك لموسم في الصف التاسع الأساسي وبدأت رحلتي الرسمية مع دورينا لم أستطع مشاهدة أية مباراة بعد انقطاع بث قناة عدن عن مدينتنا منذ أحداث صيف 1994 المشؤومة وكانت قناتنا الفضائية مقاطعة الرياضة بشكل فظيع ولم تنقل أية مباراة في ذلك الموسم وحتى أخبار الدوري كانت غائبة تماماً على شاشتها، ونفس الأمر ينطبق على إذاعة البرنامج العام ومن لنا غيرها إذاعة عدن التي كانت توافينا عبر برنامج رياضي كان يقدمه كروان التعليق الرياضي المرحوم بإذن الله سالم بن شعيب عقب نشرة السابعة والنصف المحلية والذي كان يشنف آذاننا بصوته الجميل سواء في ذلك البرنامج أو عبر تعليقه الرائع والجميل على مباريات الدوري الذي كان يتناوب التعليق مع المبدع والمتألق باستمرار الأستاذ محمد يسلم البرعي والذي كان ومازال يطوف بنا إلى كل ملاعب الجمهورية عبر برنامجه الأسبوعي الشهير مجلة الشباب والرياضة والذي لم يتخلف عن الموعد طوال هذه السنين. هذه عدن وهذا تلفزيونها وهذه إذاعتها جميعهم يهيمون عشقاً في الرياضة.. أتذكر أن أول مباراة في الدوري الإنجليزي شاهدتها كانت أثناء زيارتي لعدن عام 2001 ولفت نظري مدى المتابعة الكبيرة لأبناء عدن للدوري الإنجليزي والإيطالي والإسباني لم تكن قنوات الجزيرة الرياضية قد ظهرت وكان أبناء عدن يتابعون تلك الدوريات قبل ظهورها بسنين. في عدن للمباريات طعم ومذاق مختلف لهذا لا عجب أن تكون عاصمتنا الاقتصادية والرياضية والعجيب أن لا نرى أنديتها وهي تنافس على كل البطولات في بلادنا. رياضة عدن بدأت تشهد عودة لروحها بعودة فريقي الوحدة والشعلة وبحصول التلال على المركز الثالث وإذا أردت أن تقيس مستوى رياضة الوطن فانظر إلى مستوى الرياضة في عدن. مبروك لعدن كمدينة بعودة الوحدة والشعلة ومبروك لها كإقليم صعود ثلاثة من أنديتها إذا ما أضفنا إنجاز فحمان، ومبروك لها وصول ثلاثة من أنديتها لنصف نهائي كأس الرئيس وضمان فريق في نهائي الكأس بعد وصول المنصورة وشمسان لنصف النهائي في الكأس ومواجهتهما في هذا الدور بالإضافة للتلال الذي إذا تجاوز الصقر فسنشاهد نهائياً عدنياً خالصاً وستعود الكأس لعدن بعد غيابها عنها منذ تتويج التلال عام 2010. وإن كان الإنجاز الحقيقي الذي يليق بعدن وجماهيرها التي تتنفس عشقاً لكرة القدم وتتغذى وتنام وتصحو على وقع وأصداء مباريات كرة القدم فمدينة كهذه لا يليق بها وبجمهورها وبأنديتها سوى التتويج بالبطولات والألقاب وصعود أبنائها لمعانقة الذهب وعودة أمجادها الكروية.. وأمجاد ياعدن أمجاد..