الباحث في مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية عايش علي عواس يؤكد أن «القاعدة» أصبحت ماركة للعديد من جماعات العنف وتقوم بعمليات إرهابية لصالح قوى إقليمية ودولية، مشيراً إلى أن هذا التنظيم الإرهابي أصبح يهدّد أمن واستقرار اليمن ويهدّد مصالحه الحيوية، منوّهاً إلى ضرورة دعم ومساندة الجهود الحكومية للقضاء على الإرهاب الذي ينفّر الاستثمارات ويحرم الاقتصاد الوطني من مداخيل السياحة ويحدّ من فرص العمل أمام الشباب وبالتالي زيادة مساحة الفقر، فإلى نص الحوار.. قراءتك لما يجري في المشهد القاعدي مؤخراً..؟. المشهد القاعدي اليوم ليس وليد اللحظة بل هو في واقع الأمر امتداد لأحداث وتطورات السنوات الثلاث الماضية؛ فقد أدّى اندلاع الاحتجاجات الشعبية مطلع عام 2011م إلى حدوث حالة من الانقسام المجتمعي، وقد امتد هذا الشرخ ليطال أقوى مؤسستين في البلاد وهما المؤسسة العسكرية والأمنية من جهة والمؤسسة القبلية من جهة أخرى، ما خلق حالة من الفراغ الأمني في البلاد ولاسيما في المناطق الطرفية وهو الأمر الذي استغله تنظيم «القاعدة» وغيره من الجماعات المسلّحة لتوسيع دائرة سيطرتها وتعظيم نشاطها؛ بل محاولة إقامة الدولة النموذج وفق رؤية «القاعدة» وهو ما تجلّى بوضوح من خلال محاولة سيطرة التنظيم على مدينة زنجبار وتحوُّله حينها من جماعة مسلّحة إلى حركة اجتماعية تقدم الخدمات للسكان وتعمل على حل المنازعات فيما بينهم وتساعد المعسرين وقليلي الحيلة بهدف تكوين عمق اجتماعي يحتضن التنظيم ويزوّده بالمجندين، لكن تبيّن تالياً أن كلفة السيطرة على الأرض «زنجبار» والبقاء فيها كان باهظ الثمن بالنسبة للقاعدة، حيث خسرت وقتها العشرات من قياديها ومقاتليها الأمر الذي دفعها إلى العودة إلى أسلوب وتكتيك حرب العصابات ونصب الكمائن وتفجير السيارات المفخّخة والاغتيالات وشن الهجمات المفاجئة. وبشكل عام فإن تزايد عنفوان «القاعدة» في الوقت الراهن على نحو ما هو ظاهر اليوم يعود في تقديري الشخصي إلى عاملين اثنين: العامل الأول هو أن «القاعدة» لم تعد ترى في اليمن أرض مدد تزوّدها بالمقاتلين إلى ساحات المواجهات الخارجية كما كان عليه الأمر في السابق؛ بل أصبحت ترى في الأراضي اليمنية مكاناً ملائماً لإقامة دولتها الخاصة كما تتصوّرها، وبناء على هذا التغيُّر باتت تستهدف منتسبي القوات المسلّحة والأمن لأنها تريد أن تحل محل الدولة القائمة؛ وذلك لا يتحقق إلا بتقويضها وتدمير مصادر قوتها وحشد أكبر عدد ممكن من المجندين إلى صفوفها حتى وإن لم يكونوا من الملتزمين بأداء الفرائض الدينية إلى درجة أنه أصبح أكثر مرونة في هذا الشأن ولم يعد يلتزم بمعاييره الصارمة في عملية الكسب والاستقطاب كما كان عليه الأمر في السابق؛ حيث يوجد في صفوفه اليوم عناصر لم تكن معروفة بتديّنها وبعضها أصحاب سوابق وهذا يفسّر نوعاً ما قيام بعض أتباعه بنهب البنوك وبعض الممتلكات العامة وقتل بعض الأبرياء من الأطفال والنساء كما حدث في مستشفى مجمع الدفاع؛ وبالتوازي مع ذلك فقد وسّع التنظيم بناءه التنظيمي، وتحوّل من مجرد خلايا عنقودية متناثرة هنا وهناك إلى هيكل تنظيمي تراتبي على رئيسه قائد وتحته ولايات وعلى رأس كل ولاية أمير. والعامل الثاني هو أنه في ضوء المتغيرات والظروف التي تقدّم الحديث عنها فقد توافد في السنوات الثلاث الأخيرة العديد من عناصر التنظيم الأجنبية إلى بلادنا إلى درجة يرجح معها بأنهم باتوا يشكّلون الغالبية داخل تنظيم «القاعدة» باليمن في الوقت الراهن، والمشكلة أن هؤلاء وبعكس أقرانهم اليمنيين يشعرون باليأس وفقدان الأمل من إمكانية العودة إلى بلدانهم ما يدفعهم إلى ممارسة أقصى درجات العنف والقتال بشراسة؛ لأنه لا خيار أمامهم غير خيار الموت..!!. يضاف إلى ما سبق عامل ثالث وهو يتعلّق بالقيادة والسيطرة، ففي ما مضى من الوقت كانت القيادة المركزية للتنظيم في أفغانستان وتحديداً في عهد بن لادن قادرة على التواصل والاتصال بالفروع المحلية والإقليمية للتنظيم وإلزامها بالخطط والتوجهات التي تقرّها القيادة العليا للقاعدة؛ لكن اليوم الوضع مختلف، حيث أصبحت الفروع الإقليمية مستقلّة وتمارس السياسات والأنشطة التي تراها مناسبة لها حتى وإن كانت غير متوافقة مع ما تدعو وتنصّ عليه مبادئ وأهداف «القاعدة» الأم، فعلى سبيل المثال كان بن لادن يدعو أنصار التنظيم وقياداته إلى تجنب المواجهات مع الحكومات المحلّية، ويحضّهم في المقابل على مقاتلة العدو البعيد؛ لكن في الوقت الحاضر وبخلاف تعليمات بن لا دن أصبح هم «القاعدة» مهاجمة الأهداف المحلية والأجنبية على حد سواء؛ بل إن الأهداف المحلية باتت الأكثر حضوراً، ويتبدى ذلك من خلال مطالعة قائمة الضحايا في الوقت الحاضر؛ حيث أصبح حوالي 95 % منهم من اليمنيين. تقول لي «استغلوا الأوضاع» ألم يكونوا من قبل مطاردين في الجبال والكهوف والمغارات، كيف استجمعوا قوتهم بالطريقة التي تتحدّث عنها..؟!. نعم كانوا مطاردين؛ لكن عندما حدث الانقسام انشغلت القوى السياسية بمواجهة بعضها، وتم سحب بعض القوات من مناطق المواجهات مع «القاعدة» إلى العاصمة، وهكذا استجمعوا قواهم وتمكّنوا من التحرك بسهولة، زد على ذلك أن الخلافات السياسية أسهمت هي الأخرى في تزايد ظاهرة الإرهاب، فالإرهاب كما هو معروف في كل بقاع العالم تحرّكه في العادة دوافع سياسية. داخلية أم خارجية..؟. داخلية وخارجية؛ بدليل أن «القاعدة» لم تعد اليوم قاعدة واحدة، بل عدّة قواعد لكل منها أهدافه وأجندته الخاصة. عفواً.. في اليمن أم خارج اليمن..؟. في اليمن. ألم يحتو تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب كل الفصائل السابقة مطلع العام 2009م..؟!. «القاعدة» أصبحت مظلّة أو ماركة للعديد من جماعات العنف، وفي حالات معينة يبدو أن «القاعدة» أصبحت مخترقة بحيث تقوم أحياناً بعمليات لصالح الغير بقصد أو دون قصد؛ دعني أضرب لك مثالاً على ذلك؛ إلى هذه اللحظة قتل العشرات من خيرة ضباط وجنود أجهزة المخابرات والقوات المسلّحة والأمن، وقد أعلنت «القاعدة» مسؤوليتها عن غالبية هذه العمليات؛ مع أن العديدين من هؤلاء لا علاقة لهم بمكافحة الإرهاب؛ وبالتالي لا مبرّر لقتلهم من قبل التنظيم وإنما هناك مصلحة لأطراف أخرى غير «القاعدة» في تصفيتهم، يزيد من حجم الشكوك في هذا السياق أن بلادنا أصبحت ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية إلى درجة أن بعض قوى الأطراف الخارجية أضحت توظّف «القاعدة» وبعض الجماعات المسلّحة المحلية لتقويض استقرار اليمن ودول الجوار الجغرافي من حوله. هذه الأطراف إقليمية أم دولية..؟!. الأرجح إقليمية؛ تحاول أن تستغل تنظيم «القاعدة» لزعزعة الاستقرار في المنطقة لإضعاف منافسيها ومن ثم توسيع دائرة نفوذها الإقليمي وبما يفسح لها المجال لتصبح الدولة القائدة في المنطقة دون منازع. وفيما يتعلّق بالجانب الدولي أيضاًَ..؟. لا شك أن الحرب ضد الإرهاب خدمت العديد من القوى الدولية ومكّنتها من الوصول إلى مناطق ومصالح لم تكن تحلم بالوصول إليها ومن ذلك على سبيل المثال الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تمكّنت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر من الوصول إلى ثاني أكبر احتياطي للبترول على مستوى العالم؛ وهي في هذه الحال منطقة آسيا الوسطي وبحر قزوين..!!. أفهم من كلامك الآن أن هذه الدول سواء الإقليمية أم الدولية قد تدعم «القاعدة» بطريقة ما من الطرق أو على الأقل قد تتواطأ معها في عملياتها لتحقيق مكاسب منها بطريقة غير مباشرة..؟!. نعم تستغلّها لتوسيع مجال حضورها وتأثيرها على الساحة الدولية وتمكينها من التواجد في المواقع والمضايق البحرية التي تربط بين قارات العالم ومحيطاته والمتحكّمة في نفس الوقت بطرق التجارة وحركة الملاحة الدولية أو ما يمكن تسميته بالمفاتيح الستّة للسيطرة على العالم، وهي في هذه الحال مضيق ملقا وهرمز وباب المندب ومضيق جبل طارق وقناة السويس ومضيق البسفور. هناك من يقول إن ثمة «قاعدة» تخصّ اليمن، بصرف النظر عن بعض التفاصيل هنا، وهناك «قاعدة» تخصّ المملكة، وأخرى تخصّ أمريكا، وأخيرة تخصّ إيران، ما ذا ترى..؟!. في رأيي «القاعدة» أصبحت أحياناً بندقية للإيجار؛ ويتم توظيفها من وقت إلى آخر لصالح الغير كما تحدّثت سابقاً ولم تعد ملتزمة بنهج أو باستراتيجية معيّنة كما كان عليه الوضع في عهد بن لادن؛ ويتجلّى ذلك من توسع دائرة المستهدفين واعتراف بعض القيادات المنشقة عن التنظيم بوجود علاقة ارتباطية بين «القاعدة» ودول طالما صنّفها التنظيم كعدو رئيسي. يعني تخدم أطرافاً إقليمية أو دولية متناقضة فيما بينها أيضاً..؟!. هي تخدم كل طرف بطريقة مختلفة، وفيما يتعلّق باليمن يمكن تقسيم العالم الخارجي مجازاً إلى طرفين؛ طرف يرى أن أمن واستقرار اليمن يمثّل ضمانة للحد من المخاطر والتهديدات المحتملة ضد أمنه ومصالحه الحيوية، وطرف آخر يعتبر زعزعة الاستقرار وإضعاف قبضة الحكومة المركزية وتقويض سلطتها في هذا البلد أمراً مناسباً لإيجاد البيئة والظروف المواتية لتعزيز دوره القيادي في المنطقة والعالم. هذان الطرفان على تناقضاتهما حاضران في المشهد القاعدي اليمني..؟!. نعم حاضران وبغير خفاء، ونلمس ذلك من توافق الدول الكبرى وإصرارها مع دول مجلس التعاون الخليجي - وهي حالة نادرة في التاريخ - على دعم نجاح عملية الانتقال السياسي في اليمن والحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها؛ وعلى النقيض من ذلك تعمل أطراف إقليمية أخرى عكس هذا التوجُّه عبر دعم جماعات العنف والإرهاب ومدّها بالأموال والأسلحة والسفينة “جيهان 1” التي ألقي القبض عليها نهاية شهر ديسمبر 2012م وعلى متنها كميّة مهولة من الأسلحة الخاصة بالعمليات الإرهابية أحد مؤشرات ذلك. كما أن تواجد العناصر الأجنبية في تنظيم «القاعدة» في اليمن بأعداد كبيرة في هذه المرحلة أمر لا يخلو من دلالة لاسيما أن معظم عمليات «القاعدة» إن لم نقل جميعها يتم تنفيذها بمشاركة عناصر أجنبية، بل إن بعضها نُفّذت بشكل كامل بواسطة أجانب. أجانب إقليميون أم دوليون..؟!. إقليميون ودوليون؛ لكن العناصر الإقليمية هي الأكثر حضوراً وتواجداً. طيب.. لماذا العنصر الأجنبي..؟!. التنظيم من حيث تركيبته وتكوينه وطموحاته ذو طابع عالمي وعابر للحدود القومية؛ وفي ضوء ذلك من الطبيعي أن يضم في صفوفه خليطاً واسعاً من عناصر وجنسيات مختلفة، بالإضافة إلى ذلك فإن تزايد قوة تنظيم «القاعدة» في اليمن مؤخراً حفّزت الكثير من العناصر وشجّعتها على الرحيل إلى الأراضي اليمنية تارة لأسباب وعوامل ذاتية وأحياناً بدوافع سياسة بغرض تأجيج نيران العنف والفوضى وإفشال عملية الانتقال السياسي في البلاد. حسب تصريحات فخامة رئيس الجمهورية 70 % من «القاعدة» أجانب، كيف اخترقوا الأراضي اليمنية ودخلوا بهذه الأعداد المخيفة..؟!. بحقائق الأشياء أنت تعرف أن السواحل اليمنية تمتد إلى أكثر من 2500 كيلو فيما يصل طول الحدود البرية إلى نحو 1650 كيلومتراً تقريباً. لكن منافذ الدخول محدودة ومعدودة..؟. نعم؛ لكن دعني أقول لك إن حدود اليمن مشكلتها شيئان، الأول أنها تحاذي مناطق متوترة جنوب آسيا من الجهة الشرقية والقرن الأفريقي من الجنوب، والمشكلة الأخرى تتعلّق بمحدودية السيطرة على الشريط الحدودي بشقّيه البري والبحري، ضف إلى ذلك أن الأقدار شاءت أن تكون بلادنا في موقع وسط بين المتناقضات بين دول الخليج فاحشة الثراء في الشمال ومنطقة القرن الأفريقي المصنّفة ضمن أفقر دول العالم في الجنوب؛ الأمر الذي يجعلها ممرّاً لعمليات التهريب والهجرة غير المشروعة وجسر عبور لتنقُّل العناصر الإرهابية والإجرامية. كم نسبة ما تتم السيطرة عليه بحرياً وبرياً..؟. كتقدير شخصي أعتقد أن المساحة المسيطر عليها بحرياً في حدود 50 % وحوالي 70 - 60 % من إجمالي الحدود البرية التي تربط اليمن بغيرها من الدول المجاورة، هذا المسامات الناتجة عن محدودية السيطرة تسمح للعناصر الإرهابية بالتسلّل إلى الأراضي اليمنية بصورة سهلة. أين هي الدولة إذن..؟!. الدولة موجودة، لكن إمكانياتها وظروفها الحالية لا تمكّنها من تغطية حدودها بشكل كامل؛ لكن هناك حزمة من الإجراءات الإيجابية التي تم اتخاذها مؤخراً وبالتحديد منذ بداية القرن الجاري وتتمثّل في تشكيل قوات خفر السواحل، وتركيب محطات رادارية على الشريط الساحلي للرقابة على المياه الإقليمية، وإنشاء فرع خاص بقوات حرس الحدود ضمن هيكل القوات المسلّحة، وإذا ما تواصل الدعم وتوافرت الإمكانيات؛ فإن هذه الخطوات ستؤدّي مستقبلاً إلى تشديد عملية الرقابة والسيطرة على الحدود البرية والبحرية. لو سألتك عن تقييمك للفرق بين مواجهة «القاعدة» اليوم ومواجهتها من قبل النظام السابق..؟!. في اعتقادي هناك خطأ فادح يتعيّن تداركه في سياق التعامل مع «القاعدة» وهو أن المواجهة مع التنظيم يتم تصويرها وكأنها خدمة لصالح قوى وأطراف خارجية قبل أن تكون مصلحة يمنية ما يقلّل من حجم الدعم والتأييد الداخلي للحكومة، ويضعف شرعية الحرب، مع أن الوقائع على الأرض تفيد العكس، فضحايا العمليات الإرهابية اليوم معظمهم يمنيون، كما أن الظاهرة تنفّر الاستثمارات وتحرم الاقتصاد الوطني من مداخيل السياحة والاستثمار وتحدّ بالتالي من فرص العمل أمام الشباب ومن ثم زيادة مساحة الفقر والحرمان، وخلاف ذلك فإن مواجهة الإرهاب لاسيما من الأطراف الدولية تتم بطريقة غير صحيحة، والعمل في هذا السياق أشبه بعمل الطبيب الفاشل؛ يأتي إليه المريض يشكو من البطن فيصرف له أدوية لآلام الرأس..!!.أنت حين تعالج الإرهاب عليك أن تعالج الأسباب التي تؤدّي إلى ظهور الإرهابيين، والمتمثّلة في الفقر والبطالة وضعف مؤسسات الدولة والمظالم الاجتماعية، ولو انصبت الجهود على معالجة هذه الأسباب إلى جانب الأداة العسكرية فستكون فرص النجاح شبه مؤكّدة. ما تقييمك للأداء العسكري فيما يتعلّق بالمواجهة مع «القاعدة»..؟!. المواجهة مع «القاعدة» تصنّف ضمن حرب العصابات، وهذا النوع من الحروب لها متطلباتها الخاصة وهي تختلف عن الحروب النظامية وتحقيق النجاح فيها يتطلّب وجود وحدات عسكرية نوعية خفيفة التسليح وسريعة الحركة وعمل استخباري نشيط ومكثف؛ والأهم من ذلك العمل على كسب إرادة الناس لحرمان العناصر الإرهابية والمتمرّدة من الحاضن الاجتماعي، أما تحريك ألوية كبيرة وأسلحة ثقيلة؛ فإن ذلك يحوّل وحدات الجيش إلى هدف للعمليات الإرهابية. من هنا نؤكد ضرورة تشكيل وحدات نوعية وتزودها بقوة نارية كثيفة وطائرات مروحية، بحيث إذا توافرت معلومة عن تحركات للعدو يتم الانتقال والتحرُّك بصورة سريعة ومباغتة إلى المكان الذي يتواجد فيه وإجهاض نواياه قبل أن يتمكّن من تنفيذها. وما تقييمك لمواقف رجال الدين أو علماء الدين من «القاعدة»..؟!. المشكلة في جزء منها تعود إلى عوامل وأسباب فكرية تتعلّق بوجود أفكار ومفاهيم خاطئة لدى اتباع «القاعدة» عن الدين الإسلامي ومقاصد الجهاد تحديداً، وعليه فإن دور العلماء في هذا الإطار يعد حاسماً لتصحيح المفاهيم وتوضيح نهج الإسلام الصحيح. شخصياً لا أرى إلى الآن أن علماء الدين الأفاضل يقومون بواجبهم بالشكل المطلوب؛ خاصة أن سلوك «القاعدة» ونشاطها اليوم يخالف الشرع والدين ولو من باب أن دم المسلم على المسلم حرام، ولا أدري ما الذي يجعلهم متحفّظين. هناك من بعض علماء الدين من يمثّلون سنداً للقاعدة ومرجعية فقهية لهم؛ مساندون لهم ومؤيدون..؟!. لا أستطيع أن أسمّي أحداً بعينه؛ إنما أتكلّم بصيغة الجمع، وعن ما يتعيّن عليهم القيام به. تتركّز «القاعدة» في أماكن معيّنة من البلاد «أبينوشبوةوحضرموت» لماذا هذه المناطق دون غيرها..؟!. بشكل عام تتمركز «القاعدة» عادة في خطوط نقل البترول ومناطق استخراجه وطرق التجارة العالمية القديمة، لكن مع ذلك لا شك أن الأبعاد الجغرافية تأخذ في الحسبان، فمحافظة أبين على سبيل المثال تتميّز بتضاريس جغرافية وعرة تساعد على حرب العصابات، كما أنها تقسم المحافظاتالجنوبية إلى قسمين: قسم "لحج الضالع عدن" والقسم الثاني "حضرموت المهرة شبوة" وتطل في نفس الوقت على البحر العربي، ولا يفصل عاصمتها زنجبار عن عدن سوى 30 دقيقة؛ وبالتالي يصبح الوصول إلى باب المندب عملية سهلة. وفي مجمل الأحوال لو دقّقنا النظر في المواقع التي تتمركّز فيها «القاعدة» لوجدنا أنها المناطق الأكثر عزلة ونائية التي يضعف حضور الدولة فيها؛ ليس بالمعني الأمني، بل بالمعنى الخدمي والتنموي ما يتيح الفرصة لها للتحرُّك وإقامة معسكرات التدريب واتخاذها كملاذات آمنة وكسب المجتمعات المحلية. استهداف بعض ضباط «الأمن السياسي» دون غيرهم بهذه الصورة اللافتة، ما تعليقك عليها..؟!. صحيح أن غالبية المستهدفين من «الأمن السياسي» لكن لم يعودوا هم المستهدفين وحدهم في الفترة الأخيرة؛ فقد توسّعت الدائرة لتشمل كافة مكوّنات المنظومة الأمنية في البلاد بما في ذلك أفراد الجيش، والأمن العام، والأمن القومي، ومنتسبو وزارة الداخلية والقوات الجوية والشرطة العسكرية. لكن هذا لا يكفي «الأمن السياسي» يبدو مستهدفاً بصورة واضحة..؟!. في هذا السياق ربما بات من الضروري أن يغيّر جهاز «الأمن السياسي» طريقة عمله وبحيث يتبنّى أسلوب التخفّي والحذر وتجنب الظهور من قبل ضباطه ومنتسبيه والتفاخر بانتمائهم، فالوقت قد تغيّر، والأعداء في الوقت الحاضر مختلفون عن ما كان عليه الحال في السابق، وأعتقد أن القيادة الجديدة الممثّلة باللواء جلال الرويشان قادرة على تحقيق الكثير من الإنجازات بحكم خبرته ومهنيته وحبّه لوطنه. طيب؛ في رأيك كباحث لماذا تواجه الحكومة «القاعدة» ولا تحاوروها، ما الذي يمنع..؟!. الحكومة اليمنية - كما أعلم ليس لها تحفظ على الحوار مع أية جماعة مسلّحة بما في ذلك تنظيم «القاعدة» إذا ما ترك البندقية واحتكم إلى مبادئ الدستور والقانون، الأمر متعلّق بالطرف الآخر نفسه الذي يرفض الحوار وهو «القاعدة» وله شروطه الذي يريد أن يفرضها على الدولة. الدولة إذا أحسّت أن «القاعدة» ستترك السلاح وستجلس إلى الحوار؛ فلا مشكلة لديها، وقد أعلنت الدولة ذلك أكثر من مرة. «الحوثي» يحمل السلاح ويمارس العنف؛ ومع هذا الدولة تحاوره..؟!. بعكس «القاعدة» التي تعمل في اتجاه واحد فقط وهو اتجاه العنف ولا شيء سواه تعمل جماعة الحوثي في مسارين: الأول هو المسار السياسي عبر المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وممارسة الأنشطة والفعاليات السياسية وقبول التفاوض بغض النظر عن النوايا أو النتائج النهائية التي ستفضي إليها عملية التفاوض، والمسار الثاني طبعاً هو مسار العنف والعمل المسلّح وبحيث يكمل المساران بعضهما البعض، ويبدو أن الجماعة في نهجها هذا تتقمّص نموذج «حزب الله» اللبناني؛ لكن مع ذلك فإن كل الجماعات التي تحمل السلاح في وجه الدولة يجب التعامل معها من مسافة واحدة. سأقول لك: عملية مداهمة البنوك والنهب والسلب ليست من ممارسات «القاعدة» المعهودة عنها، هذه طريقة داعشية بامتياز..؟ أحداث سيئون مختلفة نوعاً ما..؟!. أختلف معك هنا؛ سبق لهم أن نهبوا “كاك بنك” والبنك المركزي في زنجبار سابقاً، وكما أسلفت في إجابة سابقة فإن المرونة التي تتبعها «القاعدة» في عملية الكسب والتجنيد حالياً أدّت إلى انضمام عناصر غير ملتزمة. عفواً.. أعرف ذلك، ويومها أعلنوا عن أنفسهم ولاية وظهروا كما لو أنهم هم الدولة؛ الأمر مختلف هنا..؟!. يعني نفس الأمر، بل وصل الأمر بهم إلى أنهم نهبوا معاشات البريد «القاعدة» اليوم غيّرت من أدائها واستراتيجيتها وهناك مرونة كبيرة في تعاملها اليوم وهذا واضح، استقطبت عناصر غير ملتزمة بالتوجيهات، فانعكس ذلك على نشاطها. ما بين مهول ومهون من أعداد «القاعدة» في اليمن، كم يصل أعداد تنظيم «القاعدة» في اليمن..؟!. هناك «قاعدة» ملتزمة أيديولوجياً ولهم أفكارهم ومعتقداتهم؛ وهؤلاء محدودون وأعدادهم، وهذا رقم غير نهائي تتراوح ما بين 1200 إلى 2000 شخص؛ لكن بعض العناصر يتم شراؤهم بالمال، وبعضهم يناصر «القاعدة» بغرض الثأر أو الانتقام أو الحصول على مكاسب من نوع ما. هل «القاعدة» متورطة في عملية خطف الأجانب..؟!. نعم، هذا ما تعلنه «القاعدة» نفسها؛ بل أكده المختطفون سواء المفرج عنهم مثل الصحفية الهولندية والمواطنة السويسرية أم أولئك الذين مازالوا لديها مثل القنصل السعودي عبدالله الخالدي والمواطن الجنوب أفريقي، هي متورطة في خطف الأجانب وذلك من أجل الفدية، خاصة بعد الإجراءات التي تم اتخذها من جانب المجتمع الدولي والحكومات المحلية ما أدّى إلى شحة الأموال وتقلُّص الموارد المالية لدى التنظيم منابع الدعم، فلجأ إلى الخطف كبديل جديد للحصول على المال. هل هناك من القبائل من يدعم «القاعدة»..؟!. دعني أقول لك بصراحة، كان هناك نظام محسوبية من السابق، أي كانت الدولة تعطي بعض المشايخ مخصّصات شهرية من سابق؛ لكن اليوم نتيجة تراجع مبيعات النفط والأزمة الاقتصادية لم تعد الدولة قادرة على دفع مثل تلك المخصّصات ما جعل بعض القبائل تستخدم «القاعدة» كورقة ضغط على الدولة لتحقيق مصالح ومكاسب والحصول على مبالغ مالية..!!. برأيك أين تقيم قيادة «القاعدة» خاصة في الوقت الحالي..؟!. «القاعدة» كما هو معروف تنظيم سرّي، وهذا النوع من التنظيمات لا يمارس نشاطه علناً ولا تتحرك قياداته في الهواء الطلق وبشكل مكشوف بل في إطار من الكتمان والسرية وهو ما يصعب معه معرفة مكان تواجد قادته كما هو معروف، ولا يستطيع أحد أن يجزم بوجود «القاعدة» في أي مكان ما؛ لكن بشكل عام هي متواجدة في الأماكن النائية التي لا وجود للدولة فيها. لهم إصدارات صوتية ومرئية ومنشورات بإخراج حديث وراقٍ، لهم خطب مصوّرة تظهر بخلفية ديكورية راقية أيضاً؛ بمعنى أن الكهرباء متوافرة على الأقل، وأيضاً بعض الوسائل الأخرى..؟!. العمل الإعلامي اليوم وفي ظل ثورة التكنولوجيا والاتصالات وشبكة الإنترنت أصبح عملية سهلة نسبياً ولم يعد مسألة معقّدة ومحتكرة كما كان عليه الأمر في ما مضى من الوقت، اليوم يمكنك تسجيل شريط فيديو بجهود وإمكانات بسيطة وفي أي مكان ومن ثم تحميله على موقع «اليوتيوب» أو غيره ونشره على ملايين المشاهدين. لكن مع ذلك دعني أقول لك وبمنتهى الصراحة والصدق إن التجارب عبر التاريخ الإنساني الطويل أثبتت أن جماعات العنف المحلية في أي بلد أو منطقة من مناطق العالم المختلفة لا يقوى ويشتد عودها وعوامل قوّتها إلا بوجود داعمين خارجيين، وفي حال عدم وجود دعامين خارجيين؛ فإن هذه الجماعات تذبل وتتلاشى، وجماعات العنف في اليمن لا تخرج عن هذه القاعدة أياً كانت مسمّياتها.