كنا قبل عام تقريباً نحلم أن يكون العام 2014م أفضل من سابقه الذي رحل بجريمة مستشفى العرضي الإرهابية، وكنا نظن أن هذه الجرائم لن تتكرر، وها هو العام 2014م يرحل أيضاً غير مأسوف عليه بما تضمنه من اغتيالات ونزاعات مسلحة و تفجيرات متفرقة وعمليات خطف وفرز مناطقي ومذهبي. للأسف تتحول الضحايا في اليمن إلى مجرد أرقام، وبدأ اليمنيون يتعايشون مع القتل، بل وظهر من يبرر للإرهاب والقتل الجماعي والفردي، يغادرنا العام 2014م بجريمة بشعة استهدفت أستاذ المدنية الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، الذي حلم بوطن يتساوى فيه الجميع، بل يغادرنا هذا العام بجريمة أكثر بشاعة ووحشية كقتل طالبات في عمر الزهور في مدينة رداع، وللأسف لم تحرك هذه الجريمة البشعة منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لتنظيم مظاهرة حاشدة لاستنكار وجود هذه الوحشية في بلد الحكمة والإيمان. «الجمهورية» الصحيفة التقت عدداً من السياسيين والكتاب لاستطلاع رؤاهم حول مجمل أحداث العام الماضي وأمانيهم للعام الجديد. تحديات جسام البداية كانت مع سعادة السفير فيصل بن أمين أبو راس، والذي علق على ما مرت به اليمن خلال العام 2014م قائلاً: لقد عصفت باليمن العام المنصرم أحداث كبرى وتحديات جسام لو عصفت بغيره لربما نالت منه... شهادة على إرادة هذا الشعب وعزمه على تجاوز كل الصعاب والهزات التي نجمت نتيجة مخاض عسير، ويؤكد قائلاً: لاشك أمامنا المزيد من المطالبات والتحديات خلال العام الجديد، ولكن ما مر كان أشد وأعتى... إيماني بهذا الشعب يدفعني إلى التفاؤل، وكل عام والوطن والشعب والجميع بخير. تدهور الأوضاع أما العميد الركن والمحلل السياسي والعسكري ثابت صالح فقال: بكل أسف لم يكن عام 2014م أفضل حالاً من العام السابق بالنسبة لليمنيين... فقد ازدادت الأوضاع تعقيداً سياسياً وأمنياً ومعيشياً، ويضيف ثابت قائلاً: وفي العام الجديد 2015م أتمنى أن يستنهض الشعب لضرب مراكز النفوذ والفساد والإرهاب من خلال توحيد الجهود الرسمية والشعبية والحزبية الوطنية ممثلة بالقوى الصاعدة للخروج الآمن والسلس والجذري من الواقع المأزوم في هذا البلد، وبالتأكيد أتمنى أن يكون عام سلام وأمان وهدوء ونبذ للعنف والسلاح والتخلف وشريعة الغاب. عام الحزن والمآسي القاضي محمد الروحاني يقول: في الواقع تمنيت أن أتذكر أي شيء جميل حصل في اليمن خلال هذا العام 2014م، فلم أتذكر سوى أنه كان عام الحزن والمآسي وكفى، أما بالنسبة لأمنياتي للعام الجديد هي أن يعم الأمن والأمان في أنحاء البلاد، وأن تتحقق المدنية التي ضحى الشعب من أجلها وأن تصان الوحدة ويستعيد الاقتصاد الوطني عافيته بعد أن يتم القضاء على الفساد خاصة بعد أن تم إبعاد معظم أركانه.. مكافحة الفساد العميد المتقاعد والباحث السياسي يحيى سرور يرى من جانبه أن الفساد السياسي والمالي في أجهزة الدولة دمر المجتمع اليمني وجعله تحت خط الفقر، وهو الشيء الذي كان سائداً خلال العام 2014م لهذا يتمنى أن يشاهد خلال العام الجديد عدداً من المتهمين بممارسة الإرهاب والفساد في قبضة العدالة وقفص الاتهام، كما يأمل من الحكومة الجديدة برئاسة المهندس خالد بحاح أن تعمل على تحسين رواتب جميع موظفي الدولة خاصة أفراد الأمن والجيش؛ باعتبارهم أبطال حماة الوطن الذين يضحون بدمائهم من أجل أمن الوطن والمواطن، بالإضافة إلى تنفيذ كافة بنود اتفاقية السلم والشراكة التي وقعت عليها كافة المكونات السياسية؛ وذلك لإنهاء المرحلة الانتقالية والوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية من أجل التداول السلمي للسلطة وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية العادلة التي يحلم بها جميع اليمنيين. عام كئيب ومرعب أما مدير عام التخطيط بوزارة الثقافة والكاتب السياسي محمد ثامر فيقول: من وجهة نظري مرَّ عام 2014م على بلادنا كئيباً مرعباً ومخيفاً؛ فمنذ بدايات هذا العام وحتى نهايته مرت أحداثٌ جسام تمثلت في حروبٍ بعمران وهمدان وفي أمانة العاصمة، أزمة مشتقات نفطية وانقطاعات للكهرباء، إعدام 14جندياً ذبحاً على أيدي القاعدة، وآخر تلك الكوارث تفجير باص مدرسة للبنات ووفاة 26 طفلة في رداع.....إلخ، كل ذلك وغيره الكثير والكثير وقع خلال عام واحد أسميته أنا عام الحزن والألم. وما نتمناه حقيقةً في عام 2015م أن يكون عام السعد والسلم لليمن ولشعبه.. وأن تتم لجنة صياغة الدستور للمسودة النهائية منه، وإجراء الاستفتاء عليه، وكذا إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتجاوز المرحلة الانتقالية، لينفتح الأمل أمامنا، وتهدأ أصوات المدافع وفوهات البنادق، ويعم الخير والسلام أرجاء الوطن من أقصاه إلى أدناه.. تلك هي أحلامنا وآمالنا ندعو القدير جل في علاه أن يوفقنا في حلحلة كل المشاكل والمحن التي تمر بها بلادنا، وأن تتحقق في عام 2015م لنتجه جميعاً نحو بناء اليمن، والعمل على رقيه وتطوره وتقدمه. عام المفاجآت الدكتور والخبير الاقتصادي محمد عبدالله الحميري بجامعة صنعاء يرى بأن العام 2014م شهد في اليمن تحديداً سلسلة من الأحداث والتحولات السياسية والأمنية والاقتصادية التي ترشح هذا العام، ليكون هو فعلاً أكثر الأعوام التي مرت بها اليمن أحداثاً ومفاجآت نوعية وجوهرية؛ لأنها تسببت في خلق تحولات على الأرض غيرت التركيبة السياسية بل وإعادة تشكيل الخارطة السياسية اليمنية وإعادة فرز وتوزيع وترتيب أوضاع القوى السياسية في البلاد بطريقة شكلت حالة غير متوقعة وغير مسبوقة في تاريخ اليمن ليس فقط عما كانت عليه الحال في السنوات الأخيرة بل ومنذ أكثر من نصف قرن على الأقل، ولذلك فقد عانت اليمن خلال هذا العام من ويلات وجرائم الإرهاب البشعة ومخاطر الاحتراب الطائفي والحزبي، بقدر كاد أن يوسع من حجم الاختلالات الأمنية، ويفقدنا الأمل في أن تستقر البلاد أو أن يصلح حالها، والخوف من أن تدخل اليمن في شلالات من الدماء والفوضى التي خطط لها أعداء الحياة والإنسانية ووقع ضحيتها أبناء هذا البلد الطيب وأهله الطيبون والمؤمنون، لكن الحمد لله فرحمة الله كانت هي الأقرب، وعناية الله شملت الجميع؛ فتحاصرت تلك الجرائم ومرت جميع الحوادث والأحداث الدامية والدموية بشكل دراماتيكي سريع ساعد الناس على تجاوزه، وبقدر ما خلف من الجروح والآلام بقدر ما أنعش الآمال بأن اليمن ينتظرها بإذن الله مستقبل أكثر إشراقاً وأمناً واستقراراً خاصة عندما نلاحظ كيف أن مستوى الوعي العام قد تزايد وكان سبباً مباشراً في محاصرة قوى الشر وهزيمتها وعدم الانجرار وراء مخططات تفتيت البلاد وإذكاء الصراعات الدموية بين كافة القوى والمكونات السياسية اليمنية. وهو ما يجعلني اليوم ونحن على مشارف العام الجديد 2015م أكثر تفاؤلاً واستبشاراً أن يكون هذا العام هو عام التوافق والتصالح والتفاهم بين أبناء اليمن وقياداتهم وقواهم السياسية المختلفة، والعام الذي سيشهد اكتمال كتابة الدستور واعتماده والاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية وحسم العديد من الاختلالات الأمنية ومحاصرتها وحلها تماماً هي وبقية القضايا العالقة والمتسببة في معاناة الناس ليلتفت الشعب وقيادته إلى بناء البلاد وإعادة الإعمار والتعاون مع كافة الأشقاء والأصدقاء في ذلك، وبما يحقق ويضمن تحقق مصالح الجميع ويوفر كل أسباب الأمن والاستقرار لهذا الوطن الذي قدم لأبنائه الكثير والذي يستحق من الجميع أن يقدموا كافة التنازلات والتضحيات من أجل بنائه وصيانة أمنه واستقراره ومساعدة أبنائه على الاستفادة من خيراته وموارده وثرواته الطبيعية والمعدنية. استمرار لأزمات السنوات السابقة عبدالمغني الأشول - مدير عام بمصلحة الضرائب- فيرى من جانبه أن العام 2014م مليء بالتداعيات وآثار أزمة 2011م والمملوءة بالمآسي والأحزان، وأحداث القتل والحرب المشتعلة في كل أرجاء الوطن العربي. ويقول: للأسف الشديد فالعراق مازال ينزف الدماء ومازال مشروع تمزيقه وتفتيته قائماً وينفذ وبأيد عراقية وعربية.. في سوريا الصراع والقتل والحرب دائرة يومياً، ودخلت السنة الرابعة بين المعارضة المسلحة والممولة خارجياً «عربياً ودولياً»؛ بهدف تفتيت وتمزيق وحدته الوطنية.. مصر إلى حد ما خرجت من الهوجة والمؤامرة التي حيكت لها رغم حصول القتل والتخريب والمظاهرات والمحاكمات للنظام السابق واللاحق.. بلادنا اليمن تعاني من الانقسامات ومحاولات التمزيق والقتل، والاغتيالات لم تنته، والصراع بين الجماعات المسلحة مستمر؛ لأن مشعلي الفتنة لم يعجبهم خروج اليمنيين بأقل كلفة من الفتنة، ولكنهم يسعون إلى تمزيق اليمن وجعلها مثل العراق والسودان، خزينة فقيرة ولم تسطع إنجاز مشاريع التنمية الاقتصادية، وبالكاد يتم تغطية الباب الأول والثاني من الموازنة. لهذا كانت هذه السنة امتداداً للسنوات السابقة التي أعقبت عام 2011م وأقل حدة، ولولا أن الله لطف باليمن وإلا لحصلت الكارثة وقتل الكثير من الأبرياء.. والحمد لله أن العقل تغلب في آخر لحظة، وخرجنا باتفاق الشراكة الوطنية والسلم وحكومة جديدة، وأتمنى في خلال العام الجديد أن يتغلب الشعب على مشاكله الاقتصادية، وهي أكبر المشاكل، ووقف العمل بقانون التقاعد وتعديله؛ لكى تحل مشاكل الموظفين المبعدين قسراً في الشمال والجنوب، وأن يتم تعديل قانون الأجور والمرتبات لموظفي الدولة وهم أكبر شريحة فقيرة متضررة من هذين القانونين، وإزالة الفوارق بين مرتبات القطاع العام والمختلط وموظفي الجهاز الإداري للدولة إذا كانت الحكومة جادة فعلاً بمكافحة الفساد والاختلالات بجهاز الدولة والقضاء على الرشوة! وأتمنى أن يسود الأمن والاستقرار ربوع الوطن، وأن تتم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويتم الانتقال السلمي للسلطة دون المساس بالوحدة الوطنية؛ لأن الله سبحانه وتعالى يأمرنا بالاعتصام والوحدة والتماسك، فقوتنا وعزتنا وكرامتنا كيمنيين وشعب عربي حضاري مشهود له من سيد الخلق بالحكمة والإيمان هي في وحدتنا وتماسكنا وحبنا لبعضنا وإخلاصنا للوطن والشعب وتحقيق العدل وإزالة كل المظالم! المستقبل هو الأهم وأخيراً يرى الزميل عبدالواسع الحمدي - سكرتير تحرير صحيفة الثورة - أن الماضي محزن بكل تفاصيله المختلفة؛ لذلك علينا أن نركز على المستقبل. ويقول: أتمنى أن نعيش في وضع مستقر في بلد يسوده النظام والقانون، وأن يسود العدل بين الجميع، وأن لا يكون هناك أي فرق بين الصغير والكبير، بين المسؤول والموظف العادي، بين الشيخ والمواطن، وأن يتم محاسبه الفاسدين بشكل علني، وأن نحافظ على وحدتنا وعلى النسيج الاجتماعي، بعيداً عن الطائفية والحزبية والمناطقية التي توهت الناس ومزقتهم، أتمنى أن ينتهي الصراع على السلطة وأن يحتكم الناس للصندوق.