واشنطن - أ ش أ رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن أزمة الرهائن المحتجزين في الجزائر تسلط الضوء على ما وصفته ب"حجم الفوضى التي خلفتها الثورة الليبية" على مدار العامين الماضيين وحتى الآن، من حيث انتشار وتهريب الأسلحة وتدفق العناصر القتالية إلى جيرانها في المنطقة. ونقلت الصحيفة -في تحليل إخباري، أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت أمس السبت- عن خبراء ومحللين قولهم: إن "تزايد أعداد العناصر القتالية والكميات الهائلة من الأسلحة المنبثقة عن ترسانة الأسلحة التابعة للرئيس السابق، معمر القذافي، عقب الإطاحة به خلال ثورة ليبيا عام 2011، شكلا عاملين أساسيين في انتشار حيز الأزمة المتفاقمة في المنطقة". وقالت الصحيفة إن "إقدام متشددين على الاستيلاء على مجمع "آن آمناس" الجزائري للغاز، والواقع على الحدود مع ليبيا، إلى جانب النجاحات المتتالية التي يحققها المسلحون في مالي، إنما تثير تساؤلات حول مدى نجاح قوات حلف شمال الأطلسي "ناتو" في إحكام سيطرتها على ترسانة ليبيا من الأسلحة وحدود البلاد طيلة فترة الثورة الليبية، التي قدمت خلالها العون للثوار". وأشارت الصحيفة، إلى ما قاله بعض الخبراء في هذا الصدد، بأن قوات الناتو والإدارة الأمريكية انشغلوا كثيرا بالتصدي لانتشار صواريخ "أرض – جو"، وأخفقوا في وقف تدفق الأسلحة العادية من كل حد وصوب. واعتبرت الصحيفة، أن التدفق المتواصل لهذه الأسلحة لعب دوراً كبيراً في تقوية شوكة الإسلامين في مالي حالياً؛ مشيرة إلى أنه ربما سيحمل مزيد من التداعيات الوخيمة للمنطقة التي تعاني بالفعل من انتشار الفوضى وتنامي تهديد تنظيم القاعدة". وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أن بعض المحللين يعتقدون أنه ما لم تصل الأسلحة الليبية المهربة والعناصر القتالية إلى مالي، لكان من الصعب بل وربما من المستحيل للجماعات الجهادية داخل ذلك البلد الأفريقي من فرض سيطرتها على الأراض الواقعة في شمال البلاد". ونقلت الصحيفة عن بيتر بوكابرت مدير قسم الطوارئ بمنظمة "هيومن رايتس ووتش" في مقرها بنيويورك قوله: إن "حجم الأسلحة التي خلفها الصراع الليبي بلغ ما يفوق 10 أضعاف حجم الأسلحة المهربة من دول شهدت صراعات طاحنة مثل "العراق، والصومال، وأفغانستان". ولفتت الصحيفة -بحسب قول الخبراء- إلى أن معمر القذافي قضى أربعة عقود في اكتناز الأسلحة المتنوعة وأسس واحدة من أروع ترسانات الأسلحة في القارة السمراء، وبعد انتصار الثورة في بلاده وتولي الثوار مسؤولية البلاد تدريجياً، تركت مخابئ قذائف الهاون والصواريخ والمواد المتفجرة والقنابل اليدوية دون رقابة مما يعرضها للنهب. وقالت إنه "عن طريق ذلك عرفت أسلحة ليبية طريقها إلى دول مثل مالي، حيث انهار النظام الأمني كلياً، عقب الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في مارس الماضي.. وإلى سوريا حيث تواترت تقارير حول وصول شحنة من الأسلحة الليبية إلى ثوار سوريا العام الماضي ساعدتهم في الصمود أمام القدرة القتالية العالية لقوات نظام الرئيس السوري- بشار الأسد، وأخيراً إلى الجزائر، حيث تمكن متشددون من الاستيلاء على مجمع "آن آمناس" وتشكيل تهديد حقيقي".