وعندما ينتج الجمال قبحا فلابد وأن يكون هناك شيء غلط يستحق التوقف عنده بحثا عن علاج لمرض مستجد علي المناخ المصري الشهير ب المجاملة والود واعتبار الجار جزءا من الأسرة وإن لم تجمعه بها مصاهرة.. أو نسب تطبيقا لقول رسول الله: لقد ظل جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت أنه سيورثه. والمتابع للشأن المصري يكتشف دون حاجة للتدقيق اندساس عناصر مستجدة شديدة الشراسة للعبث في الود, والطيبة, والبساطة المصرية في محاولات فاشلة لتغيير الجينات بالتدخل فيما لا يعلمون, وهو عبث يأخذ دور الشيطان عندما يغط مرتديا مسوح الرهبان في خداع لا يكتشفه ويتحوط منه غير الراسخين في العلم, أو الذي يجري الإيمان الوسطي في عروقهم مجري الدماء, ومعه مصرية تحميها الأصالة من أن تتغير, أو تتبدل, وهي الأصالة التي تعودنا عليها إلي درجة من العشق تمنع عنها أي أحاسيس دخيلة لا تقبلها البساطة المصرية. ورغم كل محاولات التصدي لكل ما هو دخيل علي حياتنا من تسيب وانفلات, وعنف غير مبرر إلا أن شهورا طويلة قد مضت علي هذا التصدي بالوطنية والعقل الجمعي دون أي نتائج تتحقق, حتي ليبدو الأمر في غاية الغرابة عندما تكون نتائج التصدي العاقل لكل الهزء الذي نتعرض له, هو المزيد من ذلك التسيب, والانفلات, بما يعني وجود عناصر ذات مصلحة مجهولة دون تصد لها تزداد شراسة مع كل يوم يمر. صحيح إننا بلا حكومة, ولا نظام حكم, ولا عقلاء يوكل اليهم الأمر المصري, إلا أن الشأن المصري يظل مسئولية كل المصريين الذين عليهم حماية وطن يعيش فينا, كما نعيش فيه, ذلك أن كل ما نحن فيه بحساب عراقة التاريخ المصري بكل ما شهده ذلك التاريخ من هجمات استعمارية وكوارث قد انتهت باختفاء كل العناصر التي أرادت دفن مصر خوفا من تأثير إبداعها الجغرافي علي شعوب أخري محيطة تستلهم من العطاء المصري كل عناصر الوجود والبقاء, لتنتهي كل الأحداث بدفن الدخلاء, وبقاء مصر أكثر قدرة وتألقا, وهو ما نفتقده بشدة هذه الأيام, بفعل فاعل يخدعنا بما قال الله, وما قال الرسول صلي الله عليه وسلم بتحريف أو إساءة فهم لقدسية المصادر التي استخدمها خداعا لأناس يعلمون بما تلقوه في بيوتهم الأصيلة ولو كانت فقيرة من علم دين يعصمهم من الإبحار فوق موجات تحركها نسائم الصيف, بينما يرقد تحت سطوحها الرقراقة ألوف الحيتان, ووحوش البحار!. ولسوف يأتي صباح يوم نراه قريبا ويرونه بعيدا تكشف فيه رياح الشعب المصري الثائر كل العورات, وكل الأوراق, ليبدو كل من قادة اليومين دول أمام كل الناس عارين كما ولدتهم أمهات الشر اللائي أنجبنهن, في ابتلاء للمصريين الذين كرهوا بطول المعاناة فضيلة الصبر بعد أن بلغت أرواحهم بالصبر الطويل ما تعلما أنه الحلقوم. والمصيبة الآن هي أننا نتلقي تصريحات مخادعة تتمسح بالدين, لا تنطق بها الألسنة بقدر ما ينطق بها طول اللحي والجلاليب القصيرة, وهي الملامح التي يبدو بها حكماء هذه الأيام بما يتصورون قدرته علي استجداء الخداع, حيث تم خلط الانتهازية السياسية بخداعات بما ينسبونه زورا إلي مقدس الأقوال, والأحاديث, وهو ما تكشفه نظرة الناس البسطاء الذين يؤمنون بأن مالا يتفق مع القطرة هو بالقطع غير صحيح!. ولعل أكثر تلك المصائب هو تصور حكامنا هذه الأيام أنهم خالدون, وأنهم لا ينطقون بغير الحكمة, وأن الأمر المصري قد انتظرهم طويلا لإصلاح الحال, وإغراق المصريين بفواكه عصر النهضة, وهو ما يؤكد التباس الحال عند هؤلاء الحاكمين إلي درجة الخلط غير العقلاني بين النهضة.. والخراب, فيما يرونه هم خيرا وبركة حلت علينا بحضورهم نري فيه نحن في ظل غياب كامل لأي خطة للمستقبل انه الطريق المؤكد الي الضياع!. ومن أسف أننا نلمح في ثنايا الكارثة التي نعيشها انضمام أعداد من ذوي الأفكار المفلطحة القادمين إلينا من تحت أسفلت المجهول, انضماما إلي طغمة الانتهاز السياسي الذين يتطلعون إلي الاستيلاء الكامل علي الشأن المصري, بتصور مخبول بأنهم هم المصلحون, وإن كانوا في الحقيقة مفسدين, إلا أنهم لا يعلمون!. ومن أسف كذلك أن الصراع بيننا وبينهم سوف يستمر طويلا, ذلك أن المستقبل المصري لا يتحملنا معا, فإما نحن.. وإما هم, ذلك أن الزبد وما ينفع الناس لا يمكن أن يتفقا بالبقاء معا, ذلك أننا رغم قلة إيمان الآخرين, مازلنا نؤمن إيمان العجائز بقول قرآني كريم يتحدث عن أن الزبد سوف يذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض, ونحن جميعا مصرون علي ألا يبقي علي أرض مصر سوي ما ينفع الناس الذي نتمسك به, تاركين لهم كل الزبد لعلهم معه يغرقون!.