السيد سلامة (أبوظبي) نظمت الأمانة العامة لجائزة خليفة التربوية أمس، محاضرة حول تدريس الأدب في مراحل التعليم العام ( تدريس القصة نموذجاً ) قدمها الدكتور إبراهيم السعافين أستاذ النقد والأدب الحديث بالجامعة الأردنية. وحضرت المحاضرة أمل العفيفي الأمين العام للجائزة وعدد من أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية بالمدارس الحكومية والخاصة ومؤسسات التعليم العالي في الدولة. وأكد السعافين علي أن أهمية التعرض للأدب تبدأ من المراحل التعليمية الأولى من رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية الدنيا، بل إن الطفل يتعرض للأدب، وإن كان باللهجة المحكية، منذ أن يستوعب القصص والحكايات التي ترويها الأمهات والجدات والقصص والحكايات في المسلسلات المخصصة للصغار، ففي هذه المرحلة يحتاج الصغار في معظم ما يتعرضون له من عمليات تعليمية مختلفة إلى مساقات قريبة من ذواتهم وقدراتهم؛ فالدراسات اللغوية، خاصة تؤكد أن الأطفال يميلون إلى تكوين انطباعاتهم عن اللغة ومواقفهم الشخصية تجاهها من خلال اكتشافاتهم وتجاربهم من سياقات التعليم والتعلم. وأشار إلى إن تكثيف القراءات الأدبية في المراحل التعليمية الدنيا له أثر واضح في مقدرة الأطفال على التعبير عن أنفسهم وأفكارهم شفوياً، ولعل أكثر ما يواجه المعلمين في المرحلة الابتدائية العليا من صعوبات في تعليم اللغة العربية هو مسألة ضعف الطلبة في الإملاء، وهذا الضعف ينتقل مع الطلبة إلى المرحلة الجامعية في الأغلب، فيغدو الأمر مستعصياً. وعلى الرغم من تنوع الأساليب المقترحة لعلاج ضعف الطلبة في الإملاء، فإن معظم الحالات لم تلتفت إلى دور قراءة الأدب، ولاسيما الفنون القصصية في هذا الصدد، على الرغم من أن دراسات علمية على اللغة الإنجليزية دعمت تأثير القراءة الإيجابي في علاج مشكلات الإملاء عند الطلبة في مثل هذه المراحل، فقد وجدت دراسات أن الطلبة الذين اشتركوا في برامج قراءة حرة مستمرة حققوا تقدماً ملحوظاً في تغلب على أخطائهم الإملائية أكثر من أولئك الذين اعتمدوا فقط على برامج علمية تقليدية في هذا المجال. بل إن كثيراً من الدراسات المتراكمة تؤكد أن عمليات التقويم والتصحيح التقليدية لها دور ضئيل جداً في علاج هذه المشكلة في مقابل برامج القراءة المكثفة والمستمرة. ولعل الغاية الكبرى من تدريس الأدب تجد تحقيقها في تكوين متعلمين محصنين ثقافياً، ومستقلين تجاه الخطابات المغرضة، ومن ثم ضرورة التحرر من التصورات الضيقة للأدب، تلك التي أراها مجرد تسلية عابرة أو زخرفا بلاغيا أو قولا عابرا ينتهي مفعوله بانتهاء ملفوظه. إن تعليم الأدب يبدو حتى الان غير مقنع للطلاب في الأغلب، ولذا لا بد من تقديم معرفة كاملة من الناحية المعرفية والنفسية والاجتماعية والإنسانية عن جدوى دراسة الأدب، وما يتصل بذلك من توسيع آفاق الإنسان ومداركه وجدانياً واجتماعياً وسياسياً. وأوضح أن الوصول إلى المعلومات لا يعني تحقق الفهم بالضرورة، ولا يخلق شروطاً لنفاذ البصيرة؛ فالفهم يتطلب التفسير، والتفسير يعتمد على الممارسات التعليمية. وتبدو قراءة الأدب في المدارس ولاسيما الأدب السردي، إذا نفذت بطريقة صحيحة، هي القادرة على خلق مثل هذه الممارسات؛ فمثلما أن القارئ يتوحد مع اتجاهات النص أو وجوهه، ويخلق علاقة بين هذه التوحدات وسياق القراءة، فإن موقفاً من المصاحبات أو الاقترانات أو تداعي المعاني سيظهر أو يبزغ. العواطف الإنسانية وأكد الدكتور السعافين أنّ بعض ممارسات المعلمين في الفصول الدراسية تؤدي إلى نتائج عكسية، فتجعل المتعلمين ينفرون من الأدب، ويرونه عبئا ثقيلا ينتظرون لحظة الخلاص منه بفارغ الصبر، ولعل أهم هذه الممارسات تكمن فيما يسميه الباحثون في هذا المجال بتشريح النص الأدبي، أي الإغراق في الأسئلة التفصيلية وتكرارها، من دون التفات إلى جوهر الفكرة العميقة التي يتناولها، ومن دون الالتفات إلى القارئ نفسه وآرائه وأفكاره الشخصية حول ما يقرأ، وما يحس به تجاه ما يقرأ، ولذلك نحن في حاجة إلى ثورة في عالم القراءة تطال المعلمين أنفسهم والقائمين على التخطيط للتعليم والأسر والمجتمع والمتعلمين على اختلاف أعمارهم وميولهم، فبرامج القراءة يجب أن تراعي حاجات المتعلمين وميولهم، وأن توفر لهم تنويعا غنيا من الكتب والقصص والروايات والنصوص الأدبية المختلفة، وأن تصمم لهم أنشطة جاذبة ممتعة تبتعد عن النمطية والتلقين، وتدخلهم في عالم من البهجة والمرح والتلقائية. وأشار السعافين إلى عدد من المعايير التي ينبغي الإلتزام بها عند تدريس القصة كأن يقرأ الطالب القصة قبل الحصة،وأفضل طريقة أن يكلف الطلبة بقراءة القصة فقط، في الحصة يبدأ المعلم بأسئلة مفتوحة عامة تسمى أسئلة "كسر الجليد" من مثل: من منكم أعجبته القصة؟ من لم تعجبه؟ ما الذي أعجبك؟ ما الذي لم يعجبك؟ ما رأيك في "اسم الشخصية الرئيسية"؟ ما رأيك في النهاية؟ وهكذا، على المعلم ألا يصادر على رأي أي طالب، ويقبل كل الأجوبة، ويشجع الاختلاف والتباين في إبداء الرأي، فكل قصة عالم قائم بذاته، وليس هناك قصة تشبه قصة أخرى، ومن المهم أن تربط القصة بالحياة والواقع كأن يسأل المعلم هل يمكن أن يحدث ذلك في الحياة؟ هل تعرف شخصا في محيطك يشبه الشخصية الرئيسية؟ لو كنت أنت مكان الشخصية الرئيسية كيف كنت ستتصرف؟