مال دول الخليج لا يمكنه حماية اللاجئين وانهاء معاناتهم.. والحل حماية السوريين كما حمى الغرب الاكراد بعد حرب الخليجلندن 'القدس العربي': الفضيحة التي ضربت البيت الابيض وادت لاستقالة مدير الاستخبارات المركزية سي اي ايه، الجنرال ديفيد بترايوس وتهدد مصير مسؤول اخر كبير، جاءت في وقت برز فيه بترايوس كواحد من الحلفاء الاقوياء للمقاتلين السوريين الذين يخسرون بخروجه من الاستخبارات حليفا قويا. فالجنرال الحاصل على اكبر عدد من الميداليات والنجوم كان شخصيا الرجل الذي قام باعداد الخطط كي يقنع من خلالها الرئيس باراك اوباما كي يتخذ موقفا اكثر شدة من الازمة السورية، وكان داعما لتواجد للاستخبارات الامريكية وان بشكل محدود على الحدود التركية مع سورية وذلك حسب مصدر نقلت عنه صحيفة 'التايمز' البريطانية. واشار الباحث في معهد الدراسات الملكية المتحدة في لندن، مايكل كلارك الى ان بترايوس يعد واحدا من المفكرين الاستراتيجيين القلائل لدى الاداراة الامريكية. ولهذا اثارت استقالته المفاجئة دهشة الرئيس الامريكي اوباما. وكان بترايوس قد قدم استقالته بعد انفضاح علاقة غير شرعية اقامها مع باحثة وصحافية كتبت سيرته واسمها باولا برودويل والتي اطلعت اثناء بحثها على اسرار مهمة تتعلق بعمل الجنرال وقادته في افغانستان. وتقول مصادر مطلعة في واشنطن انه لولا جهود بترايوس لما تم نشر فريق صغير من ضباط السي اي ايه في جنوبتركيا، فقد وافق الرئيس اوباما على التوقيع على تقرير تضمن نتائج عمل ميداني يدعو الى دعم الجهود التي يقوم بها المقاتلون السوريون للاطاحة بنظام الرئيس بشار الاسد وذلك في الثورة التي تدور منذ عامين تقريبا. وجاء القرار من اوباما بعد ارسال بترايوس لفريق من ضباط سي اي ايه الى مركز قيادة سري في منطقة اضنة التركية حيث اوكل اليهم مهمة مراقبة عمليات نقل الاسلحة للمقاتلين في الداخل والتأكد من عدم وقوعها في يد الجماعات الاسلامية المتشددة او تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة العاملة على الساحة السورية. ويقول الباحث كلارك للصحيفة 'التايمز' ان الجهود التي قام بها بترايوس تشير الى انه كان يطمح كي تلعب الادارة الامريكية دورا قويا في الازمة السورية، حيث قال ان بترايوس كان يريد من واشنطن ان تكون واضحة في مواقفها وان تلعب الدور القيادي في جهود دعم المقاتلين السوريين. ويضيف كلارك ان السياسة الامريكية قبل تدخل بترايوس كانت تتبع سياسة القيادة من الخلف حيث تركت للسعودية وقطر ودول الخليج مهام تزويد الجيش الحر والجماعات الموالية له بالسلاح والمال، فيما اكتفت الادارة بتقديم الدعم الانساني للاجئين السوريين او تزويد المقاتلين بالاجهزة غير القتالية. وقد جادل بترايوس ان الموقف الامريكي الذي يترك للاخرين القيام بالمهمة سيقلل من حجم التأثير الامريكي في سورية حالة انهيار نظام الاسد وبروز نظام جديد. وسيؤثر رحيل بترايوس الذي قاد الجهود لانهاء المقاومة العراقية والقضاء على القاعدة في العراق من خلال الصحوات العراقية على الاستراتيجية الامريكية في افغانستان وعلى مواقفها القادمة في سورية خاصة ان الكثير من المحللين قالوا ان قرار الرئيس اوباما الذي كان مؤجلا بسبب الانتخابات وهو التدخل في سورية بات قريبا مع بدايته ولاية ثانية. ويبدو ان الجهود الدولية تتوجه في المرحلة القادمة لدعم اكبر للمقاتلين السوريين خاصة بعد الاعلان عن الائتلاف الجديد لقوى المعارضة السورية والذي نال اعتراف كل من الجامعة العربية وفرنسا التي تقدمت على بقية الدول الغربية في اعترافها به كممثل للشعب السوري فيما لم تتخذ بريطانيا التي اعلن رئيس وزرائها ديفيد كاميرون عن استعداده لتواجد عسكري داعم للمعارضة وتوجه نحو تسليحها، فيما تنتظر الولاياتالمتحدة الكيفية التي سيتصرف فيها الائتلاف الجديد. كارثة انسانية ومع تزايد الحراك الدولي وجهود انهاء الازمة السورية يواصل السوريون معاناتهم على الحدود حيث حذرت المنظمات الدولية من كارثة انسانية خاصة ان موسم الشتاء قد دخل. وتواجه المنظمات غير الحكومية والتابعة للامم المتحدة مهمة صعبة خاصة ان سورية تحولت الى محور حرب، فقد قامت الاممالمتحدة باجلاء الفريق العامل في مناطق كانت تعتبر مناطق آمنة، فيما حذرت منظمات غير حكومية اخرى من ان القتال المستمر يؤثر على عملياتها لاغاثة مئات الالاف من السوريين الهاربين من الحرب. وتقول هذه المنظمات ان الكارثة الانسانية تبدو كبيرة وتطال اكثر من مليونين ونصف سوري ممن يحتاجون الى معونات عاجلة. وتتوقع الاممالمتحدة ان يرتفع عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى منظماتها الى 700 الف لاجئ مع بداية العام الجديد اي بزيادة نسبية كبيرة عن الاربعمئة الف الموزعين على دول الجوار السوري.ولعل المشردين في داخل سورية هم الاكثر تاُثرا باستمرار الازمة اذ يجبرون على تغيير اماكنهم بسبب القصف الجو المتواصل مما يعقد مهام المنظمات الدولية لتوسيع عمليات الاغاثة، وقد قال ناطق باسم برنامج الغذاء العالمي ان هناك مناطق خاصة في شمال سورية يصعب الوصول اليها، فمناطق حمص وحلب وبعض اجزاء من دير الزور ودرعا تعتبر مغلقة ولا يمكن الوصول اليها، خاصة ان من يحاول الوصول اليها سيكون في مدى تبادل اطلاق النار بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة. والامر لا يقتصر على المنظمات الدولية بل وعلى السكان انفسهم الذين لا يستطيعون الوصول الى حقول الزيتون وقطاف المحصول، كما ان استمرار القتال ادى لارتفاع اسعار القمح الى احد عشر ضعفا. وكشفت صحيفة 'التايمز' عن وجود اكثر من 13 الف لاجىء سوري يعيشون في ظروف مزرية في مخيم 'اطمة' على الحدود مع تركيا، ومعظم هؤلاء من الاطفال والنساء والشيوخ. واشارت الصحيفة الى التحديات التي تواجه المنظمات الدولية والمخاطر التي تتعرض لها عملياتها حيث قال ان الاسبوعين الماضيين شهدا عمليات اختطاف لعدد من الشاحنات المحملة بالمواد الاغاثية. فيما تعرض مخزن في حلب يحتوي على 13 الف غطاء للحرق بعد قصفه، ومع الاغطية حرقت الالاف من المواد الطبية والوجبات الجاهزة. وكانت لندن قد اعلنت عن خطط طوارىء لارسال قوات عسكرية للاشراف على المهام الاغاثية لكن هذه الجهود لن تتم بدون دعم دولي. وكان وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج قد حذر في المؤتمر الذي انعقد في القاهرة لبحث العلاقات العربية الاوروبية من اثر الاوضاع الجوية والبرد على الاعداد المتزايدة من اللاجئين السوريين. وتعتبر بريطانيا ثاني دولة بعد الولاياتالمتحدة تقدم الدعم الاغاثي للاجئين الا ان ما تقدمه هي والدول الغربية ليس الا جزءا بسيطا من الاحتياجات المطلوبة. وفي تقرير عن الحالة المزرية التي يعيش فيها اللاجئون في المخيم قالت الصحيفة البريطانية ان الاطفال يعيشون اوضاعا مزرية ونقص الاحتياجات والقصف المتزايد الذي ترك ندوبا على نفسياتهم. وقال ان موسم الامطار الذي بدأ تركهم يعيشون في الوحل الذي يمشي فيه بعضهم بدون اي نعل، علاوة عن عدم توفر المأوى المناسب والماء والطعام. ونظرا لعدم توفر الكهرباء فانهم يعيشون ليلا طويلا يبدأ من الساعة الرابعة والنصف مساء، وان سقطت الامطار عليهم في الليل فهم ينامون وسط برك من المياه والوحل. ونظرا لعدم توفر المرافق الصحية فهم يتبرزون في الاماكن المفتوحة مما يهدد بانتشار الامراض، كما ان دخول الشتاء وزيادة انخفاض درجات الحرارة يعرضهم لخطر الموت من البرد خاصة ان مناطق الشمال السوري معروفة بشتائها القارس. وعن سبب تواجد هذا المخيم داخل الاراضي السورية وعدم السماح لسكانه الانتقال الى المخيمات في التركية يعود الى ان هذه الاخيرة امتلأت ولم تعد قادرة على استيعاب الاعداد الجديدة. ويبلغ عدد سكان المخيمات في تركيا اكثر من 120 الفا، الكثيرون منهم ميسورو الحال ممن قرروا الهروب بداية الازمة. لا حماية بدون جيوش وخصصت 'التايمز' افتتاحيتها لمناقشة الازمة الانسانية السورية تحت عنوان 'شتاء في سورية' وقالت فيها ان الوضع كان متوقعا ويتبع الاشكال الناتجة عن قرارات حكام طغاة يقررون استخدام القوة لقمع المطالب الشعبية بالحرية والديمقراطية. وقالت ان المظاهرات السلمية التي بدأت ربيع عام 2011 تعرضت للقمع مما ادى للمتظاهرين استبدال التظاهرة بالكلاشينكوف ودعوات التغيير السلمي بالتشدد. وقالت ان التقرير عن مخيم اطمة في الشمال الذي تحدث عنه مراسلها مارتن فليتشر يشير الى مستوى الكارثة، كما ان عدم تواجد المنظمات الدولية لتقديم العون لهم يشير الى ان المنطقة غير آمنة وتتعرض بشكل يومي الى القصف الجوي. وبناء عليه ترى الصحيفة ان الوضع الانساني في شمال سورية يذكر بما حدث بعد حرب الخليج حيث هرب الالاف اللاجئين الاكراد الى المناطق الجبلية بعد ان تحرك النظام العراقي لصدام حسين لقمع الانتفاضة التي بدأها الاكراد بعد استجابتهم وسكان الجنوب للدعوات الامريكية. وقد ادت المعاناة الانسانية للاجئين بكل من امريكاوبريطانيا وفرنسا لانشاء مناطق آمنة وتنظيم عمليات ' توفير الراحة' و 'الملاجىء الامنة' وهذه العمليات لم تكن لتتحقق لولا الدعم العسكري الذي قدم وفرض مناطق حظر جوي هيأت الظروف للمنظمات الدولية العمل فيها. وخلال فرض هذه العملية تم نشر قوات بريطانية في الشمال واسقاط عدد من الطائرات العراقية التي اخترقت منطقة الحظر الجوي، وقد استندت الدول هذه على قرار مجلس الامن (688). ومع ان الوضع السوري بحاجة الى قرار مماثل اضافة لحديث رئيس هيئة الاركان البريطانية المشتركة ديفيد ريتشاردز عن خطط محدودة الا ان تحقيق هذا مستبعد نظرا للموقف الروسي الرافض لاي تدخل خارجي في الازمة. وتضيف ان بريطانيا والغرب الذي يتخذ مواقف حذرة من الازمة السورية يترك المعارضة السورية وائتلافها الجديد برئاسة معاذ الخطيب يبحث عن مصادر للدعم من دول الخليج التي تظل عاجزة عن توفير الحماية الكاملة للسوريين على الرغم من ثرائها. وتساءلت ان كان الغرب مستعدا للوقوف متفرجا على الكارثة تحدث امام اعيننا والتي ستترك اثارها المدمرة على الاستقرار والامن الاقليمي ام يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لدعم السوريين والبدء بالحديث مع الاتراك حول ما يمكن عمله. وتضيف انه لم تكن هناك امكانية لوقف حمام الدم فهذا لا يعني التوقف عن الجهود لتخفيف العنف. وبدلا من السؤال الدائم الى اين ستنتهي الازمة علينا ان نسأل اين ستبدأ في اشارة للمخيمات والجوع والمعاناة التي يعيشها اللاجئون على الحدود السورية مع تركيا.