الوزارة لم تأخذ بآراء المعنيين قبل إقرار القانون.. فماذا سيفيد اللقاء بهم الآن؟ خنق الحريات ردة فعل متسرعة على حالة الاحتقان المحرر المحلي في موازاة ارتفاع موجة الرفض السياسي والاعلامي والشعبي لمشروع قانون «خنق الحريات» عقدت جمعية الصحافيين اجتماعاً «تدارست» فيه مشروع قانون الإعلام الموحد، وارتأت دعوة رؤساء التحرير لاجتماع الاربعاء المقبل. ورصدت القبس في قراءة اولية لمواد القانون مثالب بالجملة، ابرزها: 1 - تعابير مطاطية لعبارات مثل خدش الآداب، او الازدراء او بث الكراهية. 2 - دمج المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع، وهي تتبع مؤسسات وشركات ذات هياكل تنظيمية مع الاعلام الالكتروني، وهو يمثل حرية الافراد بشكل غير منظم ودمجهم في قانون ذي عقوبات رادعة يشكل خطأ جسيماً. 3 - دمج صون منصب ولاية العهد مع الامير. والسؤال المطروح: كيف سيكون الحال في حال عودة دمج ولاية العهد برئاسة الوزراء؟ 4 - الرقابة المسبقة على نشر الروايات، وماذا عن الروايات التي تتناولها وكالات الأنباء، هل يتم ارسال اخبار الوكالات الى الإعلام لاجازتها؟ 5 - فرض القانون 4 ساعات للبرامج الوطنية على القنوات، ما البرامج، من يحضرها، ومن يعدها؟ 6 - منع القانون ازدراء أعلام دول مجلس التعاون. وماذا عن اعلام الدول الصديقة؟ 7 - عقوبات لكل من يضر بعلاقات الكويت بالدول الأخرى، وفي اي خانة تصنف سوريا (مثلا) حاليا، وماذا عن مؤيدي النظام السوري ومعارضيه داخل الكويت؟ 8 - رفض القانون الشعارات والصور التي تؤيد الاحزاب داخل الكويت! فهل في الكويت احزاب؟! 9 - حظر المساس بآل البيت المعاصرين للرسول (ص)، وماذا عن أهل البيت الذين لم يعاصروا الرسول (ص)؟ 10 - وافق مجلس الوزراء على منع نشر ما يدور في الاجتماعات الرسمية ذات الطبيعة السرية، فكم من وزير اتصل بالصحف بعد جلسة التصديق على مشروع القانون وسرب معلومات وختم حديثه بالقول «لا تذكر اسمي». -11 لم يتضمن القانون اي اشارة لحماية «المصادر السرية» للصحافيين. ما زال مشروع الحكومة لخنق الحريات يسيطر على المشهد السياسي في البلاد، ويلقى ردات فعل مستنكرة من كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني. وثمة من يرى ان مشروع القانون خرج من عباءة وزارة الاعلام الى ميدان مجلس الوزراء وهذا صحيح، ولكن الصحيح ايضاً انه كان على وزارة الاعلام ان تستمع لاراء المختصين في هذا المجال، لا ان تعمل على اقراره في مجلس الوزراء كردة فعل على الاحتقان السياسي ثم تبعث الحكومة «مراسيل» لرصد ردة فعل الناس. وكان يفترض بوزارة الاعلام ان تضع القانون على طاولة النقاش ايضاً امام مجلس الامة قبل اقراره لانه يهم كل المجتمع، كما كان الامل ان يطرح وزير الاعلام هذا القانون وتحديداً المتعلق منه بالاعلام الالكتروني امام مؤتمر الشباب لنسمع آرائهم فيه قبل اقراره، وهل سيوافق الشباب على هكذا قانون ام لا. هذا ما كان يفترض ان يحدث، لا ان تتعامل الوزارة مع القانون كأمر واقع، ولكن يبدو ان الحكومة لم تتوقع ردة الفعل الغاضبة، ويبدو انها ايضاً بحاجة الى «رصد شفاف» لتمسك المواطنين والمواطنات بالحريات. وفي مايلي بعض النقاط التي تم تسجيلها على مواد القانون وهي: 01- لم يتضمن مشروع القانون أي إشارة إلى حق وسائل الإعلام في حماية مصادرها السرية. 02- حظر المساس بمنصب ولاية العهد الى جانب منصب الأمير، للمرة الأولى، وثمة من يتساءل مع كامل التقدير لمنصب ولاية العهد: ماذا لو أعيد دمج منصب ولاية العهد برئاسة الوزراء؟ 03- منح مسؤولي وزارة الإعلام سلطة تقديرية واسعة في إجازة او منع الحفلات، كما منحهم صلاحية إلغاء اي حفل يُتجاوَز فيه على الآداب العامة، فمن الذي يقيّم التجاوز هنا؟! 04- دمج بين قانوني المرئي والمسموع والمطبوعات، اضافة الى ادوات التواصل الاجتماعي، وخطورة هذا الدمج ان الصحافة والمؤسسات الاعلامية هيئات لها هياكل قائمة ونظم عمل، وبالتالي يمكن التحكم في آليات العمل، بينما ادوات التواصل الاجتماعي هي حرية شخصية في المقام الاول وترتبط بحرية الفرد وتتجاوز حدود الكويت الجغرافية. فقد يشترك في قضية ما شخص من الكويت وآخر من مصر والثالث من اميركا، فكيف يكون الوضع القانوني اذا ارتكب الثلاثة المخالفة نفسها من وجهة نظر القضاء؟ اختلاف السن 05- اختلاف بعض المواد في تقدير سن المسؤول عن المطبوعة او المؤسسة. وبدا للاسف ان شروط اضرار الصحيفة اكثر صعوبة من شروط عضوية مجلس الامة او دخول الوزارة (مادة 23) تتطلب ان يحمل مؤهلاً جامعياً، بينما المادة 182 من الدستور تتطلب ان يجيد قراءة اللغة العربية وكتابتها لدى الترشيح لمجلس الامة. 06- ممارسة انشطة المادة 4 من القانون اشترطت حداً ادنى للسن (25 عاما) وهي انشطة اعلامية متعددة ولها تأثير اكبر من الصحيفة، بينما المادة 23 رفعت السن الى 30 سنة، وجاء هذا التناقض ايضا بالنسبة للمادة 37، حيث تراجع القانون في السن الى 21 عاما في المواقع الالكترونية مع شهادة الثانوية العامة، وهذا تناقض واضح في تراوح سن المسؤول ما بين «30، 25، 21 عاماً» ولا يوجد اي مبرر، علماً بأن المواقع الالكترونية اكثر خطورة وانتشارا والرقابة عليها اصعب بكثير. إعلام الدولة 07- المادة 15 سمحت لمؤسسات الدولة والجمعيات وبالطبع مجلس الامة الحصول على موافقة الوزير، والوضع الطبيعي ان اجهزة الدولة مسؤولة، ويكفي اخطار وزارة الاعلام دون شرط الموافقة، فهل تصل الوصاية الى كل اجهزة الدولة؟ وللأسف جاءت المادة 27 وكأنها تقف لحركة الابداع والثقافة بالمرصاد. فعروض الكتب في الصفحات الثقافية تخضع لرؤية المحرر او الكاتب، وكثيرا ما تأتي كتب وروايات صدرت في الخارج ولم تدخل الكويت، ولم يفكر كاتبها في ادخالها للكويت، فهل المطلوب من محرر الصفحة الثقافية عندما يحصل على رواية جديدة ان يتقدم بها للرقابة قبل نشر حتى خبر عنها، وماذا عن الاخبار التي تأتي من مراسلي الصحف في الخارج عن بعض القصص والروايات، هل تعرض على الرقابة حتى لو كان غلافا فقط؟ تحري الدقة والحقيقة 08- تشير المادة 126 من الفصل الثالث «الصحف» والمادة 134 من الفصل الرابع «المرئي والمسموع» الى ضرورة تحري الدقة والحقيقة فيما ينشر، والواقع يشير الى ان غالبية تصريحات الشخصيات العامة والخبراء واعضاء مجلس الامة يتم الحصول عليها تلفونيا، فاذا حدث اختلاف او مشكلة كيف يمكن تحديد المسؤولية، وماذا يحدث ان اخطأ احد المتداخلين تلفونيا على الهواء مباشرة من يتحمل المسؤولية؟ الرقابة المقنعة 09- حددت المادة 33 من الفصل الرابع مجموعة من الاشتراطات والقيود على القنوات الفضائية، منها بث برامج تحمل الطابع الوطني لا يقل عن اربع ساعات شهريا، فما طبيعة هذه المواد؟ ومن يوفرها؟ وهل تقوم الوزارة بتوزيعها؟ كما ان عمليات الحفظ والرقابة واعداد المواد ربما تتطلب ان يكون هناك فريق دائم من موظفي الوزارة يكون مخصصا لكل محطة، وربما يقيم في القناة اقامة دائمة لمتابعة العمل، فهل هذه رقابة مقنعة؟ الوكالات والقنوات الأجنبية 10- الفصل الثامن «وكالات الانباء»، طرح بعض القضايا، ربما يؤدي الى هجرة بعض الوكالات بسبب مطالبة هذه الوكالات بالالتزام باحكام هذا القانون، فهل يوقع مديرو المحطات الاجنبية والوكالات على تعهد بالتزام بنود هذا القانون، وهل هناك نسخة باللغة الاجنبية لتتعرف الوكالات والمحطات على مواد القانون، وماذا لو نقلت الصحف المحلية مواد من هذه الوكالات تعتبر مخالفة هل تُحاسب هذه الصحف؟! المحظورات والعقوبات 11- الفصل الرابع عشر هو بحق جوهرة التاج في هذا القانون التعسفي (المادة 84) وهذه بعض الملاحظات: 12- عقوبة ازدراء أعلام دول مجلس التعاون فقط من دون الدول العربية الأخرى، وماذا عن دولة تربطها بالكويت علاقات طبيعية ومعاهدات، هل يُسمح بازدراء علمها؟ 13- خدش الآداب العامة تعبير مطاط، لابد أن يكون هناك تحديد واضح، خاصة أن أدوات التواصل الاجتماعي تتداول بث مئات الصور في كل ثانية، وهناك صور يتم تركيبها وتزويرها وينقلها المستخدم بحسن نية؟! اختفاء المصادر المطلعة 14- تشير المادة 9 إلى توقيع العقوبة بمجرد نقل ما يدور في الاجتماعات الرسمية، والواقع العملي من خلال الممارسة يؤكد أن بعض المسؤولين أو حتى الوزراء او اعضاء مجلس الأمة يتحدثون مع صحافي، وينقلون له ما دار في الاجتماعات المغلقة، بكل التفاصيل، لكنه يطلب منه عدم ذكر الاسم والاكتفاء بكلمة «مصادر مطلعة» وهذا واقع يعرفه كل من يمارس العمل الصحفي، بل إن بعض المسؤولين متطوعا يتصل بالمحرر أو رئيس التحرير لإبلاغه بمضمون اجتماعات تمت، وإلا كيف يتداول الناس ما يحدث في جلسات مجلس الأمة المغلقة، أو بعض الخلافات التي تحدث في مجالس أخرى ذات مستويات كبيرة وذات أعداد صغيرة جدا؟! 15- مادة 12 الإضرار بالعلاقات بين الكويت والدول الأخرى، وماذا عن وضع مثل الحادث في سوريا، وإذا ما حدث في دولة أخرى علاقتها طبيعية بالكويت، كيف يكون الحساب؟ أحزاب الكويت السياسية 16- المادة 82 جاءت بخليط عجيب من المواد حول الإعلانات، جمعت الدول والشخصيات الدينية والسياسية والألعاب النارية ودور الحضانة والسجائر وكتب السحر. 17- لكن العجيب أنها رفضت شعارات تأييد الأحزاب السياسية داخل الكويت! خارج الكويت، مقبول هل في الكويت أحزاب؟ وهل يمكن إعلان حزب سياسي استنادا إلى هذه المادة؟ هل يدركون؟ تساءلت مصادر مطلعة: هل الشخصيات التي استعانت بها وزارة الإعلام لصياغة القانون على دراية تامة بطبيعة المجتمع الكويتي وشرائحه المختلفة «المتفقة» على رفض كبت الحريات؟ استشعار.. فزلزال من الرفض قالت مصادر مطلعة ان الحكومة وبعد اقرار مشروع قانون الإعلام الموحد كانت تريد استشعار رأي الشارع به، لكنها فوجئت بزلزال من الرفض الشعبي والسياسي ومؤسسات المجتمع المدني لهذا المشروع الذي يخنق الحريات ويعيدنا إلى عصر الوصاية. يتنافى مع مسيرة الديموقراطية أكدت مصادر مطلعة أن مشروع قانون الإعلام الموحّد يتنافى مع مسيرة الديموقراطية، ويعد خنقاً للحريات. وأشارت الى ان العصر الذي نعيش فيه هو عصر السماوات المفتوحة والفضاء المتسع بامتياز، والذي يتميز بسهولة الحصول على المعلومات وتداولها اعلامياً وإلكترونياً، ومن ثم يضحى التضييق على الحريات ضد العصر. وشدّدت المصادر على خطورة تكميم الافواه، فهذا يعود بنتائج عكسية ويضر بسمعة الكويت في المحافل الدولية. وأردفت بالقول «ان هذا القانون يعتبر انتكاسة في مسيرة الحريات والديموقراطية الراسخة في الكويت». «وحَّد» المعارضة قالت مصادر مطلعة ان مشروع قانون الإعلام الموحد «وحَّد» قوى المعارضة على نفس واحد، وهو مواجهة قمع الحريات. «الصحافيين» تدارست «الإعلام الموحد» وارتأت دعوة رؤساء التحرير لاجتماع اجتمع مجلس ادارة جمعية الصحافيين الكويتية امس، وتم خلال الاجتماع تدارس مشروع قانون الإعلام الموحد وتداعياته على الساحة الصحافية والإعلام، وقد ارتأى مجلس الادارة دعوة الزملاء رؤساء تحرير الصحف المحلية يوم الاربعاء المقبل الموافق 2013/4/17 في مقر الجمعية لمناقشة آثار القانون المقترح على الحريات الصحفية، وتبادل الرأي حول اتخاذ موقف حيال هذا المشروع. أين الشباب ؟ تساءلت مجاميع شبابية عن دور ومواقف الشباب القائمين على المشروع الوطني للشباب من قانون «الإعلام الموحد»، وأعربت عن خشيتها في ان يؤدي صمت شباب المشروع الوطني الى التأثير في مسيرة ومصداقية المشروع ككل، خاصة ان القائمين على مشروع الشباب كان رأيهم واحدا موحدا، وهو ان القيادة السياسية تريد الاستماع الى آراء الشباب وتطلعاتهم وطموحاتهم من دون اي تأثير حكومي او غيره. ونحن نسأل هؤلاء الشباب: ما موقفكم من المشروع الحكومي الخاص بالاعلام؟ الكويت كانت تتباهى بسقف الحريات.. فهل تستمر؟! هل تسقط الحكومة في خطيئة العودة إلى الرقابة؟ محمود حربي القانون الجديد - للأسف - يعيد إلى أجواء الكويت المنفتحة إعلامياً أجواء التداخل والاشتباك بين الصحافة والإعلام والدولة والحكومة، وهي أجواء سيطرت على معظم الدول العربية، والكويت تكاد تكون من الاستثناءات القليلة في هذا الشأن، فالكويت على الحياد والموضوعية والتوازن في العمل الإعلامي لا يمكن ان يتحقق إلا مع حرية الصحافة وتدفق المعلومات وحرية إصدار الصحف وإدارتها. الأوضاع الجديدة خاصة مع أدوات التواصل الاجتماعي وتحول العالم الى قرية صغيرة، وزيادة سرعة انسياب المعلومات عبر المصادر المختلفة وتقاطعت الحدود بين الحياد والانحياز في العمل الإعلامي. لذا، فإن العودة الى الأصول ضرورة، وهي الحياد في نشر الأخبار والمعلومات المدققة، لكن المقالات والتحليلات التي تحمل اسم كاتبيها لها مقياس آخر يحكمها حرية الفكر والتعبير، وهذا هو مصدر التنوع والتعدد الذي يفتح نوافذ الاجتهاد ويثري الحوار ويحقق الحرية. وللأسف، فإن القانون الجديد لم يتحدث عن الشباب والمعلومات للجميع واستخدام أدوات التواصل الاجتماعي بحرية، بل انه يتراجع في اتجاه عودة الرقابة الحكومية بصور مختلفة. وباعتبار ان الكويت تحتل مكانة مرموقة وسقفا عاليا من الحرية بالنسبة الى الدول العربية الأخرى وفق التقارير المستقلة، فإن الواجب عليها الحفاظ على هذه المكانة. ولا بد من التأكيد والسماح بحرية تداول المعلومات، وان يكون الاطلاع على المعلومات الرسمية حقا أساسيا للإنسان، وعلى أجهزة الدولة ضرورة الالتزام بنشر المعلومات، وان يكون نطاق الاستثناء في مجال حظر المعلومات محدوداً في تهديد أمن وسلامة المجتمع، وضرورة مساعدة الصحافي في الحفاظ على سرية المصادر. حرية تداول المعلومات دليل على حيوية الدولة وشيوع الحرية، ويساند الدولة في الكشف عن مواطن الخلل وبؤر الفساد. ودروس التاريخ كثيرة، فقد أدت السرية الى انهيار دولة مثل الاتحاد السوفيتي. للأسف، قضية حرية تداول المعلومات قضية مهمة ومحورية بالنسبة الى وسائل الإعلام حتى تؤدي رسالتها، ووظيفة الصحافة وأجهزة الإعلام ان تكون محرضة لكشف مواطن الخلل، فهناك فرق كبير بين الصحيفة والكتاب المدرسي، وهذا ما يجب ان يدركه القانون الجديد للإعلام. «مشروع القانون الحكومي يعكس روح الانتقام من حرية الرأي» تجمع الميثاق الوطني: تجاهل متعمد لعقيدة أهل البيت أصدر تجمع الميثاق الوطني بياناً بشأن قانون الإعلام الموحد، قال فيه انه رغم إيماننا بأن أداة العقوبات قائمة في أصلها لردع ومجازات المعتدين على حرمات الناس، فإننا نرى في مشروع قانون الإعلام الموحد الذي أقرته الحكومة مؤخراً، انه قد طغت عليه روح الخصومة والانتقام من حرية الرأي والتعبير عنه بالوسائل الإعلامية التقليدية والمستحدثة عبر التواصل الاجتماعي الإلكتروني، ومحاولة فاشلة في الحد من الرقابة الشعبية التي عملت في أغلبها على فضح التجاوزات والمفاسد، وتناقلها بصورة فورية إلى قطاعات الجمهور، ورغم ان مضمامين المشروع جاءت مطولة ومكررة لمواد قانونية سبق ان أقرت بعد إشباعها بحثاً ونقاشاً، فإنه يمكن بعد قراءة أولية للمشروع تسجيل الملاحظات التالية: 1 - إصرار المشروع الحكومي المتكرر على التعريف الخاطئ بآل البيت باقتصارهم على المعاصرين للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يدل على تجاهل متعمد لعقيدة ولاية أهل البيت (عليهم السلام) التي يؤمن بها جزء مهم من النسيج الإسلامي عامة والكويتي خاصة، رغم ان نواب مجلس الأمة في الفصول التشريعية المتكررة قد نبهوا إلى هذه الحقيقة، علاوة على تنبيهات الوسائل الإعلامية، ولكن يبدو أن الحكومة لا تعير ذلك اهتماماً (راجع م 84 بند 1). 2 - ما زالت الحكومة متأخرة عن مواكبة آليات التواصل الاجتماعي الإلكتروني بالنظر إلى عدم وجود حسابات لأغلب أعضاء الحكومة للتواصل مع الجمهور في إبراز منجزاتهم والدخول في حوارات مبرمجة زمنياً، بحيث تنكشف للحكومة هواجس الناس ومعاناتهم في الخدمات، مما يؤكد حسن سلامة نيات الأغلبية التي ترى ان هذه الوسائل أكثر فعالية وتواصلاً وتنفيذا للشعار التي طالما رفعته الحكومة «الباب المفتوح». فالقيود التي تضمنها هذا المشروع لا تناسب البتة مع التلقائية العفوية التي تمارسها الغالبية من الجمهور (أنظر المواد 51 - 62). رقابة 3 - مع تأكيد ملازمة المسؤولية لحرية الرأي وضرورة الرقابة، فان الواقع يشهد على تراجع فعالية الرقابة واضمحلالها أمام صيرورة العالم بقدر الكف الذي يحمل جهاز الهاتف المتعدد الأغراض، فإن على الحكومة البحث عن وسائل أكثر جدوى وبدائل تشجع على استخدام رشيد للوسائل الإعلامية بأنواعها. فساد 4 - ولعل أفضل هذه الوسائل ان تعمل الحكومة لمعالجة الفساد الإداري والمالي والعمل على تكريس مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين وان تقضي على الروح الالغائية وتهميش الآخرين، ومحاباة المتنفذين عبر الواسطات والمحسوبيات التي تهدد كرامة النسيج الاجتماعي وتفرقه، وتراجع الخدمات المقدمة لهم، وان تبث ثقافة التعددية وقبول الآخرين، فان من شأن ذلك ان يحد مما تعتبره الحكومة مساساً بمؤسساتها وأشخاصها عبر استخدام الوسائل الإعلامية المختلفة والتي تحاول الحكومة خنقها عبر مزيد من الشروط والقيود المالية والاعتبارية التي من شأنها احتكار الإعلام بين المتنفذين مالياً وسياسياً (انظر م6، 10 وغيرهما). سلطة تقديرية 5 - بالغ المشروع في منح السلطة التقديرية الى المسؤولين الرسميين الرئيسيين، وهو معيار مانع لا يحده الا مقتضيات الحسابات السياسية في ترجيح اتجاه هذا التقدير، وهو أمر لا تخفى اثاره السلبية في ظل استمرار الفساد، وهو الأمر السائد حتى الآن مع فرض معكوس وهو ان طلبات الامتياز الأصل فيها الرفض بلا سبب بمجرد مرور الفترة المحدودة من تاريخ تقديم الطلب! (انظر المواد 7، 15، 23، 29 وغيرها). 6 - مع بالغ احترامنا وتقديرنا لمنصب ولاية العهد وشخوصه الكرام، الا ان تضمين المشروع تجريم التعرض بشخصه، أسوة بشخص صاحب السمو الأمير المحصن دستورياً، ومع فرض احتمالات العودة مرة أخرى لسابقة الجمع بين ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء يكون المشروع قد اثار جدلاً فقهيا وواقعياً عن مدى قبول المساءلة السياسية لمنصب ولاية العهد (رئيس مجلس الوزراء) بصفته أمير الدولة في المستقبل ان شاء الله تعالى. وختاماً، فان هذا المشروع قد يثير نقاشاً وجدلاً قد يفوّت على السلطة التشريعية وقتها على حساب المشاريع القانونية الأكثر جدوائية، ولهذا نرى الاكتفاء بالقوانين المقرة فان فيها الكفاية، خاصة قانون نبذ الكراهية المقر أخيراً مع القوانين ذات الصلة لو وجدت حرصاً من المتابعة والتنفيذ.