في غرفة خافتة الإضاءة فيها الكثير من الشاشات تعرض أرقاما وحروفا لا أحد يستطيع فك شفرتها إلا ذاك الشخص القابع وراءها وهو يكتب على لوحة المفاتيح بشكل هستيري لتسمع بعدها بلحظات صوتا يعلن به تمكنه من اقتحام أصعب الأجهزة تعقيدا، هذا ما يصوره لنا الإعلام عن ما يسمى بالهاكر، ذلك الشخص الذي لا يكاد يقتحم جهازا إلا وبدأ بآخر لغرض التخريب لا غير، صورة ليس لها ما يربطها بالواقع إلا تلك الشاشات، فالهاكرز ما هم إلا مبرمجون أتقنوا لغات الحاسوب وصارت حياتهم الافتراضية أقرب لقلوبهم من الواقع، فهل صارت اللغة دليلا على الإجرام! حين نختلس النظر وراء ستارة الاختراقات نستطيع أن نلاحظ أن الدوافع دائما ما تكون متشابهة مهما كان أسلوب الجريمة، فمنها الاختراقات لأسباب تجسسية مثل ما رأينا من تلك الأنظمة الزائلة التي حاولت أن تفرض سيطرتها بأي شكل كان، ومن بين تلك المحاولات كانت للجرائم الإلكترونية نصيب منها، وهناك أيضا الجرائم المالية مثل بعض الشركات التي لفقت قصص الاختراقات التي تعرضت لها فقط لتحصل على حصة من مساعدات الدولة للشركات المتضررة من الجرائم الإلكترونية. وحين نقترب من مجتمع الهاكرز وندخل في تجمعاتهم سنرى أشخاصا من أهم أهدافهم حرية التعبير والمحافظة على الخصوصية وسهولة الوصول للمعلومات ومحاربة الاحتكار، الخصال التي تثير غيظ الشركات الكبيرة والتي تعتبرهم أعداء وتسعى دائما لتلطيخ سمعتهم، ومن تلك المضايقات نذكر منها التهديدات والمضايقات التي أطلقتها شركة سيسكو –واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا- لأحد الهاكرز (Mike Lynn) الذي اكتشف خطأ فادحا في أحد أجهزة ال(router) الذي كاد أن يكبد الشركة المبالغ الكثيرة، الشيء الذي دفعه لإلغاء محاضرته في مؤتمر (DEF CON)، أو الهاكر (Aaron Swartz) الذي كان يحارب بيع المعلومات والذي دفعته الحرب الشرسة عليه للانتحار. في النهاية يمكن أن نختلف مع مجتمع الهاكرز في الأسلوب للوصول للأهداف نفسها، فمنا من يفضل أن يوصل كلمته من خلال الإعلام وآخرون في مجالس الشورى وهم من خلف الشاشات لكن جميعا يسعى لنفس الأهداف السامية.