إتفقت الحكومتان العراقية المركزية والكردستانية على بنود لنزع فتيل الأزمة بينهما، تقضي بربط القوات الأمنية في المحافظات بالسلطات المحلية لها، حيث سيصل وزيرا الداخلية والبيشمركة الكرديان إلى بغداد قريبا للتوقيع على الإتفاق، بينما شدد الرئيس طالباني على ضرورة حسم المشاكل بين بغداد وأربيل، في حين اتهمت حركة علاوي المالكي بافتعال الأزمات. لندن: قال المتحدث باسم كتلة التحالف الكوردستاني في مجلس النواب العراقي مؤيد طيب أن "نتائج إيجابية مهمة قد بلورتها المحادثات التي جرت في مكتب القائد العام للقوات المسلحة بين وفدي البيشمركه ووزارة الدفاع العراقية، ومن المتوقع على أثرها وصول وزيري الداخلية والبيشمركة لإستكمال المحادثات في وقت قريب جداً وصياغته بشكل رسمي". وأضاف في تصريح صحافي مكتوب تلقته "إيلاف" أن "المباحثات بلورت اتفاقاً على ضرورة سحب قوات الطرفين وعودتها إلى مواقعها الثابتة وتفعيل الوحدات المشتركة في نقاط التفتيش الأمنية التي كان معمولاً بها عام 2009، وارتباط الشرطة وبقية السلطات الأمنية بالوحدات الإدارية للمحافظات وما هو دونها من التنظيم الإداري، باعتبار أن مهام الأمن من صلاحية الحكومات المحلية المنتخبة بموجب قانون المحافظات غير المرتبطة بإقليم 21 لسنة 2008." وأشار طيب أن "ما تم التوصل إليه، يعبّر عن طموحات جماهير العراقيين من كل المكونات الطامحة لبناء دولة مدنية ديمقراطية إتحادية، وعدم جرّ البلاد إلى أية مشاكل بعيداً عن السير في طريق توفير الخدمات والمستوى المعيشي اللائق بابناء شعبنا". طالباني: يجب حسم المشاكل بين بغدد وأربيل ومن جانبه، قال الرئيس العراقي جلال طالباني خلال اجتماع مع مركز تنظيمات أربيل للاتحاد الوطني الكردستاني، وكوادر وأعضاء البرلمان والمسؤولين الحكوميين والحزبيين التابعين للاتحاد الوطني الذي يتزعمه، حول الخلاف على تشكيل قيادة عمليات دجلة، إن "المشاكل بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية قابلة للحل ويجب العمل على حسمها عن طريق تطبيق الدستور والعمل به". وأشار إلى أنه وفق الدستور، لا يجوز إقحام الجيش في الخلافات السياسية أو جرّه إلى المشاكل الداخلية. ودعا طالباني خلال الاجتماع الذي عقد في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان التحالف الكردستاني إلى التحاور مع التحالف الوطني "الشيعي" لمعالجة المشاكل موضحا ان الاوضاع المتوترة التي حدثت بسبب تشكيل عمليات دجلة تخدم الشوفينيين منوها إلى أن الكرد يملكون المنطق والدستور لمواجهتها. وشدد على ضرورة "الحفاظ على التحالف الكردي – الشيعي الذي يخدم جميع الاطراف لانه تحالف بين الكرد والعرب والسنة والشيعة وتحالف بين شمال الوطن ووسطه وجنوبه" بحسب قوله. وتحدث طالباني عن مستجدات الأحداث والتطورات في المنطقة وأكد دعم مطالب وحقوق الشعب السوري عامة والشعب الكردي خاصة والذي له حق العيش في حرية وديمقراطية وحماية مناطقه. وفيما يتعلق بأوضاع الاكراد في تركيا تحدث طالباني عن جهوده مع رئيس الوزراء التركي اردوغان بهدف تقليل القيود على اكراد تركيا ومن ذلك تحسين وضع عبدالله اوجلان والخطوات اللازمة لمعالجة المسألة الكردية في تركيا. حركة علاوي تتهم المالكي بافتعال الأزمات اعتبرت حركة الوفاق الوطني العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي سياسة صناعة الأزمات والدفع بالاوضاع إلى حافة الهاوية "التي ينتهجها رئيس الحكومة تضع مجلس النواب والقوى السياسية والإدعاء العام والمجتمع المدني في مواجهة مسؤولياتهم لتصحيح الإنحرافات في مسارات العمل السياسي وإدارة الدولة لتحقيق مآرب شخصية وحزبية على حساب المصلحة العامة وبما يكرس دكتاتورية الأزمات ويبدد الثروات والموارد الوطنية". وقال الناطق المخول بإسم حركة الوفاق صلاح عبدالله في تصريح صحافي تسلمته "إيلاف" انه تم الإعلان عن توصل حكومتي المركز وإقليم كردستان إلى اتفاق ينهي ماعرف بأزمة قوات دجلة، وفي الوقت الذي تعرب فيه الحركة عن سرورها البالغ ودعمها لجميع التوجهات التي تصب في قناة تفكيك الأزمة وتمتين اللحمة الوطنية، فإن العودة بالأوضاع إلى ما كانت عليه دون نتائج جديدة مختلفة يدعو إلى التساؤل عن اسباب اختلاق الحكومة لهذا الاحتقان الذي ترافق مع خروقات دستورية وتسبب في توترات عرقية ومذهبية وسياسية، زعزعت الثقة الداخلية والدولية بطبيعة النظام السياسي، ووضعت العراقيين وقواهم في مواجهة بعضهم، واساءت إلى جيشهم الوطني وقياداته التي ارتهنت بتنفيذ ارادات سياسية معينة. وأضافت أن سياسة صناعة الأزمات والدفع بالأوضاع إلى حافة الهاوية والتي ينتهجها رئيس الحكومة تضع مجلس النواب الموقر والقوى السياسية والإدعاء العام والمجتمع المدني في مواجهة مسؤولياتهم لتصحيح الانحرافات في مسارات العمل السياسي وادارة الدولة لتحقيق مآرب شخصية وحزبية على حساب المصلحة العامة وبما يكرس دكتاتورية الأزمات ويبدد الثروات والموارد الوطنية. وقد بحث قادة عسكريون يمثلون القوات العراقية والكردية في مقر القائد العام للقوات المسلحة العراقية ببغداد الثلاثاء لليوم الثاني على التوالي بوساطة من الجانب الاميركي تفاصيل اليات تنفيذ الاتفاق الذي تم بينهما امس لسحب قواتهما إلى المناطق التي انطلقت منها في 16 من الشهر الماضي . وتم ايضا بحث الأمور والاجراءات التفصيلية التي يتم على ضوئها سحب القطعات المتمركزة في المناطق المختلطة المتنازع عليها. وقد اتفق الجانبان أمس على تفعيل اللجان الأمنية بينهما والبحث في سحب القطعات العسكرية التي احتشدت مؤخراً قرب مناطق مختلطة متنازع عليها بين الطرفين. وقال مكتب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي إن أجواء "مهنية وشفافة" قد طبعت الاجتماع الذي شارك فيه مسؤولون عسكريون وأمنيون من الجانبين بينهم مستشار الأمن الوطني فالح الفياض ورئيس مكتب التعاون الامني العراقي الاميركي الفريق روبرت كازلن و عدد من مستشاري السفارة الأمريكية. وضم وفد الحكومة المركزية الفريق أول الركن علي غيدان قائد القوات البرية والفريق الركن حسين العوادي آمر شرطة حرس الحدود والفريق أول فاروق مسؤول مكتب القائد العام للقوات المسلحة والفريق الركن عبود كمبر معاون رئيس أركان الجيش العراقي لشؤون العمليات العسكرية، فيما ضم الوفد الكردي المتحدث الرسمي باسم وزارة البيشمركة وأمينها العام جبار ياور والفريق شيروان عبد الرحمن عضو القيادة العامة لقوات حماية إقليم كردستان وعدد اخر من الضباط بينهم اللواء الركن اسماعيل والعميد هلكورد. وأشار المكتب إلى أن المجتمعين اتفقوا على "تفعيل اللجان العليا للتنسيق المشترك بين القوات المسلحة وقوات حرس" اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي "والمباشرة بتهدئة الاوضاع" اضافة إلى الاتفاق على "البحث في آليات سحب القطعات التي تحشدت بعد الأزمة إلى اماكنها السابقة". وتواجه الأزمة إشكالية مسؤولية الإشراف على نقاط التفتيش حيث يطالب القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي بالعودة إلى اتفاق عام 2010 بشأن مسؤولية ادارة الامن في هذه النقاط مصرا على أن "الاتفاق يقضي بضرورة تشكيل نقاط تفتيش مشتركة بين البيشمركة والجيش العراقي لطمأنة المواطنين على أن تكون إدارة المراكز والنقاط تحت اشراف الحكومة الاتحادية" كما اكد في بيان صحافي الجمعة الماضي . لكن الاكراد يتحفظون على هذا الطلب ويدعون لان تكون ادارة نقاط التفتيش مشتركة ايضا وليس بيد القوات المركزية. وتصاعدت حدة الأزمة بين بغداد وأربيل إثر إعلان وزارة الدفاع العراقية في الثالث من تموز (يوليو) الماضي عن تشكيل "قيادة عمليات دجلة"برئاسة قائد عمليات ديإلى الفريق عبد الأمير الزيدي للإشراف على الملف الأمني في المحافظات الثلاث حيث لاقى هذا القرار ردود فعل متباينة حيث اعتبره التحالف الكردستاني "استهداف سياسي بامتياز" للاقليم . وتشهد العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي ازمة حادة بسبب خلافات عدة اخرها تشكيل بغداد "قيادة عمليات دجلة" لتتولى مسؤوليات امنية في مناطق مختلطة متنازع عليها في خطوة اثارت غضب القادة الاكراد الذين رأوا فيها "نوايا واهدافا" ضدهم. وتصاعدت حدة التوتر بين بغداد واربيل اثر مواجهات بين قوات الامن العراقية ومسلحين في قضاء طوزخورماتو الشمالي قامت حكومة الاقليم على اثرها بحشد الاف المقاتلين من قات البيشمركة رغم تاكيد قائد عمليات دجلة الفريق عبد الامير الزيدي بان العملية كانت تهدف لاعتقال احد المشتبه بهم. وما زالت القوات الحكومية تنتشر في مواقعها فيما تواصل القوات الكردية حشد تشكيلاتها في استمرار للتوتر بين الجانبين.