اقتسم الملفان الأمني والسياسي المشهد في مصر أمس، ففيما ضبط الأمن قاعدة صواريخ «سام 7» شمال سيناء، سيطر الجدل على قانونية أعمال لجنة ال 50 لإعداد الدستور بين قائلين ببطلان عملها بعد انتهاء مدّة ال 60 يوماً، ومفندين بأن عمل اللجنة يمتد حتى 3 ديسمبر المقبل وبموجب القانون، في الأثناء حدَّد القضاء 9 ديسمبر المقبل موعداً لبدء أولى جلسات محاكمة المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع وقيادات إسلامية بتهمة التحريض على العنف. وضبطت قوات الأمن بشمال سيناء أمس، قاعدة صواريخ سام 7 أثناء حملة أمنية جنوب مناطق رفح شملت المنطقة، كما تم إلقاء القبض على 19 فرداً من العناصر الجهادية وتدمير 20 عشة، فضلاً عن ضبط 10 بنادق آلية وبندقية رش في الحملة الأمنية جنوبالعريش ورفح والشيخ زويد بشمال سيناء. جدل دستوري سياسياً، تفجّر المشهد في مصر أمس جدلاً بشأن قانونية عمل لجنة الخمسين بعد انتهاء موعدها في الثامن من نوفمبر الجاري وفقاً للإعلان الدستوري الذي حدّد عملها ب 60 يوماً، إذ تتزايد المخاوف من بطلان عمل اللجنة وتعطيل «خارطة الطريق» في ظل الانقسام الحاد وسط القائمين عليها والفقهاء القانونيين والدستوريين. وفيما يصر فريق على أنّ «عمل لجنة ال 50 ينتهي 3 ديسمبر المُقبل بعد حساب الإجازات التي تخلّلت مدة ال 60 يومًا التي منحها الإعلان الدستوري»، يرى آخر أنّ «البطلان سيكون مصير الجمعية التأسيسية للدستور بسبب تجاوزها الموعد القانوني»، محذرين من أنّ كل ما سيصدر عنها من مواد بعد الثامن نوفمبر سيكون باطلًا بحكم القانون»، في وقت يشدّد فريق ثالث على ضرورة إصدار إعلان دستوري جديد يمدّد عمل اللجنة قطعاً للطريق أمام أي طعن مستقبلي في قانونية الدستور الجديد. مدة إعلان بدوره، قلّل الناطق الرسمي باسم لجنة الخمسين محمد سلماوي من أهمية آراء القائلين ببطلان لجنة ال 50، كاشفاً عن أنّ «اللجنة تستند في صحة عملها إلى مستشاري مجلس الدولة الذين قاموا بحساب مدة الإعلان الدستوري وخلصوا إلى أنّ عمل اللجنة ينتهي قانونًا في 3 ديسمبر المقبل دون أي تعارض مع الإعلان الدستوري». وشدّد سلماوي على أنّ المدة التي حدّدها الإعلان الدستوري هي 60 يومًا، دون حساب الإجازات، ما يجعل الموعد النهائي لعمل اللجنة هو الثالث من ديسمبر المُقبل، لافتاً إلى أنّ ال 50 ملتزمة بالفراغ من الدستور في الموعد المحدّد، نافياً وجود نيّة لدى رئيس اللجنة عمرو موسي لطلب التمديد. انقسام فقهاء بدورهم، أكّد فقهاء قانونيون ودستوريون أنّ «الطريقة التي اتبعتها اللجنة لحساب ال 60 يومًا لا تتفق وصحيح القانون»، مشيرين إلى أنّ «الإعلان الدستوري المنظم لعمل لجنة ال 50 نشر في الجريدة الرسمية يوليو الماضي، ولا يجوز تعديله بأداة أقل منها كاللوائح التي استند إليها سلماوي»، محذّرين من أنّ «تعديل عمل اللجنة من خلال هذه اللوائح حتى لو نشرت في الجريدة الرسمية باطل، باعتبار أن اللائحة لا تعطل النص الدستوري». وأبان الفقيه القانوني والدستوري شوقي السيّد أنّه من المفروض أن تنتهي لجنة الخمسين من عملها في الميعاد الذي حدده الإعلان الدستوري، كي لا تعطي من أسماهم المتربصين فرصة الطعن في الدستور الجديد، مشيراً إلى أنّ «من شأن تجاوز لجنة الخمسين مدة 60 يومًا سيؤدى إلى التشكيك في الدستور والطعن على قانونيته». لجنة حكومية في المقابل، رأى خبراء دستوريون عدم وجود مبرّر للجدل بشأن عمل لجنة الخمسين، مؤكّدين أنّ «اللجنة ليست ملتزمة بمواعيد محدّدة وأنّ مدّة ال 60 يومًا هي بمثابة إجراء تنظيمي لا أكثر، ما يعني أنّها ليست من النظام العام، إذ لم يضع الإعلان الدستوري جزاء منصوص عليه حال مخالفة أو تجاوز المدّة. وأوضح أستاذ القانون الدستوري ثروت عبدالعال، أنّ «اللجنة لا يشوب عملها أي بطلان لكونها لجنة حكومية وليست لجنة منتخبة لإعداد الدستور، على غرار ما كانت عليه في دستور 2012 المعطّل». محاكمة بديع على صعيد آخر، حدَّد القضاء المصري أمس 9 ديسمبر المقبل موعداً لبدء نظر أولى جلسات محاكمة المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين وقيادات إسلامية بتهمة التحريض على العنف. وقرَّرت محكمة الاستئناف محاكمة المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة محمد بديع، والقادة في الجماعة عصام العريان وصفوت حجازي وباسم عودة ومحمد البلتاجي، والقيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد بتهمة التحريض على أعمال عنف راح ضحيتها قتلى ومصابون بميدان الجيزة خلال أعمال احتجاج على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وذلك اعتباراً من 9 ديسمبر المقبل. دعوة رئاسية لتمكين المؤهلين من قيادة البلاد دعا المستشار الإعلامي للرئيس المصري المؤقت، أحمد المسلماني، إلى الدفع بقيادات شابة مؤهّلة لتولي القيادة في مصر بدلاً ممن أسماهم «تحالف عديمي الموهبة الذي جثم طويلاً على مقاعد الوطن». وشدّد المسلماني على أهمية الإعداد لمستقبل مصر بين عامي 2020 و 2050 من خلال الانتقال من المليونيات السياسية التي قامت على أساس الكم إلى مليونية حضارية على أساس الكيف، والعبور من حقبة النشطاء إلى حقبة الخبراء. ورأى المسلماني أنّ «مصر تحتاج إلى مليون شخص مؤهل للمشاركة في الإدارة والقيادة والعمل العام ليصل عشرة في المائة منهم إلى القائمة القصيرة للترشيحات، ليتم اختيار ثلثهم في مجمل الوظائف من قصر الاتحادية إلى العزبة، داعياً إلى تقديم «مصر الحضارية» لا «مصر السياسية» ودفع القادة الجدد إلى المناصب العامة في البلاد لإنهاء تحالف عديمي الموهبة الذي جثم طويلاً على مقاعد الوطن. وحذَّر المستشار الإعلامي للرئيس المصري من أنّ «حجم النخبة المصرية بات ضئيلاً ونحيلاً، وبات الرأي العام يشير إلى عشرات الشخصيات ممن يتصدرون شاشات الفضائيات وأروقة الندوات، والمؤتمرات على اعتبارهم حصرياً الحجم الإجمالي للنخبة. واستطرد قائلاً: «ضمور النخبة المصرية على هذا النحو بات مُخزياً في الشكل، ومُفزعاً في المضمون، وأضحى الأمر بكامله يحتاج إلى إعادة النظر». وكان المسلماني حذر، في تصريحات صحافية بمقر الرئاسة المصرية في وقت سابق من أن النخبة المصرية باتت تعاني من حالة ضمور وتآكل، وهو ما يتطلب ظهور جيل جديد يتصدر المشهد ويتولى قيادة البلاد.