حمَّلت وزارة الخارجية الفلسطينية بغزة، حكومة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية إغلاق المعابر الرئيسية الخمسة مع القطاع بشكلٍ نهائي، عدا معبر كرم أبو سالم، الذي يعمل بقدرة حوالي 20% فقط. غزة / رام الله (فارس) وتتعامل "إسرائيل" مع غزة ك"قطاع عسكري" منذ احتلالها عام 1967، ومن هنا اكتسبت اسم القطاع، وظلت تتحكم فيه عسكريًا وإداريًا حتى العام 2005، حيث انسحبت من جانب واحد، لكنها أبقت 17 % من مساحة القطاع مناطق أمنية لم تنسحب منها. ووقعت "إسرائيل" مع السلطة الفلسطينية اتفاقًا عرف باسم "اتفاق المعابر" في الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 وضع معايير وشروطًا لتنظيم حركة المرور من وإلى هذه المعابر، التي منها: معبر رفح – الذي يخضع حاليًا لسيطرة أمنية مصرية فلسطينية -، معبر كرم أبو سالم، معبر "ايرز" بيت حانون، ومعبر "كارني" المنطار. ويجوز للفلسطينيين وفقًا لنص "اتفاق المعابر" استخدام المعبر في تصدير البضائع الفلسطينية، لكن "إسرائيل" دائمًا ما ترفض، وهو ما يكبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تزيد عن مليون دولار يوميًا. وبدأ معبر رفح – على سبيل المثال - عمله وفقًا لاتفاق المعابر بشكل اعتيادي في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2005، لكن سرعان ما اختلف الوضع بعد أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في 25 يونيو/ تموز 2006. وخلال هذه الفترة التي عمل فيها المعبر والتي امتدت نحو 7 أشهر، مرّ زهاء 280 ألف فلسطيني بمعدل يقرب من 1300 شخص يوميًا، لكن منذ الأسر وحتى تاريخ 12 ديسمبر/ كانون الأول 2006 – ووفقًا لإحصاءات معهد الأبحاث التطبيقية في القدس (أريج) – لم يفتح المعبر سوى 24 يومًا فقط من أصل 168 يومًا كان من المفترض أن يفتح فيها. ويُعلق أستاذ القانون الدولي الدكتور حنا عيسى على ذلك قائلا: "على الرغم من أن الاتفاق لم يمنح "إسرائيل" حق إغلاق المعابر من طرف واحد؛ إلا أنها تتحايل على ذلك باستخدام نص يلزم الطرفين بعدم فتح المعابر إلا بحضور مراقبي الاتحاد الأوروبي، وهي بدورها تمنعهم بذرائع أمنية؛ ما خلق أوضاعًا إنسانية صعبة نجمت عن الحصار". ويُجمع خبراء القانون الدولي على اعتبار إغلاق المعابر عقابًا جماعيًا للسكان المدنيين؛ قد يرتقي لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم. وشدد عيسى على أن ربط سلطات الاحتلال فتح المعابر وإغلاقها بأي تطور سياسي أو أمني، بأنه إجراء غير قانوني، ويتناقض مع الاتفاقيات الدولية، واتفاقية جنيف الرابعة، التي تؤكد على حرية الحركة والتنقل، ووصول المستلزمات في الأوقات كافة. وتطرق للبعد القانوني لاتفاق المعابر، موضحًا أنه مكّن "إسرائيل" من التعرف على بيانات كل مسافر خلال هذه المعابر، والاطلاع كذلك بدقة على ما بحوزته، بل إنه يشترط على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل من يريد استخدام المعبر قبل 48 ساعة لتقرر ما إذا كانت ستسمح له بالعبور أو تمنعه بحجج أمنية. أما في الضفة المحتلة، فيبلغ عدد المعابر على طول الجدار العازل وحول القدسالمحتلة 18 معبرًا، كما توجد عشرات الحواجز الأمنية الإسرائيلية ونقاط التفتيش الأخرى على مداخل القرى والمدن الفلسطينية. وأقيمت على هذه المعابر ممرات للسيارات التي تحمل تصاريح عبور خاصة تمت الموافقة الإسرائيلية عليها مسبقًا، كما خصصت للمشاة ممرات ضيقة يسيرون من خلالها عبر بوابات وأجهزة فحص إلكترونية. ومن أشهر هذه المعابر معبر "الكرامة"، وهو أحد نوافذ الضفة الغربية من وإلى الأردن، ومعبر قلنديا بين مدينتي القدسورام الله. ويقول الدكتور حنا عيسى: "بعد أن احتلت "إسرائيل" الضفة الغربيةوغزة، أخذت تتحكم بحرية الفلسطينيين في الحركة، والتنقل الخارجي إلى الدول المجاورة التي كانت مفتوحةً أمامهم". وأضاف: "لم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما تحكمت "إسرائيل" في الحركة الداخلية للفلسطينيين أيضاً؛ سواء بين غزة والضفة أو بينهما، وبين باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافةً للتحكم بحرية حركة الفلسطينيين داخل الضفة بين المدينة والأخرى، وبين القرية والمدينة، وبين القرية والقرية، بل التحكم بين أجزاء المدينة الواحدة نفسها بالحواجز العسكرية". وأشار عيسى إلى أن "إسرائيل" أنشأت بعد احتلالها للضفة وغزة معبراً إلى الأردن هو ما يعرف ب باسم "جسر الملك حسين" أو "جسر اللنبي"، ثم أضافت إليه معبرًا آخر هو جسر "الشيخ حسين" أو "جسر دامية" كمعبر تجاري في حين خصص الأول معبرا للركاب، وفي السنوات الأخيرة خصص "جسر دامية" لغير الفلسطينيين. أما على الحدود المصرية – والحديث هنا لعيسى - فقد تأخر افتتاح المعابر إلى ما بعد "كامب ديفيد"؛ حيث تم انشاء معبرين إلى مصر مشابهين لمعبري الضفة إلى الأردن عام 1982 أحدهما للمسافرين هو معبر رفح، والآخر للبضائع هو معبر العوجا. ولم ينس عيسى الإشارة إلى تأثر الوضع الاجتماعي والثقافي والصحي والتربوي الفلسطيني جراء عدم التواصل والاتصال بين الضفة وغزة، لصعوبة تعقيد الإجراءات الإسرائيلية، والتي تتمثل في التنقل فقط من وإلى غزة لحملة الهوية الفلسطينية، والشخصيات الهامة، والمسؤولين، وصعوبة استلام البطاقات والحصول على بطاقة الممر الآمن سواء بإصدارها، أو تجديدها ومتابعة المفقود منها، وتنقل الممنوعين أمنيًا، وتنقل من يحملون تصاريح زيارة من الخارج إلى غزة، والتنسيق مع المكاتب اللوائية فيما يتعلق بتنقل المواطنين من وإلى غزة، والعلاقة مع الأجهزة الفلسطينية (الفحص الأمني)، وإغلاق الطرق، والحصار المشدد، وارتفاع تكاليف المحروقات، وارتفاع تكاليف النقل والشحن. كما تستخدم "إسرائيل" هذه المعابر – بحسب عيسى - في تطبيق سياسات العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين عبر منع دخول متطلبات الحياة الأساسية لسكان غزة مثل الدقيق، ومشتقات البترول، والغاز وبعد فترات الإغلاق الطويلة للمعابر تعاني أسواق القطاع من نقص حاد في مختلف المواد والبضائع، ويصل الأمر لحد المأساة عندما يمس النقص بالأدوية وحليب الأطفال. /2336/ 2926/ وكالة انباء فارس