كتب - هيثم القباني: انطلقت أمس أعمال المؤتمر السنوي الدولي الثاني تحت عنوان "الأخلاق في عالم متغير: رؤى معاصرة" بمشاركة 15 متحدثًا من 14 دولة . وينظم المؤتمر، الذي يستمر على مدى يومين، مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، عضو كلية الدراسات الإسلامية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع. وفي الجلسة الافتتاحية، أكد السيد شوقي الأزهر، نائب مدير المركز في كلمته التي افتتح بها أعمال المؤتمر، أن الأخلاق أصبحت مسألة بقاء وفناء، لافتًا إلى أن تطور العلم خارج أطر الأخلاق وضع البشرية على مفترق طرق خطير. وأشار إلى أن الحضارة الحقيقية تتمثل في تحقيق نوع من التوازن بين المادة والروح، وأن الإخلال بهذا التوازن يؤدي إلى انهيارها، مشددًا على ضرورة تحقيق التوازن بين الروح والمادة وبين براعة العقل والاختراع وأخلاقيات الغاية والمآل. وأضاف أن الحضارة الإسلامية فقدت توازنها عندما تخلّت عن مراعاة العلاقة بين العلم والضمير وبين المعطيات المادية والبعد الروحي، فضلاً عن التخلي عن مراعاة الأسباب والسنن الكونية، كما فقدت الحضارة الغربية الإحساس الروحي وأصبحت على حافة الهاوية. ونوه إلى أن الأزمة صارت مشتركة بين الحضارات وتتطلب حلولاً مشتركة، مضيفًا: رغم كل ذلك فلا نلقي باللوم على هذا الطرف أو ذاك، خاصة أن الأزمات مشتركة ولا تختص بجهة واحدة، ما يوجب أن تكون الحلول مشتركة. أزمة الإنسان المعاصر وبيّن أن من أزمات الإنسان المعاصر أنه أتقن الأسباب والكيفية بطريقة بارعة وأغلق باب المآلات، وكان من المفترض عليه أن يوجّه هذه المهارات من قبل فطرته التي جبرت على الأخلاق، لافتًا إلى أن العصر الحديث رغم ما حققه وأنجزه من تقنيات، فإنه تخلّف في جوانب كثيرة عن الإنسانية. وذكر أن التخصّصات في مثل هذه الجوانب الأخلاقية مهمة، لذلك اختار المركز 12 تخصصًا يتم التركيز على مجالات بحثية في كل مؤتمر، منها ما يعنى بالبيئة ومنهجية الأخلاق والأسرة والإعلام، وغيرها. وأوضح الأزهر أن التخصص الدقيق لا يعني الانغلاق، لذلك ركّز المركز على إنشاء مقاربة متعدّدة التخصّصات تسمح بدراسة مختلف القضايا ومنها تلك التي يناقشها هذا المؤتمر، لافتًا إلى أن كل محور من المحاور الأربعة يجمع علماء متخصصين في مجالات الفكر المختلفة، إلى جانب ناشطين ومفكرين وأكاديميين وغيرهم. واستعرض أنشطة المركز البحثية السنوية، ومنها عقد أربع ندوات متخصّصة لدراسة الإشكالات الكبرى في مجالات البحث، إضافة إلى ندوات مفتوحة كل شهر حول مختلف القضايا الأخلاقية ذات الصلة بالمجالات البحثية. وذكر في سياق متصل أن المركز بدأ في الإعداد لجمع وتوثيق إصداراته ومخرجات مؤتمراته المحلية والدولية وإجراء دراسات بحثية، فضلا عن مشاريعه البحثية في مجالات عمله المختلفة، وذلك لبناء منظومة أخلاقية وتشريعية في كل مجال بحثي تصبح مرجعًا للمتخصصين وخدمة للبشرية جمعاء. تمكين المسلمين من جانبه، قال الدكتور جيرد نونمان، عميد جامعة جورجتاون التي تستضيف أعمال المؤتمر: "إن محور هذا اللقاء يحظى باهتمام الجامعة ومركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، ويصب في نطاق تعاونهما واهتماماتهما الفكرية المشتركة". وأعرب عن أمله في أن تمتد هذه الشراكة لتتسع وتشمل العلماء والطلاب بما يُحقق فائدة للجميع، لاسيما أن قضية الأخلاق هي في صميم أعمال المجتمع الجوهرية المرتبطة بالسياسة والثقافة والمناهج التي تدرسها الجامعة، مشيرًا إلى أن لدى جامعة "جورتاون" تاريخ طويل من العلاقات التداخلية حول الأديان والحضارات والثقافات وتحاورها. ويناقش المؤتمر على مدار يومي انعقاده أربعة محاور هي: الإعلام، والبيئة، وعلم النفس، وقضايا الرجل والمرأة، وذلك بمشاركة نخبة من المتحدّثين البارزين من بينهم: توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل، وريم مغربي المديرة السابقة لبرامج العالم العربي في منظمة السلام الأخضر. ويندرج اختيار محاور المؤتمر الأربعة في إطار الرؤية العامة لمركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق، والتي تسعى إلى تمكين المسلمين من إصلاح حالهم النظري والعملي بالمصالحة مع الذات ومع العالم، وبالإسهام في الخطاب العالمي والواقع العالمي من منظورهم العقَدي والقيمي والتشريعي، حيث يولي المركز عناية خاصة بالأخلاق التطبيقية، وبكيفية طرح منظور إسلامي يمكن من خلاله تقديم إضافة نوعية وإصلاح جذري في هذه المجالات. ويعمل مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق على الإسهام في تجديد الفكر الإسلامي في مجال الأخلاق، عبر تقديم قراءة معاصرة تنطلق من القرآن والسنة، وتهتدي بمقاصد الشريعة الإسلامية. جريدة الراية القطرية