أنجزت الإمارات ما يزيد على 95% من الأهداف الإنمائية الثمانية للألفية قبل عامين من انتهاء الموعد المحدد لها في عام ،2015 بحسب التقرير الصادر عن المركز الوطني للإحصاء . وأشارت وزيرة الدولة ورئيسة مجلس إدارة المركز ريم الهاشمي إلى أن الإنجازات الكبيرة على صعيد تحقيق تلك الأهداف، يضع الدولة في مقدمة الدول المتوقع لها تحقيق الأهداف وفق الجدول الزمني الذي أقرته الأممالمتحدة . نوهت الهاشمي بما أبرزته نتائج التقرير من حرص الإمارات على بناء اقتصاد وطني منتج، الى جانب الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للتنمية ضمن برامجها وسياساتها المختلفة، مؤكدة أن تحقيق الأهداف يتطلب تكاملاً واتساقاً في السياسات وبرامج العمل وتوافقاً وتعاوناً على المستوى الدولي والإقليمي، الى جانب ربط مسار هذه الاهداف مع رؤية الإمارات 2021 وخطط الحكومة الرشيدة للمرحلة المقبلة . وانبثقت الأهداف الإنمائية للألفية عن الفصول الثمانية لإعلان الأممالمتحدة للألفية والموقع في سبتمبر/ايلول 2000 وتتمثل في القضاء على الفقر المدقع والجوع، تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، تقليل وفيات الأطفال، الارتقاء بصحة الأمهات، مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" وغيره من الأمراض، توفير البيئة المستدامة، تطوير شراكة عالمية من أجل التنمية . وتبرز أهمية قائمة الأهداف والغايات التي يتضمنها إعلان الألفية من كونها تمثل الأولويات التي أجمع عليها المجتمع الدولي كبرنامج للعمل والتعاون وتكامل الأدوار على مستوى العالم، دون أن يعني ذلك تجاوز الخصوصية الوطنية لكل دولة، وقد اسهمت هذه الأهداف في مساعدة عدد من الدول على تحديد أولوياتها الوطنية وتوجيه سياساتها وإجراءاتها نحو تحقيق المزيد من التقدم بما يتوافق والجهود الدولية . وبحسب مدير عام المركز الوطني للإحصاء راشد خميس السويدي، أرست الإمارات قواعد وأسساً راسخة لعملية التنمية المستدامة، تمثلت في الاهتمام المتزايد بالأبعاد الاجتماعية والإنسانية للتنمية ضمن برامجها وسياساتها المختلفة . فقد وظفت جهودها عبر الأربعة عقود الماضية لتوفير أفضل الخدمات الاجتماعية للسكان ورفع مستواهم المعيشي لأرقى المستويات التي توازي إنجازات الدول المتقدمة . يشار إلى أن الأهداف الألفية تتألف من ثمانية أهداف و12 غاية و60 مؤشراً لقياس التقدم المحرز في تحقيقها، وقد اتفقت الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة، وعددها 192 دولة، وما لا يقل عن 23 منظمة دولية، على تحقيقها بحلول سنة ،2015 وتباينت درجة التقدم المحرز نحو تحقيق جميع هذه الأهداف، إذ أنجزت بعض البلدان الكثير من الأهداف بينما فشلت الأخرى في أن تكون على مسار تحقيق أي منها . وعلى صعيد الهدف الأول، والمتمثل في القضاء على الفقر المدقع والجوع، فرغم أن هذا الهدف لا ينطبق على واقع الدولة، حيث لا يوجد من بين سكان الدولة من يقل دخلهم اليومي عن 25 .1 دولار وفق المقياس الدولي، فقد أشار التقرير إلى ارتفاع نصيب الفرد من الاستهلاك الخاص من 26 ألف درهم إلى 6 .78 ألف درهم سنوياً وبمعدل نمو سنوي بلغ 1 .10% وفقاً لنتائج مسح دخل ونفقات الأسرة 2008 . وقد أكد السويدي أنه رغم التغييرات الكبيرة التي شهدتها التركيبة السكانية للدولة، إلا انها حافظت على مسار متصاعد على مختلف الأهداف، برغم ما يمثله تغير التركيبة السكانية من تحديات اقتصادية واجتماعية وسكانية وغيرها، كما حافظت الدولة على مسار متصاعد في مساهمتها العالمية بمبادرات الشراكة من أجل مساعدة الدول الاقل نمواً من خلال ارتفاع مساعداتها المادية والعينية في هذا المجال . أما في تعميم التعليم الابتدائي، فقد حققت الامارات الهدف قبل عام ،2015 وارتفعت نسبة الطلبة الذين وصلوا إلى الصف الخامس من 5 .95% في عام 1990 إلى 5 .99% في العام الدراسي 2010- ،2011 وعلى صعيد تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، فقد بلغت نسبة الإناث المتعلمات (غير الأميات) إلى الذكور المتعلمين (غير الاميين) في الفئة العمرية 15-24 عام 2010 إلى نحو 6 .103% . وبحسب راشد السويدي، سيكون من أولويات الدولة خلال السنوات المقبلة، في مجال متابعة التقدم المحرز على انجازاتها في الأهداف الانمائية الثمانية، العمل على عدة محاور هي، الحفاظ على استدامة الاهداف المحققة، توفير المسوح الاحصائية المتخصصة اللازمة لمتابعة التقدم على كل هدف، الاستمرار في رصد الظروف البيئية بشكل عام وتغيرات المناخ وتحديات المحافظة على المنظومة البيئية بشكل خاص . وبالنسبة لهدف تخفيض معدلات وفيات الأطفال الرضع والاطفال دون سن الخامسة والأطفال التي تقل أعمارهم عن عمر سنة واحدة ومحصنين ضد الحصبة، فقد اقتربت الدولة من تحقيق المستهدفات في الفئتين الأولى والثانية إلى حد يؤكد احتمال تجاوزها عام ،2015 أما بالنسبة للفئة الثالثة أو الاطفال أقل من سنة واحدة ومحصنين ضد الحصبة فقد تمكنت الدولة من التغطية الكاملة منذ العام الماضي . وشدد السويدي على أن الإمارات قد ترسمت منهج التنمية وتكريم الإنسان منذ بداياتها الأولى ونشأتها على يد مؤسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ولذا فكان ذلك التدفق والعطاء والبذل من أجل الإنسان ايمانا منه ان الانسان هو الثروة الحقيقية للوطن، ولذا فإن التنمية المشهودة والإنجاز المحقق والعمران البشري بلغة ابن خلدون وعلم الاجتماع كشمس في رابعة النهار . ومن حيث الارتقاء بصحة الامهات، فقد أشار تقرير المركز الوطني للإحصاء إلى أن معدل خفض وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة قد وصل إلى الصفر على مستوى الدولة، حيث لم تُسجَّل حالة وفاة واحدة بين الأمهات منذ عام 2004 . ولفت التقرير إلى أن جميع الولادات وبنسبة 9 .99% جرت داخل المستشفيات تحت إشراف طبي متخصص، ويعتبر هذا المعدل واحداً من أعلى المعدلات في العالم . ومن جهتها، أكدت ممثلة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي منال يزبك، أن حكومة الإمارات قد أثبتت التزامها القوي بالأهداف الإنمائية للألفية وانعكس ذلك برؤية قيادتها واستراتيجيات الدولة المتتابعة، وبرغم الاختلافات الجغرافية في مستوى التنمية فقد حققت الدولة ارتفاعاً كبيراً في مستوى النمو الاقتصادي وانخفضت نسبة البطالة إلى نحو 0 .3% خلال عام 2009 لتصبح هي الأقل على مستوى العالم والمنطقة . أما الهدف السادس والمتمثل في القضاء على مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ومرض الملاريا والأمراض المعدية الأخرى، فلا يمثل مرض "الإيدز" مشكلة صحية على مستوى الدولة وفق وثائق وتقارير جهات الاختصاص ولا سيما وزارة الصحة، والتي تؤكد أيضاً على تراجع معدلي الانتشار والوفيات المرتبطة بالسل في الدولة من 6 .0 حالة لكل مئة ألف نسمة الى 46 .0 حالة بين 1990 و 2005 . وأشارت ممثلة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي إلى أن أهمية التقرير تكمن في أنه يقدم معلومات موثقة حول التقدم المحقق في دولة الإمارات والطموح الذي تسعى لتحقيقه، لافتة إلى أن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي كان وما يزال ملتزماً بتقديم المشورة الفنية والدعم الكامل للدولة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ودعم الإمارات على تحقيق التوازن في التنمية لمختلف المناطق الجغرافية المتنوعة . وحول توفير بيئة مستدامة، تعمل الإمارات على تنفيذ استراتيجية وبرامج للحفاظ على البيئة المستدامة، وبالرغم من الصعوبات الناجمة عن طبيعة المناخ الجاف إلا انها استطاعت زيادة المساحات المزروعة عام 2008 إلى 824 .222 هكتار، بينما كانت 185 .214 هكتار عام 2007 بزيادة مقدارها 4%، مع الاشارة إلى أن من أولويات العمل للمرحلة المقبلة هو موضوع المياه والبصمة البيئية . وبشأن تكوين شراكة عالمية من أجل التنمية، فتعتبر الإمارات من بين أهم عشر دول تقدم المساعدات في العالم، وبحسب ما هو محدد في الهدف الثامن من الأهداف الإنمائية للألفية فإن القطاعات المستهدفة تشمل قطاعات التعليم الأساسي، الصحة الأولية، التغذية، والمياه والصرف الصحي، وبلغت جملة المساعدات الخارجية لهذه القطاعات نحو 1115 مليون درهم، إضافة إلى مساعدات تمت في قطاعات أخرى . وعلى مستوى تقنية المعلومات كأحد أهم مؤشرات الهدف الثامن والأخير، فقد حصلت دولة الإمارات على المرتبة الأولى على مستوى المنطقة العربية والمرتبة 32 على مستوى دول العالم وفق مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات "IDI"، والذي يقيس مستوى تطورات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في 152 اقتصاداً في جميع أنحاء العالم من خلال الجمع بين 11 مؤشراً يقارن التقدم عبر الزمن .