إنما تعكس ارتباكا متزايدا في أداء المعارضة, وتخبطا في خطابها, يقتضي سرعة تداركه, حفاظا علي مصداقيتها. ففي البداية رفضت تلك المعارضة دعوة الرئيس مرسي للحوار, ثم زعمت أن الاستفتاء علي مشروع الدستور باطل, داعية الشعب إلي مقاطعته, ثم بدلت مواقفها سريعا, وحثت علي المشاركة في الاستفتاء ب لا, ثم عادت فأعلنت أنها لن تعترف بأي نتائج غير رسمية لمرحلته الأولي, بينما أعلنت- هي نفسها- أن النتائج جاءت انتصارا ل لا, وهو ما لم يقل به أحد! ولم تتوقف تلك المعارضة- في الوقت نفسه- عن كيل الاتهامات في كل اتجاه, بل تبنت أخيرا دعوة عبثية لإعادة الاستفتاء, كما لم يسلم الشعب من افتراءات بعض رموزها, ومن ذلك قول أحدهم إنهم لن يعترفوا بنتيجة الاستفتاء وروج آخر لمزاعم تقول إن مصر( بعد الاستفتاء) تزداد انقساما, وإن ركائز الدولة تتهاوي. وبممارساتها هذه, تأكد للمراقبين حاجة المعارضة المصرية إلي ترشيد أدائها وأدواتها, وإلي إنتاج ممارسات بعيدة كل البعد عن المغالاة والتطرف, وملتزمة بخطاب إعلامي هادئ, مع التوقف عن تشكيكها الدائم في كل شئ, ورغبتها البادية في تصفية خصوماتها السياسية, علي حساب الوطن, والمصلحة القومية. إن الشعب والحكومة والمعارضة في سفينة واحدة, والمرحلة التي تمر بها بلادنا أدق مرحلة في تاريخها الحديث, وتحتاج مصر فيها إلي معارضة رشيدة بحجم هذه المرحلة; تعلن فيها للشعب برنامجها للإصلاح, وتصوغ أهدافها ضمن أهداف المجتمع, وتترك الحكم لصناديق الاقتراع, وتؤمن بلغة الحوار, ولا تهدد بالعنف, ولا بالحرب الأهلية, ولا تصطف مع البلطجية, وأخيرا: تحترم الشرعية القانونية, وتعلي من الإرادة الشعبية.. وإنا لمراقبون, ومنتظرون.