أكد الموسيقي عيد الفرج أن بداية ظهور الغناء في الإمارات تمثلت في الأهازيج الشعبية والأغاني القديمة التي كانت تُغنى في الأفراح الشعبية وحفلات الزفاف، مشيرا إلى أنه مع بداية العشرينيات وانتقال أبناء الإمارات إلى بلدان مجاورة قد تعلموا العزف على بعض من الآلات الموسيقية وخاصة العود والإيقاع، وفي الفترة ما بين العشرينيات والستينيات برز عدد من هؤلاء المتأثرين بالفن الخليجي وشكلوا النواة الأولى لانطلاقة فنية صحيحة بل وظهرت على ايديهم الحركة الفنية الإماراتية. جاء ذلك خلال محاضرة قدمها الفرج بعنوان "الغناء والموسيقى في الامارات" في ندوة الثقافة والعلوم بدبي مساء أمس الأول وحضرها محمد أحمد المرّ رئيس المجلس الوطني وصقر سلطان السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة وبلال البدور نائب الرئيس وقدم المحاضر فيها الشاعر علي الشعالي. وأشار عيد الفرج الحائز جائزة الإمارات التقديرية لدورتها الخامسة للعام 2010 في مجال فنون الأداء (فرع الموسيقى) إلى أن الانطلاقة الفنية الأولى التي كانت خليطا من الأغاني الخليجية واليمنية قد جلبها أولئك العازفون الإماراتيون من خارج الإمارات، ونتيجة لهذا المناخ الجديد فقد تقبل المجتمع شيئاً فشيئاً هذا التعبير في حياتهم، ثم بدأ المطربون يحيون حفلات الزفاف، وكان أول من أحيا افراح الأعراس في الإمارات الفنان "يوسف تقي" من رأس الخيمة وكان ذلك في العشرينيات من القرن العشرين تلاه "محمد عبدالرحيم" من دبي، ولم تكن لهم أغان مسجلة خاصة بهم وانما كانوا يرددون أغاني الفنانين الآخرين باستثناء محمد عبدالرحيم الذي سجل اسطوانة واحدة لم يعثر عليها وكان ذلك في الأربعينيات. وفي الأربعينيات التي تعتبر الانطلاقة الحقيقية للأغنية الإماراتية برز الفنان "حارب حسن" كأول فنان لحن وغنى لنفسه بل اعتبر أول من ابرز الهوية الإماراتية في الأغنية الخليجية في تلك المرحلة، بحسب ما ذكر. بعد ذلك تركز حديث الفنان عيد الفرج، الذي جاء مرتجلا، على فترة الستينيات التي ظهر فيها الكثير من المطربين، وذلك بعد أن أكّد أن الفنانة "موزة سعيد" من رأس الخيمة، كانت أول مطربة في الإمارات، وغنت بداية باسم مستعار هو "رجاء عبده"، وبعد ذلك انتقلت الى البحرين وعاشت نهضتها الفنية هناك حيث تبناها الفنان العماني "سالم راشد الصوري" الذي يعيش في البحرين ويملك شركة للتسجيلات والإنتاج الفني. كان حديث عيد الفرج طويلاً عن مرحلة الستينيات والسبعينيات الزاخرة بالحراك الفني والمطربين الاماراتيين الذين ما زال بعضهم يقدم في سياق تجربته الخاصة لكنه تحفظ على بعض التجارب الغنائية الإماراتية الراهنة لابتعادها عن الغناء الشعبي والخصوصية الإماراتية. كما تحدث الفرج عن الغناء والموسيقى في المنطقة منذ ما قبل ظهور الاسلام، وإلى بداياتهما الأولى وظهور الإيقاعات التي جاءت من البيئة والمجال المحيطين بالعربي في حياته اليومية. من جانب آخر وفي لقاء مع "الاتحاد" بعد المحاضرة، أكّد الفنان عيد الفرج أن الموسيقى والغناء في الخليج قد انطلقتا من اليمن، وأشار إلى أنهما أثّرا وتأثرا بالموسيقى والغناء الذي انتشر في غرب آسيا وكذلك في شرق أفريقيا. وأضاف الفرج "أعتقد أن هذا التأثر بالموسيقى والغناء اليمني قد حدث بعد خراب سدّ مأرب وانتقال الناس من هناك بكل تراثهم الثقافي إلى مناطق عديدة في الخليج العربي"، مؤكدا أن "هذا أمر طبيعي، ويشير إلى مدى عمق التبادل الثقافي منذ أزمنة قديمة بين مناطق الخليج العربي". وأكّد أن "هذه التأثرات، تشبه تلك التأثرات في الموسيقى والغناء التي هبّت على العراق من جهة بلاد فارس، وكذلك تلك التي هبّت على بلاد الشام ومصر من جهة بلاد الأناضول قبل أن تكون تركيا الراهنة".