بمناسبة أعياد ثورة سبتمبر اكتوبر خصصت ذات مرة وبعد محطة 1994م يوميات صحيفة "الثورة" التي كنت أكتب فيها الأربعاء لنقد النظام في عهد صالح ربطاً بأهداف الثورة وما لم يتحقق منها. وفي الحقيقة ومع صوة النقد وفي ظل هذه المناسبة فإنني لم أتلق من أي أحد كان مجرد لوم أو حتى سؤال، وحقيقة فمثل ذلك لم يكن ليرى النور أو ينشر إلا في ظل المرحوم الأستاذ محمد الزرقة كرئيس للتحرير. أتصور أن أقطاب أو أنصار النظام حين قراءة مثل ذلك يكتفون بتعليق أن هذا الكاتب من بقايا النظام الإمامي. إذا النظام اكتفى أو كان يكتفي بذلك إزاء نقد حاد وفي مناسبة أعياد الثورة وفي صحيفة "الثورة" الرسمية، فإن علينا التسليم بمدلول ذلك ديمقراطياً في مرونات أي نظام. في أول حديث للوزير الثوري صالح سميع عبر الهاتف بعد تعيينه كان مع فضائية "سبأ" وكنت أحد ضيوفها، وفي أول جملة له قال إنه يطمئن شخصي بأن الدستور يحفظ الحقوق للملكيين كما للجمهوريين، ولا أدري حينها إن كان يتحدث عن الدستور الذي لا زال يعمل به والمبادرة الخليجية يكملها أو هي تكملة، ولكن الذي أدريه هو أن الوزير القديم الجديد والثوري كان في عجلة قبل دلوه في الحوار الحدث والحديث ليصفني أو يوصمني بالإمامية أو بقايا النظام الإمامي. الثوار الجدد في محطة 2011م وضعوا اسمي بين ما يسمى "القائمة السوداء" على أساس أنني من بقايا نظام الرئيس السابق "صالح"، ولكن الوزير سميع لم يرد هذا السياق للاستعمال، فهو حالة أوضح من شخصي ربطا بصالح أو ما يسمى "بقايا نظام"، ولذلك سار في تسرع وفجاجة استعمال قديم وبما لم يصل إليه النظام القديم ولا يتصور أن يتصرف بمباشرة وفجاجة سميع!!. ما قد يقال عن شخصي المتواضع كبقايا إمامية أو بقايا نظام صالح ليست مشكلة، لأنه ما دام ذلك يطرح ككلام أو في إطار الإعلام استطيع استيعابها كرأي آخر أو وجهة نظر، وإذا أصبح يزج بي في سجن بسببها أو بين قضايا محاكم أو محاكمات ثورية فربما أفكر بها حينئذ كمشكلة. الذي أعرفه هو انتمائي اليمني الوطني الذي يجعلني أبحث عن الأفضل والأفضلية لبلدي وواقعي في ظل حكم صالح أو غيره وفي ظل محطة2011م أو غيرها. في محطة 2011م فإنني لم أكن مع ما عرف بالرحيل الفوري والحسم الثوري، لكنني مع التغيير بالحل السياسي السلمي، لأن واقع ومصلحة البلد تتطلب ذلك والأفضلية في ذلك، فبعد تجربة طويلة مع الصراعات في اليمن ربطاً بمحطات المنطقة لا أقبل بترتيبات أطراف داخلية مع خارجية كحل كما البديل الانتقالي في مصر، فيما يكون دوري حالة من مصارعة الثيران كثوري ولا أقبل أكثر دفع اليمن إلى اقتتال ودمار بأي فهم لثورة أو ثورية. إذا هذا ما يفرضه وعيي وثوابت انتمائي والأفضلية لبلدي كقناعات بمستوى الإيمان، فلماذا يحاول البعض دفعك قسراً إلى خيانة ذاتك ووعيك وضميرك وانتمائك؟!!. ما دمنا بصدد ثورة سلمية فالأهم الحفاظ على السلم الأهلي الاجتماعي، وللآخر التعامل مع مثل رؤيتي وآرائي كوجهة نظر ورأي آخر، ونحتكم للقادم والزمن ليثبت الصواب أو الأصوب والأفضل والأفضلية. بعد التوقيع على المبادرة الخليجية ومساء ذات اليوم كنت ضيفاً في فضائية "سبأ" واستطيع قول الكثير في مخالفات اليوم الأول، أو كون المشترك واصطفاف إنما اضطر أو أجبر على توقيع الاتفاق، ولكنني تعاملت كأنما ألزمت نفسي ذاتياً بالوفاق والتعامل مع الاتفاق وقبل وصول رؤية حول هذا التعامل لجهاز الإعلام. ذلك يعني ويؤكد أنني أمارس الاجتهاد بمستوى الجهاد لموقف واقعي ومن أجل الواقع، ولهذا فإنني لم أكسب رضا النظام السابق كما سميع أو غيره ولم أكسب رضا النظام الجديد كما سميع أو غيره، وأجد لذة وراحة ورضا داخلياً عن نفسي حتى حين تحمل تبعات وأعباء ذلك في كبد ومعاناة الحياة. حين وصول محطة 2011م لليمن كثورة فإنه كان علي النظر إلى صورة حروب الجمهوريين والملكيين وصراع 1986م وما بينهما وما بعدهما، بل كان علي افتراض الصورة القائمة حالياً في ليبيا وسوريا وحتى مصر لأصل إلى أرضية واقعية ووعي لرؤيتي وموقفي. المعارضة في البحرين تتمنى موقفاً أقل بكثير من موقف الحاكم والحكم في اليمن، وبالتالي وبافتراض الثورات السلمية في كل البلدان العربية في ذات الوقت فإن أي نظام يقبل بالرحيل من خلال حل سياسي سلمي يستحق التقدير وذلك هو انتصار للثورة. الأشرف لأية ثورة أن تحاور أي حكم وأي حاكم بدلاً من التواطؤ بالوعي والمباشرة أو بدونهما مع الخارج، وأسوأ ما في محطة 2011م ارتباطها وأطراف في كل واقع بصفقات هي من الصفاقة. كان الأشرف للثورة في مصر أن تحاور مبارك للوصول إلى الحل السلمي بدلاً من صفقات تستغفلها للإخوان والقوات المسلحة مع الخارج وتقدم على أنها الحسم الثوري. لا يشرف الثورة في ليبيا أن يصفي القذافي الاستعمار الفرنسي حتى لو كان أسوأ حاكم في التاريخ، ولو أنه قبل برحيل من خلال حل سلمي، فكان الأشرف للثورة أن تحاوره وتصل إلى صفقة للرحيل. الثورات كساحات اعتصامات وتظاهرات هي الطرف الوحيد الذي لم يلعب ويدخل في المفاوضات والصفقات، وكل الأطراف الداخلية والخارجية لعبت به ولعبت عليه. إنني لا أقبل دور "الكومبارس" الملعوب به وعليه ولا أقبل تواطؤاً أو استعانة بالخارج وفي محطة ترتبط بمتغيرات أهم في المنطقة، والأفضل لي والأفضلية للواقع الوصول إلى صفقة مع النظام أو الحاكم لرحيله، وغير هذا فيه مستوى بأي قدر من الارتهان على حساب الوطنية والانتماء الوطني. بعد محطة 2001م "أحداث سبتمبر" لم تجمع كل الصحف الرسمية والحزبية وبعض الأهلية كما أجمعت على قضية جنوني بوصم الجنون أو تطوع البحث عن مصحة نفسية ونحو ذلك، ومع ذلك لم يثبت جنون أو مجون لدي ولم ولن أجن من مثل ذلك التفعيل. إذا أي آخر يصمني بجنون أو بقايا نظام إمامي أو نظام صالح فذلك يندرج في إطار الرأي الآخر وبين وجهات النظر، وشخصي أو شخصيتي أو تفكيري ووعيي لن يكون ما يريده أو يشكله آخرون من خارج الذات الواعية الواقعية ومن متراكم تجارب ومراس!.