الصعوبات والتحديات دائماً موجودة في كل بلدان العالم لكنها قد تختلف من بلد إلى آخر جزئياً أو كلياً ، ومن حيث الشدة في التعقيد ويرجع ذلك إلى طبيعة الأسباب والعوامل المؤدية إليها .. وهذا أمر طبيعي إن كان ناجماً عن متغيرات وظواهر ليست بالضرورة سلبية فقد تكون إيجابية لكنها تفرز صعوبات منبثقة من التطور الذي ينجم عنها. هنا وجه الاختلاف بين الصعوبات والتحديات الحقيقية وبين مظاهرها المفتعلة في بلادنا والتي تلعب فيها بعض القوى السياسية دور العامل الذاتي الأحادي الوجود، فبعض تلك القوى تسعى إلى فرض مصالحها الضيقة عبر عملية تسويق مستخدمة شعارات سياسية فضفاضة ومطاطية ، وتمارس الخداع وتشويه الحقائق الموضوعية وتطويعها لمصالحها الأنانية مشعلة الفتن ومؤججة الدعوات المذهبية والطائفية والمناطقية، مستخدمة تناقضات هذه الظواهر لبلوغ مآرب خاصة سرعان ما تنكشف لينقلب السحر على الساحر. وهذا حال أحزاب المشترك التي وجدت نفسها عاجزة عن السيطرة على ما اعتقدت أن ما تضعه من أزمات سوف تستخدمها كأدوات ضغط لتحقيق مكاسب على حساب السلطة أو الحزب الحاكم لتفاجأ أنها وقعت في الشراك الذي نصبته للآخرين وأمامنا أمثلة كثيرة لتأكيد هذه الحقيقة .. منها موقفها من فتنة صعدة والحرائق التي أشعلتها في المحافظات الجنوبية والشرقية ومن عدم إجراء انتخابات نيابية في موعدها بذريعة افساح الطريق للحوار مع أن الغاية الحقيقية من ذلك كانت مدركة منذُ البداية ويمكن تحديدها في عجزها عن عدم الوصول إلى ما تريد عبر صناديق الاقتراع , فكان الخيار أمامها الضغط على الحزب الحاكم لتحويل الديمقراطية إلى شكل بلا مضمون عبر صفقات الغرف المغلقة في التفافة واضحة على مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة تجري في أجواء ومناخات الشفافية لضمان نتائج تعبر عن إرادة الشعب, وتعكس حقيقة الوجود والتأثير الشعبي لطرفي المعادلة السياسية في الساحة الوطنية وتجنبنا العودة بالوطن إلى منطق الشمولية في التفكير السياسي لقيادات أحزاب معارضة اللقاء المشترك , ولوضع أبناء اليمن في الصورة الحقيقية لما تريده هذه الأحزاب , وتغليباً للمصلحة الوطنية التي تذرعت بها هذه الأحزاب تحت مسمى أصلاح المنظومة الانتخابية .. وحانت ساعة الحوار وفقاً لما اتفق عليه , فتهربت منه بوضع شروط واضح فيها العودة إلى الضغط بالفتنة وأعمال التخريب في صعدة وأعمال الفوضى الناجمة عما تسميه ب "الحراك الجنوبي" , ولا بأس من استخدام ورقة الإرهاب في هذا الاتجاه , وجميعها تتعارض جملة وتفصيلاً مع ما اتفق عليه , محاولة بذلك العودة إلى حلقتها المفرغة في وقت المطلوب منها إن كانت جادة في الحوار العمل مع المؤتمر على تهدئة الأوضاع واطفاء الحرائق التي أشعلتها أو أسهمت في تأجيجها والانتقال إلى اصلاحات على الصعيد السياسي الديمقراطي لها مضامينها وأبعادها الاقتصادية والتنموية والخدمية الناهضة بالوطن والمواطن .. لكن على ما يبدو المشترك أدمن الهروب إلى الأسوأ وهو ما سيجعل أحزابه في النهاية هي الخاسر الأكبر .. وبها أو بدونها سيواصل الوطن مسيرته إلى الأمام موحداً وديمقراطياً .