مهما تكن الدوافع والخلافات والمبررات فإنها لا تبيح اطلاقاً استعمال العنف وإراقة الدماء لحسم المواقف واخراس الأصوات المعارضة أو المطالبة بمطالب مشروعة، لأن طبيعة النهج الديمقراطي تتناقض وأدوات النظام الشمولي الديكتاتوري القمعي. إن ما حدث للمعتصمين في ساحة التغيير بأمانة العاصمة ظهر الجمعة 18 مارس الجاري ما كان له ان يحدث لو ترك الأمر للعقلاء والحكماء لمعالجته بالتي هي أحسن، قبل ان تزهق أرواح اكثر من خمسين شهيدا وأكثر من مائتي جريح اصاباتهم مختلفة في جريمة بشعة نكراء استنكرها كل أبناء الشعب بدون استثناء. إن اصابع الاتهام تتجه صوب مأجورين ومندسين سعوا لتأجيج الخلافات وتفجير الموقف لمصلحة أجندات مشبوهة تصطاد في الماء العكر بهدف زعزعة الأمن والاستقرار والسكينة العامة. لكن ما ينبغي أن يتفق عليه الجميع أن الدم اليمني خط أحمر لا يجب اراقته أو التفريط به بأي حال من الأحوال. إن الاختلاف في الرأي من سنن الكون لكنه يجب ألا يفسد للود قضية، وألا يستدعي كل ما في الدنيا من عنف لاخراس لسان أو قطع يد أو بتر ساق أو إزهاق روح وما إلى ذلك. كنا نظن ان الديمقراطية غرست فينا ثقافة الحوار فاذا بنا نكتشف اننا اضفنا للديمقراطية ثقافة العنف والكراهية، وان الواحد منا لا يريد للآخر ان ينافسه أو يزاحمه أو حتى يشاركه المواطنة في الوطن!!. ما أضيق صدورنا بعد ان كنا اعتقدنا انها رحبت وما أضيق عقولنا بعدما ظننا انها وسعت هكذا بكل بساطة وفي ساعات محدودة تهدر وتسيل دماء وتزهق أرواح ونتحول إلى وحوش كاسرة، تأكل بعضها البعض ليس لشيء غير اختلافنا في الرأي وبسبب تعصبنا لمواقفنا ورؤانا!!. إنها جريمة يشترك في وزرها كل من أسهم فيها بأي شكل من الأشكال، ليست محصورة في طرف بل الكل ساهم فيها من موقعه الذي لا يريد ان يبارحه، والذي غذى العداوة والأحقاد في النفوس، ونفّر الأخ من أخيه وبذر بذور الفتنة الأهلية في الأرض. نسأل الله العلي القدير أن يهدينا سواء السبيل وأن يلهمنا الصبر والتسامح والحكمة وأن يجنبنا المصائب والمحن وأن يجمع صفوفنا ويوحد شملنا ويعلي رايتنا.. انه سميع مجيب.