مهما وصل مستوى الإجرام عند الإنسان ، ومهما كان العائد الذي يتقاضاه جراء ذلك الإجرام ، فإنه لا يمكن أن يستخدم أسلوب التعذيب الجماعي لشعب تعداد سكانه خمسة وعشرون مليون نسمة ، وبكل أسف ينتمي إليه هؤلاء المخربون .. نُزعت الرحمة من قلوبهم ، ودُفنت الوطنية بين ثنايا إجرامهم ، لذلك لم يعودوا مُهتمين بما تخلفه حماقاتهم من كوارث ومآسٍ وتكدير للعيش .. في كل بقاع الأرض ، ومهما بلغت حدة الصراعات والخلافات السياسية فإنهم لا يُفكرون مجرد تفكير في المساس بالبنية الأساسية التي هي ملكٌ للجميع ، إلاّ في يمن الحكمة والإيمان فقد أصبح التخريب وسيلة للارتزاق من قبل العشرات على حساب حياة وأرزاق ومصالح الملايين ، والأدهى أن الحكومة هي من شجعتهم وجعلت من لعابهم يسيل جراء تهاونها ومكافأتها المغرية لهم ، فتحولت هذه النعمة إلى كابوس يؤرق المواطنين ومن منحة إلى محنة .. صحيحٌ أنهم يجنون الملايين من وراء تخريبهم لمقدرات البلد ، لكنها في المقابل تطاردهم أرواح الأبرياء التي زُهقت بسببهم ، ودعوات من تقطع أرزاقهم ، لو كان لديهم ذرة من عقل أو ضمير لما أحرموا الناس من هذه النعمة ، وكانوا سبباً رئيسياً في شقاء الضعفاء ، أما المسؤولون والميسورون فالبديل جاهز إذا كان هؤلاء المجرمون يظنوا مجرد الظن أنهم يعاقبونهم بقطع الكهرباء .. عندما تتحلل القيم ، وتموت الضمائر يتحول الإنسان إلى وحشٍ كاسر ، لأنه لا يفكر في ربٍ يراقبه وسيعاقبه ، ولا في مأساة يتسبب فيها ، ولا في شقاء يُخلّفه للآخرين ..