تشهد الاسواق المحلية في الموسم الرمضاني حركة تجارية في البيع والشراء لم تشهدها طوال العام نظراً لخصوصيات هذا الشهر الكريم، وما يتطلبه من سلع استهلاكية، تتهافت إليها الكثير من الأسر وتقبل على شرائها بكميات كبيرة تغطي احتياجات الشهر الكريم، يأتي بعدها احتياج الأسرة إلى شراء الملابس نظراً لدخول العيد وخلال هذا الموسم ترفد الاسواق المحلية بكميات كبيرة من المعروض لمواجهة احتياجات الطلب، إلا أن الاسعار يستعر لهيبها لتقصم ظهر رب الاسرة خاصة ذي الدخل المحدود المهدود، والذي يصبح بين نار الاسعار وقوائم الطلبات الأسرية التي لا تتناسب مع قدرته الشرائية، فيضطر إلى التسوق للبحث عن سلع مناسبة سعراً وجودة والتي تشبع رغبته ولا تسد حاجته، وقد عمد الكثير من التجار جملة وتجزئة إلى ابتكار سياسة تسويقية واستمالة المستهلك باعلان تخفيضات وتنزيلات موسمية لسلع استهلاكية وكمالية، وتصل نسبة التخفضيات في كثير من السلع المعروضة إلى ما نسبته 50% مع ان هامش الربح قد يكون 20% ولكن تلك التخفضيات الكثير منها وهمية، فقيمة السلعة بعد التخفيض تكون هي السعر المناسب لها ان لم تكن اقل، كما ان تلك التخفضيات مفخخة بسلع فاسدة تم التلاعب بتواريخ صلاحيتها وكثير منها تم استيرادها وهي قريبة من الانتهاء، وتم شراؤها بثمن بخس لرغبة البائع في تلك الدول المصدرة للتخلص منها، وتكون اليمن هي مقبرة النفايات والسلع المعلبة بالموت البطيء ويكون المستهلك هو الضحية عندما يكون غير متسلح بوعي استهلاكي، ويكون فريسة في فخ التخفيضات الموسمية والتي يقصد من ورائها التخلص من المخزون السلعي خاصة الملابس التي هي الأخرى طعم لتلك التنزيلات الوهمية التي تغري المشتري مع ان الكثير منها يتم شراؤها مستخدمة ويتم غسلها وكيها مع التلاعب باسماء البيوت التجارية في دول مصدرة لها شهرتها في التصاميم والموديلات، وفي الحقيقة ان تلك الملابس إما مستخدمة أو يتم تفصيلها داخليا وتباع باسعار خيالية، والكل هنا ينهش في جسد المستهلك وفي غياب كامل للجهات المسؤولة والرقابية من الصناعة والتجارة والمواصفات والمقاييس وجمعية حماية المستهلك، التي خارت قواها ولم تدافع عن المستهلك في ظل الثقافة الاستهلاكية، خاصة نحن في اليمن الذي تحول المجتمع فيه إلى مجتمع تغلب عليه النزعة الاستهلاكية المفرطة. إن من يتابع سوق التنزيلات وموضتها يجد أنها رائجة حتى شملت الصروح الطبية الخاصة لتستقطب الكثير من الزبائن المرضى تحت وهم التخفضيات التي تشمل كافة الخدمات الطبية، وكان الطب قد تحول هو الآخر إلى سلعة يحكم فيها العرض والطلب واصبحت تلك الخدمة الإنسانية يشوبها الكثير من الاحتيال والنصب على المرضى وتشخيص جيوبهم قبل تشخيص امراضهم واستنزاف اموالهم قبل فحص دمائهم، حتى تحولت تلك المستشفيات إلى اسواق بورصة لا صروح طبية تتعامل مع الناس بانسانية ومن منطوق القسم الطبي.