تذهب بعض القراءات المتفحصة لما تشهده الساحة العربية من حراك شبابي في الوقت الراهن إلى رهن هذا الحراك باستراتيجية النظام العالمي الجديد، الذي يسعى الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لإحلاله وفرضه على دول العالم قاطبة. وتكشف هذه القراءات الرغبة الغربية في تغيير خارطة الواقع العربي الذي ما زال يرفض الإذعان لمشروع النظام العالمي الجديد نتيجة خصوصيته ولانتهاكه السيادة والأمن العربيين. ويتضح من خلال هذه القراءة للأحداث التي يشهدها الوطن العربي أن الغرب وصل إلى قناعة تامة بأن القيادات العربية التقليدية الحاكمة تقف عقبة كأداء أمام التغيير الذي يسعى إليه الغرب في هيكلية بنية الواقع العربي لإقامة الشرق الأوسط الجديد، الابن الشرعي للنظام العالمي الجديد، الذي سيكون فيه لكل من تركياوإيران شأن في تقرير مصير الأمة العربية خلال الخمسين عاماً القادمة. ويبدو أن معارضة الرئيس المصري السابق حسني مبارك عملت على تمكين تركيا من لعب دور في الواقع العربي خلال الفترة الماضية؛ على اعتبار مكانة ودور مصر العربي قد عجل باتفاق الغرب على إسقاط الأنظمة العربية التقليدية وإقامة أنظمة بديلة طيعة وتنقصها الخبرة وتنشغل بأمورها الداخلية عبر تهييج وتحريض الشباب العربي على الثورة لتغيير الواقع العربي من أجل تهيئة الأوضاع لتمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد المصمم للخمسين عاماً القادمة، والذي تضطلع فيه كل من تركياوإيران بدور محوري وأساسي كقوتين إقليميتين باتفاق الغرب. وإن الدور المناط بكل من تركياوإيران في هذا الإطار، بعد تهميش وتفكيك الوطن العربي، يتمثل في قيادة كل منهما لمحور من الوطن العربي. ففي حين تتولى تركيا قيادة محور العرب السنة يناط بإيران قيادة محور العرب الشيعة، لذلك يلاحظ الاهتمام التركي- الإيراني بالأحداث الجارية هنا وهناك في الوطن العربي، ورغبة كل منهما في تسجيل وإثبات حضورها في هذه الأحداث. ولعل دور إيران بارز في إذكاء الفتنة في اليمن من خلال دعم الحوثيين في صعدة وما يسمى بالحراك الجنوبي وبعض أحزاب المعارضة، وكذلك في التحريض على الفتنة في المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية وفي مملكة البحرين وفي لبنان والعراق وسوريا استهدافاً لهذه الدول من أجل السيطرة عليها. وبحسب القراءة فإنه غير مستبعد إطلاق قيام تكتلين من دول عربية عدة واحد بقيادة تركيا والآخر بقيادة إيران في المنطقة، ينسجم وأهداف مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يتيح فرصة الاندماج بين العرب والكيان الصهيوني، وان الجيل الجديد من الشباب العربي وبعض الأحزاب سهلة الانقياد أقدر من الأنظمة الحالية المتمرسة على الاندماج في المشروع الجديد.