ما تسمى "الثورة السلمية" تبنت ودعت خلال هذه الأزمة "المشترك" إلى تشكيل مجلس رئاسة أو مجلس انتقالي ونحو ذلك. "المشترك" ومنذ سفر الأخ الرئيس للعلاج في الشقيقة السعودية يتبنى ومعه قائد التمرد العسكري "علي محسن" أن يصبح نائب الرئيس في غيابه كالمعتاد – أن يصبح- رئيساً لسلطة انتقالية. هذا يعني أن الحل من منظور "المشترك" هو في انقلاب نائب الرئيس على الرئيس، و"المشترك" يستخدم الثورة للضغط، وعلي محسن والإصلاح يحشدون علماء قاعديتهم وقاعدتهم لهذا الضغط!!. حين يتحول تطرف الأطراف المتطرفة إلى أي قدر من العمل والتفعيل السياسي، وحين يراد تقديمه كواقعية، فإنها لا تصبح التباساً في الواقعية، ولكن الذي يمارس مجرد لبوس لتقديم الواقعية، فتصبح واقعية العبث والتدمير العبثي!!. الذين لا ترتبط خياراتهم وخطواتهم بمصالح وطن والمسؤولية تجاه المجتمع وبشكل حقيقي حاضر في الفكر والتفكير وفي مكون الثقافة والوعي، تذبذبهم الأزمات بين التضخم والتقزم بسياق غير طبيعي وغير متوقع. فهؤلاء يتضخمون من سفك دم فيما تسمى "جمعة الكرامة" والسفاحون منهم أو بينهم، ويتضحمون حين تطور قدرات السفح لديهم ومنهم أو بينهم إلى دار الرئاسة، وفي الحالتين هم الطرف الذي يفرح بتضخم من أرضية الدم، بل ويتمادى لاحتفاء واحتفالات بالدمار وسفك الدماء، ولكن يتقزمون حين الدعوة إلى حوار أو إلى انتخابات مبكرة ونزيهة بإشراف دولي. لو أن هؤلاء تواضعوا في التعامل مع حقائق الواقع واستحقاقات الوطن والمجتمع لتم التوقيع على المبادرة الخليجية في الداخل أو الخارج حسب المتعارف عليه "بروتوكوليا"، وذلك أفضل من اللجوء لاستهداف الرئاسة، ومن ثم أفضل من تعامل أقل ما يقال عنه هو أنه يحمل قدراً من الوضاعة، لا تليق كلعبة مكشوفة ولعب على المكشوف بطريق التواء، ظرافته توازي التطرف. على ذمة خبير أميركي متخصص فهذه الثورات وراءها المخابرات الأميركية "C.I.A"، وبالتالي فالشيخ عبدالمجيد الزنداني كان عليه منح براءة الاختراع لثورات الأسلمة والجهاد في أفغانستان، وكان أحد رموزها وأمرائها وللثورات السلمية للمخابرات الأميركية. وبافتراض عدم فهمه أو إلمامه بهذا فإنه لا يفهم ولا عقل له إذا كان لا يعلم أو لا يعرف أو لا يفهم بأن الثورات السلمية سبقتنا في بلدان أخرى كما مصر وتونس، ولكنه حين الطرح عن براءة اختراع لمعتصمي اليمن فهي سخرية الأقدار في السخرية من الذات. لاحظوا الشيخ الزنداني بتضخمه المرتفع كم يتقزم حين الإسفاف إلى سخف مثل هذا الطرح لدوافع أو استهداف منافع صراعية. المسألة هو أن استمراء التذاكي يكون على حساب الذكاء، بما يجعل هذا التذاكي المهبش يجسد الغباء الفاحش، ولهذا ففي الوقت الذي بات هؤلاء في أمس الحاجة إلى حلول ومعالجات لغبائهم لازالوا في حاجية حيوية لاستغباء الآخرين، وعندما يمارس أغبياء الاستغباء يتعامل الواقع معهم بمدلول المثل "شر البلية ما يضحك". بغض النظر عن هذه الثورات بماهيتها وخلفيتها فمفردة وعنوان "سلمية" - ولنضع تحتها ألف خط- تعني لانتصارها إجماع شعبي على الرحيل والبديل أو انقسام شعبي، إن لم تفرض الغالبية رفض الرحيل فلا بد من التوافق على البديل. هؤلاء لا بديل لديهم ولم يقدموه للشعب ليعرفه وعلى طريقة تمخض الجبل..... فبديلهم الذي قدموه وفي هذا الوقت المتأخر هو نائب الرئيس المعين من الرئيس، فهل هم اختاروا أم الرئيس هو من اختار لهم؟!!.. غالبية شعبية باتت بعد تفجيرات دار الرئاسة غالبية مطلقة ترفض الرحيل، ومع ذلك يقال لهم تعالوا نتحاور ونتفق على آلية تنفيذية للرحيل أو لتسليم السلطة فماذا يريدون؟!!.. لقد تم قتل أكثر من خمسين شاباً من هؤلاء المعتصمين في عمارة تابعة للشيخ حميد الأحمر وهي تحت سيطرة الفرقة الأولى وقائدها الذي انضم للثورة علي محسن، وكان هذا المبنى يستعمل مخزناً للأسلحة والمتفجرات ومكاناً لإعداد هذه المتفجرات، فأين دم هؤلاء ولماذا سفك؟!!!.. بعد استهداف دار الرئاسة والرئيس وقتل ثلاثة عشر وإصابة أكثر من مائة يحتفون بالتفجيرات وبالوفاة، ويحتفلون وحيث اضطر هذا الاعتداء الإرهابي البربري الرئيس السفر للعلاج فذلك هو الحل لإشكاليتهم، ولم يعد غير الضغط على نائب الرئيس لإعلان الانقلاب. هل يعتقد هؤلاء أن قتل الرئيس كان هو الحل للمجتمع وواقع الوطن؟!!.. وهل لا زالوا مع أن الانقلاب هو الحل تجسيداً للطرح "الإسلام هو الحل"؟!!.. حتى الأكثر ذكاءً بين البشر حين تحتويهم الصراعات حتى يصبحوا بها مقيدين أو محاصرين ومن داخلهم يضطرون للتمادي في التذاكي، فيسقطوا في الغباء ومن ثم يسقطهم الغباء وهم أذكياء، وغير المتابع لحالتهم ومسارهم وصيرورتهم يفاجأ إلى قدر من الذهول وعدم التصديق، كون معرفته بهم ظلت في ذكائهم الحاد والمتميز!!.. حين خروج الاستعمار القديم من مناطق في العالم كانت تنشأ في بعضها مشكلة عدم وجود بديل مؤهل ليكون النظام في بلد بعد ذلك، ولذلك نشأ ما عرف بنظام الوصاية وبشكل مؤقت حتى تأهيل نظام. بعيداً عن حضور أميركا والاتحاد الأوربي في هذه الثورات السلمية- كما تزعم- لنا افتراض توجه وخيار دولي أو أممي، وتجاه كل بلدان العالم كديمقراطية أو حقوق وحريات أو غيره، ولنا افتراض أن نظاما اقترح أو وافق على انتخابات مبكرة خلال شهور لا يرشح فيها الحاكم ولا نجله مع التزامه بتسليم السلطة لنظام منتخب بانتخابات نزيهة وإشراف دولي. إن هذا النظام يكون أحرج وأفحم العالم إلا في حالة وجود أثقال تريد فتناً واقتتالاً ودماءً ودماراً وتدفع بحق يراد به باطل.