أظهرت الوقائع بشكل جلي أن هناك مشروعين للإطاحة بالسلطة.. مشروع خاص بالإخوان المسلمين تحت يافطة حزب الإصلاح، الديني القبلي، يهدف إلى إسقاط السلطة بالقوة المسلحة من أجل الانفراد بالحكم وإقامة دولة الإمارات الإسلامية، وهو مشروع يتطابق مع المخطط الصهيوني للقضاء على الإسلام بخنجر إسلامي أسوةً بما تعرض له النظام الشيوعي من اغتيال على أيدي الشيوعيين أنفسهم.. وهذا المشروع المتطرف يؤمن بالشمولية ولا يسمح بالتعددية والرأي الآخر. والمشروع الآخر وهو العلني يتبناه اللقاء المشترك وحزب الإصلاح مكون أساسي من مكوناته، وهو يتفق مع هدف إسقاط السلطة ولكن بأسلوب ضغط وثورة الشارع. وعلى رغم التباين والتقاطع والتوجسات بين منفذي المشروعين فإن آفاق المستقبل تبدو غامضة أمامهم إذ يتهم بقية أطراف المشترك الإصلاح بالتوجه نحو الاستئثار بالسلطة ويتخوفون من أن يكونوا أول الوجبات التي يتناولها الإصلاح بعد نجاح التغيير، لذلك يتعاملون مع مشروع الإصلاح بالكثير من التوجس والحذر، بينما يرى الإصلاح باقتناع أن مسألة إسقاط السلطة سلمياً نوع من الوهم لقوة السلطة وتماسكها. في هذه الأثناء، وفي الثاني من فبراير 2011م قدم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مبادرته التاريخية التي لبت جميع مطالب اللقاء المشترك، بل وأعطته أكثر مما كان يطلبه، إلا أنها قوبلت بجفاء وعدم قبول من اللقاء المشترك، لأن مخططه الانقلابي يتعارض ويتقاطع مع كل المبادرات والتنازلات والمساومات من حيث المبدأ. لقد نصت مبادرة رئيس الجمهورية أمام الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى على: - تجميد النقاش حول التعديلات الدستورية - فتح باب السجل الانتخابي لتسجيل من بلغوا السن القانونية - استئناف الحوار - تشكيل حكومة وحدة وطنية - عدم التمديد أو التوريث أو تصفير العداد بالإضافة إلى بنود أخرى تتعلق بالإصلاحات الوطنية الشاملة. واعتمد رد اللقاء المشترك على المبادرة في 13 فبراير 2011م على تشكيك بها، وعلى المراوغة والتسويف والمماطلة والتنصل من المسؤولية والتهرب من استئناف الحوار واقترح بدلا منها مسودة لما ينبغي أن يتضمنه محضر استئناف الحوار وفي مقدمتها. - استكمال لجنة التواصل "خاصة بالمشترك" مع الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية أعمالها خلال مدة محددة بهدف ضمان مشاركتهم الفاعلة في الحوار الوطني، إضافة إلى تأمين مشاركة معارضة الخارج والحوثيين فيه. كانت هذه الفقرة مجرد مناورة للتنصل من الحوار ومحاولة للمماطلة والتسويف ظناً من اللقاء المشترك أن السلطة ستعارض مشاركة هذه الفئات في الحوار الوطني. ونتيجة للبس والاستهجان الذي أثاره هذا البيان فقد اضطر اللقاء المشترك إلى إصدار بيان توضيحي للبيان السابق في اليوم نفسه في مقدمته: "إن المشترك لم يرحب بما أسمي مبادرة وإنما نظر إليها كأفكار عامة تحاول أن تبحث عن مخرج من المأزق الذي وضع فيه الحزب الحاكم نفسه ومع العملية السياسية برمتها، كما أن الحديث عن العودة للحوار هو منافٍ لواقع الحال، لأن الحوار لم يبدأ في الأساس حتى نعود إليه، فنحن نرفض الحوار الثنائي ودعونا إلى حوار وطني شامل لكل القوى الوطنية ولا زلنا متمسكين بهذا المبدأ". إن اللقاء المشترك بتوضيحه هذا كان كمن "جاء يكحلها فأعماها" فقد قدم نفسه كحمل وديع معرض للافتراس محملاً الحزب الحاكم وحده مسؤولية ما حدث ويحدث نائياً بنفسه عن المسؤولية المباشرة عن هذه الأحداث وفي صدرها تمرده على الشرعية الدستورية التي يرفض الحوار معها مع أنها مكون أساسي من مكونات العملية السياسية في بلادنا وقائد للطرف الآخر الذي يمثل أغلبية القوى الوطنية.. وفي العدد القادم نتواصل.