عاد السؤال بقوة: مصر إلي أين؟. وهذه الآونة يصاحب السؤال قدر لا بأس به من الفزع، لأن المؤشرات كلها والسوابق من حولنا تقول إنها باتجاه حالة شلل، وأزمة اقتصادية، وتدهور أمني قد يقود إلي الاحتراب الأمني. وربما يقول البعض ان هذه مخاوف مفتعلة، أو ينشرها اعلام يحمل أجندة مشبوهة. إلا أن الحقيقة المجردة تقول إن اللجوء إلي الاجراءات الاستثنائية هو بداية طريق الديكتاتورية، وأن الاعتداء علي القضاء، وحصار المحكمة الدستورية وسط تهليل وتكبير الجموع الغفيرة من تيار واحد هو ذاته الذي رأيناه يوم الاعتداء علي السنهوري باشا. كما أننا نعلم أن المسيرات الصاخبة في الفترة ذاتها خرجت بترتيب مسبق لتهتف ضد الديمقراطية، ولتمهد الطريق لسيطرة الضباط برئاسة عبد الناصر علي حكم البلاد. وقد ذهبت مجموعة الأزمات الدولية إلي ما نراه، ففي تعليقها علي المادة السادسة إنه يمكن أن تتخذ جميع التدابير الضرورية لحماية الدولة وأهداف الثورة، وأن هذه التدابير سوف تنتهي بمجرد وضع دستور جديد للبلاد.. قالت إنها ذرائع قديمة قدم الاستيلاء علي السلطة ذاتها. والمثير أن مؤسسة الرئاسة فوجئت بحجم رد الفعل، سواء من القوي السياسية أو القضاء أو الاعلام أو حتي من قطاع لا يستهان به من المواطنين، فبرغم أنهم يتفقون علي أن الرئيس مرسي هو أول رئيس منتخب إلا أنهم لا يشاركونه الرأي في جمع السلطات في يديه، ولا يثقون في مسألة حسن النية كما لا يرون أن ثمة تهديدا لسلطته. وفي اللحظة الحالية، ونتيجة لتعدد الاضطرابات والمظاهرات والاعتصامات، ورفض القضاة الاشراف علي الاستفتاء، وتسيير مسيرة احتجاج باتجاه القصر الجمهوري.. وهذا يغري بعض المراقبين بالتساؤل: ربما لن تتوقف الأمور عند هذا الجدل وقد يواجه الرئيس مرسي في مرحلة ما صراعا علي السلطة، وربما لن يصمد في مواجهة هذه التطورات!، وأغلب الظن أن الساحة تحمل قدرا كبيرا من الغيوم! ويبقي أن مصر تتجه إلي أزمة عاتية ما لم يظهر الرئيس مرسي قدرا هائلا من الحنكة السياسية لاحتواء الموقف وبسرعة، وأغلب الظن أن المسئولية لا تقع علي الرئيس وحده، لكن المعارضة تتحمل قدرا من المسئولية لأنها يجب أن تثبت أنها طرف جاد ومسئول في اللعبة السياسية. ومن هنا لا مفر من الحوار الجاد، لا حوار الطرشان.