كان جبل "نُقُم" في شرق صنعاء شاهداً على حركة تحرُّر ضد الأئمة في مطلع الستينيات، والآن يؤدّي ذات الوظيفة، لكنه شاهد على حجم الفساد الذي ينخر المؤسسة العسكرية، وفي الحالتين هو حامل للسلاح؛ في الستينيات مع "الجمهورية" ضد حكم الأئمة، والآن يسرّب سلاح "الجمهورية" إلى دعاة عودة طغيان الأئمة..!!. في مطلع يونيو 2007م شهدت مخازن السلاح والذخيرة في معسكر الحفا في جبل "نُقُم" انفجارات ضخمة، ووجد نظام صالح نفسه أمام ضغط إعلامي يبحث عن تفسير مقنع لأسباب الانفجار، وحينها اتصل أحد معاوني وزير الداخلية اللواء مطهر المصري بزميل صحافي كان يجلس إلى جواري يبحث معه عن تخريج إعلامي، فكان اقتراح الزميل: "نقول لهم إن المطر تسرب من الشقوق، وتسبّب بالتماس ومنه نتج الانفجار"… وهكذا جرت الرواية الرسمية..!!. الحقيقة إلى اليوم لم تُعلن؛ لكن روايات متطابقة تتحدّث عن معلومات وصلت الرئيس صالح عن قيام نجله أحمد "قائد الحرس الجمهوري سابقاً" بتسريب كميات ضخمة من الأسلحة إلى الحوثيين، من أجل استنزاف الترسانة العسكرية التي في يد خصمه اللدود اللواء علي محسن "قائد الفرقة الأولى مدرّع سابقاً" والرجل المواجه للجماعة الحوثية عسكرياً. يومها قرّر الرئيس صالح زيارة مخازن "نُقُم" وتيقّن له تسريب الأسلحة، وقرّر تشكيل لجنة لجرد المخازن، وقبل وصوله إلى دار الرئاسة عائداً، كانت المخازن تتفجّر بفعل فاعل لتمييع القضية؛ وهكذا تمضي حياة سكان القصور من اعتادوا العبث بالمال العام، لم يحاسب من سرّب سابقاً أو فجّر لاحقاً. تفجيرات ذات المخازن – وهي عبارة عن كهف صخري استخدمه العثمانيون مخزناً للأسلحة، ولم يتم تجديده أو ترميمه منذ ذلك الحين – السبت قبل الماضي، وجدت لها تبريراً جديداً، لكن ليس قطرة مطر، بل صخرة جبل، ليستمر مسلسل استغفال الناس، وعدم مكاشفة الشعب أين ذهبت أمواله وأسلحته. يجب أن يشعر الناس بزوال نظام الاستغفال والاستهانة، والقول لهم إن كثيرين من العسكريين المتولين مسؤولية مخازن السلاح ليسوا شرفاء وليسوا بقدر المسؤولية التي يتولونها، ولايزال بعضهم يستمع بأدب جم إلى توجيهات العميد أحمد علي ويتولّى تسريب الأسلحة إلى الحوثيين، وبعضهم تحوّلوا إلى تجار سلاح بضمائر قذرة..!!. قبل ذلك بثلاثة أسابيع تحدّثت مصادر عسكرية عن اكتشاف مخازن أسلحة لأول مرة تعرفها وزارة الدفاع في منطقة "الصباحة" غرب العاصمة، وأن من بين الموجودات 30 ألف مسدس لم يبقَ منها غير 3 آلاف فقط. يجب الاعتراف بالحقيقة المُرّة: أن أسلحة "نقم" اليمنية ذهبت إلى موالي "قم" الإيرانية، وأن مخازن وزارة الدفاع مفتوحة مثل "سمسرة وردة" لكل ناهب ونافذ، وأن الحوثيين يقاتلون الدولة بأسلحة الدولة، حتى تنظيم القاعدة، لا يحتاج إلى شراء الأسلحة من السوق السوداء، وبإمكانه أن يشتري ذمة أي شخص لا يمتلك ذرة من مسؤولية أو ضمير بدراهم معدودة. ولعل فيكم من يذكر الحادث الإرهابي ضد القنصلية الأمريكية في جدة، حين أعلنت واشنطن أن الأسلحة المستخدمة مسرّبة من وزارة الدفاع اليمنية، بعد مطابقة رقم الكود "السيريال نمبر" الخاص بها. وفي ابريل الماضي قال وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد إنه لا يوجد غير 10 % من قوام عتاد اللواء حرس جمهوري والبقية منهوبة، في إشارة إلى ما ارتكبه العميد أحمد علي في ممتلكات الحرس سابقاً..