منذ بدء الحرب الأهلية في الصومال عقب الإطاحة بحكومة محمد سياد بري عام 1991 يتجه آلاف الصوماليين إلى اليمن بحثا عن ملاذ آمن من المواجهات الضارية التي لا تزال تدور رحاها بين الأفرقاء الصوماليين. ويستقر هؤلاء لبعض الوقت في مخيمات تقيمها لهم الحكومة اليمنية في جنوب البلاد بالتعاون مع مفوضية الأممالمتحدة للاجئين.
ولكن على الرغم من أن السلطات اليمنية توفر رعاية لا بأس بها للمهاجرين وتمنحهم وضع اللجوء التلقائي منذ ما يقارب 20 سنة، فإن أكثرهم يستخدمون الأرض اليمنية كنقطة عبور إلى السعودية التي يدخلونها بصورة غير شرعية لاعتقادهم أنها المكان الملائم لتحسين ظروفهم المعيشية.
مخاطرة بالنفس ويخاطر المهاجرون الصوماليون بأنفسهم في رحلة شاقة ومحفوفة بالمخاطر إلى السعودية، تبدأ بالسفر عبر وسائل النقل العام إلى السواحل الصومالية الشرقية وجيبوتي، ثم يقوم مهربون محليون بتسهيل سفرهم إلى اليمن عبر خليج عدن في زوارق بالية يحملونها فوق طاقتها، لتبدأ الرحلة الأخطر في البحر التي طالما تسببت في وفاة الكثيرين.
والذين تكتب لهم النجاة من محنة البحر تستقبلهم مفوضية اللاجئين في مراكز في جنوب اليمن، يأخذون هناك فترة من الراحة ثم يبحثون عن وسيلة أخرى تمكنهم من الوصول إلى السعودية، حيث يتصلون بمهربين يمنيين يقومون بإيصالهم إليها مقابل مبلغ من المال عبر طرق برية وعرة، وذلك في رحلة تستغرق أسبوعا أو أسبوعين.
وأثناء المواجهات العنيفة -التي دارت بين الحوثيين من جهة والقوات اليمنية والسعودية من جهة أخرى في المناطق الشمالية عند الحدود بين البلدين- قبضت كل من القوات السعودية واليمنية على مئات من الصوماليين قالت السلطات في البلدين إنهم كانوا يقاتلون إلى جانب الحوثيين.
وتباينت الآراء حول الظروف التي أحاطت باعتقال الصوماليين آنذاك، فالبعض قال إن الحوثيين أرغموا الصوماليين على القتال، في حين يقول آخرون إن الحوثيين استغلوا الظروف الصعبة التي يعيش فيها اللاجئون الصوماليون فأغروهم بالمال مقابل الانضمام إليهم.
غير أن اللاجئين الصوماليين في اليمن يستبعدون تلك الاحتمالات، ويقولون إن اللاجئين المتهمين بمساعدة الحوثيين تم اعتقالهم عند الحدود أثناء محاولتهم التسلل إلى السعودية، ولم يتورطوا ولو مرة في القتال بين القوات اليمنية والحوثيين، حسب قولهم.
التهمة والقتل ومنذ أن ساد التوتر على الحدود بين اليمن والسعودية بسبب القتال في صعدة، قلت وبشكل ملحوظ حركة المهاجرين الصوماليين المتوجهين إلى السعودية مرورا بأرض اليمن، خوفا من الوقوع في قبضة القوات السعودية أو اليمنية، وإلصاق تهمة مساعدة الحوثيين بهم، وفقدهم لحياتهم جراء النيران المتبادلة بين الطرفين.
عبر عن ذلك جوليد عبدي الذي تسلل عدة مرات إلى السعودية انطلاقا من اليمن، وقامت السلطات السعودية بترحيله إلى الصومال قبل شهرين بقوله "نستطيع أن نتحمل مخاطر السفر عبر البحر للوصول إلى اليمن، ومن ثم إلى السعودية التي هي وجهتنا الرئيسية، لكن محاولة التسلل إلى السعودية أصبحت هي الأخطر، ولسنا مستعدين لأن نخاطر بحياتنا، لأننا نخاف أن نتعرض للقتل أو الاعتقال بتهم غير حقيقية من قبل قوات البلدين".
وفي المحطات التي ينطلق منها أكثر المهاجرين إلى اليمن والتي زرناها مؤخرا، رأينا أن الحركة فيها غير نشطة على غير العادة.
وقال عبد الله أحمد العامل في المحطة الرئيسية بمقديشو للجزيرة نت "كانت تنطلق من هنا أكثر من 20 حافلة في الأسبوع تحمل ركابا أكثرهم من المهاجرين، والآن تقلص هذا العدد إلى عشر حافلات في الأسبوع، وأعتقد أن القتال الذي يدور بين القوات اليمنية والحوثيين إلى جانب الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها القوات السعودية في المناطق الحدودية، هي السبب في ذلك".