لا أدري أي دين يسمح بالقتل والترويع والتزوير كما تفعل القاعدة، التي ولأول مرة أتساءل عن سر هذه التسمية التي اتضح بعد البحث أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى قاعدة المعارك في أفغانستان وتصور رمزي إلى كونها القاعدة الأم لكافة الحركات الجهادية، وأية غاية التي تبرر لهذه الوسائل القذرة؟ وهل من حقنا أن نسلك للغايات السامية (إذا صدقت) وسائل دنيئة تقتل المدنيين وتدمر البنى التحتية للبلد وتزج بالأبرياء في السجون! وهل حصلت على فتاوى تجيز لها استخدام الأبرياء كحنان السماوي وقوداً لحربها غير الواضحة المقاصد؟ أم إن يد القتلة الملوثة بالدماء لا تُسأل عن أي شيء مطلقا!
أما حكاية الطرود المفخخة فتعتبر أكمل تعبير عن العقول المفخخة التي يحملها أعضاء القاعدة. ثمة تصورات مشوهة عن الحياة والدين والأحياء تقودهم إلى هذه الممارسات الرعناء, أو ربما هناك مصالح كبيرة تجعل الانضمام إلى هذه الفئة ذات جدوى!
وفيما تصرح القاعدة بأن أحد الطرود كان يستهدف معابد يهودية -لولا أن أحبطت العملية بسبب معلومات من السعودية- غير أننا لم نر أو نسمع ذات يوم بعملية قامت بها القاعدة لضرب أهداف في اسرائيل والانتقام لما حدث ويحدث في غزة على قدر مأساويته بل على عكس ذلك تماما تصمت القاعدة وتظل قاعدة حيث يفترض أن تتكلم وتقف, فيما لا تبالي باستهداف المدنيين حتى وإن كان عددهم أضعاف عدد (من يسمونهم) العدو أو لربما تحول المجتمع بأكمله إلى عدو, ماعدا اسرائيل التي عجزت اليد الطولى للقاعدة أن تطالها.
وفيما يؤكد رئيس هيئة الأركان البريطانية ديفد ريتشاردز أنّ اليمن "يجب ألاّ يصبح أفغانستان جديدة"، مستبعدا فرضية أيّ تدخل عسكري فيه, نجد القاعدة تدفع نحو عكس ذلك وتجعل اليمن مرتكزها الرئيسي لإطلاق العديد من عملياتها وكان الاستهداف الرئيسي هو لليمن لا لأي بلد آخر!
إذاً لم تعد تلك القاعدة القائمة على رؤوسنا لتعزلنا عن العالم أجمع مجرد فزاعة للعالم الغربي بل تحولت إلى ساطور على رقابنا تجزها وقت ما تشاء باسم الدين والجهاد، وقبل كل ذلك باسم الله عز وجل الذي يتبرأ من انحرافهم وبشاعة أفعالهم وينكرها كل مسلم مستبصر بصير بأهداف الدين العليا وغاياته الإنسانية السامية. فهلا تبرأنا من جحودهم جميعاً وتضافرنا ضد الدمار ولأجل العمار.