بعد ارتفاعها المفاجئ – قبل أسابيع قليلة – وبعد أن بلغت التصريحات ذروتها، وسيطرت الاتهامات المتبادلة على المشهد.. فجأة - ومنذ ثلاثاء الأسبوع الماضي - هدأت معركة الألسن، لتبدأ معركة أخرى وبأسلوب جديد عبر الرسائل الرسمية بين أحزاب مجلس النواب الموقعة على اتفاقية الحوار في فبراير الماضي. ومبدئياً يمكن اعتبار المؤشرات الأولية جيدة في التجاوب وتخفيف حدة المواجهة الكلامية بين الطرفين. من المفترض أن يضم هذا اليوم (الثلاثاء) لقاء تمهيدياً، بين أمناء عموم الأحزاب الموقعة على اتفاقية 26 فبراير. ما لم يكن هناك جديد - على مستوى الرسائل المتبادلة بين الجانبين - يفضي إلى تغيير في هذا الموعد، المقترح من المعارضة، بعد أن كانت رفضت موعداً سابقاً حدده الحزب الحاكم. ربما، بعد أن فشل التعامل المبني على تبادل الثقة وحسن النوايا والتواصل عبر التلفون، باتت الحاجة للتعامل الرسمي الآمن، هي الطريق الأنسب للتواصل.. والنتيجة حتى الآن: ثلاث رسائل تم تبادلها بين الطرفين خلال أقل من أسبوع. بدأها اللقاء المشترك برسالته التوضيحية بتاريخ 13 يوليو، وضمنها الموقف النهائي لرؤيته الخاصة بتنفيذ الاتفاق الموقع في 26 فبراير بين الأحزاب الممثلة بمجلس النواب (سلطة ومعارضة). رد المؤتمر على تلك الرسالة لم يتأخر. ففي تاريخ 15 يوليو، كان بين يدي قيادة المشترك رسالة تدعوهم لمواصلة الحوار بتاريخ 18 يوليو (الأحد الماضي) مرفقة بجدول تضمن البرنامج الزمني، لمراجعة مشروعي التعديلات الدستورية وتعديلات قانون الانتخابات وإقرارهما بصورتهما النهائية. لم يتم اللقاء في الموعد الذي حدده المؤتمر. والسبت الماضي اجتمع مجلس المشترك الأعلى، وقرر توجيه رسالة رد، سلمها أمس الأول. ووفقاً لتلك الرسالة فإنه بدا رافضاً لأسلوب الأمر الذي تضمنته رسالة الحزب الحاكم، بتحديد الزمان والمكان بعيداً عن شريكه. بعد سرد الحيثيات، قالت رسالة الحزب الحاكم ".. فإننا ورغم عدم تطابق ما ورد في رسالتكم مع الحيثيات المذكورة أعلاه، ندعوكم إلى بدء جلسات الحوار يوم الأحد بتاريخ 19 يوليو 2009م في منزل النائب الثاني لرئيس المؤتمر عند تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر.. " أمران لم يستسغهما المشترك في النص السابق. الأول: فكرة "عدم التطابق" والثاني: تحديد الموعد بما اعتبره: "أسلوب أوامري". وهو ما دعا المشترك للتعبير عن رفضه، حيث تضمن الرد في مقدمته على الآتي: " أن رسالتنا لم تخرج قيد أنملة عما حواه الاتفاق ، بل جاءت في شكلها ومضمونها تجسيداً لما حواه الاتفاق ، وكنا بذلك أشد حرصاً على البدء بحوار جاد ومسئول ينطلق من بنوده ومحتوياته التي لا تترك أي مجال لقراءة متباينة". وبالنسبة للأمر الآخر، أكدت الرسالة: " ورغم أن دعوتكم للحوار جاءت بطريقه آمرة، إلا أننا سنتجاوز هذا الأسلوب الاوامري، نظراً لإدراكنا لمسؤولياتنا السياسية والتاريخية تجاه الوطن وقضاياه، والذي يمر بظروف ومنعطفات تحتم علينا الارتفاع فوق مستوى الانتصار للذات ، وهذا يؤكد أن القاموس السياسي للمشترك لا زال مفعماً بحسن النية". وحتى لا يقع في الخطأ السابق ذاته الذي لام المؤتمر عليه، فقد اختتم المشترك رسالته على النحو الآتي: ".. وحتى لا يتحول الحوار إلى أزمة بحد ذاته، من المهم أن نؤكد على أهمية وضرورة أن يلتقي أمناء عموم الأحزاب الموقعة على الاتفاق في لقاء تمهيدي يهدف إلى بحث القضايا المشار إليها آنفاً، والتوقيع عليها كتهيئة لبدء الحوار، نقترح أن يتم ذلك يوم الثلاثاء القادم 21/7/2009م أو أي موعد آخر يتم التوافق عليه". وحتى مساء أمس الاثنين، لم ترد موافقة المؤتمر على الموعد من عدمه. وفيما لم يتسنَّ للصحيفة – بسبب ضيق الوقت - معرفة: ما إذا كانت اللجنة قد اجتمعت أم لا؟ وبالتالي عدم معرفة موقف المؤتمر من مضمون الرسالة، إلا أن المصدر المؤتمري، ألمح إلى أن الجديد في رسالة المشترك الأخيرة، مع أنها جددت الحديث عن رؤيتها، وأعادت سرد النقاط التي تطالب إضافتها لبنود الحوار، أن نبرتها إلى حد ما "كانت أهدئ من السابقة". وقال إن المؤتمر كان واضحاً في كل تصريحاته، أنه يقبل مناقشة كافة القضايا شريطة ان تكون تحت سقف الثوابت الوطنية: الثورة، الجمهورية، الوحدة، والديمقراطية. ولفت المصدر إلى أن المقترح الذي تقدمت به الرسالة بعقد الاجتماع اليوم الثلاثاء، وإن شددت على عدم اعتباره ضمن الحوار الرسمي، من خلال تأكيد طبيعته بأنه "اجتماع تمهيدي" لأمناء الأحزاب الموقعة من أجل مناقشة الرؤية والتصورات التي تصر على ضمها لبنود الحوار، إلا أن ذلك قد يدعو إلى التفاؤل، كون ذلك من شأنه أن يعمل على إذابة الجليد من خلال الجلوس والتقارب والتفاهم، وتقديم كل طرف مبرراته، لما يتمسك به، شريطة أن يسبق ذلك كله وجود "النوايا الحسنة".
لكن المصدر، أبدى تخوفه من أن يأخذ النقاش - حول تلك القضايا - وقتاً أطول من اللازم، وخصوصاً إذا لم يخرج اللقاء برؤية مشتركة حولها. ويأتي ذلك التخوف من التطويل الذي قد ينتج عن تباين محتمل في التفسيرات، كون القضايا المتفق على مناقشتها كثيرة، وقد لا يسعف التأخير استكمالها، خصوصاً أن البرنامج الزمني الذي قدمه المؤتمر، يفترض أن يكون قد بدأت خطوته الأولى بتاريخ 15 يوليو". ويصر المشترك على أن يجتمع أمناء عموم الأحزاب الموقعة على الاتفاقية، أولاً، لمناقشة رؤيته، ومطالبه، والتوقيع عليها كإحدى الضمانات، من أجل تهيئة الأجواء للبدء بالحوار الرسمي. وقال قيادي في المشترك – في تصريحات للصحيفة أمس– إن الواضح هو أن المشترك لم يدعُ إلى إضافة بنود جديدة، للحوار، فالرسالة الأولى كانت واضحة، في هذا الجانب، من أن تلك المطالب، تضمنتها اتفاقية الحوار الموقعة في 26 يوليو، كما أن الرسالة الأخيرة لم تضف شيئاً سوى أنها كانت مؤكدة لما تضمنته الرسالة الأولى. وقال: إن المشترك أبدى حسن نيته من خلال الدعوة لعقد اجتماع تمهيدي لأمناء عموم الأحزاب، في سبيل التهيئة، مشدداً على أن ذلك لا يمكن اعتباره بداية للحوار الرسمي، وإنما تمهيداً له، حيث سيقدم المشترك، توضيحاته حول: أن ما يطالب به، يدخل في صميم ما اتفق بشأنه مسبقاً. واختتم بالقول أن: الكرة الآن في ملعب المؤتمر الحاكم. ونحن بانتظار النتيجة. يذكر أن الإرياني، كان قدم إلى الرئيس – الأسبوع الماضي – رسالة تضمنت طلب إعفائه من مواصلة الحوار مع المشترك، استند في مبرراتها على ما تناوله النقيب في تصريحاته، وما كتبه زيد الشامي في أحد مقالاته متسائلاً: متى يبدأ الحوار؟ لكن معلومات مؤكدة في الحزب الحاكم، كشفت للصحيفة أن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل الرئيس، الذي أصر على أن يواصل قيادته للحوار، خلال الفترة القادمة. الصورة من موقع نيوز يمن