(دم زوجي لا.. ولن يذهب هدراً) هي عبارة ليست كأي عبارة، كتبتها فاطمة على صورة تحملها أينما ذهبت لزوجها الشهيد الأستاذ عادل حسين الحميقاني والذي أُستشهد في جمعة الكرامة مع كثير من شباب اليمن الذين خرجوا يريدون الحياة لهذا الوطن الذي بداء يحتضر، ومنهم والد عتاب أيضا صاحبة المقولة المشهورة (يرحل علي عبدالله صالح قتل بابا). فاطمة التي لم تترك مسيرة سواء كانت بسيطة أو حاسمة، ولا وقفة احتجاجية أو صلاة جمعة إلا وهي حاضرة وفي المقدمة، تحمل صورة زوجها الشهيد بعبارتها القوية وتنشد من خلالها العدالة والقصاص من قتلة زوجها الشهيد وباقي الشهداء الأبرار، وهي لليوم لازالت تنتظرها حتى بعد مرور عام وخمسة أشهر على جمعة الكرامة. ذهبت إليها في جمعة (إطلاق المعتقلين) وهي تحمل صورة زوجها الشهيد كالعادة، قلت لها معجبة بوفائك لزوجك الشهيد، فأجابت هذا واجب علينا وأقل ما نقدمه لشهدائنا، لم تقل فاطمة أقل ما أقدمه لزوجي الشهيد بل ذكرت جميع الشهداء، هذه هي فاطمة الوفية لليمن الأم. وفي يوم الوقفة الاحتجاجية أمام منزل رئيس الجمهورية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والمطر يهطل بغزارة، جميعنا يبحث عن ما يحميه من المطر وفاطمة تبحث عن من يحمي حقوق زوجها الشهيد وتهدف بذلك الصوت الذي ينشد العدالة والكرامة لهذا الوطن، للمطالبة بحق زوجها وحق باقي الشهداء والمعتقلين الذي لليوم لا أحد يعلم مكان اعتقالهم. في مقابلة لها على موقع الصحوة نت قالت فاطمة عن زوجها الشهيد (قد تنشغل بعض زوجات الشهداء بأبنائهن أما أنا لم يكن في حياتي سواه، تذكرني به الأذكار وسأحتفظ بذكراه حتى ألقاه). من سيأخذ لفاطمة وعتاب وغيرهن الكثير حقوقهم؟ من سيحرر المعتقلين من سجون العائلة؟ ونحن قد أعطينا القاتل حصانة تذهب به بعيداً عن مجرى العدالة والمحاكمة والقصاص، والآمرّ من ذلك ليس فقط أن القاتل يعيش بعيداً عن العدالة بل يعيش عيشة مرفهة! والناس تبحث عن أبسط الحقوق وتُسبح بالليل والنهار كي تظل الكهرباء تضيء بيوتهم أثناء تناول طعام الإفطار أو السحور! قد يقول قائل لو لم تكن هذه التسوية السياسية وقانون الحصانة لكانت اليمن انجرت إلى حرب أهليه تجرع خلالها اليمنيون الويلات، نعم هذا الكلام فيه من الصحة الكثير ولكن عندما نرى هذا التأخير والتعطيل لكثير من القضايا الفاصلة في حياة الناس تجعلنا نسأل ما الذي قدمته لهم هذه التسوية السياسية غير أن القاتل في حصنه المنيع ومعتقلي الثورة في معتقلهم الشنيع.
فها هو شهر رمضان المبارك قد أهل علينا هذا العام ونحن نستقبله برئيس جديد، ومخلوع بعيد عن كرسي الرئاسة شكلاً لا فعلاً، وفاطمة تخرج كل يوم ومعها الكثير ينشدون العدالة والحرية ليس فقط من أجل شهدائهم بل أيضاً من أجل شباب يقبعون في سجون العائلة الذي لا ندري لها مكان ولا ندري لهم مصير ولا ذنب لهم إلا أنهم جعلوا من النائب رئيساً واستبشروا فيه خيراً. حقيقة الأمر أن قضية المعتقلين تعتبر من أهم القضايا هذا إذا لم تكن في طليعتها، وكما وصفها الأستاذ نصر طه مصطفى بجدارة في مقاله (ألغام في طريق الحوار الوطني!) بأنها قضية إنسانية بامتياز. لذا يجب على رئيس الجمهورية أن يبت فيها بسرعة والتي لا تحتمل التأخير أو المناورة لحين ميسرة، فإطلاق سراحهم واجب وقضيتهم عادلة ولا يجب السكوت عنها. فهاهم أسر شهدائنا الأبرار وأسر معتقلي وجرحى الثورة لليوم لا يزالون يتجرعون مرارة الظلم والحرمان، نراهم في الشوارع أمام منزل رئيس الجمهورية والنائب العام ومجلس الوزراء يُطالبون بحقوقهم في القصاص ممن قتل معيليهم واعتقل رب أُسرهم وجرح أبنائهم وآبائهم لم يتعبوا أو يكلوا. فإن كان البشر قد ملوا وتعبوا وابتعدوا عن طريق المطالبة بحقوق أهالي الشهداء ومعتقلي وجرحى الثورة ولم يساندوهم، فأن عدالة السماء أتيه لا محالة ورب العباد لن يترك حقوقهم تذهب هباء منثورا. وسيأتي اليوم الذي يخرج فيه هؤلاء المظلومون المنكوبون من جديد ويقومون بثورة أخرى مثل التي أخرجت أبنائهم وآبائهم وإخوانهم وأصدقائهم، بل ستكون ثورتهم أشد قوة ولن يرضوا أبداً بتسوية سياسية أو قانون حصانة ولن يهمهم حجة انجرار اليمن إلى حرب أهلية، لأنها ليست سواء حجة روج لها المخلوع كي يظفر بقانون الحصانة، فالشعب اليمني شعب واحد ولو كان يريد الدخول في حرب أهلية لكان دخلها بعد أول قطرة دم سفكت من أبناء الشعب، فكما هو معروف بأن الشعب اليمني من أكثر الشعوب حملاً للسلاح، وقبائل اليمن معروف عنها الثأر والحمية، ورغم ذلك لم ينجروا للحرب المزعومة، ولذا فإن الثوار القادمون لن يهمهم شيء بقدر ما يهمهم ثورة بكل ما تعني الكلمة، ثورة كاملة غير منقوصة، ثورة تعطي كل ذي حق حقه، وسيقدمون هم أيضاً أرواحهم فداء لهذا الوطن. الشكر موصول.. للأخت فاطمة زوجة شهيد جمعة الكرامة الأستاذ عادل حسين الحميقاني.