أي مرحلة تأسيسية تتجاوز مدة عام، بالتأكيد ستكون فيها وصاية على الشعب من قبل أحزاب وشخصيات ومنظمات تتحدث كثيراً عن مآسي ومعاناة الشعب دون أن يشاطروا الشعب هذه المآسي والأوجاع. تتحدث الأحزاب والمنظمات التي نصّبت نفسها وصيّة على الشعب بطريقة فيها نوع من الخلط تُظهر الشفقة على هذا الشعب البائس من ناحية والتغني بطيبته وعدالته من ناحية أخرى.
سلوك ديماغوجي يسلكه منظرو المرحلة التأسيسية.
يتحدث أرسطو عن أن الديماغوجية تسبقها دائماً فترات طغيان، فالديماغوجي هو الذي يحشد الناس ضد الأقوياء ورؤوس الأموال ويخاطب شعور الناس بالمساواة والمواطنة والحرية، ولكن بهدف وصوله للحكم أو إستمراره فيه، وسرعان ما يصبح طاغية باسم الفقراء وباسم الشعب.
هكذا تماماً .. مرحلة تأسيسية يتظاهر منظروها بالشفقة على الشعب، ويحدثك المروجون لها بخطر الديمقراطية قبل أن تسبقها فترة تأسيسية لا تنقص عن الخمسة أعوام، ودون ذلك ستبقى ديمقراطية تعزز من نفوذ بيت الأحمر ومراكز النفوذ بذريعة أنهم من يمتلكون المال والقدرة على الحشد والفوز في الانتخابات.
يرى منظرو المرحلة التأسيسية أن استمرار بقائهم في السلطة التي أوصلتهم إليها ظروف استثنائية أنتجتها الثورة، سيكون من خلال رغبة الناس في الحصول على مساواة في ظروفهم الاجتماعية مع غيرهم من الأغنياء ومراكز القوة والمال، ويريدون القول إن التأسيسية وحدها من ستسلبها الامتيازات وبالتالي ستكون هي الخطوة الأولى نحو خلق المساواة بين الناس في الظروف الاجتماعية. يريدون استغلال شعورنا بأهمية الحصول على هذه المساواة ليحولوا هذا الشعور إلى شرعية استمرار تواجدهم في السلطة.
يحاول هؤلاء ايضاً توظيف تفاني شباب الثورة الذي تجاوزوا كثيراً من اهتماماتهم كأفراد من أجل مصالح عامة وجامعة، بالشرعنة لإلغاء الشعب من المعادلة والشرعنة لمرحلة تأسيسية طويلة الأمد من خلال ذرائع تنفيذ معالجات قضايا عمومية مثل القضية الجنوبية، وهذا ما سيعطي النخب السياسية فرصة استبداد جماعي باسم الشعب وإلغاء احتياجات الفرد اليمني على حساب التظاهر في الاهتمام بالقضايا العامة.
الحلول الحقيقية لا تأتي دائماً إلا من عمق الشعب وبمشاركة الناس في تقرير مصيرهم.
الشعب هو الشرعية الوحيدة التي تمنح السلطة، وأي نظام سياسي يتجاوز الشعب يكون إما ديكتاتوري فردي من وسيلته القوة العسكرية أو ديكتاتورية جماعية من خلال الوصاية على الشعب كما يحاول مؤتمر الحوار الوطني ترسيخها.
من يمنحك شرعية فرض شكل واحد للدولة على الدستور وعلى الشعب حتى تفرض وصاية على الشعب بمرحلة تأسيسية تقول أنها تنفيذ هذا الشكل يحتاجها بهدف بناء موسسات الفدْرلة والفكْفكة؟