أراد أخي الأصغر ان يعود الى وظيفتة في أحد المعسكرات كجندي، لكني لا أحتمل فجيعة تأخذة على حين غرّة في إحدى النقاط العسكرية والأمنية ببنادق تحمل ضغائن مختلفة يؤمنون بها، بينما هم ليسوا سوى بنادق للقتل والألم. في بلد يتجزأ كل لحظة برعاية دولة هشة ومباركة أممية، يصبح القتل وليمة يومية لكل هواة السلطة بعدما كانت حكراً على محترفيه الذين يولمون على وطن بأكمله.
في حضرموت قتل عشرون جندياً ومن خلفهم فجيعة وطن، بعد ان أصبحوا أهدافاً سهلة لكل نزوات القتلة، وأرقاماً مفجعة في سجل مهمل.
أثناء زيارة لي للصومال من أجل إعداد ملف صحفي في 2007، عن أرض البنادق والقبائل، رأيت مستقبل بلدي هناك.. في فوهات البنادق، في أمزجة شيوخ القبائل المتناحرة، في بدلات جنرالات الحرب وأمراء القتل، في أسلحة وأموال قادمة من خارج الحدود لوكلاء الداخل، في عيون الأرامل والأيتام والمفجوعين.
هناك - في الصومال- رأيت قادم وطني يتولد، مع فارق ان شهوة القتل هنا أسرع وأشهى، والتشظي أكثر منهجية ورسمية، ورايات أمراء الحرب أبشع ألواناً وتعدداً، ووكلاء الداخل أوقح وأغرب، وحَمَلَة بنادق الإيجار أكثر نزقاً ولهفة.
هنا، وهنا فقط؛ المحترفون القدامى والهواة الجدد يقتلون بدم بارد، أمام قيادات دولة هشة بلا دم.